مكروهات الوضوء
يُكرَه في الوضوء ما يأتي:[١٧]
الإسراف في ماء الوضوء.
تخليل اللحية للمُحرِم بالحجّ، أو العُمرة.
الزيادة في غَسل الأعضاء عن ثلاث مرّاتٍ.
الاستعانة بالغير في غَسل الأعضاء إلّا لعُذرٍ.
نواقض الوضوء
يبطلُ الوضوء بعدّة نواقضٍ؛ وهي الأسباب التي تُنهيه، والحدث
أمرٌ اعتباريّ يقوم بالبَدن، ويمنع من صحّة الصلاة، والنواقض هي:[١٨]
الخارج من أحد السبيلَيْن (القُبل، والدُّبُر): سواءً كان رِيحاً، أو غائطاً،
أو بولاً، أو دماً، وغير ذلك ممّا يخرج، إلّا المَنيّ؛ لأنّه يُوجِب أعظم الطهارتَيْن؛
وهو الغُسل، فلم يُوجِب الأخفّ وهو الوضوء، ويجب أن يكون
مَنيّ الشخص نفسه، فإن كان منيّ غيره انتقض الوضوء.
زوال العقل: أي زوال التمييز؛ بنومٍ، أو جنونٍ، أو سُكْرٍ، أو إغماءٍ، إلّا النوم جلوساً مُتمكِّناً ممّن كان على وضوءٍ.
التقاء بشرتَي رجلٍ وامرأةٍ: أي ذَكرٍ وأنثى بالغَين حَدّ الشهوة عند ذوي
الطباع السليمة، وليس بينهما محرميّة بنَسبٍ، أو مصاهرةٍ، أو رضاعٍ،
ومن غير حائلٍ، فينتقض وضوء اللامس، والملموس، ولا يُنقَض بالتقاء غير
البشرة، كالظفر، والشَّعر، ولا بلَمس رَجلَين، أو بلمس امرأتَين، ولا باللمس
فوق الحائل، ولا بلمس صغيرٍ أو صغيرةٍ، ولا بلَمس المحرم من نسبٍ،
أو رضاعٍ، أو مصاهرةٍ، و قال الحنفيّة بعدم نقض
الوضوء بملامسة الذكر والأنثى،[١٩]
وذهب المالكيّة إلى نقض الوضوء باللمس مع وجود الشهوة بين الذكر والأنثى.[٢٠]
مَسّ القُبل: أي ذَكر الرجل، وفرج الأنثى من الشخص نفسه، أو من غيره
، بباطن اليد، والأصابع، ويُنقَض وضوء الماسِّ دون المَمسوس،
وقال الحنفيّة بعدم نقض الوضوء بمَسّ الذكر.[٢١]
القيء والقهقهة: ذهب الحنفيّة
إلى أنّهما من نواقض الوضوء.[٢١]
غَسل الميّت: ذهب الحنابلة إلى أنّ غسل الميّت ناقضٌ للوضوء،
سواء كان صغيراً أو كبيراً، ذكراً أو أنثى.[٢٢]
الأمور التي تجب لها الطهارة
من انتقض وضوؤه تحرُم عليه أربعة أشياءٍ، وهي:[٢٣]
الصلاة ونحوها، كخطبة الجمعة للخطيب.
الطواف بالكعبة.
مَسّ المصحف، وحمله، ويجوز حَمله مع متاعٍ آخرٍ إن لم يقصد حَمل
المصحف وحده، وقال الظاهريّة بجواز مَسّ المصحف ممّن أصابه حَدثٌ أصغر،[٢٤]
واستثنى المالكيّة من الحُكم السابق جواز مَسّ المصحف للمُعلِّم والمُتعلِّم إن
أصابهما حدثٌ أصغر، وكذلك جواز مَسّه
من قِبل المرأة الحائض بقَصْد العِلم.[٢٥]
الماء الصالح للوضوء
يُعَدّ الماء من الوسائل التي تحصل بها الطهارة؛ لرَفع الحَدث، وحتى
يكون الوضوء صحيحاً، لا بُدّ أن يكون الماء صالحاً للوضوء،
علماً أنّ هناك نوعَين من الماء الذي يصلح التطهُّر به، وهما:[٢٦]
الماء الطهور: وهو الماء المُطلَق غير المُقيَّد بوَصفٍ؛
فهو طاهرٌ في نفسه، ومُطهِّرٌ لغيره، ويتفرّع إلى سبع مياهٍ، وهي:
ماء المطر.
ماء البحر.
البَرَدْ.
الثلج.
ماء النهر.
ماء العَين.
ماء البئر.
الماء المُخالِط للطاهرات: وهو الماء الذي خالطه طاهرٌ،
كالزعفران، أو الصابون، بشرط عدم سَلب اسم الماء عنه؛
فهو طاهرٌ في نفسه، ومُطهِّرٌ لغيره، فإن لم يُطلَق اسم الماء
عليه، فإنّه يكون طاهراً غير مُطهِّرٍ لغيره؛ أي لا يصلح للوضوء.
مقدار المد الذي كان يتوضّأ به الرسول
وقد كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يتوضّأ بالمُدّ فقط،
والذي يُقدّر بستّمئةٍ وثمانيةٍ وثمانين بالمئة قياساً باللتر، وليس هناك
حدٌّ أدنى لمقدار الماء الذي يجب الوضوء به، فالمهم استيعاب أعضاء
الغسل جميعها في الوضوء، وعدم الإسراف، وهذا ما قاله أكثر أهل العلم،
وقال بعض العلماء إنّ الحدّ الأدنى هو المُدّ، فإن كان أقلّ منه لم يصحّ.[٢٧]
تجديد الوضوء
يُستحَبّ للمسلم أن يُعيد الوضوء وهو على وضوءٍ مُسبَقٍ من
غير أن يُحدِث، ومن الأدلّة التي تدلّ على استحباب تجديد الوضوء:[٢٨]
ما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- حيث
قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ قُلتُ: كيفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟
قالَ: يُجْزِئُ أحَدَنَا الوُضُوءُ ما لَمْ يُحْدِثْ).[٢٩]
ما رواه بريدة بن الحصيب الأسلمي -رضي الله عنه- حيث
قال: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى الصَّلَواتِ
يَومَ الفَتْحِ بوُضُوءٍ واحِدٍ، ومَسَحَ علَى خُفَّيْهِ
فقالَ له عُمَرُ: لقَدْ صَنَعْتَ اليومَ شيئًا لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُهُ، قالَ: عَمْدًا صَنَعْتُهُ يا عُمَرُ).[٣٠]
وقد اختلف أهل العلم متى يكون مُستحبّاً،
وبيان اختلافهم على النحو الآتي:[٢٨]
الاستحباب مُطلَقاً، حتى وإن لم يمضِ وقتٌ بين الوضوء
الأوّل، والوضوء الثاني، وهو قول المذهب الحنفيّ.
الاستحباب للصلوات المفروضة فقط، وهو قولٌ في المذهب
المالكيّ، وورد في المذهب
أيضاً الاستحباب لصلوات الفرض، والنافلة.
الاستحباب إن أقام الصلاة بالوضوء الأوّل، أو قرأ القرآن،
أو سجد سجود تلاوةٍ، أو شُكرٍ، وهذا قول الجوينيّ في كتابه الفروق.
الاستحباب إن فَعل بالوضوء الأوّل ما يُقصَد به الوضوء،
وهذا قول الشاشي في كتابَيه: المستظهري، والمعتمد.
فضل الوضوء
للوضوء العديد من الفضائل والمزايا، والتي منها:[٣١]
سببٌ لنَيل مَحبّة الله -عزّ وجلّ-؛ وذلك لما يكون فيه من الطهارة،
والتطهُّر، وهي أمورٌ يُحصِّل بها العبدُ محبّةَ ربّه؛ حيثُ
قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)،[٣٢] فكان
هذا ما يحمل العبد على ملازمة الوضوء، والحرص عليه؛ لئلّا تفوته
محبّة ربّه -عزّ وجلّ-، ألا وهي الغنيمة الكُبرى
في الدنيا، والآخرة، ومن نالَها أصاب حظّاً
وافراً، ونال سعادةً في الدارَين، ومن الجدير
بالذكر أنّ الطهارة تشمل الأمور الحسّية؛ وذلك
بالحرص عليها من النجاسات، والرذائل،
والأمور المعنويّة؛ وذلك بالتزام الأخلاق الحَسنة.
سببٌ في دخول الجنّة، وقد جاء حرص النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-
واضحاً في الأحاديث؛
فقد ورد عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه-
أنّه قال: (كانَتْ عليْنا رِعايَةُ الإبِلِ فَجاءَتْ نَوْبَتي
فَرَوَّحْتُها بعَشِيٍّ فأدْرَكْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ
قائِمًا يُحَدِّثُ النَّاسَ فأدْرَكْتُ مِن قَوْلِهِ: ما مِن مُسْلِمٍ
يَتَوَضَّأُ فيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلٌ
عليهما بقَلْبِهِ ووَجْهِهِ، إلَّا وجَبَتْ له الجَنَّةُ
قالَ: فَقُلتُ: ما أجْوَدَ هذِه!
فإذا قائِلٌ بيْنَ يَدَيَّ يقولُ: الَّتي قَبْلَها
أجْوَدُ، فَنَظَرْتُ فإذا عُمَرُ، قالَ: إنِّي قدْ رَأَيْتُكَ جِئْتَ آنِفًا، قالَ: ما مِنكُم مِن أحَدٍ يَتَوَضَّأُ فيُبْلِغُ، أوْ فيُسْبِغُ،
الوَضُوءَ ثُمَّ يقولُ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ
وأنَّ مُحَمَّدًا عبدُ اللهِ ورَسولُهُ؛ إلَّا فُتِحَتْ له أبْوابُ الجَنَّةِ
الثَّمانِيَةُ يَدْخُلُ مِن أيِّها شاءَ. وفي رواية: فَذَكَرَ مِثْلَهُ غيرَ أنَّه
قالَ: مَن تَوَضَّأَ فقالَ أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له
وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ)؛[٣٣]
والحديث يُبيّن شدّةُ رعاية النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-
لفريضة الوضوءِ، وبيان صفتها في
تعليمها لصحابته -رضوان الله عليهم-،
وحَضّ المسلمين على تعلُّم صفة الوضوء الصحيحة؛ بياناً لمكانة الصلاة العظيمة.
سببٌ في رَفع الدرجات، وبيان هذا ما جاء
عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من حديث أبي هريرةَ -رضي الله عنه-
حيث قال: (أَلا أدُلُّكُمْ علَى ما يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا، ويَرْفَعُ به الدَّرَجاتِ؟
قالُوا بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: إسْباغُ الوُضُوءِ علَى المَكارِهِ، وكَثْرَةُ الخُطا
إلى المَساجِدِ، وانْتِظارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّباطُ)؛[٣٤]
وفي هذا الحديث الشريف أهمّية واضحةٌ، وتأكيدٌ على فضل إتمام
الوضوء عند صعوبة ذلك؛ في وقت البرد أو المرض؛ فبِه رِفعة
درجات المسلم عند ربّه يوم القيامة، ورِفعة المسلم في درجاته في الجنان
كنزٌ ثمينٌ يحرص المسلم عليه أشدّ الحرص؛ حتى يرتقيَ
بمنزلته في مدارج العُلوّ،
ويفوز بوعد ربّه في جنّات السموّ.
سببٌ للورود على حوض النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، كما ورد في
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- حيث
قال: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أتَى المَقْبُرَةَ،
فقالَ: السَّلامُ علَيْكُم دارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وإنَّا إنْ شاءَ اللَّهُ
بكُمْ لاحِقُونَ، ودِدْتُ أنَّا قدْ رَأَيْنا إخْوانَنا
قالوا: أوَلَسْنا إخْوانَكَ؟ يا رَسولَ اللهِ،
قالَ: أنتُمْ أصْحابِي وإخْوانُنا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ فقالوا: كيفَ تَعْرِفُ مَن
لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِن أُمَّتِكَ؟
يا رَسولَ اللهِ، فقالَ: أرَأَيْتَ لو أنَّ رَجُلًا له خَيْلٌ
غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ ألا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟
قالوا: بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: فإنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الوُضُوءِ).[٣٥]
والإشارة في قوله: "غرّاً مُحجَّلين منَ الوضوء"، فهنا تتجلّى فضيلةٌ
عظيمةٌ؛ وذلك لأهميّة الوضوء الذي هو شرطٌ لصحّة
الصلاة، وبالصلاة الوافية
تستقيمُ حياة العبد، وتكتمل سعادته.
سبب من أسباب تكفير الذنوب، لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي
رواه عن النبيّ -صلى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (مَن تَطَهَّرَ في بَيْتِهِ،
ثُمَّ مَشَى إلى بَيْتٍ مَن بُيُوتِ اللهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِن فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ
خَطْوَتَاهُ إحْدَاهُما تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً)،[٣٦] والفضل
المُترتِّب على ذلك جماليّة التطهُّر والتحلّي بالوضوء قبل الخروج إلى
المسجد، وهذا ممّا يُشجّع المسلم على الطهارة
في خروجه من بيته؛ حتى يحطَّ اللهُ من ذنوبه، وخطاياه.
دليلٌ من الأدلّة على الإيمان؛ فالمسلم الذي يحافظ على وضوئه، ويأتيه حُبّاً
يسمو بمرتبته إلى مرتبة الإيمان، فيغدو العلم عملاً مُطبَّقاً، ممّا يُحقّق الإيمان، ويقودُ إليه.
النوم على وضوءٍ من أسباب الموت على الفطرة؛ إذ إنّ نوم المسلم
على طهارةٍ يُعَدّ من الآداب القَيِّمة كما ثبت في حديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-
إذ قال: (ذا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وضُوءَكَ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ علَى
شِقِّكَ الأيْمَنِ، وقُلْ: اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ نَفْسِي إلَيْكَ، وفَوَّضْتُ أمْرِي إلَيْكَ،
وأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إلَيْكَ، رَهْبَةً ورَغْبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأَ ولا مَنْجا مِنْكَ إلَّا إلَيْكَ، آمَنْتُ بكِتابِكَ
الذي أنْزَلْتَ، وبِنَبِيِّكَ الذي أرْسَلْتَ، فإنْ مُتَّ مُتَّ علَى الفِطْرَةِ فاجْعَلْهُنَّ آخِرَ ما تَقُولُ).[٣٧]
الوضوء قبل النوم من أسباب إجابة الدعوات؛ فقد رُوِي عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه-
عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (ما من مسلمٍ يَبِيتُ على ذِكْرٍ
طاهرًا فيَتعارَّ من الليلِ فيسألُ اللهَ خيرًا من الدنيا والآخرةِ إلا أعطاه إياه).[٣٨
يُكرَه في الوضوء ما يأتي:[١٧]
الإسراف في ماء الوضوء.
تخليل اللحية للمُحرِم بالحجّ، أو العُمرة.
الزيادة في غَسل الأعضاء عن ثلاث مرّاتٍ.
الاستعانة بالغير في غَسل الأعضاء إلّا لعُذرٍ.
نواقض الوضوء
يبطلُ الوضوء بعدّة نواقضٍ؛ وهي الأسباب التي تُنهيه، والحدث
أمرٌ اعتباريّ يقوم بالبَدن، ويمنع من صحّة الصلاة، والنواقض هي:[١٨]
الخارج من أحد السبيلَيْن (القُبل، والدُّبُر): سواءً كان رِيحاً، أو غائطاً،
أو بولاً، أو دماً، وغير ذلك ممّا يخرج، إلّا المَنيّ؛ لأنّه يُوجِب أعظم الطهارتَيْن؛
وهو الغُسل، فلم يُوجِب الأخفّ وهو الوضوء، ويجب أن يكون
مَنيّ الشخص نفسه، فإن كان منيّ غيره انتقض الوضوء.
زوال العقل: أي زوال التمييز؛ بنومٍ، أو جنونٍ، أو سُكْرٍ، أو إغماءٍ، إلّا النوم جلوساً مُتمكِّناً ممّن كان على وضوءٍ.
التقاء بشرتَي رجلٍ وامرأةٍ: أي ذَكرٍ وأنثى بالغَين حَدّ الشهوة عند ذوي
الطباع السليمة، وليس بينهما محرميّة بنَسبٍ، أو مصاهرةٍ، أو رضاعٍ،
ومن غير حائلٍ، فينتقض وضوء اللامس، والملموس، ولا يُنقَض بالتقاء غير
البشرة، كالظفر، والشَّعر، ولا بلَمس رَجلَين، أو بلمس امرأتَين، ولا باللمس
فوق الحائل، ولا بلمس صغيرٍ أو صغيرةٍ، ولا بلَمس المحرم من نسبٍ،
أو رضاعٍ، أو مصاهرةٍ، و قال الحنفيّة بعدم نقض
الوضوء بملامسة الذكر والأنثى،[١٩]
وذهب المالكيّة إلى نقض الوضوء باللمس مع وجود الشهوة بين الذكر والأنثى.[٢٠]
مَسّ القُبل: أي ذَكر الرجل، وفرج الأنثى من الشخص نفسه، أو من غيره
، بباطن اليد، والأصابع، ويُنقَض وضوء الماسِّ دون المَمسوس،
وقال الحنفيّة بعدم نقض الوضوء بمَسّ الذكر.[٢١]
القيء والقهقهة: ذهب الحنفيّة
إلى أنّهما من نواقض الوضوء.[٢١]
غَسل الميّت: ذهب الحنابلة إلى أنّ غسل الميّت ناقضٌ للوضوء،
سواء كان صغيراً أو كبيراً، ذكراً أو أنثى.[٢٢]
الأمور التي تجب لها الطهارة
من انتقض وضوؤه تحرُم عليه أربعة أشياءٍ، وهي:[٢٣]
الصلاة ونحوها، كخطبة الجمعة للخطيب.
الطواف بالكعبة.
مَسّ المصحف، وحمله، ويجوز حَمله مع متاعٍ آخرٍ إن لم يقصد حَمل
المصحف وحده، وقال الظاهريّة بجواز مَسّ المصحف ممّن أصابه حَدثٌ أصغر،[٢٤]
واستثنى المالكيّة من الحُكم السابق جواز مَسّ المصحف للمُعلِّم والمُتعلِّم إن
أصابهما حدثٌ أصغر، وكذلك جواز مَسّه
من قِبل المرأة الحائض بقَصْد العِلم.[٢٥]
الماء الصالح للوضوء
يُعَدّ الماء من الوسائل التي تحصل بها الطهارة؛ لرَفع الحَدث، وحتى
يكون الوضوء صحيحاً، لا بُدّ أن يكون الماء صالحاً للوضوء،
علماً أنّ هناك نوعَين من الماء الذي يصلح التطهُّر به، وهما:[٢٦]
الماء الطهور: وهو الماء المُطلَق غير المُقيَّد بوَصفٍ؛
فهو طاهرٌ في نفسه، ومُطهِّرٌ لغيره، ويتفرّع إلى سبع مياهٍ، وهي:
ماء المطر.
ماء البحر.
البَرَدْ.
الثلج.
ماء النهر.
ماء العَين.
ماء البئر.
الماء المُخالِط للطاهرات: وهو الماء الذي خالطه طاهرٌ،
كالزعفران، أو الصابون، بشرط عدم سَلب اسم الماء عنه؛
فهو طاهرٌ في نفسه، ومُطهِّرٌ لغيره، فإن لم يُطلَق اسم الماء
عليه، فإنّه يكون طاهراً غير مُطهِّرٍ لغيره؛ أي لا يصلح للوضوء.
مقدار المد الذي كان يتوضّأ به الرسول
وقد كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يتوضّأ بالمُدّ فقط،
والذي يُقدّر بستّمئةٍ وثمانيةٍ وثمانين بالمئة قياساً باللتر، وليس هناك
حدٌّ أدنى لمقدار الماء الذي يجب الوضوء به، فالمهم استيعاب أعضاء
الغسل جميعها في الوضوء، وعدم الإسراف، وهذا ما قاله أكثر أهل العلم،
وقال بعض العلماء إنّ الحدّ الأدنى هو المُدّ، فإن كان أقلّ منه لم يصحّ.[٢٧]
تجديد الوضوء
يُستحَبّ للمسلم أن يُعيد الوضوء وهو على وضوءٍ مُسبَقٍ من
غير أن يُحدِث، ومن الأدلّة التي تدلّ على استحباب تجديد الوضوء:[٢٨]
ما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- حيث
قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ قُلتُ: كيفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟
قالَ: يُجْزِئُ أحَدَنَا الوُضُوءُ ما لَمْ يُحْدِثْ).[٢٩]
ما رواه بريدة بن الحصيب الأسلمي -رضي الله عنه- حيث
قال: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى الصَّلَواتِ
يَومَ الفَتْحِ بوُضُوءٍ واحِدٍ، ومَسَحَ علَى خُفَّيْهِ
فقالَ له عُمَرُ: لقَدْ صَنَعْتَ اليومَ شيئًا لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُهُ، قالَ: عَمْدًا صَنَعْتُهُ يا عُمَرُ).[٣٠]
وقد اختلف أهل العلم متى يكون مُستحبّاً،
وبيان اختلافهم على النحو الآتي:[٢٨]
الاستحباب مُطلَقاً، حتى وإن لم يمضِ وقتٌ بين الوضوء
الأوّل، والوضوء الثاني، وهو قول المذهب الحنفيّ.
الاستحباب للصلوات المفروضة فقط، وهو قولٌ في المذهب
المالكيّ، وورد في المذهب
أيضاً الاستحباب لصلوات الفرض، والنافلة.
الاستحباب إن أقام الصلاة بالوضوء الأوّل، أو قرأ القرآن،
أو سجد سجود تلاوةٍ، أو شُكرٍ، وهذا قول الجوينيّ في كتابه الفروق.
الاستحباب إن فَعل بالوضوء الأوّل ما يُقصَد به الوضوء،
وهذا قول الشاشي في كتابَيه: المستظهري، والمعتمد.
فضل الوضوء
للوضوء العديد من الفضائل والمزايا، والتي منها:[٣١]
سببٌ لنَيل مَحبّة الله -عزّ وجلّ-؛ وذلك لما يكون فيه من الطهارة،
والتطهُّر، وهي أمورٌ يُحصِّل بها العبدُ محبّةَ ربّه؛ حيثُ
قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)،[٣٢] فكان
هذا ما يحمل العبد على ملازمة الوضوء، والحرص عليه؛ لئلّا تفوته
محبّة ربّه -عزّ وجلّ-، ألا وهي الغنيمة الكُبرى
في الدنيا، والآخرة، ومن نالَها أصاب حظّاً
وافراً، ونال سعادةً في الدارَين، ومن الجدير
بالذكر أنّ الطهارة تشمل الأمور الحسّية؛ وذلك
بالحرص عليها من النجاسات، والرذائل،
والأمور المعنويّة؛ وذلك بالتزام الأخلاق الحَسنة.
سببٌ في دخول الجنّة، وقد جاء حرص النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-
واضحاً في الأحاديث؛
فقد ورد عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه-
أنّه قال: (كانَتْ عليْنا رِعايَةُ الإبِلِ فَجاءَتْ نَوْبَتي
فَرَوَّحْتُها بعَشِيٍّ فأدْرَكْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ
قائِمًا يُحَدِّثُ النَّاسَ فأدْرَكْتُ مِن قَوْلِهِ: ما مِن مُسْلِمٍ
يَتَوَضَّأُ فيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلٌ
عليهما بقَلْبِهِ ووَجْهِهِ، إلَّا وجَبَتْ له الجَنَّةُ
قالَ: فَقُلتُ: ما أجْوَدَ هذِه!
فإذا قائِلٌ بيْنَ يَدَيَّ يقولُ: الَّتي قَبْلَها
أجْوَدُ، فَنَظَرْتُ فإذا عُمَرُ، قالَ: إنِّي قدْ رَأَيْتُكَ جِئْتَ آنِفًا، قالَ: ما مِنكُم مِن أحَدٍ يَتَوَضَّأُ فيُبْلِغُ، أوْ فيُسْبِغُ،
الوَضُوءَ ثُمَّ يقولُ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ
وأنَّ مُحَمَّدًا عبدُ اللهِ ورَسولُهُ؛ إلَّا فُتِحَتْ له أبْوابُ الجَنَّةِ
الثَّمانِيَةُ يَدْخُلُ مِن أيِّها شاءَ. وفي رواية: فَذَكَرَ مِثْلَهُ غيرَ أنَّه
قالَ: مَن تَوَضَّأَ فقالَ أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له
وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ)؛[٣٣]
والحديث يُبيّن شدّةُ رعاية النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-
لفريضة الوضوءِ، وبيان صفتها في
تعليمها لصحابته -رضوان الله عليهم-،
وحَضّ المسلمين على تعلُّم صفة الوضوء الصحيحة؛ بياناً لمكانة الصلاة العظيمة.
سببٌ في رَفع الدرجات، وبيان هذا ما جاء
عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من حديث أبي هريرةَ -رضي الله عنه-
حيث قال: (أَلا أدُلُّكُمْ علَى ما يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا، ويَرْفَعُ به الدَّرَجاتِ؟
قالُوا بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: إسْباغُ الوُضُوءِ علَى المَكارِهِ، وكَثْرَةُ الخُطا
إلى المَساجِدِ، وانْتِظارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّباطُ)؛[٣٤]
وفي هذا الحديث الشريف أهمّية واضحةٌ، وتأكيدٌ على فضل إتمام
الوضوء عند صعوبة ذلك؛ في وقت البرد أو المرض؛ فبِه رِفعة
درجات المسلم عند ربّه يوم القيامة، ورِفعة المسلم في درجاته في الجنان
كنزٌ ثمينٌ يحرص المسلم عليه أشدّ الحرص؛ حتى يرتقيَ
بمنزلته في مدارج العُلوّ،
ويفوز بوعد ربّه في جنّات السموّ.
سببٌ للورود على حوض النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، كما ورد في
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- حيث
قال: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أتَى المَقْبُرَةَ،
فقالَ: السَّلامُ علَيْكُم دارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وإنَّا إنْ شاءَ اللَّهُ
بكُمْ لاحِقُونَ، ودِدْتُ أنَّا قدْ رَأَيْنا إخْوانَنا
قالوا: أوَلَسْنا إخْوانَكَ؟ يا رَسولَ اللهِ،
قالَ: أنتُمْ أصْحابِي وإخْوانُنا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ فقالوا: كيفَ تَعْرِفُ مَن
لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِن أُمَّتِكَ؟
يا رَسولَ اللهِ، فقالَ: أرَأَيْتَ لو أنَّ رَجُلًا له خَيْلٌ
غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ ألا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟
قالوا: بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: فإنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الوُضُوءِ).[٣٥]
والإشارة في قوله: "غرّاً مُحجَّلين منَ الوضوء"، فهنا تتجلّى فضيلةٌ
عظيمةٌ؛ وذلك لأهميّة الوضوء الذي هو شرطٌ لصحّة
الصلاة، وبالصلاة الوافية
تستقيمُ حياة العبد، وتكتمل سعادته.
سبب من أسباب تكفير الذنوب، لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي
رواه عن النبيّ -صلى الله عليه وسلّم-؛ إذ قال: (مَن تَطَهَّرَ في بَيْتِهِ،
ثُمَّ مَشَى إلى بَيْتٍ مَن بُيُوتِ اللهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِن فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ
خَطْوَتَاهُ إحْدَاهُما تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً)،[٣٦] والفضل
المُترتِّب على ذلك جماليّة التطهُّر والتحلّي بالوضوء قبل الخروج إلى
المسجد، وهذا ممّا يُشجّع المسلم على الطهارة
في خروجه من بيته؛ حتى يحطَّ اللهُ من ذنوبه، وخطاياه.
دليلٌ من الأدلّة على الإيمان؛ فالمسلم الذي يحافظ على وضوئه، ويأتيه حُبّاً
يسمو بمرتبته إلى مرتبة الإيمان، فيغدو العلم عملاً مُطبَّقاً، ممّا يُحقّق الإيمان، ويقودُ إليه.
النوم على وضوءٍ من أسباب الموت على الفطرة؛ إذ إنّ نوم المسلم
على طهارةٍ يُعَدّ من الآداب القَيِّمة كما ثبت في حديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-
إذ قال: (ذا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وضُوءَكَ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ علَى
شِقِّكَ الأيْمَنِ، وقُلْ: اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ نَفْسِي إلَيْكَ، وفَوَّضْتُ أمْرِي إلَيْكَ،
وأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إلَيْكَ، رَهْبَةً ورَغْبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأَ ولا مَنْجا مِنْكَ إلَّا إلَيْكَ، آمَنْتُ بكِتابِكَ
الذي أنْزَلْتَ، وبِنَبِيِّكَ الذي أرْسَلْتَ، فإنْ مُتَّ مُتَّ علَى الفِطْرَةِ فاجْعَلْهُنَّ آخِرَ ما تَقُولُ).[٣٧]
الوضوء قبل النوم من أسباب إجابة الدعوات؛ فقد رُوِي عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه-
عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (ما من مسلمٍ يَبِيتُ على ذِكْرٍ
طاهرًا فيَتعارَّ من الليلِ فيسألُ اللهَ خيرًا من الدنيا والآخرةِ إلا أعطاه إياه).[٣٨