شروط صيام رمضان حتى يجب صيام رمضان على الإنسان ينبغي أن تتوفّر فيه شروط معيّنة، أوّلها: شرط البلوغ؛ فلا يجب الصوم على الصبي الذي لم يبلغ بعد؛ وذلك لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عنِ المجنونِ المغلوبِ على عقلِهِ حتَّى يُفيقَ، وعنِ النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعنِ الصَّبيِّ حتَّى يحتلمَ)،[١] ومع ذلك فإنّ على ولي أمره أن يأمره بالصوم إن كان قادراً عليه؛ وذلك حتى يألفه ويعتاده، ومن شروط وجوب الصوم أيضاً القدرة عليه، فمن كان عاجزاً لمرضٍ، أو كِبرٍ لم يكن صيام مضان واجباً عليه، ومنها: الإقامة؛ فللمسافر أن يفطر إن شاء، ويقضي بعد ذلك، وكما أنّ لوجوب الصيام شروطاً فإنّ لصحّته شروطاً أخرى كذلك، منها: النيّة؛ فعلى الصائم أن يبيّت نيته لصيام اليوم التالي من الليل؛ لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من لم يبيِّتِ الصِّيامَ منَ اللَّيلِ فلا صيامَ لَه).[٢][٣] وممّا يشترط لصحّة الصيام أيضاً: التمييز؛ لأنّ غير المميز كالصّبي، لا يعلم مقاصد العبادات أو معانيها، ولا بدّ لصحّة الصيام من تحرّي الأوقات الجائز فيها، فلا يصحّ صيام الأيام المنهي عن صيامها؛ كيوم العيد مثلاً، وهناك شروطاً أخرى للصيام تجمع بين الوجوب والصحّة، فإن انتفت لم يجب الصيام ولم يصحّ كذلك، ومنها: شرط الإسلام، فلا يجب الصيام على غير المسلم، ولا يصحّ منه أيضاً؛ لأنّ عمل الكافر غير مقبول أساساً، ومنها: العقل أيضاً، فالمجنون غير مخاطب بالتكاليف الشرعيّة، ومنها: الطهارة من الحيض والنفاس، فلا يجب الصيام على الحائض والنفساء، ولو صامت لم يصحّ صيامها كذلك.[٣] رُخص الإفطار في رمضان أمر الله -تعالى- المسلمين بصيام شهر رمضان، إلّا أنّه من رحمته جعل لمن لا يقدر منهم على الصيام رخصاً تُبيح الإفطار، وتُجيزه لهم، والأعذار والرّخص الشرعية المبيحة للإفطار هي:[٤] المرض؛ فقد أجمع أهل العلم أنّ مَن كان مريضاً من المسلمين في وقت وجوب الصيام جاز له أن يفطر، بدليل قول الله -تعالى- في القرآن الكريم: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)،[٥] والمريض المقصود في ذلك هو من يخاف على نفسه إذا صام أن يزيد مرضه، أو يتأخّر شفاؤه، أو يفسد شيء من جسمه بالصيام، فهذا يُسنّ له أن يفطر، ويُكره له أن يتمّ صيامه؛ لأنّه قد يفضي إلى هلاكه، ولا يجوز للصحيح غير المريض أن يفطر خشية التعب والمشقّة. السفر؛ ويشترط للسفر الجائز فيه الإفطار أن يكون طويلاً بالقدر الذي تقصر له الصلاة، وألّا يكون المسافر ناوياً للإقامة المستمرة في البلد التي يسافر إليها، وألّا يكون السفر من أجل معصيةٍ، أو ذنبٍ يحدثه الإنسان في سفره، وبالتالي فإنّ رخصة الإفطار للمسافر تنقطع إذا عاد إلى بلده، أو إذا نوى الإقامة في البلد التي سافر إليها. الحمل والإرضاع؛ فللحامل والمرضع أن تفطرا في رمضان، إذا خافتا على نفسيهما أو على ولديهما من المرض، أو الهلاك، أو الضرر، ودليل ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ اللَّهَ وضعَ عنِ المسافرِ الصوم وشطرَ الصَّلاةِ وعنِ الحاملِ أوِ المُرضعِ الصَّومَ أوِ الصِّيامَ).[٦] الشيخوخة والهرم؛ ويُقصد بهما الشيخ الفاني، أو الذي قارب على الهلاك، وكذا العجوز أي المرأة المسنّة، ويدخل فيها المريض الذي لا يرجى شفاؤه، ودليل جواز إفطارهم قول الله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)،[٧] وعلى المفطر منهم أن يُطعم مكان كلّ يوم أفطره مسكيناً. الإرهاق الشديد بالجوع والعطش؛ فمن كان جائعاً جوعاً مفرطاً، أو الذي عطش عطشاً شديداً يضطر معه للإفطار جاز له أن يأكل أو يشرب بالقدر الذي تندفع به تلك الضرورة، ثمّ يمسك بقية اليوم، ويلحق بذلك حالة الخوف من الضعف عند ملاقاة العدوّ بالصيام، فإن كان المسلم مجاهداً في سبيل الله، وقد خرج للقاء العدوّ، وخشي على نفسه الوهن إذا لقيه صائماً جاز له أن يفطر ذلك اليوم. الإكراه؛ وذلك كأن يحمل الإنسان على الإفطار وعيد، أو تهديد من طرفٍ آخرٍ، يخشى معه على نفسه إن لم يفطر، فيجوز له أن يفطر لِما أجبر عليه. الحيض والنفاس؛ فالحائض والنفساء يجب عليهما الإفطار وجوباً، ولا يحلّ لها الصيام على هذه الحال، ولو صامت أثمت، ولم يصحّ صومها، وقد أوجب الله لها الإفطار؛ لما تكون عليه في تلك الحالات من ضعفٍ، وحاجةٍ للراحة والطعام والشراب، فكان ذلك رحمة من الله بها.[٨] حُكم من أفطر دون عذر شرعي يعدّ صوم رمضان ركناً عظيماً من أركان الإسلام، فلا يجوز للمسلم أن يتهاون به، أو يستخفّ بقدره، ولا يحلّ له أن يفطر فيه إلّا لعذرٍ شرعيٍ مقبولٍ، وقد روى بعض العلماء الإجماع على أنّ الإفطار في رمضان ولو ليومٍ واحدٍ دون عذر شرعيّ يعدّ كبيرةً من الكبائر، وهو يعرّض صاحبه لغضب الله، وسخطه، وعذابه، ويجب عليه التوبة الصادقة النصوحة لله تعالى من معصيته تلك، كما يلزمه قضاء ما أفطره من أيام، وإن رافق إفطاره لرمضان التعمّد في ذلك والاستباحة له؛ عُدّ حينها كافراً، وحُكمه حينها أن يستتاب، فإن أبى التوبة والرّجوع فإنّه يُقتل، وأمّا من جهر في الفطر في نهار رمضان فقد جعل الله للحاكم أن يعزّره بالعقوبة الملائمة، والتي تردعه وغيره عن مثل ذلك الفعل