دليل الإشهار العربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

إذا كانت هذه أول زيارة لك في الإشهار العربي، نرجوا منك مراجعة قوانين المنتدى من خلال الضغط هنا وأيضاً يشرفنا انضمامك إلى أسرتنا الضخمة من خلال الضغط هنا.

descriptionوَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ Emptyوَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ

more_horiz
وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ

قال الله عز وجل في قصة صالح عليه السلام :﴿ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾(هود: 67) ، وقال سبحانه في قصة شعيب عليه السلام :﴿ وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾(هود: 94) ، فأتى في الآية الأولى بفعل الأخذ مذكرًا مع ( الصيحة ) ، وأتى به معها في الآية الثانية مؤنَّثًا .

ولقائل أن يقول : لم أتى الفعل ( أخذ ) في الآية الأولى بالتذكير ، وفي الآية الثانية بالتأنيث ، والمسند إليه في الآيتين واحد ، وهو ( الصيحة ) ؟ وفي الإجابة عن ذلك نقول بعون الله وتعليمه :

أولاً- ( الصَّيْحَةُ ) هي الصوتُ الشديد ، على وزن ( فَعْلَةٌ ) مصدر مرة ، يدل على حدوث الفعل مرة واحدة . قال تعالى :﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ﴾(القمر: 31) ، وهي من ( الصياح ) مصدر : صاح . يقال : صاح يصبح صياحًا ، وصيحة ، إذا صوَّت بقوة ، ومن الأول قول الشاعر :

فإن زئير الأسد من كل جانب ... ليشغل سمعي عن صياح الثعالب

ومن الثاني قول الآخر :

صاح الزمان بآل زيد صيحة ... خروا لشنتها على الأذقان

ومنه قوله تعالى في المنافقين :﴿ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ﴾(المنافقون: 4) ، وقوله تعالى :﴿ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ﴾(ق: 42) . أي : يسمعون النفخة الثانية من إسرافيل- عليه السلام- يوم البعث . وتأنيث ( الصيحة ) مجازي ، مثلها :( الرجفة ) و( الزجرة ) ، و( الضلالة ) ، و( العاقبة ) .

أما ( الأَخْذُ ) فهو حَوْزُ الشيء وتحصيله ؛ ويكون ذلك تارة بالتناول ؛ نحو قوله تعالى في قصة يوسف عليه السلام :﴿ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ ﴾(يوسف: 79) ، ويكون تارة أخرى بالقهر ؛ نحو قوله تعالى :﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾(هود: 102) . وعلى هذا المعنى ورد قوله تعالى :﴿ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ ﴾(هود: 67) ، وقوله تعالى :﴿ وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ ﴾(هود: 94) ، وهي صيحة جبريل عليه السلام ، صاح عليهم صيحة ، فماتوا جميعًا .

ثانيًا- ويكاد يجمع علماء العربية على أن ( الصيحة ) من الألفاظ التي يجوز معها التذكير والتأنيث ؛ لأنها مؤنث مجازي ، ويقول ابن هشام في المغني :« قولهم المؤنثُ المجازيُّ يجوز معه التذكير والتأنيث ، وهذا يتداوله الفقهاء في محاوراتهم ، والصواب تقييده بالمسند إلى المؤنث المجازي ، وبكون المسند فعلاً أو شبهه ، وبكون المؤنث ظاهرًا ؛ وذلك نحو : طَلَعَ الشمسُ .. وأَطَالِعٌ الشمسُ ، ولا يجوز : هذا الشمس ، ولا : هو الشمس ، ولا الشمس هذا ، أو هو » .

فإذا كان قولهم :« المؤنث المجازي يجوز معه التذكير والتأنيث » غير سديد ، و( الصيحة ) مؤنَّث مجازي ، فما بالك بمن يقول : الصيحة مؤنث مجازي يجوز فيها التذكير والتأنيث ، لا معها ، ويزعم أن ذلك قاعدة معروفة ؟ هذا ما قاله الدكتور فاضل السامرائي حين سئل عن الفرق بين أخذ ، وأخذت مع ( الصيحة ) : أيهما أصوب في ميزان اللغة ؟ قال ما نصُّه :« كلاهما صائب ، هذه قاعدة معروفة ( صيحة ) هذه مؤنث مجازي يجوز فيها التذكير والتأنيث » ، وابن هشام يقول في المغني ، وهو أشهر من أن يخفى عن عالم في النحو :« والصواب تقييده بالمسند إلى المؤنث المجازي » . وهذا يعني أن القول الآخر خطأ ، وهو خطأ لا يستهان به ؛ لأنه يجيز القول : هذا شمس ، وهذا صيحة ، وهو من الأخطاء التي تحسب على السامرائي ، كونه عالمًا في النحو ، وله فيه المؤلفات العظام .

وعلماء النحو والتفسير متفقون على أنه يجوز في الفعل المسند إلى ( الصيحة ) : التذكير ، والتأنيث ؛ سواء باشرها الفعل كما في قولك : أخذ ، وأخذت الصيحةُ القومَ ، أو فصل بينها ، وبين الفعل فاصل ، كما في قولك : أخذ القومَ ، وأخذت القومَ الصيحةُ . والتأنيث مع المباشرة أحسن ، والتذكير مع الفصل أحسن ، إظهارا لفضل المؤنث الحقيقي على غيره ، وكلاهما عربي فصيح ، وعلى الأول جاء قوله تعالى في قصة صالح :﴿ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ ﴾(هود: 67) ، وعلى الثاني جاء قوله تعالى في قصة شعيب :﴿ وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ ﴾(هود: 94) .

أما الوجه في تأنيث الفعل مع ( الصيحة ) فهو ظاهر ، وهو كونها مؤنثًا مجازيًا- غير حقيقيٍّ ، وأما تذكير الفعل معها ففيه ثلاثة أوجه ، ذكرها أبو البقاء العُكبَرِيُّ في ( إملاء ما من به الرحمن ) :

أحدها : أنه فصل بين الفعل والفاعل .

الثاني : أن التأنيث غير حقيقي .

الثالث : أن الصيحة بمعنى الصياح ، فحمل على المعنى .

وفي الوجه الأول قال ابن عادل في اللباب :« والفعل إذا تقدم الاسم المؤنث وحال بينه وبين الفاعل حائل ، جاز التذكير والتأنيث ؛ كقوله :﴿ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ ﴾(هود: 67) ، و :﴿ وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ ﴾(هود: 94) » . والجمهور على الوجه الثاني ، ومنهم من جمع بينه ، وبين الوجه الأول . ومنهم من اختار الوجه الثالث ، ومنهم من جمع بينه ، وبين الوجه الأول . قال الرازي :« إنما قال :( أَخَذَ ) ، ولم يقل :( أَخَذَتْ ) ؛ لأن ( الصيحة ) محمولة على ( الصياح ) ، وأيضًا فصل بين الفعل والاسم المؤنث بفاصل ، فكان الفاصل كالعوض من تاء التأنيث » .

واختار الشيخ السهيلي الوجه الثاني ، واختار الشيخ ابن قيِّم الجوزية الوجه الثالث ، ونصُّ قوله في ذلك :« فإذا استوى ذكر التاء وتركها في الفعل المتقدم ، وفاعله مؤنث غير حقيقي ، فما الحكمة في اختصاصها في قصة شعيب بالفعل ، وحذفها في قصة صالح :﴿ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ ﴾(هود: 67) ؟ قلت :( الصيحة ) في قصة صالح في معنى ( العذاب والخزي ) ؛ إذ كانت منتظمة بقوله سبحانه :﴿ وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾(هود: 66) ، فصارت ( الصيحة ) عبارة عن ذلك الخزي وعن العذاب المذكور في الآية ، فقوي التذكير ، بخلاف قصة شعيب ؛ فإنه لم يذكر فيها ذلك . هذا جواب السهيلي » .

وأضاف ابن قيِّم الجوزية قائلاً :« وعندي فيه جواب أحسن من هذا إن شاء الله ، وهو : أن ( الصيحة ) يراد بها المصدر ، بمعنى ( الصياح ) ، فيحسن فيها التذكير ، ويراد بها الواحدة من المصدر ، فيكون التأنيث أحسن . وقد أخبر تعالى عن العذاب الذي أصاب به قوم شعيب بثلاثة أمور كلها مؤنثة اللفظ :

أحدها : الرجفة في قوله في الأعراف :﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ ﴾(الأعراف: 78) .

الثاني : الظلة بقوله :﴿ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ ﴾(الشعراء: 189) .

الثالث : الصيحة وجمع لهم بين الثلاثة ، فإن الرجفة بدأت بهم ، فأصحروا إلى الفضاء خوفًا من سقوط الأبنية عليهم ، فصهرتهم الشمس بحرها ، ورفعت لهم الظلة فأهرعوا إليها يستظلون بها من الشمس ، فنزل عليهم منها العذاب ، وفيه الصيحة ، فكان ذكر ( الصيحة ) مع ( الرجفة ) و( الظلة ) أحسن من ذكر ( الصياح ) ، وكان ذكر ( التاء ) ، والله أعلم ! » .

ثالثًا- وواضح مما تقدم أن سبب تذكير الفعل في قوله تعالى :﴿ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ ﴾(هود: 67) أن المراد بالصيحة فيه الخزي الذي هو عبارة عن العذاب ، أو المصدر بمعنى الصياح ، وكلاهما مفرد مذكر ، وعليهما يكون المعنى :

وأخذ الذين ظلموا الخزي أو العذاب .

وأخذ الذين ظلموا الصياح .

وكلاهما حسن ؛ ولكن الثاني أحسن .

وأما تأنيث الفعل في قوله تعالى :﴿ وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ ﴾(هود: 94) فلأن المراد بالصيحة فيه الواحدة من المصدر . وليس في ذلك ما يشير ، لا من بعيد أو قريب إلى أن تذكير الفعل يدل على أن العذاب أشد وأقوى من تأنيثه ؛ ولكن الدكتور فاضل السامرائي يأبى إلا أن يركب رأسه ، فيزعم أن العذاب مع تذكير الفعل أشد وأقوى منه مع تأنيثه ؛ لأن المذكر عنده أقوى من المؤنث ؛ وكأنه لم يقف على أقوال أولئك الشيوخ الكبار ، أو أنه وقف على أقوالهم ؛ ولكنها لم تعجبه ، فابتدع جوابًا من عنده لم ينزل به الله من سلطان ؛ ليوهم الناس أنه عالم مبدع لا حدود لإبداعه ، فيقول :« هناك أمر آخر ، عندما ذكر في قوم صالح ( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ) هكذا ختم الآية ، عندما ذكر القوة والعزة ، يعني العذاب أشد ، ختمها ( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ) ، معناها : هي أقرب للتذكير ؛ لأن المذكر عندنا هو أقوى من المؤنث . حتى عقّب عليهم ، ولم يعقّب على قوم شعيب ، قال :( أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِّثَمُودَ (68) ؛ فهؤلاء استحقوا عذابًا أشد ، فذكّر الصيحة . إذن كلها إشارات على أن عذابهم أشد » .

يا سبحان الله ! ما علاقة أن المذكر أقوى من المؤنث بتذكير الفعل مع الصيحة وتأنيثه ؟ وأي إشارات تلك التي يزعمها تشير إلى أن العذاب مع تذكير الفعل أشد منه مع تأنيثه ؟ هنا يقول : المذكر أقوى من المؤنث ؛ لذا ذكِّر الفعل مع الصيحة ، فدل على أن العذاب أشد وأقوى . وفي قوله تعالى :﴿ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ ﴾ قال : المذكر في العبادة أكمل من عبادة الأنثى ؛ لذا ذكِّر الفعل مع الملائكة ، ولم يؤنَّث ، واستدل على زعمه هذا بأن الرسل كلهم جاءوا رجالاً ، ولم يأتوا إناثًا .

وفي قوله تعالى :﴿ جَاءكُمْ رَسُولٌ ﴾ ، ﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ ﴾ زعم أن تذكير الفعل يدل على قلة الرسل والنسوة .

وفي قوله تعالى :﴿ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا ﴾ ، ﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ﴾ زعم أن تأنيث الفعل يدل على كثرة الرسل والأعراب .

وفي قوله تعالى :﴿ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ﴾ زعم أن تذكير منقعر يدل على قلة أعجاز النخل .

وفي قوله تعالى :﴿ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ﴾ زعم أن تأنيث خاوية يدل على كثرة أعجاز النخل .

وفي قوله تعالى :﴿ مَّعْدُودَةً ﴾ زعم أن تأنيث معدودة يدل على الكثرة .

وفي قوله تعالى :﴿ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ ﴾ زعم أن تأنيث معدودات يدل على القلة ، ومعدودة هي مفرد معدودات .

وفي قوله تعالى :﴿ نُُسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ ﴾ زعم أن ضمير الذكور في بطونه للأنعام التي يستخلص منها اللبن ، وهي أقل من عموم الأنعام .

وفي قوله تعالى :﴿ نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِا ﴾ زعم أن ضمير الإناث في بطونها يدل على كثرة الأنعام ذكورًا وإناثًا .

وكل هذه مزاعم باطلة ، لا أساس لها ولا وجود إلا في مخيلته الواسعة ، قد رددناها عليه وبينا خطأها ، وأنا على ثقة من أن الذين صنعوا من صاحب هذه المزاعم الباطلة عالمًا لا يشق له غبار ، ومبدعًا لا حدود لإبداعه ، وجعلوا منه وثنًا يعبدونه من دون الله ، لو سمعوا هذه الأقوال من غيره ، لما ترددوا في وصفه بالغباء الشديد ، ونعتوه بالإلحاد في تفسير آيات الله عز وجل ، وسلقوه بألسنة حداد . ومن المؤسف والمحزن جدًا أن تجد رجالاً يحملون شهادة الدكترة في علوم القرآن وتفسيره يجعلون تواقيع أسمائهم لمسات بيانية ، فتجد الواحد منهم ينهي كلامه بقوله : الدكتور فلان ، وتحته ( لمسات بيانية ) ، وهذه هي اللمسات تنطق بنفسها بأنها لمسات غبية وضبابية ، ومن العجيب أن صاحبها يزعم أنه حين ذهب للعمرة والحج بعد رحلة الإيمان كان عنده معرفة جيدة بالقرآن ؛ ولكن لم يكن عنده علم كبير فيه ، فدعا ربه أن يفتح له في كتابه فتحًا مباركًا ، ثم ذهب إلى زمزم وشرب من مائها ، ودعا ثانية أن يفتح له ربه من خزائن علمه فتحًا مباركًا ، وهو متعلق بأستار الكعبة ؛ وإذ الأمر وكأنه قد تيسر له ، واستجيبت دعوته ، وكانت هذه اللمسات التي يلحد فيها بتفسير آيات الله عز وجل ثمرة من ثمرات تلك الاستجابة .

ولست أدري كيف لعالم نحوي كبير قد فتح الله له من خزائن علمه يصف العلم بأنه كبير ، فيقول :« ولكن لم يكن عندي علم كبير فيه » ! وهل يوصف العلم بأنه كبير ، أو صغير ؟ وهل عالم كبير هذا شأنه ، بدلاً من أن يقول :« قال الله عز وجل ، أو قال الله سبحانه » ، يقول :« قال ، أو هو قال » ، وبلغة العوام ؟ وهل عالم هذا شأنه يقول مرة :« أبواب النار مغلقة وحتى لا تتبدد الحرارة » ، ويقول أخرى عن أهل النار :« يدخلونها ، ثم تقفل عليهم وحتى تبقى الحرارة فيها » ؟ فهل النار التي أعدها الله للكافرين وجعل وقودها الناس والحجارة فرن من أفران الدنيا تتبدد حرارتها بانفتاح أبوابها ، فتقفل حتى تبقى الحرارة فيها ؟ وهل عالم كبير بهر الناس بسعة علمه ودقته يقول :« التذكير في العبادات أفضل وأهمّ من التأنيث ، كما جاء في مريم ( وكانت من القانتين ) ؛ لأن الذين كملوا في التذكير أكثر » ؟ ما هذا التخريف ؟ إنه لشيء عجاب والله ، وأعجب منه أن تنطلي هذه الأقوال وأمثالها على أهل المعرفة والعلم بالقرآن .

ألم يعلم الدكتور السامرائي أنه إذا قال :( سجدت مريم لربها ، وقنتت ) أن تأنيث فعل ( السجود ) ، و( القنوت ) واجب ؛ لأن الفاعل مؤنث حقيقي ؟ وألم يعلم أن فعل السجود الذي تقدم على فاعله لا يجوز تأنيثه إلا إذا فصل بينه ، وبين فاعله بفاصل ؛ كأن بقال :( سجد في المحراب مريم ) ، والأحسن منه أن يقال :( سجدت في المحراب مريم ) بالتأنيث ؟ وألم يعلم أن الفعل الثاني الذي تأخر عن فاعله لا يجوز فيه إلا التأنيث ؛ كما في قوله تعالى :﴿ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴾(التحريم: 12) ؟ وألم يعلم أنه إذا قال :( سجد محمد لربه ، وقنت ) أن تذكير كل من فعلي السجود والقنوت واجب التذكير ؛ لأن الفاعل مذكر حقيقي ؛ سواء تقدم الفعل عليه ، أم تأخر عنه ؟ فإذا كان يعلم ذلك ، ولا أشك في أنه يعلم ، فكيف يزعم أن تذكير الفعل مع محمد ، وتأنيثه مع مريم يدل على أن المذكر أكمل في العبادة من المؤنث ؟

وأما قوله تعالى :﴿ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ ﴾ فيجوز فيه تأنيث الفعل بإجماع النحاة والمفسرين ، وباعتراف السامرائي نفسه ، فيقال:( سجدت الملائكة ) ، هذا جائز ، ولا يمكن أن ينكره أحد ؛ لأن لفظ الملائكة جمع تكسير ، وهو حسنٌ لو أنه قيل ؛ ولكن الأحسن منه التذكير ؛ لأن الأصل في لفظ الملائكة التذكير ، وتأنيثه عارض ؛ ولأن الفعل باشر فاعله ؛ ولأن التاء فيه أغنت عن تاء الفعل ؛ كما أغنت عنها في قوله تعالى :﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي المَدِينَةِ ﴾(يوسف: 30) ؛ ولأن ( سجد ) يدل على سرعة السجود أكثر مما يدل عليها ( سجدت ) ؛ ولأن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- كان يُذكِّر الفعل مع الملائكة في القرآن كله ، وكان يقول :« ذكِّروا الملائكة ، ويتلو :﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَى ﴾(النجم: 27) » ؛ فلهذه الأسباب كلها مجتمعة جاء فعل السجود مذكَّرًا مع الملائكة . وأما أن يقال : ذكِّر فعل السجود مع الملائكة ؛ لأن المذكر أكمل في العبادة من الأنثى ، وأن الذين كملوا في العبادة من الرجال أكثر ، فهذا قول لا يقوله إلا جاهل ، فضلاً عن كونه عالمًا كبيرًا .

وأما قوله تعالى :﴿ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ ﴾ ، وقوله تعالى :﴿ وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ ﴾ فجاء الفعل في الأول مذكَّرًا ؛ لأن المراد بالصيحة فيه المصدر بمعنى الصياح ، وهو مذكر ، وجاء في الثاني مؤنَّثًا ؛ لأن المراد بالصيحة فيه الواحدة من المصدر ، وهي مؤنَّثة ؛ فكان التذكير في الأول أحسن ، وكان التأنيث في الثاني أحسن . ولو كان المراد بالصيحة في الآيتين معنى واحدًا ، لكان تذكير الفعل معها أحسن من تأنيثه ، لاستوائهما في الفصل . وأما القول بأن الصيحة بمعنى العذاب ، وأنه مع تذكير الفعل أشد منه مع تأنيثه ؛ لأن التذكير أقوى من التأنيث ، فهو قول يدل على أن صاحبه لم يكن عنده علم كبير ولا صغير في القرآن ، خلافًا لما يزعم ، والله تعالى أعلم ، ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ ، سبحانه وتعالى عما يقول الجاهلون علوًّا كبيرًا ، والحمد لله رب العالمين !

descriptionوَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ Emptyرد: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ

more_horiz
شكــرا لكـ يا أخــى الغالــى ؛؛ باركـ الله فيكـ gg444g


::ss554dd::

descriptionوَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ Emptyرد: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ

more_horiz
جزاكم الله خيرا على المرور

descriptionوَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ Emptyرد: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ

more_horiz
شكرآ اخى الغالى على الموضوع

بالتوفيق .....
gg444g

descriptionوَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ Emptyرد: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ

more_horiz
بارك الله فيك اخي علي التوبيك

descriptionوَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ Emptyرد: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ

more_horiz
ردكم أنار الموضوع فشكرا لكم ولا تحرمونا من طيب مروركم

descriptionوَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ Emptyرد: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ

more_horiz
جزاك الله كل خير

descriptionوَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ Emptyرد: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ

more_horiz
جزاك الله خيرآآ

على موضوعك اخي

رضوان

descriptionوَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ Emptyرد: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ

more_horiz
بارك الله فيك

ع موضوعك أخـى الجميـل واصل ،،،

descriptionوَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ Emptyرد: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ

more_horiz
تسلم واصل ابداعك... gg444g

descriptionوَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ Emptyرد: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ

more_horiz
مررررررررررررررررررررسي
ننتظر لمزيد من ابداعاتك
تقبل مروري

descriptionوَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ Emptyرد: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ

more_horiz
بارك الله فيكم على المرور نورتم الموضوع

descriptionوَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ Emptyرد: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ

more_horiz
مرسي [على] الموضوع تستاهل تقييم و تشجيع [على]
المجهودات الرائعة
ننتظر
منكـ المزيد |
دمت مبدعا و بـــ الله
ـــاركـ
فيك
تح
ــياتي وشكري ليك
دمت
وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ Lol

descriptionوَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ Emptyرد: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ

more_horiz
وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ 74121578ic9ep7

الف شكر لك على المواضيع {الرائعة} و المفيدة لكونها ~إسلامية~ ونفتخر بها في {المنتدى}
وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ Pjr3gdyi9walo9sxnsg

اتمنى في الأخير ان تبقى مبدعا بيننا بمواضيعك الإسلامية الرائعة


وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ Byebye

descriptionوَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ Emptyرد: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ

more_horiz
ردودك الطيبة لاتحرمنا منها ..شكرا على المرور

descriptionوَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ Emptyرد: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ

more_horiz
السلام عليكم و رحمة الله

جزيت خيرا على المعلومة

جعله المولى تبارك و تعالى في ميزان حسناتك

ولاتحرمنا من مواضيع اخرى بخط يدك مثل هذا الموضوع



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لدليل الاشهار العربي