بحث
جيد في الحكم بغير ما أنزل الله على موقع صوت السلف بإشراف فضيلة الشيخ
ياسر برهامي حفظه الله بعد مراجعة الشيخ له كما ذكر في نهاية البحث
شبهات حول الحكم بغير ما أنزل الله
والرد عليها
الشبهة السادسة :
قولهم : الحكم بغير ما أنزل الله مسألة خلافية ولا إجماع فيها
ومستند
أكثر هؤلاء القول المنسوب للشيخ ابن باز رحمه الله في عدم اعتبار الإجماع
الذي نقله ابن كثير رحمه الله في تكفير من تحاكم إلى الياسق لدى التتار .
ونقول :
1- قد سبق من كلام الشيخ ابن باز رحمه الله ، ما يخالف ذلك الكلام المنسوب إليه .
2-
الكلام المنقول عن الشيخ ابن باز والذي فُهم منه معارضته للإجماع الذي
نقله ابن كثير ، إنما هو جواب على من فهم أن الإجماع يشمل كل صور الحكم
بغير ما أنزل الله . وكلام الشيخ رحمه الله ذكره في الصورة التي هي كفر
أصغر ، وكلام ابن عباس رضي الله عنه في هذه الصورة كذلك . وأما الصورة التي
ذكرها ابن كثير وهي الإعراض عن شرع الله تعالى إلى غيره من الشرائع ، فهي
كفر أكبر بالإجماع كما ذكره ابن كثير ، ونقله عنه الشيخ محمد بن إبراهيم
رحمه الله في رسالته .
ومما يوضح ذلك كثير من فتاوى الشيخ ابن باز التي تؤيد ذلك ، فنذكر بعضًا منها :
س : ما رأيكم في المسلمين الذين يحتكمون إلى القوانين الوضعية مع وجود القرآن الكريم والسنة المطهرة بين أظهرهم ؟
ج: رأيي
في هذا الصنف من الناس الذين يسمون أنفسهم بالمسلمين , في الوقت الذي
يتحاكمون فيه إلى غير ما أنزل الله , ويرون شريعة الله غير كافية ولا صالحة
للحكم في هذا العصر - هو ما قال الله سبحانه وتعالى في شأنهم حيث يقول
سبحانه وتعالى : ((فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ
حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي
أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) ، ويقول سبحانه وتعالى
: ((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْكَافِرُونَ)) ، ((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ
فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) ، ((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ
اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) .
إذًا فالذين
يتحاكمون إلى شريعة غير شريعة الله , ويرون أن ذلك جائز لهم , أو أن ذلك
أولى من التحاكم إلى شريعة الله لا شك أنهم يخرجون بذلك عن دائرة الإسلام ,
ويكونون بذلك كفارا ظالمين فاسقين , كما جاء في الآيات السابقة وغيرها,
وقوله عز وجل : ((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)) . والله الموفق . (مجموع فتاوى ابن باز : 1/271)
وقال رحمه الله:
إن من أقبح السيئات وأعظم المنكرات : التحاكم إلى غير شريعة الله من
القوانين الوضعية والنظم البشرية وعادات الأسلاف والأجداد وأحكام الكهنة
والسحرة والمنجمين التي قد وقع فيها الكثير من الناس اليوم وارتضاها بدلا من شريعة الله التي بعث بها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم , ولا
ريب أن ذلك من أعظم النفاق ومن أكبر شعائر الكفر والظلم والفسوق وأحكام
الجاهلية التي أبطلها القرآن وحذر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم , قال الله تعالى : ((أَلَمْ
تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ
إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا
إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ
الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا)) ، ((وَإِذَا قِيلَ
لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ
الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا)) ، ((وَأَنِ احْكُمْ
بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ
وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ
بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ *
أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ
حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)) ، وقال عز وجل : ((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ
بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)) ، ((وَمَنْ لَمْ
يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) ،
((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُونَ)) . وهذا تحذير شديد من الله سبحانه لجميع العباد من
الإعراض عن كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والتحاكم إلى غيرهما ,
وحكم صريح من الرب عز وجل على من حكم بغير شريعته بأنه كافر وظالم وفاسق
ومتخلق بأخلاق المنافقين وأهل الجاهلية . فاحذروا أيها المسلمون ما حذركم
الله منه , وحكموا شريعته في كل شيء , واحذروا ما خالفها وتواصَوا بذلك
فيما بينكم , وعادوا وأبغضوا من أعرض عن شريعة الله وتنقصها أو استهزأ بها
وسهل في التحاكم إلى غيرها , لتفوزوا بكرامة الله وتسلموا من عقاب الله ,
وتؤدوا بذلك ما أوجب الله عليكم من موالاة أوليائه , الحاكمين بشريعته ,
الراضين بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومعاداة أعدائه الراغبين عن
شريعته المعرضين عن كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . (مجموع فتاوى ابن باز :2/142)
وقال رحمه الله :
فالواجب على جميع حكام المسلمين أن يلتزموا بحكمه سبحانه , وأن يُحكموا
شرعه بين عباده ، وألا يكون في أنفسهم حرج من ذلك , وأن يحذروا اتباع الهوى
المخالف لشرعه , وألا يطيعوا من دعاهم إلى تحكيم أي قانون أو نظام يخالف
ما دل عليه كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وبين سبحانه أنه
لا إيمان لأهل الإسلام إلا بذلك , فكل من زعم أن تحكيم القوانين الوضعية
المخالفة لشرع الله أمر جائز أو أنه أنسب للناس من تحكيم شرع الله , أو أنه
لا فرق بين تحكيم شرع الله وتحكيم القوانن التي وضعها البشر المخالفة لشرع
الله عز وجل ، فهو مرتد عن الإسلام كافر بعد الإيمان إن كان مسلما قبل أن
يقول هذا القول أو يعتقد هذا الاعتقاد , وكما صرح بذلك أهل العلم والإيمان
من علماء التفسير وفقهاء المسلمين في باب حكم المرتد . (مجموع فتاوى ابن باز : 6/159)
وقال رحمه الله في قوله تعالى ((فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ .....)) (النساء : 65) :
وهذا
الإيمان المنفي هو أصل الإيمان بالله ورسوله بالنسبة إلى تحكيم الشريعة
والرضا بها والإيمان بأنها الحكم بين الناس , فلا بد من هذا . فمن زعم أنه
يجوز الحكم بغيرها أو قال إنه يجوز أن يتحاكم الناس إلى الآباء أو إلى
الأجداد أو إلى القوانين الوضعية التي وضعها الرجال ، سواء كانت شرقية أو
غربية ، فمن زعم أن هذا يجوز فإن الإيمان منتف عنه ويكون بذلك كافرا كفرا
أكبر , فمن رأى أن شرع الله لا يجب تحكيمه ولكن لو حكم كان أفضل , أو رأى
أن القانون أفضل , أو رأى أن القانون يساوي حكم الله فهو مرتد عن الإسلام .
وهي ثلاثة أنواع : النوع الأول : أن يقول إن الشرع أفضل ولكن لا مانع من
تحكيم غير الشرع . النوع الثاني : أن يقول إن الشرع والقانون سواء ولا فرق .
النوع الثالث : أن يقول إن القانون أفضل وأولى من الشرع . وهذا أقبح
الثلاثة , وكلها كفر وردة عن الإسلام . (مجموع فتاوى ابن باز : 6 / 192)
قلت :
كل هذه النقول عن الشيخ ابن باز رحمه الله تبين كفر من يرى جواز أو أفضلية
التحاكم إلى القوانين الوضعية . فكيف لو أوجبه وألزم الناس به بل وعاقب من
طالب بالحكم بالشرع ؟
ولو افترضنا أن
الشيخ رحمه الله له قولان في المسألة ، فالمشهور عنه ما أيدته اللجنة
الدائمة ولم تذكر خلافًا ، بل اعتبرت غيره خلافًا لأهل السنة والجماعة -كما
في ردها على العنبري- . والواجب علينا حمل كلامه على التوافق ؛ لأن الأصل
أن قوله واحد قديمًا وحديثًا ، ثم على ما وافق أقوال العلماء لا على ما
خالفها ، ولذا يحمل كلامه على صورتين مختلفتين إحداهما كفر أكبر والأخرى
كفر أصغر كما ذكره أهل العلم .
ولو افترضنا أن
الشيخ رحمه الله ليس له إلا القول باشتراط الاستحلال ، فقد بينا أن صورة
الحكم بغير ما أنزل الله الموجودة في كثير من الدول ، هي ذاتها استحلال ،
كما سبق في الرد على الشبهة الرابعة .
ولو افترضنا -بعد كل هذا- وجود خلاف من المعاصرين فالإجماع السابق حجة على المتأخر ، كما بينه العلماء .
قال الآمدي في الإحكام: وأما الإجماع السابق على الخلاف فهو حجة على المخالف . (الإحكام للأمدي : 4/187)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وكل قول حادث بعد الإجماع فهو باطل مردود . (مجموع الفتاوى : 6/501)
جيد في الحكم بغير ما أنزل الله على موقع صوت السلف بإشراف فضيلة الشيخ
ياسر برهامي حفظه الله بعد مراجعة الشيخ له كما ذكر في نهاية البحث
شبهات حول الحكم بغير ما أنزل الله
والرد عليها
الشبهة السادسة :
قولهم : الحكم بغير ما أنزل الله مسألة خلافية ولا إجماع فيها
ومستند
أكثر هؤلاء القول المنسوب للشيخ ابن باز رحمه الله في عدم اعتبار الإجماع
الذي نقله ابن كثير رحمه الله في تكفير من تحاكم إلى الياسق لدى التتار .
ونقول :
1- قد سبق من كلام الشيخ ابن باز رحمه الله ، ما يخالف ذلك الكلام المنسوب إليه .
2-
الكلام المنقول عن الشيخ ابن باز والذي فُهم منه معارضته للإجماع الذي
نقله ابن كثير ، إنما هو جواب على من فهم أن الإجماع يشمل كل صور الحكم
بغير ما أنزل الله . وكلام الشيخ رحمه الله ذكره في الصورة التي هي كفر
أصغر ، وكلام ابن عباس رضي الله عنه في هذه الصورة كذلك . وأما الصورة التي
ذكرها ابن كثير وهي الإعراض عن شرع الله تعالى إلى غيره من الشرائع ، فهي
كفر أكبر بالإجماع كما ذكره ابن كثير ، ونقله عنه الشيخ محمد بن إبراهيم
رحمه الله في رسالته .
ومما يوضح ذلك كثير من فتاوى الشيخ ابن باز التي تؤيد ذلك ، فنذكر بعضًا منها :
س : ما رأيكم في المسلمين الذين يحتكمون إلى القوانين الوضعية مع وجود القرآن الكريم والسنة المطهرة بين أظهرهم ؟
ج: رأيي
في هذا الصنف من الناس الذين يسمون أنفسهم بالمسلمين , في الوقت الذي
يتحاكمون فيه إلى غير ما أنزل الله , ويرون شريعة الله غير كافية ولا صالحة
للحكم في هذا العصر - هو ما قال الله سبحانه وتعالى في شأنهم حيث يقول
سبحانه وتعالى : ((فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ
حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي
أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) ، ويقول سبحانه وتعالى
: ((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْكَافِرُونَ)) ، ((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ
فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) ، ((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ
اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) .
إذًا فالذين
يتحاكمون إلى شريعة غير شريعة الله , ويرون أن ذلك جائز لهم , أو أن ذلك
أولى من التحاكم إلى شريعة الله لا شك أنهم يخرجون بذلك عن دائرة الإسلام ,
ويكونون بذلك كفارا ظالمين فاسقين , كما جاء في الآيات السابقة وغيرها,
وقوله عز وجل : ((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)) . والله الموفق . (مجموع فتاوى ابن باز : 1/271)
وقال رحمه الله:
إن من أقبح السيئات وأعظم المنكرات : التحاكم إلى غير شريعة الله من
القوانين الوضعية والنظم البشرية وعادات الأسلاف والأجداد وأحكام الكهنة
والسحرة والمنجمين التي قد وقع فيها الكثير من الناس اليوم وارتضاها بدلا من شريعة الله التي بعث بها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم , ولا
ريب أن ذلك من أعظم النفاق ومن أكبر شعائر الكفر والظلم والفسوق وأحكام
الجاهلية التي أبطلها القرآن وحذر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم , قال الله تعالى : ((أَلَمْ
تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ
إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا
إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ
الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا)) ، ((وَإِذَا قِيلَ
لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ
الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا)) ، ((وَأَنِ احْكُمْ
بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ
وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ
بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ *
أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ
حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)) ، وقال عز وجل : ((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ
بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)) ، ((وَمَنْ لَمْ
يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) ،
((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُونَ)) . وهذا تحذير شديد من الله سبحانه لجميع العباد من
الإعراض عن كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والتحاكم إلى غيرهما ,
وحكم صريح من الرب عز وجل على من حكم بغير شريعته بأنه كافر وظالم وفاسق
ومتخلق بأخلاق المنافقين وأهل الجاهلية . فاحذروا أيها المسلمون ما حذركم
الله منه , وحكموا شريعته في كل شيء , واحذروا ما خالفها وتواصَوا بذلك
فيما بينكم , وعادوا وأبغضوا من أعرض عن شريعة الله وتنقصها أو استهزأ بها
وسهل في التحاكم إلى غيرها , لتفوزوا بكرامة الله وتسلموا من عقاب الله ,
وتؤدوا بذلك ما أوجب الله عليكم من موالاة أوليائه , الحاكمين بشريعته ,
الراضين بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومعاداة أعدائه الراغبين عن
شريعته المعرضين عن كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . (مجموع فتاوى ابن باز :2/142)
وقال رحمه الله :
فالواجب على جميع حكام المسلمين أن يلتزموا بحكمه سبحانه , وأن يُحكموا
شرعه بين عباده ، وألا يكون في أنفسهم حرج من ذلك , وأن يحذروا اتباع الهوى
المخالف لشرعه , وألا يطيعوا من دعاهم إلى تحكيم أي قانون أو نظام يخالف
ما دل عليه كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وبين سبحانه أنه
لا إيمان لأهل الإسلام إلا بذلك , فكل من زعم أن تحكيم القوانين الوضعية
المخالفة لشرع الله أمر جائز أو أنه أنسب للناس من تحكيم شرع الله , أو أنه
لا فرق بين تحكيم شرع الله وتحكيم القوانن التي وضعها البشر المخالفة لشرع
الله عز وجل ، فهو مرتد عن الإسلام كافر بعد الإيمان إن كان مسلما قبل أن
يقول هذا القول أو يعتقد هذا الاعتقاد , وكما صرح بذلك أهل العلم والإيمان
من علماء التفسير وفقهاء المسلمين في باب حكم المرتد . (مجموع فتاوى ابن باز : 6/159)
وقال رحمه الله في قوله تعالى ((فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ .....)) (النساء : 65) :
وهذا
الإيمان المنفي هو أصل الإيمان بالله ورسوله بالنسبة إلى تحكيم الشريعة
والرضا بها والإيمان بأنها الحكم بين الناس , فلا بد من هذا . فمن زعم أنه
يجوز الحكم بغيرها أو قال إنه يجوز أن يتحاكم الناس إلى الآباء أو إلى
الأجداد أو إلى القوانين الوضعية التي وضعها الرجال ، سواء كانت شرقية أو
غربية ، فمن زعم أن هذا يجوز فإن الإيمان منتف عنه ويكون بذلك كافرا كفرا
أكبر , فمن رأى أن شرع الله لا يجب تحكيمه ولكن لو حكم كان أفضل , أو رأى
أن القانون أفضل , أو رأى أن القانون يساوي حكم الله فهو مرتد عن الإسلام .
وهي ثلاثة أنواع : النوع الأول : أن يقول إن الشرع أفضل ولكن لا مانع من
تحكيم غير الشرع . النوع الثاني : أن يقول إن الشرع والقانون سواء ولا فرق .
النوع الثالث : أن يقول إن القانون أفضل وأولى من الشرع . وهذا أقبح
الثلاثة , وكلها كفر وردة عن الإسلام . (مجموع فتاوى ابن باز : 6 / 192)
قلت :
كل هذه النقول عن الشيخ ابن باز رحمه الله تبين كفر من يرى جواز أو أفضلية
التحاكم إلى القوانين الوضعية . فكيف لو أوجبه وألزم الناس به بل وعاقب من
طالب بالحكم بالشرع ؟
ولو افترضنا أن
الشيخ رحمه الله له قولان في المسألة ، فالمشهور عنه ما أيدته اللجنة
الدائمة ولم تذكر خلافًا ، بل اعتبرت غيره خلافًا لأهل السنة والجماعة -كما
في ردها على العنبري- . والواجب علينا حمل كلامه على التوافق ؛ لأن الأصل
أن قوله واحد قديمًا وحديثًا ، ثم على ما وافق أقوال العلماء لا على ما
خالفها ، ولذا يحمل كلامه على صورتين مختلفتين إحداهما كفر أكبر والأخرى
كفر أصغر كما ذكره أهل العلم .
ولو افترضنا أن
الشيخ رحمه الله ليس له إلا القول باشتراط الاستحلال ، فقد بينا أن صورة
الحكم بغير ما أنزل الله الموجودة في كثير من الدول ، هي ذاتها استحلال ،
كما سبق في الرد على الشبهة الرابعة .
ولو افترضنا -بعد كل هذا- وجود خلاف من المعاصرين فالإجماع السابق حجة على المتأخر ، كما بينه العلماء .
قال الآمدي في الإحكام: وأما الإجماع السابق على الخلاف فهو حجة على المخالف . (الإحكام للأمدي : 4/187)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وكل قول حادث بعد الإجماع فهو باطل مردود . (مجموع الفتاوى : 6/501)