من هم بنو أمية يرجع نسب بني أمية إلى قبيلة قريش من بني كنانة، وهم من أصحاب السيادة في قرش وأصحاب النفوذ والجاه في مكة المكرمة قبل الإسلام وبعده، وقد حكم بنو أمية بخلفائهم المسلمين، فأسسوا دولة الأمويين وجعلوا من دمشق عاصمة لهم، وقد امتدت فترة الخلافة الأموية بين عامي 661 و 750 ميلادية، وقد أسس الأمويون أيضًا دولة لهم في الأندلس وجعلوا قرطبة عاصمة لهم، ويعتبر الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان أول خلفاء الأمويين في التاريخ ويعتبر مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية قبل أن تنتقل الخلافة الإسلامية إلى العباسيين، وفي هذا المقال بحث عن معاوية بن أبي سفيان الخليفة الأموي الأول. بحث عن معاوية بن أبي سفيان معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-، هو معاوية بن صخر بن حرب بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي، أمَّه هي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية، ويجتمع معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في النسب عند الجدِّ الرابع وهو عبد مناف، وُلد معاوية في مكة المكرمة قبل هجرة رسول الله إلى المدينة بخمسة عشر عامًا، وكان عمره يوم فتح مكة حوالي ثلاثة وعشرين عامًا، أسلم معاوية قبل أبيه أبي سفيان وتحديدًا وقت عمرة القضاء ولكنه لم يظهر إسلامه خوفًا من أبيه حتَّى فتح مكة، وقد شهد مع رسول الله غزوة حُنين، وهو من المؤلفة قلوبهم، روى عن رسول الله عددًا من الأحاديث وكان كاتب الوحي في عهد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-.[١] كان معاوية بن أبي سفيان حليمًا حكيمًا وكان داهية من دهاة العرب، كان طويل القامة أبيض البشرة، يقول عمر بن الخطاب في وصفه: هذا كسرى العرب، تولَّى معاوية بن أبي سفيان قيادة جيش من جيوش الإسلام التي بعثها الخليفة أبو بكر الصديق في إحدى غزوات المسلمين، وكان من الرجال الذين قاتلوا المرتدين في اليمامة، وشارك مع أخيه يزيد بن أبي سفيان في فتح الشام، وفي خلافة عمر بن الخطاب أصبح معاوية بن أبي سفيان واليًا على الأردن سنة 21 هـ، ثمَ دمشق ثمَّ ولَّاه عثمان بن عفان على الشام كاملة، وبعد وفاة عثمان بن عفان سنة 35 هـ، خرج معاوية عن أمر الخليفة علي بن أبي طالب وطالبَ بأخذ الثأر من قَتلة عثمان بن عفان، ثمَ بعد موقعة الجمل التي قُتل فيها طلحة والزبير قاد معاوية جيشًا ضد الخليفة علي بن أبي طالب وكانت حرب صفين، وبعد أن توفي علي بن أبي طالب وتولَّى الحسن بن علي الخلافة حارب معاوية الحسن أيضًا ولكن الحسن حقن دماء المسلمين ووقع عهدًا مع معاوية ينص على أحقية المسلمين في اختيار خليفتهم بعد معاوية، وبموجب هذا العقد أصبح معاوية خليفة المسلمين في بلاد الشام، فجعل دمشق عاصمة الخلافة الإسلامية.[٢] بعد أن استلم معاوية بن أبي سفيان حكم بلاد الشام وحكم خلافة إسلامية في بلاد الشام عاصمتها دمشق، وبعد أن وطد أركان الدولة الإسلامية تابع معاوية الفتوحات الإسلامية فوسَّع مساحة أراضي دولته باتجاه الروم، حتَّى وصل المسلمون إلى بلاد ما وراء النهرين وشمال أفريقيا وكابل والسند، وأنشأ أسطولًا بحريًا عظيمًا خاض به معركة عظيمة فتح فيها قبرص وصقلية في البحر المتوسط، وقد سيطر معاوية أيضًا على جزيرة رودس وجزيرة أرواد، فضيق الخناق على البيزنطيين في البحر، وقد حاصر القسطنطينية مرتين إلَّا أنَّه لم يستطع فتحها، وقد اهتم معاوية بالبناء البحري، فبنى مركزًا لصناعة السفن على سواحل بلاد الشام، وهذا ما أتاح له الفرصة للقيام بفتوحات بحرية جديدة في المتوسط، أمَّا من حيث سياسته الداخلية فقد أنشأ معاوية عددًا من الدواوين المركزية كديوان الرسائل وديوان البريد وديوان الخاتم ونظام الكتبة، ووطد الأمن وجعل لنفسه حاجبًا شخصيًا تجنبًا لأي محاولة اعتداء عليه أو اغتياله، كما نشر الحرس في كلِّ أرجاء الدولة، ونشر رجال الشرطة الذين كانت مهمتهم الحفاظ على الأمن والانضباط في أرجاء الدولة الإسلامية، كما اهتم ببناء جيش المسلمين حتَّى تزيد قوة الدولة، وهذا ما كان لمعاوية فقد بلغت الدولة الإسلامية في عهده قوة كبيرة لم تبلغها من قبل.[٣] وفي ختام ما جاء في بحث عن معاوية بن أبي سفيان جدير بالقول إنَّ معاوية عاش قرابة الثمانين عامًا، وعندما وافته المنية نزل من كرسيه الذي هو جالس عليه واستقبل تراب الأرض وأخذ يمرِّغ وجهه بالتراب، ويقول: صدق الله القائل: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[٤]، ثمَ توفي معاوية بن أبي سفيان في دمشق وهو في الثامنة والسبعين من عمره، وقد ترك خلافة المسلمين لابنه يزيد بن معاوية، وقد دُفن في دمشق بين باب الجابية وباب الصغير، وكانت وفاته سنة 60 للهجرة، وقد أتم عشرين عامًا في ولايته وعشرين أخرى في خلافة المسلمين، وفي الختام لا بدَّ من الإشارة إلى ضرورة اتخاذ موقف الحياد من الحرب التي دارت بين معاوية بن أبي سفيان وبين علي والحسن، ولا ينبغي على المسلم أن يخوض فيما حصل بينهم أبدًا، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}[٥]، فينبغي أن يترضى المسلم على الصحابة ويترك أمرهم لله تعالى فقد سُئل عمر بن عبد العزيز عن الذي حصل بين الصحابة فقال: "تلك أمورٌ سلَّم الله منها سيوفَنا من دمائهم، فلماذا لا نُسلِّم ألسنتنا من الخوض فيها؟"، والله تعالى أعلم