رسالتي إلى كل أخت تأخر زواجها
عنوانها: (إلا من أتى الله بقلب سليم)
الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، محمد بن عبدالله النبي الأمي، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعد:
يا مَن أرهقها الانتظارُ، يا من لها حاجات بالقلب كتمتْها، ولن يرحمها الخلقُ إن هي أظهرتها، فإن من نعيم الجنة للنساء أنهنَّ يَخترن أزواجهنَّ بأنفسهنَّ، وليس كالدنيا أبدًا، فالجنةَ الجنةَ.
كنساء، وكفطرة سويَّة فينا، عاطفيات جدًّا جدًّا !وأي مشاعر نراها شيئًا عظيمًا، ونقدِّر كثيرًا البوحَ بها، لكننا قد نجاوز التقدير حدَّه، لدرجة الغفلة عن الغاية الكبرى مِن خلْقنا.
إن القلب لا بد لزامًا عند نطقه بـ"لا إله إلا الله" - أن يستشعر عظيم حبِّه لله سبحانه، فلا حبيب لنا في هذه الدنيا أعظم من الله.
أرأيت المرأة تخدم زوجها إرضاءً لله؟
لو دقَّقتِ لوجدتِ نُدرةً موفقة! أو مَن وُفِّقنَ للصبر على تجارب سابقة، جعلتْ قلوبهنَّ متزنة يائسةً من الخلق، قلوب لقِحت من الفتنة! فتنة الحب الأعمى، حب به ينسى القلبُ خالقَه تبارك وتعالى، فيرمي مع الأيام بُوصْلته.
أما الغالبية الساحقة (الظاهرة في عُرفنا)، فترينَها تُرضي الزوج خوفًا من تسلُّطه، أو طمعًا فيما عنده؟! فتُبتلى وتُمَحَّص، وتتقلَّب بين يدي الرحمن، وهي في غفلة عن كل هذا! حتى يصل بها الأمر إلى جحودِ نعمة البلاء!
وهل أصل الإيمان إلا الإخلاص وأعمال القلوب؟ اللهم يا مقلِّب القلوب، ثبِّت قلوبنا على دينك.
كم من مرة زلَلنا، فيرحمنا الله ويعفو عنا! كم من مرة علَّقنا قلوبنا بمخلوق طمعًا في أن يُشبع حاجاتنا النفسية! نعم، نحن بشر، لكن هذا القلب مأمورٌ بأن يحب في الله ويبغض في الله فقط، أعوذ بالله من حبٍّ لغير الله، خاصة مع ذَوينا، ومَن له فضلٌ بعد الله علينا، والحمد لله الذي يُجبر كسرنا، إثر بلاء يُزكِّي به أنفسنا، ويكفِّر به عن سيئاتنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
تفكَّري أيضًا في الأمر المهم الآخر، أمر إياك إيَّاكِ أن يدخل منه شيطانُ إِنسٍ أو جنٍّ، يُوهمك بأن الشريعة السمحة الحنيفة ظالمةٌ للمرأة!
كمخلوقات، يَخفى علينا كثيرٌ مِن حِكَمِ الله في هذا الكون، لكن التسليمَ والخضوع درجةٌ عالية تأتي بعد علمٍ ودِراية، ولعل مِن بعض حِكَمِ الله في خَلْق النساء - بطبيعة الأنثى - دورَهنَّ البنَّاء في الأمة، وإلا لَمَا اختلَف المسمى، ولَمَا نُعِتْنَ بشقائق الرجال!
إن نقْصَ عقلنا وتغليبنا للعاطفة متبعٌ لتخفيف التكليف عنا، التكاليف الشرعية الخاصة بالنساء أقل بكثير مقارنةً بما عند الرجال، ولعلنا نذكر مثالًا لو استحضرته رباتُ البيوت من الزوجات، لما شتَّتت ألعوبةُ "الضحية المقيدة" أُسرًا! الرجل هو المسؤول الأول أمام الله عن العائلة، وهو من سيقف يوم القيامة ليُسأل عن كل فرد فيها، ولمَ لَم يجتهد أكثر في دعوتهم إلى الله؟ ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴾ [المدثر: 38]، ولو تذكَّرتِ المرأة عِظَمَ هذه المسؤولية وحدَها لكفَتْها.
المرأة الثابتة في زمنِ فَقْدِ السَّندِ شيءٌ آخر:
هي التي خلقها الله لتعبُده سبحانه، لا بالنفقة أو المزاحمة المباشرة للتجارة، والكد لسداد المصاريف، بل بالحنان والعطف، وبما ميَّزها الله سبحانه، تُزاحم بالذكاء لتوفَّق للعمل بنصيحة الشاطبي رحمه الله، بعيدًا عن الصلاة والصوم والتكاليف المشتركة، قريبًا من تكاليف مشتركة! تكاليف لا يُمكن لطبيعة الرجل أن يستغنيَ فيها عن المرأة.
مَن الذي يستحمَّل أن يكابد أنفس الناس بمختلف طبائعهم؛ من ماكر وخبيثٍ وطماعٍ، مع طيبٍ منصف عادل؟! مَن الذي يصبر على دعوة الناس باختلاف أجناسهم، وتفاوُت مستوى أخلاقهم؟ ومِن غير أن يعودَ إلى سكنٍ يروِّح به عن بشريته؟!
لم يجعل الله الأنثى في بيت زوجها فقط، بل جعلها أيضًا مع الأخ والأب والمحارم؛ من اهتمام بالملبس والمأكل، وذوقٍ في ترتيب المنزل؛ من ممازحة بين حينٍ ونُصحٍ في آخر؛ من مشاورة وإشعار بالاحتياج والتقدير.
الأنس بالله يُغني عن كل ما سواه، لكن الله خلَق فينا ضَعفًا، فأحوَج بعضنا إلى بعض، وبفقد السكن تَفقد الأمةُ قائدها، فتفقد زعامتَها بين الأمم، ولن تتمكن أمةٌ هذا دأبُها مِن جعْل كلمة الله هي العليا في الأرض؛ إي نعم، بعض الرجال وُفِّقوا بسبب عزيمةٍ مَحضة قُذفت في القلوب، أو بسبب أُمٍّ حنون احتوتْ حاجاتهم في الصِّغر، سبحانه له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، هو عند حُسن ظن العبد به، حكيم عليم بالشاكرين، قد يفتح أيضًا على يدي المرأة قلوبًا، ويرفَع هِمَمًا من غير زوجٍ ولا أولاد.
فاطمئني، اطْمئني وأبشِري، يا بشوشة بين البنات، يا جوهرة مكنونة تتقي الشُّبهات.
إن الذي فضَّل الرجال على النساء سبحانه، هو الذي عرَض الأمانة، فقدَّرها لبني آدمَ، وهو سبحانه مَن جعل قيادة دفة القلب الدرجة والرُّتبة العلياء، فجاهدي ها هنا، ولا تبرَحي حتى تبلغي قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: 103].
عنوانها: (إلا من أتى الله بقلب سليم)
الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، محمد بن عبدالله النبي الأمي، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعد:
يا مَن أرهقها الانتظارُ، يا من لها حاجات بالقلب كتمتْها، ولن يرحمها الخلقُ إن هي أظهرتها، فإن من نعيم الجنة للنساء أنهنَّ يَخترن أزواجهنَّ بأنفسهنَّ، وليس كالدنيا أبدًا، فالجنةَ الجنةَ.
كنساء، وكفطرة سويَّة فينا، عاطفيات جدًّا جدًّا !وأي مشاعر نراها شيئًا عظيمًا، ونقدِّر كثيرًا البوحَ بها، لكننا قد نجاوز التقدير حدَّه، لدرجة الغفلة عن الغاية الكبرى مِن خلْقنا.
إن القلب لا بد لزامًا عند نطقه بـ"لا إله إلا الله" - أن يستشعر عظيم حبِّه لله سبحانه، فلا حبيب لنا في هذه الدنيا أعظم من الله.
أرأيت المرأة تخدم زوجها إرضاءً لله؟
لو دقَّقتِ لوجدتِ نُدرةً موفقة! أو مَن وُفِّقنَ للصبر على تجارب سابقة، جعلتْ قلوبهنَّ متزنة يائسةً من الخلق، قلوب لقِحت من الفتنة! فتنة الحب الأعمى، حب به ينسى القلبُ خالقَه تبارك وتعالى، فيرمي مع الأيام بُوصْلته.
أما الغالبية الساحقة (الظاهرة في عُرفنا)، فترينَها تُرضي الزوج خوفًا من تسلُّطه، أو طمعًا فيما عنده؟! فتُبتلى وتُمَحَّص، وتتقلَّب بين يدي الرحمن، وهي في غفلة عن كل هذا! حتى يصل بها الأمر إلى جحودِ نعمة البلاء!
وهل أصل الإيمان إلا الإخلاص وأعمال القلوب؟ اللهم يا مقلِّب القلوب، ثبِّت قلوبنا على دينك.
كم من مرة زلَلنا، فيرحمنا الله ويعفو عنا! كم من مرة علَّقنا قلوبنا بمخلوق طمعًا في أن يُشبع حاجاتنا النفسية! نعم، نحن بشر، لكن هذا القلب مأمورٌ بأن يحب في الله ويبغض في الله فقط، أعوذ بالله من حبٍّ لغير الله، خاصة مع ذَوينا، ومَن له فضلٌ بعد الله علينا، والحمد لله الذي يُجبر كسرنا، إثر بلاء يُزكِّي به أنفسنا، ويكفِّر به عن سيئاتنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
تفكَّري أيضًا في الأمر المهم الآخر، أمر إياك إيَّاكِ أن يدخل منه شيطانُ إِنسٍ أو جنٍّ، يُوهمك بأن الشريعة السمحة الحنيفة ظالمةٌ للمرأة!
كمخلوقات، يَخفى علينا كثيرٌ مِن حِكَمِ الله في هذا الكون، لكن التسليمَ والخضوع درجةٌ عالية تأتي بعد علمٍ ودِراية، ولعل مِن بعض حِكَمِ الله في خَلْق النساء - بطبيعة الأنثى - دورَهنَّ البنَّاء في الأمة، وإلا لَمَا اختلَف المسمى، ولَمَا نُعِتْنَ بشقائق الرجال!
إن نقْصَ عقلنا وتغليبنا للعاطفة متبعٌ لتخفيف التكليف عنا، التكاليف الشرعية الخاصة بالنساء أقل بكثير مقارنةً بما عند الرجال، ولعلنا نذكر مثالًا لو استحضرته رباتُ البيوت من الزوجات، لما شتَّتت ألعوبةُ "الضحية المقيدة" أُسرًا! الرجل هو المسؤول الأول أمام الله عن العائلة، وهو من سيقف يوم القيامة ليُسأل عن كل فرد فيها، ولمَ لَم يجتهد أكثر في دعوتهم إلى الله؟ ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴾ [المدثر: 38]، ولو تذكَّرتِ المرأة عِظَمَ هذه المسؤولية وحدَها لكفَتْها.
المرأة الثابتة في زمنِ فَقْدِ السَّندِ شيءٌ آخر:
هي التي خلقها الله لتعبُده سبحانه، لا بالنفقة أو المزاحمة المباشرة للتجارة، والكد لسداد المصاريف، بل بالحنان والعطف، وبما ميَّزها الله سبحانه، تُزاحم بالذكاء لتوفَّق للعمل بنصيحة الشاطبي رحمه الله، بعيدًا عن الصلاة والصوم والتكاليف المشتركة، قريبًا من تكاليف مشتركة! تكاليف لا يُمكن لطبيعة الرجل أن يستغنيَ فيها عن المرأة.
مَن الذي يستحمَّل أن يكابد أنفس الناس بمختلف طبائعهم؛ من ماكر وخبيثٍ وطماعٍ، مع طيبٍ منصف عادل؟! مَن الذي يصبر على دعوة الناس باختلاف أجناسهم، وتفاوُت مستوى أخلاقهم؟ ومِن غير أن يعودَ إلى سكنٍ يروِّح به عن بشريته؟!
لم يجعل الله الأنثى في بيت زوجها فقط، بل جعلها أيضًا مع الأخ والأب والمحارم؛ من اهتمام بالملبس والمأكل، وذوقٍ في ترتيب المنزل؛ من ممازحة بين حينٍ ونُصحٍ في آخر؛ من مشاورة وإشعار بالاحتياج والتقدير.
الأنس بالله يُغني عن كل ما سواه، لكن الله خلَق فينا ضَعفًا، فأحوَج بعضنا إلى بعض، وبفقد السكن تَفقد الأمةُ قائدها، فتفقد زعامتَها بين الأمم، ولن تتمكن أمةٌ هذا دأبُها مِن جعْل كلمة الله هي العليا في الأرض؛ إي نعم، بعض الرجال وُفِّقوا بسبب عزيمةٍ مَحضة قُذفت في القلوب، أو بسبب أُمٍّ حنون احتوتْ حاجاتهم في الصِّغر، سبحانه له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، هو عند حُسن ظن العبد به، حكيم عليم بالشاكرين، قد يفتح أيضًا على يدي المرأة قلوبًا، ويرفَع هِمَمًا من غير زوجٍ ولا أولاد.
فاطمئني، اطْمئني وأبشِري، يا بشوشة بين البنات، يا جوهرة مكنونة تتقي الشُّبهات.
إن الذي فضَّل الرجال على النساء سبحانه، هو الذي عرَض الأمانة، فقدَّرها لبني آدمَ، وهو سبحانه مَن جعل قيادة دفة القلب الدرجة والرُّتبة العلياء، فجاهدي ها هنا، ولا تبرَحي حتى تبلغي قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: 103].