هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

descriptionذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب 	 Emptyذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب

more_horiz
بعض كلمات القرآن وجمله فريدة غير مكرورة، ذات معان عميقة ودلالات نفسية وعقلية. ففي رحلة الإنسان في هذه الدنيا، هو يعلم أنه موجود فيها مؤقتا، وراحل عنها إلى دار القرار؛ يشغل فكرَه كيف ينجو وكيف يسمو، وكيف يترك الآثار الطيبة في حياته، ويستغل وجوده في الدنيا بعمارة الأرض وتسخيرها لطاعة الله. فالله استعمرنا في الأرض، وجعلنا فيها خلائف، ولم يخلقنا عبثا. فهناك رسالة ومهمة ترتبطان بجانب تكريم الإنسان ورقيه وحضارته، فقد أرشده الله تعالى إلى الاستقامة وكرّمه بهذا التشريع، وميزه عن بقية المخلوقات، وهو المكلف -مع الجن- دونها، ولهذا فإن كان شأنه استقامة، فهو خير حتى من الملائكة.
إنها مسؤولية واضحة، رغم محاولات بعض المتفيقهين والمتفلسفين تعقيدها أو تشويهها. فبعض الناس لا يعجبه وضع المسلمين الآن، وينظر في واقع الغربيين وما وصلوا إليه من حضارة ورقي، ويسارع إلى اتهام الإسلام بالتقصير في توجيه المسلمين. وربما قاده هذا -ولو من جانب الغيرة على الإسلام والمسلمين- إلى تشويه بعض المفاهيم الإسلامية، لعله يؤثر في مسيرة المسلمين نحو الأفضل. وقد نسي هؤلاء أن هذا الدين مكتمل، أتم الله به النعمة ورضيه لنا. كما نسي هؤلاء أيضا أن المشكلة ليست في الدين، بل في أتباع الدين؛ حين ضلوا طريقهم عن الجادة. ونسي هؤلاء كذلك سننا لله لا تحابي أحدا، فلا بد من الأخذ بها حتى يكون الرقي والحضارة والعزة، ومنها مداولة الأيام: "... وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ..." (آل عمران، الآية 140)؛ إذ المنعة والقوة مع من أخذ بأسبابها ولم يتواكل ويتكاسل. فالتقوى شيء، وحسن التوكل شيء آخر.
أدرك أن هناك خللا في معاييرنا وأولوياتنا. ولعل الضربة التي تلقتها الأمة الإسلامية في عهد الاستعمار الحديث قوية، ومن قوتها أنها أفقدتنا شيئا من التوازن والقدرة على ترتيب المعايير والأولويات، وأفسدت علاقاتنا ببعضنا من جهة، وبديننا من جهة أخرى؛ فلا نريد أن ننهزم ولا أن نيأس، وفي الوقت نفسه لا نريد أن نبقى في دائرة التنظير، ولا نريد أن نصل بتنظيرنا إلى تغيير المفاهيم والاحتيال عليها، ولا أن نستشعر أن بعض تشريعات الدين ما عادت ملائمة، ولا أن تعشعش في عقولنا أفكار ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبلها العذاب، كبعض أفكار الحداثيين حيث الثورة على الماضي، ونزع هالة التقديس عن القرآن، وتعظيم العقل ليصبح سلطانا على النقل، وهي دعوات غلاة الحداثيين.
أحببت أن أقدم بهذا أمام عظمة هذا النص القرآني من سورة الحج، وهي السورة التي يمكن أن أقسمها إلى قسمين رئيسين، حيث جانب العقيدة وبالذات إثبات المعاد والبعث بعد الموت وحتمية اللقاء، وجانب التشريع حيث الإذن بالقتال من جهة، وبعض تشريعات الحج من جهة أخرى. وجاءت هذه الجملة: "ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ" (الحج، الآية 32) عقب الحديث عن الأنعام: "... وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ" (الحج، الآيتان 30 و31). هنا تأتي هذه الجملة موجِّهة المسلمين إلى تعظيم شعائر الله، وأن لا يستهينوا بها ولا يغمزوا ببعض شؤونها، هديا وأضحية وحجا وصلاة وصياما وزكاة وغيرها. فلا يمكن أن نفصل العبادات -وهي علاقة العبد بربه- عن غيرها من التشريعات التي هي ناظمة لحياة الإنسان، منظمة لعلاقته بربه وبغيره وبنفسه.
إنه تعظيم شعائر الله، لأن الله هو الذي شرعها، وهو أعلم بما يصلح لهذا الإنسان. وشتان بين تشريع العبد لنفسه وتشريع الخالق سبحانه له، فلا نقدم بين يدي الله ورسوله، ولا تكون لنا الخِيَرَة إن كان التشريع قد نزل. فليبحث العقل عن الحِكم، وليجتهد فيما جاء مؤصَّلا لا مفصَّلا مما أراده الله عن قصد مجملا. وإن كان هناك مزيد عبقرية ففي مناحي الحياة الأخرى، ولكن يبقى للتشريع هيبته ومكانته بل تعظيمه، وهي علامة واضحة لا على التقوى مجملا، بل ركز النص هنا على تقوى القلوب.
إن القلب هو مستودع الإيمان والهداية والبصيرة، فلا نريد ظاهر الأمور بل باطنها ومستقرها، فجعل الله سبحانه تعظيم الشعائر والشرائع عموما دلالة قوية على التقوى، وبالذات تقوى القلب في أعماق الإنسان وحقيقة جوهره؛ فهو خالص في توجهه إلى الله، وحبه له وخشيته منه، وتعظيمه له، فمن يعظم شعائر الله لا شك معظِّم لله الذي شرع، وهي علامة فارقة بين من يعظم أو على الأقل يؤمن ويؤدي ما أراده الله منه، وبين من يتردد أو يطبق الشرع وهو غير مقتنع به، فشتان بين الحالتين، إذ تعكسان حالة العبد ويقينه بربه، هل عظمه ورضي به ربا وإلها أم لا، فالعلاقة علاقة عبودية مطلقة لله تعالى، وهذا ما يميز المسلم الملتزم عن غيره.
ولا أريد أن يُفهَم من كلامي الجمود وعدم الاجتهاد والانطلاق في البحث عن الخير وإقامة الحضارة الحقيقية التي يدعو إليها الإسلام، فكثيرة هي النصوص الظنية والأحكام الإجمالية والشؤون الدنيوية التي ينبغي تسخيرها لمصلحة الدين والمسلمين، ولكن بالبناء على الأصل الإسلامي وعدم التفريط بالثوابت الإسلامية.
يحاول بعض الناس -بقصد وبغير قصد- التشكيك في قدرة الإسلام على بعث الأمة من جديد. ولا أجد جوابا أدق وأفضل من قول الله تعالى: "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" (النور، الآية 55)، فما هو إلا حسن التوكل على الله، والبصيرة والفهم.

descriptionذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب 	 Emptyرد: ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب

more_horiz
شكرا لك ع الموضوع وع تعبك  ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب 	 235873
جزاك الله كل خير
بالتوفيق  ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب 	 886773
منتظرين جديدك  ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب 	 2322646808 ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب 	 2322646808

descriptionذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب 	 Emptyرد: ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب

more_horiz
شكرا لك ع الموضوع وع تعبك  ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب 	 235873

descriptionذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب 	 Emptyرد: ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب

more_horiz
أشكرك على مشاركتك بقسم الاسلامي
شكرا لك



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لدليل الاشهار العربي