قد يبدو للوهلة الأولى أن هذا المبحث الخاص بإيقاع قصيدة النثر مقحم على مادة البحث الأساس الخاصة بـ"القصيدة الحديثة الحرة"، بوصف أن لكل نمط من هذين النمطين الشعريين شكله الخاص وقوانينه الخاصة.
إلا أن قضية الإيقاع الداخلي وما يترشح عنها من مداخلات تفضي إلى ضرورة مناقشة إيقاع قصيدة النثر على أساس أنها تعتمد اعتماداً كلياً وحاسماً على الإيقاع الداخلي، وبعكس القصيدة الحرة التي تقوم في تشكيل بنيتها الموسيقية أساساً على البحر الشعري.
إن قصيدة النثر بوصفها نوعاً شعرياً ما زالت قيد الاختلاف وتباين وجهات النظر، على الرغم من أنها استطاعت أن تفرض وجوداً ما وشكلاً ما، فـ"كلمة القصيدة نفسها لا تسلم من اللبس، ذلك أن وجود عبارة "قصيدة نثرية"، التي أصبحت شائعة الاستعمال، يسلب كلمة القصيدة في الواقع ذلك التحديد التام الوضوح الذي كان لها يوم كانت تميز بمظهرها النظمي. وفعلاً ففي الوقت الذي كان فيه النظم شكلاً لغوياً تعاقدياً صارم التقنين كان للقصيدة وجود شرعي غير قابل للنزاع، وهكذا كان يعتبر قصيدة كل ما كان مطابقاً لقواعد النظم ونثرا ما ليس ذلك، غير أن عبارة "قصيدة نثرية" الظاهرة التناقض علينا إعادة تعريفها"([1])بما يرتفع بكلمة "نثرية" إلى المستوى الذي يجعلها قابلة للتوافق مع كلمة "قصيدة" ومكتسبة لصفاتها وخصائصها التعبيرية والفنية.
إن مصطلح "قصيدة النثر" يجب أن لا يجزأ مفهومياً، فتأكيد النوع واضح المعالم في تقديم كلمة "قصيدة" على كلمة "النثر"، وبهذا فإن
المصطلح يختلف اختلافاً بيناً عن مصطلح "النثر الشعري" الذي تتصدر فيه كلمة "النثر" مقدمة المصطلح، تعقبها كلمة "الشعري" ذات الدلالة المفهومية العامة خلافاً لـ"القصيدة" ذات الدلالة الخاصة. كما أن الاختلاف بين كذلك في مضمون المصطلحين، فـ"النثر الشعري اطنابي، يسهب، بينما قصيدة النثر مركزة ومختصرة، وليس هناك ما يقيد مسبقاً النثر الشعري، أما في قصيدة النثر فهناك شكل من الإيقاع ونوع من تكرار بعض الصفات الشكلية، ثم إن النثر الشعري سردي، وصفي،شرحي، بينما قصيدة النثر إيحائية".([2])
أي أن قصيدة النثر اكتسبت استقلاليتها بوصفها نوعاً شعرياً ذا خصائص مميزة، فهي تحمل شكلها الخاص قبل كل شيء، وهي "ذات وحدة مغلقة، هي دائرة أو شبه دائرة، لا خط مستقيم، هي مجموعة علائق تنظيم في شبكة كثيفة، ذات تقنية محددة وبناء تركيبي موحد، منتظم الأجزاء، متوازن، تهيمن عليه إرادة الوعي التي تراقب التجربة الشعرية وتقودها وتوجهها، إن قصيدة النثر تبلور قبل أن تكون نثراً ـ أي أنها وحدة عضوية وكثافة وتوتر ـ قبل أن تكون جملاً وكلمات. هي ذات نوع متميز قائم بذاته، ليس خليطاً، هي شعر يستخدم النثر لغايات شعرية خالصة، لذلك لها هيكل وتنظيم، ولها قوانين ليست شكلية فقط، بل عميقة عضوية كما في أي نوع آخر.
فشاعر النثر يحاول كشاعر الوزن أن يدخل الحياة والزمان في أشكال إيقاعية، ويفرض عليها هيكلاً منظماً، سواء بالمقاطع المنظمة أو التكرار أو البناء الدائري، ويستعمل بدل القافية والمقاطع الموزونة وتوازناتها، توازنات من نوع مغاير.
إن قصيدة النثر عالم كامل منتظم، جميع أجزائه متماسكة، كاملة بذاتها، تحمل معناها وغايتها، فلا يمكن أن تسمى صفحة نثر مهما كانت شعرية تدخل في رواية أو صفحات أخرى قصيدة نثر([3])، لأن المفردات الشعرية أو الشعر على نحو عام قد يوجد في كل الأنواع الأدبية الأخرى. إلا أنه مهما كانت كثافة ذلك في أي نوع أدبي آخر لا يمكن أن يؤلف قصيدة، ذلك أن مصطلح "القصيدة" يختلف عن مصطلح "شعر"، فكل قصيدة هي شعر ضرورة وليس كل شعر يمكن أن يكون قصيدة.
وتطمح قصيدة النثر في تشكيل إيقاعها الخاص بالاستعاضة عن بحور الخليل "بانسجام داخلي" لا يفتأ يتجدد ولا يخضع إلا لحركة الرؤيا والتجربة الشخصيتين"([4])، كما أنها تطمح في "إتاحة كل الحرية للفكر والخيال"([5])، لأن يشتغلا على إضافة قدرات شعرية أكبر إلى القصيدة من أجل كسر الوجود المهيمن والحضور المستقر للشكل الإيقاعي التقليدي القائم على التفعيلة في ذاكرة المتلقي، لأن الوزن الحر "المجدد" لم يكن كافياً ـ كما يبدو ـ لكسر رتابة الإيقاع الخارجي للقصيدة العربية بما يرقى إلى تأسيس حساسية شعرية جديدة([6]). على الرغم من أن شاعر الشكل الحر قد حاول محاولات عدة أسهمت في كسر حدة المهيمن العروضي على البنية الإيقاعية كالخلط العروضي بين محور متعدد ومزج الشعر بالنثر([7]) وغيرها.. إلا أن قصيدة النثر كانت أكثر الطفرات تحرراً في هذا المجال، واستطاعت أن تبرهن "في أحيان عديدة على أنها إثراء لخيارات الشاعر العربي، وتنويع هو في حاجة إليه، وتنويع في أشكاله الإيقاعية وفي بناه التعبيرية أيضاً"([8]).
غير أن قصيدة النثر وعلى الرغم من كل ذلك "لم تنجح في تجاوز قصيدة التفعيلة في أفضل مستوياتها ولم تصبح بديلاً عنها"([9]).
إن البنية الإيقاعية التي تقوم عليها قصيدة النثر هي بنية ذاتية خاصة "تلغي كل مايمكن من شكلية موسيقية خارجية، وتقوم على موسيقى داخلية تنبع من الحدس بالتجربة الشعرية، تجربة أحالت التفجير محل التسلسل، والرؤيا محل التفسير، ويفيدنا هذا الكلام أن قصيدة النثر تعتمد على صورة موسيقية نفسية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتجربة الشعرية"([10])، ويتجلى إيقاعها المتنوع" في التوازي والتكرار والنبرة والصوت وحروف المد وتزاوج الحروف"([11]). كما تتجلى في "تفجير الخصائص الصوتية وتعويض الوزن الغائب باستخدام مظاهر تشكيلية كالفراغ والقطع والحذف"([12]). وفي تحقيق "إيقاع التداخل والإيقاع الحر وموسقة الفكرة والتكثيف اللفطي والتواتر والنمط الفوضوي للإيقاع، والإيقاع المرسل وهي تقوم جميعاً على مناداة الفكرة لاستخراج تجلياتها وبثها في شحنات تصويرية أو تقريرية تعتمد التقابل والتكامل للوصول إلى المتلقي"([13]).
ولقد اختلف شعراء هذه القصيدة المبرزون وتباينت إمكاناتهم الشعرية تبايناً ملحوظاً، كما تعددت أساليبهم في الكتابة إلى الدرجة التي اكتسبت فيها قصيدة كل واحد منهم صفات خاصة لا تنتهي إلا إلى الشاعر نفسه. إذ يمكن القول أن محمد الماغوط يكتب قصيدة نثر "ماغوطية" وأدونيس يكتب قصيدة نثر "آدونيسية"، وهكذا...
وربما يكون محمد الماغوط من أكثر شعراء قصيدة النثر القلة المبرزين إخلاصاً لهذه القصيدة، فقد كرس كل إبداعه لها مستثمراً كل مالديه من طاقات إبداعية.
لذلك فإنه يقف في مقدمتهم، ولو أخذنا على سبيل المثال قصيدته "رسالة إلى القرية" لاكتشفنا براعته في التصوير واستخدام التشبيهات الصورية الطريفة، وفي الوقت نفسه عفويته وتلقائيته المدهشة التي تصنع لها إيقاعاً شعرياً من نمط خاص:
مع تغريد البلابل وزقزقة العصافير
أناشدك الله يا أبي:
دع جميع الحطب والمعلومات عني
وتعال لملم حطامي من الشوارع
قبل أن تطمرني الريح
أو يبعثرني الكناسون
هذا القلم سيوردني حتفي
لم يترك سجناً إلا وقادني إليه
ولا رصيفاً إلا ومرغني فيه
وأنا أتبعه كالمأخوذ
كالسائر في حلمه
في المساء يا أبي
مساء دمشق البارد والموحش كأعماق المحيطات
حيث هذا يبحث عن حانة
وذاك عن مأوى
أبحث أنا عن "كلمة"
عن حرف أضعه إزاء حرف
مثل قط عجوز
يثب من جدار إلى جدار في قرية مهدمة
ويموء بحثاً عن قطته
ولكن... أو تظنني سعيداً يا أبي
أبداً
لقد حاولت مراراً وتكراراً
أن أنفض هذا القلم من الحبر
إلا أن قضية الإيقاع الداخلي وما يترشح عنها من مداخلات تفضي إلى ضرورة مناقشة إيقاع قصيدة النثر على أساس أنها تعتمد اعتماداً كلياً وحاسماً على الإيقاع الداخلي، وبعكس القصيدة الحرة التي تقوم في تشكيل بنيتها الموسيقية أساساً على البحر الشعري.
إن قصيدة النثر بوصفها نوعاً شعرياً ما زالت قيد الاختلاف وتباين وجهات النظر، على الرغم من أنها استطاعت أن تفرض وجوداً ما وشكلاً ما، فـ"كلمة القصيدة نفسها لا تسلم من اللبس، ذلك أن وجود عبارة "قصيدة نثرية"، التي أصبحت شائعة الاستعمال، يسلب كلمة القصيدة في الواقع ذلك التحديد التام الوضوح الذي كان لها يوم كانت تميز بمظهرها النظمي. وفعلاً ففي الوقت الذي كان فيه النظم شكلاً لغوياً تعاقدياً صارم التقنين كان للقصيدة وجود شرعي غير قابل للنزاع، وهكذا كان يعتبر قصيدة كل ما كان مطابقاً لقواعد النظم ونثرا ما ليس ذلك، غير أن عبارة "قصيدة نثرية" الظاهرة التناقض علينا إعادة تعريفها"([1])بما يرتفع بكلمة "نثرية" إلى المستوى الذي يجعلها قابلة للتوافق مع كلمة "قصيدة" ومكتسبة لصفاتها وخصائصها التعبيرية والفنية.
إن مصطلح "قصيدة النثر" يجب أن لا يجزأ مفهومياً، فتأكيد النوع واضح المعالم في تقديم كلمة "قصيدة" على كلمة "النثر"، وبهذا فإن
المصطلح يختلف اختلافاً بيناً عن مصطلح "النثر الشعري" الذي تتصدر فيه كلمة "النثر" مقدمة المصطلح، تعقبها كلمة "الشعري" ذات الدلالة المفهومية العامة خلافاً لـ"القصيدة" ذات الدلالة الخاصة. كما أن الاختلاف بين كذلك في مضمون المصطلحين، فـ"النثر الشعري اطنابي، يسهب، بينما قصيدة النثر مركزة ومختصرة، وليس هناك ما يقيد مسبقاً النثر الشعري، أما في قصيدة النثر فهناك شكل من الإيقاع ونوع من تكرار بعض الصفات الشكلية، ثم إن النثر الشعري سردي، وصفي،شرحي، بينما قصيدة النثر إيحائية".([2])
أي أن قصيدة النثر اكتسبت استقلاليتها بوصفها نوعاً شعرياً ذا خصائص مميزة، فهي تحمل شكلها الخاص قبل كل شيء، وهي "ذات وحدة مغلقة، هي دائرة أو شبه دائرة، لا خط مستقيم، هي مجموعة علائق تنظيم في شبكة كثيفة، ذات تقنية محددة وبناء تركيبي موحد، منتظم الأجزاء، متوازن، تهيمن عليه إرادة الوعي التي تراقب التجربة الشعرية وتقودها وتوجهها، إن قصيدة النثر تبلور قبل أن تكون نثراً ـ أي أنها وحدة عضوية وكثافة وتوتر ـ قبل أن تكون جملاً وكلمات. هي ذات نوع متميز قائم بذاته، ليس خليطاً، هي شعر يستخدم النثر لغايات شعرية خالصة، لذلك لها هيكل وتنظيم، ولها قوانين ليست شكلية فقط، بل عميقة عضوية كما في أي نوع آخر.
فشاعر النثر يحاول كشاعر الوزن أن يدخل الحياة والزمان في أشكال إيقاعية، ويفرض عليها هيكلاً منظماً، سواء بالمقاطع المنظمة أو التكرار أو البناء الدائري، ويستعمل بدل القافية والمقاطع الموزونة وتوازناتها، توازنات من نوع مغاير.
إن قصيدة النثر عالم كامل منتظم، جميع أجزائه متماسكة، كاملة بذاتها، تحمل معناها وغايتها، فلا يمكن أن تسمى صفحة نثر مهما كانت شعرية تدخل في رواية أو صفحات أخرى قصيدة نثر([3])، لأن المفردات الشعرية أو الشعر على نحو عام قد يوجد في كل الأنواع الأدبية الأخرى. إلا أنه مهما كانت كثافة ذلك في أي نوع أدبي آخر لا يمكن أن يؤلف قصيدة، ذلك أن مصطلح "القصيدة" يختلف عن مصطلح "شعر"، فكل قصيدة هي شعر ضرورة وليس كل شعر يمكن أن يكون قصيدة.
وتطمح قصيدة النثر في تشكيل إيقاعها الخاص بالاستعاضة عن بحور الخليل "بانسجام داخلي" لا يفتأ يتجدد ولا يخضع إلا لحركة الرؤيا والتجربة الشخصيتين"([4])، كما أنها تطمح في "إتاحة كل الحرية للفكر والخيال"([5])، لأن يشتغلا على إضافة قدرات شعرية أكبر إلى القصيدة من أجل كسر الوجود المهيمن والحضور المستقر للشكل الإيقاعي التقليدي القائم على التفعيلة في ذاكرة المتلقي، لأن الوزن الحر "المجدد" لم يكن كافياً ـ كما يبدو ـ لكسر رتابة الإيقاع الخارجي للقصيدة العربية بما يرقى إلى تأسيس حساسية شعرية جديدة([6]). على الرغم من أن شاعر الشكل الحر قد حاول محاولات عدة أسهمت في كسر حدة المهيمن العروضي على البنية الإيقاعية كالخلط العروضي بين محور متعدد ومزج الشعر بالنثر([7]) وغيرها.. إلا أن قصيدة النثر كانت أكثر الطفرات تحرراً في هذا المجال، واستطاعت أن تبرهن "في أحيان عديدة على أنها إثراء لخيارات الشاعر العربي، وتنويع هو في حاجة إليه، وتنويع في أشكاله الإيقاعية وفي بناه التعبيرية أيضاً"([8]).
غير أن قصيدة النثر وعلى الرغم من كل ذلك "لم تنجح في تجاوز قصيدة التفعيلة في أفضل مستوياتها ولم تصبح بديلاً عنها"([9]).
إن البنية الإيقاعية التي تقوم عليها قصيدة النثر هي بنية ذاتية خاصة "تلغي كل مايمكن من شكلية موسيقية خارجية، وتقوم على موسيقى داخلية تنبع من الحدس بالتجربة الشعرية، تجربة أحالت التفجير محل التسلسل، والرؤيا محل التفسير، ويفيدنا هذا الكلام أن قصيدة النثر تعتمد على صورة موسيقية نفسية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتجربة الشعرية"([10])، ويتجلى إيقاعها المتنوع" في التوازي والتكرار والنبرة والصوت وحروف المد وتزاوج الحروف"([11]). كما تتجلى في "تفجير الخصائص الصوتية وتعويض الوزن الغائب باستخدام مظاهر تشكيلية كالفراغ والقطع والحذف"([12]). وفي تحقيق "إيقاع التداخل والإيقاع الحر وموسقة الفكرة والتكثيف اللفطي والتواتر والنمط الفوضوي للإيقاع، والإيقاع المرسل وهي تقوم جميعاً على مناداة الفكرة لاستخراج تجلياتها وبثها في شحنات تصويرية أو تقريرية تعتمد التقابل والتكامل للوصول إلى المتلقي"([13]).
ولقد اختلف شعراء هذه القصيدة المبرزون وتباينت إمكاناتهم الشعرية تبايناً ملحوظاً، كما تعددت أساليبهم في الكتابة إلى الدرجة التي اكتسبت فيها قصيدة كل واحد منهم صفات خاصة لا تنتهي إلا إلى الشاعر نفسه. إذ يمكن القول أن محمد الماغوط يكتب قصيدة نثر "ماغوطية" وأدونيس يكتب قصيدة نثر "آدونيسية"، وهكذا...
وربما يكون محمد الماغوط من أكثر شعراء قصيدة النثر القلة المبرزين إخلاصاً لهذه القصيدة، فقد كرس كل إبداعه لها مستثمراً كل مالديه من طاقات إبداعية.
لذلك فإنه يقف في مقدمتهم، ولو أخذنا على سبيل المثال قصيدته "رسالة إلى القرية" لاكتشفنا براعته في التصوير واستخدام التشبيهات الصورية الطريفة، وفي الوقت نفسه عفويته وتلقائيته المدهشة التي تصنع لها إيقاعاً شعرياً من نمط خاص:
مع تغريد البلابل وزقزقة العصافير
أناشدك الله يا أبي:
دع جميع الحطب والمعلومات عني
وتعال لملم حطامي من الشوارع
قبل أن تطمرني الريح
أو يبعثرني الكناسون
هذا القلم سيوردني حتفي
لم يترك سجناً إلا وقادني إليه
ولا رصيفاً إلا ومرغني فيه
وأنا أتبعه كالمأخوذ
كالسائر في حلمه
في المساء يا أبي
مساء دمشق البارد والموحش كأعماق المحيطات
حيث هذا يبحث عن حانة
وذاك عن مأوى
أبحث أنا عن "كلمة"
عن حرف أضعه إزاء حرف
مثل قط عجوز
يثب من جدار إلى جدار في قرية مهدمة
ويموء بحثاً عن قطته
ولكن... أو تظنني سعيداً يا أبي
أبداً
لقد حاولت مراراً وتكراراً
أن أنفض هذا القلم من الحبر