[rtl]مازالت شبكة الكمامات الواقية المزيفة، التي باتت تعرف إعلاميا بقضية "الكمامات القاتلة"، تثير نقاشا عموميا محتدما في منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما في ظل ما وصفه عديد من المدونين والمغردين بأنه "تجنيح قضائي" (La correctionnalisation judiciaire) لهذا الملف، الذي يتضمن عناصر تأسيسية خطيرة على الصحة العامة، وكذلك بسبب محاولات "تقويض هذا الملف" من طرف بعض النافذين في حقل القانون وحقوق الإنسان، ممن قالوا بأن لهم مصلحة شخصية وصفة ذاتية في هذه القضية.[/rtl]
[rtl]وعبر كثير من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي عن اندهاشهم الكبير من نزوع النيابة العامة وقضاء التحقيق إلى "تجنيح" هذه القضية، أي إعطائها طابعا جنحيا، مع أنه يتوافر فيها ـ حسب تعليقاتهم ـ "التواطؤ والاتفاق الإجرامي بين أكثر من عشرة أشخاص على تزييف علامات تجارية طبية، وعرضها للتداول بين الصيادلة والأطباء والممرضين، مما كان ينذر بتسجيل وفيات أو إصابات بالعدوى في حالة الاستعمال الطبي لهذه الكمامات التي ينتفي فيها الحد الأدنى من معايير السلامة، خاصة منع تسرب أو خروج الجزيئات التي تحمل عدوى الجائحة".[/rtl]
[rtl]وأوردت إحدى التعليقات الفيسبوكية المتفاعلة مع هذا الطرح "أن الأفعال الإجرامية المنسوبة لعناصر هذه الشبكة الإجرامية هي من الجرائم الشكلية، أي جرائم الشكل التي تتحقق أركانها المادية والمعنوية ولو بدون تحقق النتيجة أو تعذر تحقيقها، مثل جرائم التسميم وغيرها، وهو ما كان يستدعي التعامل معها بالحزم القانوني واعتبارها جناية تعرض على محاكم الاستئناف وليس تجنيحها خوفا أو توجسا أو محاباة لبعض أطراف القضية".[/rtl]
[rtl]وفي سياق متصل، ذهب أحد المغردين على موقع "تويتر" إلى حد مطالبة النيابة العامة وقاضية التحقيق المكلفة بهذه القضية بالدار البيضاء بالاقتداء وأخذ العبرة بالاجتهاد القضائي لمحاكم القنيطرة التي طبقت القانون بشكل صارم عندما اعتبرت أن السرقة في زمن كورونا هي جناية وليس جنحة، وذلك بعدما كيف القضاة زمن الوباء على أنه يدخل في خانة الكوارث المشددة لأفعال السرقة.[/rtl]
[rtl]وتساءل صاحب التغريدة: "لماذا القضاء في القنيطرة ينحو هذا النحو بينما قضاء الدار البيضاء ينزع نحو التجنيح في شبكة قامت بتزييف علامة تجارية وتزوير وصفات استعمال؟ فهل هو مجرد اجتهاد في المتابعة أم إنه استحضار لصفة آباء بعض المتورطين في هذا الملف؟" وفق تعبير المغرد.[/rtl]
[rtl]وأجمعت معظم التعليقات والتدوينات والمساهمات الرقمية المتداولة والمنشورة في منصات التواصل الاجتماعي على اعتبار قضية "الكمامات القاتلة" هي أخطر بكثير من تصريحات مّي نعيمة وتسجيلات الشيخ السلفي أبو النعيم و"اليوتيوبرز" أسماء العمراني، بل إن أحد المدونين قارن بين هذه القضية الإجرامية وقضية الزيوت المسمومة التي عصفت بأرواح وصحة كثير من المغاربة في سنة 1959.[/rtl]
[rtl]يقول هذا المدون إن "قضية الزيوت المسمومة بدأت بترويج زيوت مزيفة قبل أن تحدث وفيات وإعاقات جسدية بسبب ضعف آليات المراقبة في مغرب حديث العهد بالاستقلال وقتها. والكمامات القاتلة حاليا كانت ستحدث نفس الأضرار أو أقل منها لولا أن المصحة الطبية بادرت بتسجيل شكاية في الموضوع لدى الشرطة القضائية وتم استباق تلك الأفعال الإجرامية قبل تحقق نتائجها".[/rtl]
[rtl]وأردف المدون ذاته قائلا إن "الدولة المغربية في قضية الزيوت المسمومة تخلت عن أهم مبادئ القانون، وهو مبدأ عدم رجعية القوانين، وقامت بتطبيق الظهير المتعلق بزجر الجرائم الماسة بصحة الأمة بأثر رجعي في سابقة قضائية وقانونية، نظرا لخطورة الأفعال الإجرامية المرتكبة، ولرغبتها الراسخة في الضرب بيد من حديد على هذه الجرائم، بيد أن نفس الدولة تنزع اليوم للتخفيف في قضية مماثلة وهي قضية الكمامات القاتلة، وتحاول تبخيسها أو تلطيفها لأهداف لا يعلمها إلا الراسخون في القانون وفي هذا الملف".[/rtl]
[rtl]وإلحاقا بهذا النقاش العام المحتدم الذي تثيره قضية "الكمامات القاتلة" في العالم الافتراضي، علمت هسبريس أن أفراد هذه الشبكة الإجرامية كانوا يرغبون في تفويت حوالي 15 ألف كمامة واقية إلى أحد المراكز الاستشفائية الجامعية بالمغرب، لولا أن نظام الصفقات العمومية ومعايير الجودة والسلامة التي تحددها وزارة الصحة حالا دون تهور المشتبه فيهم ومحاولتهم بيع كماماتهم للمستشفيات العمومية، وهو ما كان سيخلف نتائج خطيرة على الصحة العامة، وعلى مؤشرات الإصابة بوباء كورونا المستجد بالمغرب، لو تم تحقيق هذا المشروع الإجرامي الخطير.[/rtl]
[rtl]ومن المرتقب أن يعرف هذا الملف، الذي يحظى بمتابعة إعلامية واسعة في شبكات التواصل الاجتماعي، تطورات كبيرة في الأيام القادمة، خصوصا في ظل ما يتناسل من أخبار عن محاولات تسييس الملف من بعض أطرافه، والالتفاف عن طابعه القضائي الصرف، فضلا عما يروج من معلومات حول توصل الضحايا والمطالبين بالحق المدني بعروض مغرية للتنازل، ووعود بجبر الضرر خارج ردهات المحاكم وبعيدا عن المساطر القضائية.[/rtl]
[rtl]ويقول مراقبون إن هذه المحاولات تسائل ضمائر الأطباء والصيادلة الذين كانوا ضحية لجرائم خطيرة لا يزيدها زمن جائحة كورونا إلا خطورة وتشددا في مواجهة من يعتبرهم رواد مواقع التواصل الاجتماعي "تجار النكبات والكوارث".[/rtl]