للتخطيط أهمية كبيرة في نجاح أي عمل يقوم به الإنسان، وفي العملية التربوية يكتسب التخطيط أهمية خاصة، حيث إن التخطيط الناجح يقود إلى نجاح العمل.
وفي هذه الدراسة التي أعدها مجموعة من الباحثين المختصين في شؤون التربية الإسلامية تحت عنوان: " التخطيط التربوي..الأطر والأولويات" تعرض موضوع التخطيط باعتباره صفة يتوجب توافرها في المربي حتى لا يفشل في أداء المهام المكلف بها من قبل المسؤولين.
وتعتبر الدراسة أن مجال الدعوة إلي الله من أهم المجالات التي يستعين فيها الفرد بالجماعة لكي تعينة على دراسة ومعرفة كل ما يتعلق بأمور الدين، ومجال الدعوة كبير ليس له آخر، وإتقان عمل الدعوة إلى الله تعالى وتربية الناس من أهم الأمور التي ينبغـي على الدعاة أو المربين مراعاتها والتزامها.
وتحدد الدراسة الأسس التي ينبني عليها البناء التربوي والدعوي والذي يتوجب انطلاقه من التربية الإسلامية الصحيحة، إذ لابد من أن يكون المربي ذو رؤية وبصيرة، كما يراعى في المتربي أن يحسن التصرف والتخطيط، فالتخطيط سمة أساسية من سمات الإسلام كما هو أيضا مبدأ من مبادئ إتقان العمل وإحسانه، ومن هنا ينبغي أن تكون عملية التربية، سواء كانت تربية فرد أو تربية مجموعة أفراد، عملية مخططة مدروسة محددة الأهداف والوسائل والمراحل والسياسات.
وتتناول الدراسة الخطة باعتبارها عملية تصميم وتحديد للعمل المطلوب إنجازه ولا يمكن السيطرة على الأعمال بدون التخطيط، فالتخطيط ينجز نسبة كبيرة من العمل ويوفر قسطا كبيرا من الجهد والوقت.
مبادئ عامة
أهمية معرفة الناس وأصنافهم وطبائعهم وعوامل التأثير على سلوكهم واعتقادهم .
إحسان الانتقاء.
تحديد المواصفات التي يتم على أساسها الاختيار، منها: الذكاء، والشجاعة.
4.اعتماد مبدأ التخطيط.
الخطــة التربويــة
والخطة هي عملية تصميم وتحديد للعمل المطلوب إنجازه ولا يمكن السيطرة على الأعمال بدون التخطيط، وتنجز نسبة كبيرة من العمل وتوفر قسطا كبيرا من الجهد والوقت، وعناصر الخطة تشمل الأمور الآتية:
فلسفة الخطة والتي تتعلق بفلسفة الدعوة.
الحاجات الأساسية للدعوة والتي تتطلبها وضع الخطة.
الأهداف.
الوسائل.
السياسات العامة.
التقويم والمتابعة.
الجدولة الزمنية.
وتمر الخطة التربوية بمجموعة مراحل.
المرحلة الأولى
أولا: التعرف ودراسة الواقع
في هذه المرحلة يقوم الداعية بوضع أسس معينة، تعينه في التعرف على الأفراد المتربيين، والتزود بمعلومات أولية عنهم من حيث الاسم، والمرحلة الدراسية أو المركز الوظيفي، أقرب المساجد إلى البيت...الخ.
ثانيا: الاختيار والتأطير
وهي مرحلة ذهنية يتم بهـا التعـامل مـع أسـس ومبـادئ، مواصفات معينة في ذهنك يتم على ضوئها قياس مدي صلاحية هذا الفرد للتأهيل التربوي والدعوي مستقلا.
ويتم رصد بعض الملاحظات، مثل:بروز بعض بوادر الشخصية القيادية لديه،كروح الشجاعة وقوة العبارة، والقدرة على التفكير السوي، والميل إلى المشاركة الجماعية في الحديث والنشاط الاجتماعي، وربما استعان الداعية هنا بما جمعه من معلومات حول سلوك هذا المدعو في مدرسته أو وسط رفقاء حارته، أو ممارساته لبعض الأنشطة الخارجية وغالبا ما تكون هذه المعايير، أو الأسس مختمرة في ذهن الداعية المربى، لا تقيدها كتابة، أو يبلورها تدوين بل هي إفرازات تجاربه السابقة، أو قد يشترك مربي هذا الداعية أو مديره معه في وضع مثل هذه الأسس، أو مناقشتها معا.
والتأطير هو أن يتم تقسيم هؤلاء الأفراد الذين تم اختيارهم إلى هذه الأطر الرئيسية:
القياديون: وهم من يملكون صفات تؤهلهم للبروز السريع وقيادة العمل لو صقلت شخصياتهم، وتربوا على الإيمان والتزام روح الدعوة.
الكفاءات: وهم من يعول عليهم في المستقبل أن يكونوا الصف الثاني للقياديين، بمـا يحملونه من كفاءات قيادية مختلفة لكنها تحتاج إلى مران أطول، وصقل وتدريب ربما يطولان وهم من سيقومون بإسناد القيادة، ومشاركتها في مهامها حسب كفائتهم، ليسدوا النقص إن شغر المكان واحتيج إليهم.
المفكرون: وهم من يغلب عليهم طابع الفكر، والقـراءة والميـل إلى التأليف والتنظير وأعداد الدراسات لو أنهم دربوا على هذا، وأجريت لهم دورات خاصة، وهؤلاء قد لا تستطيع أن تحددهم في بداية التعرف والتجميع، لكن بوادر هذا الميل عندهم يمكن ملاحظته من خلال طغيان الجانب الفكري لديهم، وذكائهم في الاستنباط، وقدرتهم على التحليل والنقد الموضوعيين وغير ذلك من صفات.
المنفذون: ولا نعني بهم، من يقوم بالتنفيذ فقط، بل هم من يسعى إلى ترجمة تخطيط المنظرين، من أصحاب الكفاءات أو القياديين إلى برامج وأنشطة عملية، وهؤلاء يغلب طابع الحماسة والحركة الدائبة عندهم، على طابع القدرة على التفكير الخططي أو تنظير ما من شأنه أن يثري الدعوة.
ثالثا: ترسيخ العلاقة الشخصية
وفيها يقوم المربي بمزاملة الفرد كصديق لا كأستاذ، يصـبر فيها على أخطائه، ويسعى لكسب قلبه، وإظهار الاهتمام بما يهتم به، وحرص من المربي على مناداته بأحب الأسماء إليه، وغير ذلك من وسائل يتقنها البعض بصورة فطرية ويحتاج البعض الأخر لعقد محاضرات وندوات لتعلمها.
المرحـــلة الثانيـــة
أولا: تحديد الأهداف
يبدأ بعد هذه الخطوات تحديد الأهداف في الجـوانب التي يـريد أن يبنى فيها شخصية الفرد أو المجموعة في الجوانب التالية:
الجانب الإيماني والعبادي
وهنا يباشر الداعية أولي خطواته المعتادة في التربية حيث يبدأ يركز علي بناء الجانب الروحي في شخصية المدعو، بتذكيره بالمعاني الإيمانية ويكثر من الأنشطة ذات الطابع الإيماني.
الجاني الأخلاقي والسلوكي
وهي مرحلة يبدأ معها الداعية بتقويم السلبيات من أخلاق هذا المدعو، وتوجيهه نحو الأفضل والأمثل في محاولة منه لاكتشاف مدى رسوخ الجانب الإيماني الذي عمل علي بنائه في المرحلة السابقة، التي تظهر من خلال ممارسات أخلاقية مفضولة أو غير مرغوبة من قبل المدعو فتحتاج إلى إعادة النظر في الجانب الإيماني الذي بناه. وفي هذه المرحلة، يكثر الداعية من اصطحـاب مدعـوه للأنشـطة العامة ليمارس الاحتكاك مع بقية الأفراد حتى تتكشف له الممارسات الأخلاقية غير المرغوبة فيقومها.
الجانب الدعوي
وفيها يبدأ الداعية بتفهيم المدعو بعضا من المفاهيم ذات الطبيعة الدعوية بعمومها إلا أن أكبر ما يستعين به الداعية هنا ويركز عليه فـي نقـل هـذه المفاهيم للمدعو هو مناقشاته الثنائية، معتمدا على ألفاظه الشخصية وطريقة عرضه الخاصة، أو يصحبه في زيارة لبعض الدعاة، ممن يجيدون عرض هذه المعاني ليسد بهم نقصه أو يدعم بهم جهده.
الجانب الثقافي والفكري
وفيها يسعى المربي إلى تنويع مصادر المدعو الثقافيـة وقراءاتـه الإسلامية من بعد ما اطمأن على رصيده الإيماني منها وخلفيته الحركية، فيوصيه بقراءة قدر من السيرة، ويوجهه لبعض من كتب الفقه والحديث وبعض رجالاتها، إلى آخر هذا من مصادر الثقافة الإسلامية المتنوعة، واصطحاب المدعو لمجموعة من الأنشطة الثقافية المتنوعة كدورات الفقه أو العقيدة وغيرها.
ثانيا: تحديد الأولويات
لا شك أن تحت كل جـانب من الجـوانب المذكورة مجموعـة مـن الأهداف التي تحقق ذلك الجانب المطلوب، وعليه فلابد من تحديد الأولويات التي يسعى المربي إلى تحقيقها ويحرص على أن لا يكثر من هذه الأولويات في المرحلة الأولى من مراحل البناء.
ثالثا: تحديد الوسائل
ليس هناك وسيلة بعينها يمكن تحديدها لتحقيق الأهداف التـي تـم الحديث عنها فقد تفيد وسيلة مع فرد وتفشل مع آخر لاختلاف الطبيعة أو الظرف فينبغي للمربي أو من يقوم بدعوة فرد من الأفراد تحديد مجموعة الوسائل التي سيتبعها لتحقيق الهدف المطلوب.
رابعا: تحديد السياسات العامة
لاشك أن لكل فرد من الناس الذين يتعامل معهم المربـي أو الداعية بطبيعة نفسية تختلف وتتباين عن الآخرين، فلكل مداخله وخصوصياته وهذه المسألة مرتبطة جدا بالتربية ومن هنا تختلف السياسة في التعامل بين الأفراد.
المرحلــة الثـالثــة
أولا: الاختبارات والمراجعة
وفيها يختبر الداعية ثمرة جهده، حيث يبدأ يستلم أكثر ممـا يوجـه ويأخذ أكثر مما يعطي، فيراقب فرده عن كثب، ويدقق النظر، ويكثف اللقاءات ويكثر من المحاسبة على الخطأ والإشارة إلى كوامن الضعف ويخضع الداعية مدعوه في هذه الفترة إلى مواقف تدريبية، يعهد بها إليه ببعض المسئوليات البسيطة، أو يكلفه ببعض الأعمال العامة، كمقياس يريد من خلاله أن يقيس مدي ما أثمرته التربية السابقة في هذا المدعو.
ثانيا: التأهيل للعمل التربوي والدعوي
وهذه المرحلة تأتي كنتيجة طبيعية تلقائية للمراحل السابقة، حيث يصل فيها المدعو إلى مرحلة من النضج كافية، تصل بالمتربي أن يكون مؤهلا للعمل التربوي والدعوي.
ومن هنا ينبغي على المربي أن يكون على إطـلاع كـاف بالمستوي الذي عليه الفرد الذي يتعهد تربيته وبالمستوي التالي الذي سيرتقي به إليه، حتى يكون على بينه من تحقيق كل البيانات والمواصفات والمفاهيم المطلوبة.
ضوابط وموازين للخطة التربوية
ينبغي على المربيين أثناء رسمهم للخطة التربوية لأفرادهم فـي أي مرحلة إدراك لمجموعة من الأمور:
1-تقدير الفروق الفردية.
2-إثارة روح التحدي لدى الأفراد.
3-التأكيد على معنى الذاتية.
4-التأكيد على السكينة الإيمانية.
5-التجرد والاستعداد للعطاء.
6-تنمية المواهب والقدرات.
7-التدرج وعدم الاستعجال في تغيير الواقع الذي عليه الأفراد.
8-ضرورة تكميل الرصيد التربوي الواقعي الذي تتركه طبائع المجتمع في الفرد.
9-مداراة البطيء.
10-البدء بالأهم لا بالأسهل.
11-إهدار الجزيئات وغرس الموازين مثل:
-اعتبار الأعمال بالنيات.
-والابتعاد عن الشبهات.
-واعتبار ما لم يكن عليه أمر النبي ( ص ) مردودا.
-وميزان تقييد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمصلحة بحيث لا يفوت معروفا أكثر منه ولا يؤدي النهي عن المنكر إلى حصول أنكر منه.
-وميزان سد الذرائع.
-والطاعة الشرعية.
-والعمل لله وفي سبيله ليس لابتغاء المدح والثناء والنفع المادي.
-وتفضيل الآخرة على هذه الدنيا.
-والعمل بالحديث الصحيح الذي ثبت عن رسول الله ( ص) وإن خالفه بعض الفقهاء ولعدم وصوله لهم أو وصوله لهم بطريق آخر ضعيف.
-والبعد عن الاصطلاحات التي لها بديل إسلامي.
-واستعمال الأسلوب القرآني في الكتابة والخطابة.
-وأن المسلم لا يسعه إلا العمل الجماعي.
12-اعتماد مبدأ التدوين وكتابة التقارير، وعناصر التقرير الجيد هي:
-وصف الهدف المراد تحقيقه.
-وصف الوسائل المتبعة.
-تحديد زمن التنفيذ.
وينبغي أثناء كتابة التقارير: كتابة التقارير في وقتها لتجنب التراكم الزمني والنسيان، الابتعاد عن النزعة الشخصية والعاطفة، عدم التأثر بالفكرة المعدة سابقا.
13-اعتماد مبدأ الجدولة الزمنية في إيصال المفاهيم و تحقيق الأهداف المطلوبة.