المغفرة هي ستر الذنب والتجاوز عنه، ومنها الاستغفار، وهو في اللغة يدلّ على صيغة الطّلب بمعنى طلب المغفرة؛ لأنّ زيادة السين والتاء في اللغة تُفيد الطّلب، وبالمحصّلة فالاستغفار في الشّرع هو طلب الإنسان من ربّه أن يغفر ذنوبه ويتجاوز عنها ويسترها.[١] أمر الله -عزّ وجلّ- عباده بالاستغفار والتّوبة عن الذّنوب في القرآن الكريم ، فقال: (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،[٢] وخُصّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- بالاستغفار في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ)،[٣] وقد ذُكر في القرآن الكريم أمر الأنبياء -عليهم السّلام- لأقوامهم بالاستغفار، منهم: نوح عليه السّلام، فقال الله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا).[٤][٥] طرق الاستغفار الصحيحة إنّ للاستغفار كيفيّات معيّنة ليكون صحيحاً وقريباً من استجابة الله -تعالى- له، ويكون ذلك بوجود شروط معيّنة لقبول الاستغفار؛ وهي:[١] تخّلية القلب من كلّ مظاهر الشّرك والكُفْر؛ لأنّهما يمنعان من قبول الأعمال كلّها عند االله تعالى. الحرص على الطريق الحلال في كسب المال والمأكل والمشرب؛ لأنّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أخبر أنّ المال الحرام يحول دون استجابة الدّعاء، والاستغفار هو دعاء وطلب المغفرة من الله تعالى. اليقين باستجابة الله -عزّ وجلّ- للمغفرة؛ فكلّما كان العبد أكثر يقيناً باستجابة الله لدعائه كان ذلك أرجى لقبولها من الله تعالى. وبعد تأكّد المسّلم من التحلّي بشروط قبول الاستغفار؛ عليه أن يتحرّى أوقات إجابة الدّعاء التي دلّت عليها النّصوص الشرعيّة من القرآن والسّنة؛ لأنّ الاستغفار نوع من أنواع الدّعاء، ومن الأوقات والمواضع الخاصّة بإجابة الدّعاء:[١] السّجود في الصّلاة. الثّلث الأخير من الليل. السّفر. وقت احتدام المعركة والتحام الصفوف في الجهاد في سبيل الله تعالى. وقت نزول المطر. وقت الإفطار من الصّيام. وقت وقوف إمام الجمعة على المنبر. الدعاء بعد رفع الأذان. الدّعاء في آخر ساعة من نهار الجمعة. وورد في السنّة النبويّة عدّة صيغ للاستغفار الصّحيح التي وردت عن الرّسول محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وأفضل الصِّيغ سيّد الاستغفار، حيث قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (سيِّدُ الاستغفارِ: اللَّهمَّ أنتَ ربِّي، لا إلَهَ إلَّا أنتَ، خَلقتَني وأَنا عبدُكَ، وأَنا على عَهْدِكَ ووعدِكَ ما استَطعتُ، أبوءُ لَكَ بنعمتِكَ، وأبوءُ لَكَ بذَنبي فاغفِر لي، فإنَّهُ لا يغفِرُ الذُّنوبَ إلَّا أنتَ، أعوذُ بِكَ من شرِّ ما صنعتُ)،[٦] ومن الصِّيغ الصحيحة للاستغفار أيضاً ما رواه الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- عندما طلب منه رجل أن يعلّمه دعاء يذكره في صلاته، فقال له: (قل: اللهمَّ إنّي ظلمتُ نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفرُ الذنوبَ إلّا أنت، فاغفرْ لي مغفرةً من عندِك، وارحمْني، إنّك أنت الغفورُ الرحيم)،[٧] ومنها أيضاً دعاء الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- بقول: (ربِّ اغفِرْ لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري كلِّه، وما أنت أعلَمُ به مني، اللهمّ اغفِرْ لي خطاياي، وعمدي وجهلي وهَزلي، وكلُّ ذلك عِندي، اللهمّ اغفِرْ لي ما قدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسرَرْتُ وما أعلَنْتُ، أنت المقدِّمُ وأنت المؤخِّرُ، وأنت على كلِّ شيءٍ قديرٌ).[٨][٩]