[SIZE="5"]
-قصة إبراهيم خليل الرحمن
بسم الله والحمد لله والصـلاة والسـلام على رســول الله ,
االبطاقة الشخصية : وفي تهذيب ابن عساكر إبراهيم بن ازار بن سام بن نوح ويكنى بأبي الضيفان.
2-ولد فى ارض الكلدانيين يعنون أرض بابل
3-قالوا فتزوج ابراهيم سارة 00 وكانت سارة عاقرا لا تلد وانطلق ازر بابنة إبراهيم وامرأته سارة وابن أخيه لوط بن هاران فخرج بهم من أرض الكلدانيين إلى أرض الكنعانيين فنزلوا حران فمات فيها ازر وله مائتان وخمسون سنة
وأرض الكنعانيين * وهي بلاد بيت المقدس فأقاموا بحران وهي أرض الكشدانيين في ذلك الزمان وكذلك أرض الجزيرة والشام أيضا وكانوا يعبدون الكواكب السبعة. والذين عمروا مدينة دمشق كانوا على هذا الدين يستقبلون القطب الشمالي ويعبدون الكواكب السبعة بأنواع من الفعال والمقال * ولهذا كان على كل باب من أبواب دمشق السبعة القديمة هيكل لكوكب منها ويعملون لها أعيادا وقرابين * وهكذا كان أهل حران يعبدون الكواكب والاصنام
4-وكل من كان على وجه الارض كانوا كفارا سوى إبراهيم الخليل وامرأته وابن أخيه لوط عليهم السلام وكان الخليل عليه السلام هو الذي أزال الله به تلك الشرور وأبطل به ذاك الضلال فان الله سبحانه وتعالى أتاه رشده في صغره وابتعثه رسولا واتخذه خليلا في كبره قال تعالى (ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين) وقال تعالى (وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون.
-وكان أول دعوته لابيه، وكان أبوه ممن يعبد الاصنام لانه أحق الناس بإخلاص النصيحة له كما قال تعالى (واذكر في الكتاب ابراهيم انه كان صديقا نبيا. إذ قال لابيه. يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا
5-فذكر تعالى ما كان بينه وبين أبيه من المحاورة والمجادلة وكيف دعا أباه إلى الحق بألطف عبارة.وأحسن إشارة بين له بطلان ما هو عليه من عبادة الاوثان التى لا تسمع دعاء عابدها ولا تبصر مكانه فكيف تغني عنه شيئا أو تفعل به خيرا من رزق أو نصر ؟ ثم قال منبها على ما أعطاه الله من الهدى والعلم النافع وإن كان أصغر سنا من أبيه (يا أبت إنه قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا) أي مستقيما واضحا سهلا حنيفا يفضي بك إلى الخير في دنياك وأخراك فلما عرض هذا الرشد عليه وأهدى هذه النصيحة إليه لم يقبلها منه ولا أخذها عنه بل تهدده وتوعده قال
(أراغب أنت عن آلهتي يا ابراهيم لئن لم تنته لارجمنك) قيل بالمقال وقيل فعندها قال له ابراهيم (سلام عليك) أي لا يصلك مني مكروه ولا ينالك مني أذى بل أنت سالم من ناحيتي وزاده خيرا فقال (سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا) قال ابن عباس وغيره أي لطيفا يعني في أن هداني لعبادته والاخلاص له ولهذا قال (واعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا) .
6-وقد استغفر له ابراهيم عليه السلام كما وعده في أدعيته.فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه كما قال تعالى (وما كان استغفار ابراهيم لابيه الا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن ابراهيم لاواه حليم)
7-وقال البخاري: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يلقي إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة (الغبرة والسواد ) وغبرة فيقول له إبراهيم ألم أقل لك لا تعصني فيقول له أبوه فاليوم لا أعصيك فيقول إبراهيم يا رب إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون وأي خزي أخزى من أبي الابعد فيقول الله إني حرمت الجنة على الكافرين. ثم يقال يا إبراهيم ما تحت رجليك فينظر فإذا هو بذبح متلطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقي في النار "
30-خليل الرحمن والبحث فى ملكوت الله
1- قال تعالى ( فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين
2-وهذا المقام مقام مناظرة لقومه وبيان لهم أن هذه الاجرام المشاهدة من الكواكب النيرة لا تصلح للالوهية ولا أن تعبد مع الله عزوجل لانها مخلوقة مربوبة مصنوعة مدبرة مسخرة تطلع تارة وتأفل أخرى فتغيب عن هذا العالم والرب تعالى لا يغيب عنه شئ ولا تخفى عليه خافية بل هو الدائم الباقي بلا زوال لا إله إلا هو ولا رب سواه فبين لهم اولا عدم صلاحية الكواكب.
3- فلما أعيتهم الحيلة فيه ووجدت موعظته منهم قلوبا غلقا
وأذانا صما، عمدوا إلى ما يلجأ إليه القوي الجبار الذي لاحق معه بإزاء المحق الضعيف.عدلوا عن الجدال والمناظرة لما انقطعوا وغلبوا ولم تبق لهم حجة ولا شبهة إلى استعمال قوتهم وسلطانهم لينصروا ما هم عليه من سفههم وطغيانهم فكادهم الرب جل جلاله وأعلى كلمته ودينه وبرهانه كما قال تعالى (قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين. قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الاخسرين) [ الانبياء: 68 - 70 ].
4-وذلك أنهم شرعوا يجمعون حطبا من جميع ما يمكنهم
من الاماكن فمكثوا مدة يجمعون له حتى أن المرآة منهم كانت إذا مرضت تنذر لئن عوفيت لتحملن حطبا لحريق ابراهيم * ثم عمدوا إلى جوبة (الحفرة) عظيمة فوضعوا فيها ذلك الحطب وأطلقوا فيه النار فاضطرمت وتأججت والتهبت وعلا لها شرر لم ير مثله قط * ثم وضعوا ابراهيم عليه السلام في كفة منجنيق صنعه لهم رجل من الاكراد يقال له هزن وكان أول من صنع المجانيق فخسف الله به الارض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ثم أخذوا يقيدونه ويكتفونه
وهو يقول لا إله إلا أنت سبحانك لك الحمد ولك الملك لا شريك لك فلما وضع الخليل عليه السلام في كفة المنجنيق مقيدا مكتوفا ثم ألقوه منه إلى النار قال حسبنا الله ونعم الوكيل كما روى البخاري عن ابن عباس أنه قال حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد حين قيل له (إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا.وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل.فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء) [ آل عمران: 173 ] الآية
5- ويروى عن ابن عباس وسعيد بن جبير أنه قال جعل ملك المطر يقول متى أومر فأرسل المطر فكان أمر الله أسرع (قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم) [ قال الله تعالى (وأرادوا به كيدا فجعلناهم الاخسرين) وفي الآية الاخرى (الاسفلين) ففازوا بالخسارة والسفال هذا في الدنيا وأما في الآخرة فإن نارهم لا تكون عليهم بردا ولا سلاما ولا يلقون فيها تحية ولا سلاما بل هي كما قال تعالى (إنها ساءت مستقرا ومقاما).
6-قال البخاري عن أم شريك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ (حشرة يقال لكبيرها: سام أبرص)، وقال: " وكان ينفخ على ابراهيم "
7- وقال أحمد أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اقتلوا الوزغ فإنه كان ينفخ النار على إبراهيم ".
قال فكانت عائشة تقتلهن
8-وقال احمد عن نافع أن امرأة دخلت على عائشة فإذا رمح منصوب فقالت ما هذا الرمح فقالت نقتل به الاوزاغ.
ثم حدثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن ابراهيم لما ألقي في النار جعلت الدواب كلها تطفئ عنه إلا الوزغ فإنه جعل ينفخها عليه
9-وقال أحمد: عن سائبة قالت: دخلت على عائشة فرأيت في بيتها رمحا موضوعا فقلت: يا أم المؤمنين ما تصنعين بهذا الرمح قالت هذا لهذه الاوزاغ نقتلهن به فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا: " أن إبراهيم حين ألقي في النار لم يكن في الارض دابة إلا تطفئ عنه النار غير الوزغ كان ينفخ عليه فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله
-ذكر مناظرة ابراهيم الخليل مع من ادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء
1-قال الله تعالى (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحي وأميت.
قال ابراهيم فان الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر.والله لا يهدي القوم الظالمين) [ البقرة: 258 ]
يذكر تعالى مناظرة خليله مع هذا الملك الجبار المتمرد الذي أدعى لنفسه الربوبية فأبطل الخليل عليه السلام دليله وبين كثرة جهله وقلة عقله وألجمه الحجة وأوضح له طريق المحجة.قال المفسرون وغيرهم وهذا الملك هو ملك بابل واسمه النمرود ابن كنعان بن كوش بن سام بن نوح قاله مجاهد. وكان أحد ملوك الدنيا فإنه قد ملك الدنيا فيما ذكروا
أربعة مؤمنان وكافران.
فالمؤمنان ذو القرنين وسليمان والكافران النمرود وبختنصر
2-وذكروا أن نمرود هذا استمر في ملكه أربعمائة سنة وكان قد طغا وبغا وتجبر وعتا وآثر الحياة الدنيا * ولما دعاه إبراهيم الخليل إلى عبادة الله وحده لا شريك له حمله الجهل والضلال وطول الآمال على إنكار الصانع فحاج إبراهيم الخليل في ذلك وادعى لنفسه الربوبية.
فلما قال الخليل ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحي وأميت. قال قتادة والسدي يعني أنه إذا أتي بالرجلين قد تحتم قتلهما فإذا أمر بقتل أحدهما وعفا عن الآخر فكأنه قد أحيا هذا وأمات الآخر.
-3- -فقول هذا الملك الجاهل أنا أحي وأميت إن عنى أنه الفاعل لهذه المشاهدات فقد كابر وعاند وإن عنى ما ذكره قتادة والسدي ومحمد بن اسحق فلم يقل شيئا يتعلق بكلام الخليل إذ لم يمنع مقدمة ولا عارض الدليل.ولما كان انقطاع مناظرة هذا الملك قد تخفى على كثير من الناس ممن حضره وغيرهم ذكر دليلا آخر بين وجود الصانع وبطلان ما ادعاه النمرود وانقطاعه جهرة
(قال فان الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب) أي هذه الشمس مسخرة كل يوم تطلع من المشرق كما سخرها خالقها ومسيرها وقاهرها.وهو الله الذي لا إله إلا هو خالق كل شئ *
فان كنت كما زعمت من أنك الذي تحي وتميت فات بهذه الشمس من المغرب فإن الذي يحي ويميت هو الذي يفعل ما يشاء ولا يمانع ولا يغالب بل قد قهر كل شئ ودان له كل شئ فان كنت كما تزعم فافعل هذا فإن لم تفعله فلست كما زعمت وأنت تعلم وكل أحد أنك لا تقدر على شئ من هذا بل أنت أعجز وأقل من أن تخلق بعوضة أو تنصر منها فبين ضلاله وجهله وكذبه فيما ادعاه وبطلان ما سلكه وتبجح به عند جهلة قومه ولم يبق له كلام يجيب الخليل به بل انقطع وسكت ولهذا قال (فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين).
4-وقد ذكر السدي أن هذه المناظرة كانت بين إبراهيم وبين النمرود يوم خرج من النار ولم يكن إجتمع به يومئذ فكانت بينهما هذه المناظرة *
5-وقد روى عن زيد بن أسلم، أن النمرود كان عنده طعام، وكان الناس يفدون إليه للميرة، فوفد إبراهيم في جملة من وفد للميرة، فكان بينهما هذه المناظرة ولم يعط إبراهيم من الطعام كما أعطي الناس، بل خرج وليس معه شئ من الطعام * فلما قرب من أهله عمد إلى كثيب من التراب فملا منه عدليه وقال أشغل أهلي إذا قدمت عليهم فلما قدم وضع رحاله وجاء فاتكأ فنام فقامت امرأته سارة إلى العدلين فوجدتهما ملآنين طعاما طيبا فعملت منه طعاما * فلما أستيقظ إبراهيم وجد الذي قد أصلحوه فقال أنى لكم هذا قالت من الذي جئت به فعرف أنه رزق رزقهموه الله عزوجل *
قال زيد بن أسلم وبعث الله إلى ذلك الملك الجبار ملكا يأمره بالايمان بالله فأبى عليه.ثم دعاه الثانية فأبى عليه.ثم الثالثة فأبى عليه.وقال اجمع جموعك وأجمع جموعي فجمع النمرود جيشه وجنوده وقت طلوع الشمس فأرسل الله عليه ذبابا من البعوض بحيث لم يروا عين الشمس وسلطها الله عليهم فأكلت لحومهم ودمائهم وتركتهم عظاما بادية ودخلت واحدة منها في منخر الملك فمكثت في منخرها أربعمائة سنة عذبه الله تعالى بها فكان يضرب رأسه بالمزارب في هذه المدة كلها حتى أهلكه الله عز وجل بها.
-هجرة الخليل إلى بلاد الشام ثم الديار المصرية -واستقراره في الارض المقدسة
1-قال الله: (فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم.ووهبنا له اسحق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب.وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين) [ العنكبوت: 26 - 27 ]
وقال تعالى: (ونجيناه ولوطا إلى الارض التي باركنا فيها للعالمين. ووهبنا له اسحق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين.وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين) [ الانبياء: 71 - 73 ]
2- لما هجر قومه في الله وهاجر من بين أظهرهم وكانت امرأته عاقرا لا يولد لها ولم يكن له من الولد أحد بل معه ابن أخيه لوط بن هاران بن آزر وهبه الله تعالى بعد ذلك الاولاد الصالحين وجعل في ذريته النبوة والكتاب
1- فكل نبي بعث بعده فهو من ذريته
2-وكل كتاب نزل من السماء على نبي من الانبياء من بعده فعلى أحد نسله وعقبه
خلعة من الله وكرامة له حين ترك بلاده وأهله وأقرباءه وهاجر إلى بلد يتمكن فيها من عبادة ربه عزوجل ودعوة الخلق إليه والارض التي قصدها بالهجرة أرض الشام وهي التي قال الله عزوجل (إلى الارض التي باركنا فيها للعالمين)
قال ابن عباس قوله (إلى الارض التي باركنا فيها للعالمين) مكة ألم تسمع إلى قوله (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين).
3- وقد قدمنا عن نقل أهل الكتاب أنه خرج من أرض بابل هو وابن أخيه لوط وأخوه ناحور وامرأة ابراهيم سارة وامرأة أخيه ملكا فنزلوا حران ثم المشهور أن ابراهيم عليه السلام لما هاجر من بابل خرج بسارة مهاجرا من بلاده كما تقدم والله أعلم.
4-وذكر أهل الكتاب أنه لما قدم الشام أوحى الله إليه إني جاعل هذه الارض لخلفك من بعدك فابتنى إبراهيم مذبحا لله شكرا على هذه
النعمة وضرب قبته شرقي بيت المقدس ثم انطلق مرتحلا إلى التيمن وأنه كان جوع أي قحط وشدة وغلاء فارتحلوا إلى مصر وذكروا قصة سارة مع ملكها وان إبراهيم قال لها قولي أنا أخته وذكروا خدام الملك إياها هاجر.ثم أخرجهم منها فرجعوا إلى بلاد التيمن يعني أرض بيت المقدس وما والاها ومعه دواب وعبيد وأموال.
5-وقد قال البخاري عن أبي هريرة قال لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات ثنتان منهن في ذات الله قوله (إني سقيم) وقوله (بل فعله كبيرهم هذا) وقال بينا هو ذات يوم وسارة إذ أتى على جبار من الجبابرة فقيل له ههنا رجل معه امرأة من أحسن الناس فأرسل إليه وسأله عنها فقال من هذه قال أختي فأتى سارة فقال يا سارة ليس على وجه الارض مؤمن غيري وغيرك وإن هذا سألني فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني فأرسل إليها فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأخذ فقال ادعي الله لي ولا أضرك فدعت الله فأطلق ثم تناولها الثانية فأخذ مثلها أو أشد فقال ادعي الله لي ولا أضرك فدعا بعض حجبته فقال إنك لم تأتني بإنسان وإنما أتيتني بشيطان فأخدمها هاجر فأتته وهو قائم يصلي فأومأ بيده مهيم فقالت رد الله كيد الكافر أو الفاجر في نحره وأخدم هاجر * قال أبو هريرة فتلك أمكم يا بني ماء السماء
6-وقال الامام أحمد ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات ما منها كلمة إلا ما حل (جادل ودافع) بها عن دين الله قوله حين دعي إلى آلهتهم فقال (إني سقيم) وقوله (بل فعله كبيرهم هذا) وقوله لسارة (انها أختي) قال ودخل إبراهيم قرية فيها ملك من الملوك أو جبار من الجبابرة فقيل دخل إبراهيم الليلة بامرأة من أحسن الناس قال فأرسل إليه الملك أو الجبار من هذه معك قال أختي قال فأرسل بها قال فأرسل بها إليه وقال لا تكذبي قولي فإني قد أخبرته أنك أختي إن على الارض مؤمن غيري وغيرك فلما دخلت عليه قام إليها فأقبلت تتوضأ وتصلي وتقول اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي الكافر قال فغط حتى ركض برجله *
7-- فقال إني سقيم وقال بل فعله كبيرهم هذا وقال للملك حين أراد امرأته هي أختي فقوله في الحديث هي أختي أي في دين الله وقوله لها إنه ليس على وجه الارض مؤمن غيري وغيرك يعني زوجين مؤمنين غيري وغيرك ويتعين حمله على هذا لان لوطا كان معهم وهو نبي عليه السلام وقوله لها لما رجعت إليه مهيم معناه ما الخبر فقالت إن الله رد كيد الكافرين.وفي رواية الفاجر وهو الملك وأخدم جارية وكان إبراهيم عليه السلام من وقت ذهب بها إلى الملك قام يصلي لله عزوجل ويسأله أن يدفع عن أهله وأن يرد بأس هذا الذي أراد أهله بسوء وهكذا فعلت هي أيضا فلما أراد عدو الله أن ينال منها أمرا قامت إلى وضوئها وصلاتها ودعت الله عزوجل بما تقدم من الدعاء العظيم ولهذا قال تعالى (واستعينوا بالصبر والصلوة) [ البقرة: 45 ] فعصمها الله وصانها لعصمة عبده ورسوله وحبيبه وخليله إبراهيم عليه السلام.
8-وقد ذهب بعض العلماء إلى نبوة ثلاث نسوة سارة وأم موسى ومريم عليهن السلام * والذي عليه الجمهور أنهن صديقات رضي الله عنهن وأرضاهن * ثم إن الخليل عليه السلام رجع من بلاد مصر إلى أرض التيمن وهي الارض المقدسة التي كان فيها ومعه أنعام وعبيد ومال جزيل وصحبتهم هاجر القبطية المصرية
9-ثم إن لوطا عليه السلام نزح بماله من الاموال الجزيلة بأمر الخليل له في ذلك إلى أرض الغور المعروف بغور زغر فنزل بمدينة سدوم (من أرض فلسطين وبعثه الله نبيا على المدائن الخمس: سدوم، وعمورا، وادموتا، وصاعورا وصابورا) وهي أم تلك البلاد في ذلك الزمان وكان أهلها أشرارا كفارا فجارا وأوحى الله تعالى إلى إبراهيم الخليل فأمره أن يمد بصره وينظر شمالا وجنوبا وشرقا وغربا وبشره بأن هذه الارض كلها سأجعلها لك ولخلفك إلى آخر الدهر وسأكثر ذريتك حتى يصيروا بعدد تراب الارض *
10-وهذه البشارة اتصلت بهذه الامة بل ما كملت ولا كانت أعظم منها في هذه الامة المحمدية * يؤيد ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " ان الله زوي لي الارض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين الاحمر والابيض وأني سألت ربي عزوجل لامتي ألا يهلكها بسنة عامة " (زوي: جمع.وسنة: قحط وجدب. ).
و الحمد لله رب العالمين اللهم صلى وسلم وبارك على الرسول الامين اللهم اغفر ورحم والداى وزوجتى والمؤمنين
[/SIZE]بسم الله والحمد لله والصـلاة والسـلام على رســول الله ,
االبطاقة الشخصية : وفي تهذيب ابن عساكر إبراهيم بن ازار بن سام بن نوح ويكنى بأبي الضيفان.
2-ولد فى ارض الكلدانيين يعنون أرض بابل
3-قالوا فتزوج ابراهيم سارة 00 وكانت سارة عاقرا لا تلد وانطلق ازر بابنة إبراهيم وامرأته سارة وابن أخيه لوط بن هاران فخرج بهم من أرض الكلدانيين إلى أرض الكنعانيين فنزلوا حران فمات فيها ازر وله مائتان وخمسون سنة
وأرض الكنعانيين * وهي بلاد بيت المقدس فأقاموا بحران وهي أرض الكشدانيين في ذلك الزمان وكذلك أرض الجزيرة والشام أيضا وكانوا يعبدون الكواكب السبعة. والذين عمروا مدينة دمشق كانوا على هذا الدين يستقبلون القطب الشمالي ويعبدون الكواكب السبعة بأنواع من الفعال والمقال * ولهذا كان على كل باب من أبواب دمشق السبعة القديمة هيكل لكوكب منها ويعملون لها أعيادا وقرابين * وهكذا كان أهل حران يعبدون الكواكب والاصنام
4-وكل من كان على وجه الارض كانوا كفارا سوى إبراهيم الخليل وامرأته وابن أخيه لوط عليهم السلام وكان الخليل عليه السلام هو الذي أزال الله به تلك الشرور وأبطل به ذاك الضلال فان الله سبحانه وتعالى أتاه رشده في صغره وابتعثه رسولا واتخذه خليلا في كبره قال تعالى (ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين) وقال تعالى (وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون.
-وكان أول دعوته لابيه، وكان أبوه ممن يعبد الاصنام لانه أحق الناس بإخلاص النصيحة له كما قال تعالى (واذكر في الكتاب ابراهيم انه كان صديقا نبيا. إذ قال لابيه. يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا
5-فذكر تعالى ما كان بينه وبين أبيه من المحاورة والمجادلة وكيف دعا أباه إلى الحق بألطف عبارة.وأحسن إشارة بين له بطلان ما هو عليه من عبادة الاوثان التى لا تسمع دعاء عابدها ولا تبصر مكانه فكيف تغني عنه شيئا أو تفعل به خيرا من رزق أو نصر ؟ ثم قال منبها على ما أعطاه الله من الهدى والعلم النافع وإن كان أصغر سنا من أبيه (يا أبت إنه قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا) أي مستقيما واضحا سهلا حنيفا يفضي بك إلى الخير في دنياك وأخراك فلما عرض هذا الرشد عليه وأهدى هذه النصيحة إليه لم يقبلها منه ولا أخذها عنه بل تهدده وتوعده قال
(أراغب أنت عن آلهتي يا ابراهيم لئن لم تنته لارجمنك) قيل بالمقال وقيل فعندها قال له ابراهيم (سلام عليك) أي لا يصلك مني مكروه ولا ينالك مني أذى بل أنت سالم من ناحيتي وزاده خيرا فقال (سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا) قال ابن عباس وغيره أي لطيفا يعني في أن هداني لعبادته والاخلاص له ولهذا قال (واعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا) .
6-وقد استغفر له ابراهيم عليه السلام كما وعده في أدعيته.فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه كما قال تعالى (وما كان استغفار ابراهيم لابيه الا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن ابراهيم لاواه حليم)
7-وقال البخاري: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يلقي إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة (الغبرة والسواد ) وغبرة فيقول له إبراهيم ألم أقل لك لا تعصني فيقول له أبوه فاليوم لا أعصيك فيقول إبراهيم يا رب إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون وأي خزي أخزى من أبي الابعد فيقول الله إني حرمت الجنة على الكافرين. ثم يقال يا إبراهيم ما تحت رجليك فينظر فإذا هو بذبح متلطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقي في النار "
30-خليل الرحمن والبحث فى ملكوت الله
1- قال تعالى ( فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين
2-وهذا المقام مقام مناظرة لقومه وبيان لهم أن هذه الاجرام المشاهدة من الكواكب النيرة لا تصلح للالوهية ولا أن تعبد مع الله عزوجل لانها مخلوقة مربوبة مصنوعة مدبرة مسخرة تطلع تارة وتأفل أخرى فتغيب عن هذا العالم والرب تعالى لا يغيب عنه شئ ولا تخفى عليه خافية بل هو الدائم الباقي بلا زوال لا إله إلا هو ولا رب سواه فبين لهم اولا عدم صلاحية الكواكب.
3- فلما أعيتهم الحيلة فيه ووجدت موعظته منهم قلوبا غلقا
وأذانا صما، عمدوا إلى ما يلجأ إليه القوي الجبار الذي لاحق معه بإزاء المحق الضعيف.عدلوا عن الجدال والمناظرة لما انقطعوا وغلبوا ولم تبق لهم حجة ولا شبهة إلى استعمال قوتهم وسلطانهم لينصروا ما هم عليه من سفههم وطغيانهم فكادهم الرب جل جلاله وأعلى كلمته ودينه وبرهانه كما قال تعالى (قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين. قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الاخسرين) [ الانبياء: 68 - 70 ].
4-وذلك أنهم شرعوا يجمعون حطبا من جميع ما يمكنهم
من الاماكن فمكثوا مدة يجمعون له حتى أن المرآة منهم كانت إذا مرضت تنذر لئن عوفيت لتحملن حطبا لحريق ابراهيم * ثم عمدوا إلى جوبة (الحفرة) عظيمة فوضعوا فيها ذلك الحطب وأطلقوا فيه النار فاضطرمت وتأججت والتهبت وعلا لها شرر لم ير مثله قط * ثم وضعوا ابراهيم عليه السلام في كفة منجنيق صنعه لهم رجل من الاكراد يقال له هزن وكان أول من صنع المجانيق فخسف الله به الارض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ثم أخذوا يقيدونه ويكتفونه
وهو يقول لا إله إلا أنت سبحانك لك الحمد ولك الملك لا شريك لك فلما وضع الخليل عليه السلام في كفة المنجنيق مقيدا مكتوفا ثم ألقوه منه إلى النار قال حسبنا الله ونعم الوكيل كما روى البخاري عن ابن عباس أنه قال حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد حين قيل له (إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا.وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل.فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء) [ آل عمران: 173 ] الآية
5- ويروى عن ابن عباس وسعيد بن جبير أنه قال جعل ملك المطر يقول متى أومر فأرسل المطر فكان أمر الله أسرع (قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم) [ قال الله تعالى (وأرادوا به كيدا فجعلناهم الاخسرين) وفي الآية الاخرى (الاسفلين) ففازوا بالخسارة والسفال هذا في الدنيا وأما في الآخرة فإن نارهم لا تكون عليهم بردا ولا سلاما ولا يلقون فيها تحية ولا سلاما بل هي كما قال تعالى (إنها ساءت مستقرا ومقاما).
6-قال البخاري عن أم شريك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ (حشرة يقال لكبيرها: سام أبرص)، وقال: " وكان ينفخ على ابراهيم "
7- وقال أحمد أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اقتلوا الوزغ فإنه كان ينفخ النار على إبراهيم ".
قال فكانت عائشة تقتلهن
8-وقال احمد عن نافع أن امرأة دخلت على عائشة فإذا رمح منصوب فقالت ما هذا الرمح فقالت نقتل به الاوزاغ.
ثم حدثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن ابراهيم لما ألقي في النار جعلت الدواب كلها تطفئ عنه إلا الوزغ فإنه جعل ينفخها عليه
9-وقال أحمد: عن سائبة قالت: دخلت على عائشة فرأيت في بيتها رمحا موضوعا فقلت: يا أم المؤمنين ما تصنعين بهذا الرمح قالت هذا لهذه الاوزاغ نقتلهن به فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا: " أن إبراهيم حين ألقي في النار لم يكن في الارض دابة إلا تطفئ عنه النار غير الوزغ كان ينفخ عليه فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله
-ذكر مناظرة ابراهيم الخليل مع من ادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء
1-قال الله تعالى (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحي وأميت.
قال ابراهيم فان الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر.والله لا يهدي القوم الظالمين) [ البقرة: 258 ]
يذكر تعالى مناظرة خليله مع هذا الملك الجبار المتمرد الذي أدعى لنفسه الربوبية فأبطل الخليل عليه السلام دليله وبين كثرة جهله وقلة عقله وألجمه الحجة وأوضح له طريق المحجة.قال المفسرون وغيرهم وهذا الملك هو ملك بابل واسمه النمرود ابن كنعان بن كوش بن سام بن نوح قاله مجاهد. وكان أحد ملوك الدنيا فإنه قد ملك الدنيا فيما ذكروا
أربعة مؤمنان وكافران.
فالمؤمنان ذو القرنين وسليمان والكافران النمرود وبختنصر
2-وذكروا أن نمرود هذا استمر في ملكه أربعمائة سنة وكان قد طغا وبغا وتجبر وعتا وآثر الحياة الدنيا * ولما دعاه إبراهيم الخليل إلى عبادة الله وحده لا شريك له حمله الجهل والضلال وطول الآمال على إنكار الصانع فحاج إبراهيم الخليل في ذلك وادعى لنفسه الربوبية.
فلما قال الخليل ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحي وأميت. قال قتادة والسدي يعني أنه إذا أتي بالرجلين قد تحتم قتلهما فإذا أمر بقتل أحدهما وعفا عن الآخر فكأنه قد أحيا هذا وأمات الآخر.
-3- -فقول هذا الملك الجاهل أنا أحي وأميت إن عنى أنه الفاعل لهذه المشاهدات فقد كابر وعاند وإن عنى ما ذكره قتادة والسدي ومحمد بن اسحق فلم يقل شيئا يتعلق بكلام الخليل إذ لم يمنع مقدمة ولا عارض الدليل.ولما كان انقطاع مناظرة هذا الملك قد تخفى على كثير من الناس ممن حضره وغيرهم ذكر دليلا آخر بين وجود الصانع وبطلان ما ادعاه النمرود وانقطاعه جهرة
(قال فان الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب) أي هذه الشمس مسخرة كل يوم تطلع من المشرق كما سخرها خالقها ومسيرها وقاهرها.وهو الله الذي لا إله إلا هو خالق كل شئ *
فان كنت كما زعمت من أنك الذي تحي وتميت فات بهذه الشمس من المغرب فإن الذي يحي ويميت هو الذي يفعل ما يشاء ولا يمانع ولا يغالب بل قد قهر كل شئ ودان له كل شئ فان كنت كما تزعم فافعل هذا فإن لم تفعله فلست كما زعمت وأنت تعلم وكل أحد أنك لا تقدر على شئ من هذا بل أنت أعجز وأقل من أن تخلق بعوضة أو تنصر منها فبين ضلاله وجهله وكذبه فيما ادعاه وبطلان ما سلكه وتبجح به عند جهلة قومه ولم يبق له كلام يجيب الخليل به بل انقطع وسكت ولهذا قال (فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين).
4-وقد ذكر السدي أن هذه المناظرة كانت بين إبراهيم وبين النمرود يوم خرج من النار ولم يكن إجتمع به يومئذ فكانت بينهما هذه المناظرة *
5-وقد روى عن زيد بن أسلم، أن النمرود كان عنده طعام، وكان الناس يفدون إليه للميرة، فوفد إبراهيم في جملة من وفد للميرة، فكان بينهما هذه المناظرة ولم يعط إبراهيم من الطعام كما أعطي الناس، بل خرج وليس معه شئ من الطعام * فلما قرب من أهله عمد إلى كثيب من التراب فملا منه عدليه وقال أشغل أهلي إذا قدمت عليهم فلما قدم وضع رحاله وجاء فاتكأ فنام فقامت امرأته سارة إلى العدلين فوجدتهما ملآنين طعاما طيبا فعملت منه طعاما * فلما أستيقظ إبراهيم وجد الذي قد أصلحوه فقال أنى لكم هذا قالت من الذي جئت به فعرف أنه رزق رزقهموه الله عزوجل *
قال زيد بن أسلم وبعث الله إلى ذلك الملك الجبار ملكا يأمره بالايمان بالله فأبى عليه.ثم دعاه الثانية فأبى عليه.ثم الثالثة فأبى عليه.وقال اجمع جموعك وأجمع جموعي فجمع النمرود جيشه وجنوده وقت طلوع الشمس فأرسل الله عليه ذبابا من البعوض بحيث لم يروا عين الشمس وسلطها الله عليهم فأكلت لحومهم ودمائهم وتركتهم عظاما بادية ودخلت واحدة منها في منخر الملك فمكثت في منخرها أربعمائة سنة عذبه الله تعالى بها فكان يضرب رأسه بالمزارب في هذه المدة كلها حتى أهلكه الله عز وجل بها.
-هجرة الخليل إلى بلاد الشام ثم الديار المصرية -واستقراره في الارض المقدسة
1-قال الله: (فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم.ووهبنا له اسحق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب.وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين) [ العنكبوت: 26 - 27 ]
وقال تعالى: (ونجيناه ولوطا إلى الارض التي باركنا فيها للعالمين. ووهبنا له اسحق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين.وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين) [ الانبياء: 71 - 73 ]
2- لما هجر قومه في الله وهاجر من بين أظهرهم وكانت امرأته عاقرا لا يولد لها ولم يكن له من الولد أحد بل معه ابن أخيه لوط بن هاران بن آزر وهبه الله تعالى بعد ذلك الاولاد الصالحين وجعل في ذريته النبوة والكتاب
1- فكل نبي بعث بعده فهو من ذريته
2-وكل كتاب نزل من السماء على نبي من الانبياء من بعده فعلى أحد نسله وعقبه
خلعة من الله وكرامة له حين ترك بلاده وأهله وأقرباءه وهاجر إلى بلد يتمكن فيها من عبادة ربه عزوجل ودعوة الخلق إليه والارض التي قصدها بالهجرة أرض الشام وهي التي قال الله عزوجل (إلى الارض التي باركنا فيها للعالمين)
قال ابن عباس قوله (إلى الارض التي باركنا فيها للعالمين) مكة ألم تسمع إلى قوله (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين).
3- وقد قدمنا عن نقل أهل الكتاب أنه خرج من أرض بابل هو وابن أخيه لوط وأخوه ناحور وامرأة ابراهيم سارة وامرأة أخيه ملكا فنزلوا حران ثم المشهور أن ابراهيم عليه السلام لما هاجر من بابل خرج بسارة مهاجرا من بلاده كما تقدم والله أعلم.
4-وذكر أهل الكتاب أنه لما قدم الشام أوحى الله إليه إني جاعل هذه الارض لخلفك من بعدك فابتنى إبراهيم مذبحا لله شكرا على هذه
النعمة وضرب قبته شرقي بيت المقدس ثم انطلق مرتحلا إلى التيمن وأنه كان جوع أي قحط وشدة وغلاء فارتحلوا إلى مصر وذكروا قصة سارة مع ملكها وان إبراهيم قال لها قولي أنا أخته وذكروا خدام الملك إياها هاجر.ثم أخرجهم منها فرجعوا إلى بلاد التيمن يعني أرض بيت المقدس وما والاها ومعه دواب وعبيد وأموال.
5-وقد قال البخاري عن أبي هريرة قال لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات ثنتان منهن في ذات الله قوله (إني سقيم) وقوله (بل فعله كبيرهم هذا) وقال بينا هو ذات يوم وسارة إذ أتى على جبار من الجبابرة فقيل له ههنا رجل معه امرأة من أحسن الناس فأرسل إليه وسأله عنها فقال من هذه قال أختي فأتى سارة فقال يا سارة ليس على وجه الارض مؤمن غيري وغيرك وإن هذا سألني فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني فأرسل إليها فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأخذ فقال ادعي الله لي ولا أضرك فدعت الله فأطلق ثم تناولها الثانية فأخذ مثلها أو أشد فقال ادعي الله لي ولا أضرك فدعا بعض حجبته فقال إنك لم تأتني بإنسان وإنما أتيتني بشيطان فأخدمها هاجر فأتته وهو قائم يصلي فأومأ بيده مهيم فقالت رد الله كيد الكافر أو الفاجر في نحره وأخدم هاجر * قال أبو هريرة فتلك أمكم يا بني ماء السماء
6-وقال الامام أحمد ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات ما منها كلمة إلا ما حل (جادل ودافع) بها عن دين الله قوله حين دعي إلى آلهتهم فقال (إني سقيم) وقوله (بل فعله كبيرهم هذا) وقوله لسارة (انها أختي) قال ودخل إبراهيم قرية فيها ملك من الملوك أو جبار من الجبابرة فقيل دخل إبراهيم الليلة بامرأة من أحسن الناس قال فأرسل إليه الملك أو الجبار من هذه معك قال أختي قال فأرسل بها قال فأرسل بها إليه وقال لا تكذبي قولي فإني قد أخبرته أنك أختي إن على الارض مؤمن غيري وغيرك فلما دخلت عليه قام إليها فأقبلت تتوضأ وتصلي وتقول اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي الكافر قال فغط حتى ركض برجله *
7-- فقال إني سقيم وقال بل فعله كبيرهم هذا وقال للملك حين أراد امرأته هي أختي فقوله في الحديث هي أختي أي في دين الله وقوله لها إنه ليس على وجه الارض مؤمن غيري وغيرك يعني زوجين مؤمنين غيري وغيرك ويتعين حمله على هذا لان لوطا كان معهم وهو نبي عليه السلام وقوله لها لما رجعت إليه مهيم معناه ما الخبر فقالت إن الله رد كيد الكافرين.وفي رواية الفاجر وهو الملك وأخدم جارية وكان إبراهيم عليه السلام من وقت ذهب بها إلى الملك قام يصلي لله عزوجل ويسأله أن يدفع عن أهله وأن يرد بأس هذا الذي أراد أهله بسوء وهكذا فعلت هي أيضا فلما أراد عدو الله أن ينال منها أمرا قامت إلى وضوئها وصلاتها ودعت الله عزوجل بما تقدم من الدعاء العظيم ولهذا قال تعالى (واستعينوا بالصبر والصلوة) [ البقرة: 45 ] فعصمها الله وصانها لعصمة عبده ورسوله وحبيبه وخليله إبراهيم عليه السلام.
8-وقد ذهب بعض العلماء إلى نبوة ثلاث نسوة سارة وأم موسى ومريم عليهن السلام * والذي عليه الجمهور أنهن صديقات رضي الله عنهن وأرضاهن * ثم إن الخليل عليه السلام رجع من بلاد مصر إلى أرض التيمن وهي الارض المقدسة التي كان فيها ومعه أنعام وعبيد ومال جزيل وصحبتهم هاجر القبطية المصرية
9-ثم إن لوطا عليه السلام نزح بماله من الاموال الجزيلة بأمر الخليل له في ذلك إلى أرض الغور المعروف بغور زغر فنزل بمدينة سدوم (من أرض فلسطين وبعثه الله نبيا على المدائن الخمس: سدوم، وعمورا، وادموتا، وصاعورا وصابورا) وهي أم تلك البلاد في ذلك الزمان وكان أهلها أشرارا كفارا فجارا وأوحى الله تعالى إلى إبراهيم الخليل فأمره أن يمد بصره وينظر شمالا وجنوبا وشرقا وغربا وبشره بأن هذه الارض كلها سأجعلها لك ولخلفك إلى آخر الدهر وسأكثر ذريتك حتى يصيروا بعدد تراب الارض *
10-وهذه البشارة اتصلت بهذه الامة بل ما كملت ولا كانت أعظم منها في هذه الامة المحمدية * يؤيد ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " ان الله زوي لي الارض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين الاحمر والابيض وأني سألت ربي عزوجل لامتي ألا يهلكها بسنة عامة " (زوي: جمع.وسنة: قحط وجدب. ).
و الحمد لله رب العالمين اللهم صلى وسلم وبارك على الرسول الامين اللهم اغفر ورحم والداى وزوجتى والمؤمنين