دليل الإشهار العربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

إذا كانت هذه أول زيارة لك في الإشهار العربي، نرجوا منك مراجعة قوانين المنتدى من خلال الضغط هنا وأيضاً يشرفنا انضمامك إلى أسرتنا الضخمة من خلال الضغط هنا.

descriptionمعالجة القرآن لداء العنصرية  Emptyمعالجة القرآن لداء العنصرية

more_horiz
إن داء العنصرية يصيب الإنسان بالعدوى التي لا تقبل العلاج إلا بالإيمان الراسخ واليقين الثابت بمنهاج القرآن الكريم، وليس ذاك إلا أن التفاضل الذي يترامى عليه العنصريون وتروج عباراتهم بين ألفاظ مختلفة، ويطلقون عليها “طبقية”، و”فوقية”، حتى وسمت اليهودية نفسها بالشعب المختار، تنبع من العصبيات الجاهلية، وحب السيطرة* والاستعباد العنصري.
وهذا الداء نبه عليه القرآن الكريم في وصاياه وتشريعاته، وحذر من تبعاته وعدواه التي يسرع انتشارها في المجتمع الإنساني، وسلك في سبيل معالجته مناهج واضحة تدل على أنه كلام رب الخلائق، وهو الذي صور الإنسان فسواه، ومنّ عليه بمواهب كثيرة؛ فأعطاه السمع والبصر والفؤاد، يعقل بها ويتدبر فيما حوله من ملكوت السماوات والأرض. ومما يمكن إبرازه من مسالك علاج القرآن الكريم لداء العنصرية أمران.* أحدهما بيان القرآن الكريم طبيعة البشرية، والآخر تحديد أساس العنصرية.
المسلك الأول – بين القرآن الكريم طبيعة الإنسان من أصل خلقته، وحقيقته، يدرك منها مكانته في مسارات الحياة، ومعاملاته مع أفراد الإنسان من لدن أسرته الخاصة انتهاء إلى مجتمعه ومحيطاته الواسعة، ومعرفة هذه الحقيقة تعينه على إحداث التغييرات في أفكاره وتصوراته، بل تنقله من العادات الجاهلية.
جاء في فاتحة سورة النساء قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا). ذكر القرآن الكريم خلال هذه الآية جملة من الحقائق التي تكشف أصل الخليقة البشرية ثم أتبعها بتفاصيل مبثوثة في معان ومواضع مختلفة في القرآن الكريم، ويصدق القول بأن البيان هنا إجمالي نظرا لموضع السورة من حيث الترتيب المكاني في المصحف، ولكن لو تأملنا جهة الترتيب الزمني للسور فإنه يظهر لنا بدون شك أن سورة النساء مما نزلت متأخرة لما اشتملت عليه من الأحكام التفصيلية، فهي سورة مدنية باتفاق المفسرين، تقول عائشة: “وَمَا نَزَلَتْ سُورَةُ البَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ إِلَّا وَأَنَا عِنْدَهُ”[1].
وإن البيان عن ترتيب سورة النساء المكاني والزمني يفيدنا أن الحقائق التي سنذكرها في معالجة القرآن للعنصرية من خلال أغراض هذه الآية تمثل حقوقاً ومسؤوليات وواجبات، فهي بالتالي ليست حقائق معرفية فحسب، وإنما هي حقائق عملية ثابتة* يلزم ضرورة رعايتها، واقتضى حكمها الوجوب، ويجلب الثواب حين الحفاظ عليها، كما إن الإفراط بها يستوجب العقوبة والعتاب.
ومن الحقائق التي تثبتها الآية وتتطلب الرعاية والتأمل ما يأتي:
الحقيقة الأولى – مصدرالبشرية، فإن الآية تذكر بالأصل الذي صدر منه بنو البشر، وهذا المصدر نوع واحد وهو آدم دون التفرقة بين هذا الأصل، واقتضى هذا التذكير بنعمة الخلق أن يشكر الإنسان خالقه، ويراعي حقوق هذا النوع الذي يربطهم، بأن يصل الأرحام القريبة منها والبعيدة، وبالرفق بضعفاء النوع من اليتامى، ويراعي حقوق صنف النساء من نوعهم بإقامة العدل في معاملاتهن[2].
الحقيقة الثانية – خلق البشرية بإرادة واحدة، وذلك أن الرابط الذي يجمع الناس على اختلاف ألوانهم ولغاتهم صدروا من إرادة واحدة، تتصل في رحم واحدة، وتلتقي في وشيجة واحدة، وتنتسب إلى نسب واحد (خلقكم من نفس واحدة)، وهذه الإرادة الإلهية كانت باختيار الله تعالى المطلق، ومرتبط بحكمة أرادها الله من خلق هذا النوع، وحين يذكر الناس هذه الحقيقة فإنه يلغي كل الفروقات التي ينسجها العباد فيما بينهم، ويكفل باستبعاد الصراع العنصري الذي يتجرعه الإنسان بين الألوان والعناصر والجنسيات.
الحقيقة الثالثة –* موضع المرأة من هذا النوع، وذلك أن الآية كما ركزت على أن المصدر البشري واحد، وجاء تبعا لإرادة التكوين الواحدة، كذلك أشارت الآية إلى نسب المرأة المتصل بالنوع الأول، ولم تغض من منزلتها، وألغت الأفكار الطبقية التي ترى المرأة بالنظرة الدونية، وتنقص من طبيعتها، وهي كما بينت الآية مخلوقة من النوع الأول طبعا وفطرة.

لذلك رد ابن عاشور على من زعم أن المعنى “وخلق زوجها” أن هذا الخلق من نوع خاص بها! فقال: (إن صاحب هذه المقولة لم يأت بطائل، لأن ذلك لا يختص بنوع الإنسان فإن أنثى كل نوع هي من نوعه.
وعطف قوله: وخلق منها زوجها على خلقكم من نفس واحدة، فهو صلة ثانية..)[3].
وهذا يلغي الفرق بين التمييز والتفاضل في المعاملة بين الذكر والأنثى على أساس الخلق.
الحقيقة الرابعة – الأسرة قاعدة الحياة البشرية، فإن إرادة الله اقتضت أن تبدأ هذه النبتة من بني البشر بأسرة واحدة في الأرض، فخلق ابتداء نفسا واحدة، ومنها خلق زوجها، ثم (بث منهما رجالا وكثيرا)،ولو شاء الله لخلق في أول النشأة رجالا كثيرا ونساء، فيكوّنوا أسرا شتى من أول الطريق، لا يجمعهم رحم ولا نسب، لكن شاءت قدرة الله سبحانه، وللحكمة يريدها الله، فبدأ الخلق بإرادة واحدة، ومن نفس واحدة، ومن رحم واحد، حتى تتعدد وتتضاعف الوشائج، فيبدأ من وشيجة الربوبية، ثم بوشيجة الرحم، وانتهاء بوشيجة الأسرة التي يقوم عليها نظام المجتمع الإنساني[4].
يقول ابن عاشور: “وفي معاني هذه الصلات زيادة تحقيق اتصال الناس بعضهم ببعض، إذ الكل من أصل واحد، وإن كان خلقهم ما حصل إلا من زوجين فكل أصل من أصولهم ينتمي إلى أصل فوقه.

وقد حصل من ذكر هذه الصلات تفصيل لكيفية خلق الله الناس من نفس واحدة.”[5]
[1] *صحيح البخاري، فضائل القرآن (4993).
[2] التحرير والتنوير (4/213).
[3] *المصدر السابق (4/215).
[4] *الإسلام والعنصرية (19).
[5] *التحرير والتنوير (4/216).

descriptionمعالجة القرآن لداء العنصرية  Emptyرد: معالجة القرآن لداء العنصرية

more_horiz
بارك الله فيك
وجزاك الله خيرا
على الموضوع الجميل
مع أجمل تحية وتقدير

descriptionمعالجة القرآن لداء العنصرية  Emptyرد: معالجة القرآن لداء العنصرية

more_horiz
لك مني أجمل التحيات
لردك الجميل ومرورك العطر
دمت بحفظ الله ورعايته

descriptionمعالجة القرآن لداء العنصرية  Emptyرد: معالجة القرآن لداء العنصرية

more_horiz
ما شاء الله
موضوع فى منتهى الروعة
و معلومات قيمة جدااا

descriptionمعالجة القرآن لداء العنصرية  Emptyرد: معالجة القرآن لداء العنصرية

more_horiz

اسعد الله قلبك

وامتعه بالخير دوما
اسعدنى كثيرا مرورك

وتعطيرك لهذه الصفحة
وردك المفعم بالحب والعطاء
تحياتى بكل الود والتقدير

descriptionمعالجة القرآن لداء العنصرية  Emptyرد: معالجة القرآن لداء العنصرية

more_horiz
شكرا على الموضوع الإسلامي
بارك الله فيك
gg444g 

descriptionمعالجة القرآن لداء العنصرية  Emptyرد: معالجة القرآن لداء العنصرية

more_horiz
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا على الطرح المميز
جعله الله في موازين حسناتك وثبتك اجره
تقبل مروري وتقديري
معالجة القرآن لداء العنصرية  886773 

descriptionمعالجة القرآن لداء العنصرية  Emptyرد: معالجة القرآن لداء العنصرية

more_horiz
أشكرك على مشاركتك بقسم الاسلامي
شكرا لك

descriptionمعالجة القرآن لداء العنصرية  Emptyرد: معالجة القرآن لداء العنصرية

more_horiz
شكرا على الموضوع 
بارك الله فيك 



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لدليل الاشهار العربي