صمت المليء وحكمة المتكلم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
في الكلام بيان الحق، وهو رسول الخير، وداعية الهدى، وبه يتحقق كشف الزيف، وصد الباطل، وفي الكلام الحسن استجابة للنداء الرباني: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن}، وهو الشاهد الناطق بين يدي الخالق: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}، ولا شك أن الكلام من لوازم عمل الداعية، فهو يتكلم خطيباً وواعظاً، ومحاضراً ومعلماً، وإذا لم ينتبه لنفسه، فقد يتحول الكلام إلى شهوة يستكثر منه في حاجة وفي غير حاجة، ويمل به السامعين، وقد يغزو نفسه، ويزرع فيها الكبر، اغتراراً بغزارة العلم، أو فصاحة اللسان، هذا مع إمكانية الابتلاء بالتكلف والرياء، ولذا كان لابد للداعية أن يعلم أن الكلام فيه حشو وفضول، وأنه ينبني على قواعد وأصول، فليس الكلام مراداً لذاته، ولا شهوة يستمتع صاحبها بطوله وكثرته، مع قلة فائدته، أو تحقق مضرته ولذا قال -عليه الصلاة والسلام-: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت).
والصمت يكسب الداعية وقاراً وهيبة، يتميز بها عن أصحاب الهذر والثرثرة، كما أنه يتيح الفرصة للتدبر في العواقب، ويعين على التفكير السديد في انتقاء الكلام المفيد، وفوق ذلك فالصمت عاصم -بإذن الله- من زلات اللسان الخطيرة: (إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالاً يهوي بها في جهنم)،
نعم أيها الداعية! ليس المهم أن تتكلم فالصمت خير من كلام لا تتقنه وتلقيه على عواهنه، والقدوة منك بالأعمال أبلغ من الأقوال.فـ "رحم الله امرءاً أمسك فضل القول وقدم فضل العمل" كما قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.
وأنت محل الأنظار وهفواتك مرصودة: "ومن كثر كلامه كثر سقطه"، والمنتظرون لسقطاتك كثير، وأعلم أن الصمت فرصة لاستماع نافع يحصل به ما طالبك به أبو الدرداء حين قال: "أنصف أذ*-تم الحذف. كلمة غير محترمة لا يسمح بها في هذا المنتدى-* من فيك فإنما جعل أذنان اثنتان وفم واحد لتسمع أكثر مما تقول"،
وأشد ما أحذرك منه الكلام فيما لا يعني فأنت تعلم أن: (من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه)، ولله در مورق العجلي حين قال: "أمر أنا أطلبه منذ عشرين سنة لم أنله، ولست بتاركه فيما استقبل"، فلما قيل له: ما هو؟ قال: "الصمت عن مالا يعنيني"،
نعم هذه قدوة سلفية فكر فيها وتأمل، وليست شاذة ولا فاذة، بل لها نظائر فيونس بن عبيد الله سئل عن حاله فقال: "إن نفسي قد ذلت لي بصيام اليوم البعيد الطرفين، الشديد الحر، ولم تذل لي بترك الكلام فيما لا يعنيني"، وإبراهيم التميمي يقول: "لا تتكلم فيما لا يع*-تم الحذف. كلمة غير محترمة لا يسمح بها في هذا المنتدى-* حتى تجد موضعاً، فرب متكلم في غير موضعه قد عنت".
وأخيراً -أخي الداعية- لست أمنعك من الكلام،وأدعوك إلى العزلة، كلا ولكنني أريد لك إخلاص النية وقصد الخير وسداد القول، وإذا تكلمت فليكن في كلامك حجة العلماء، وإيجاز البلغاء وتجربة الحكماء وإذا سكت فليكن في سكوتك خشية المتذكرين، ووقار المتأدبين، وتأمل المتدبرين، وأعلم أن:
تاج الوقار وحسن سمت المسلم **** صمت المليء وحكمة المتـكلم
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
في الكلام بيان الحق، وهو رسول الخير، وداعية الهدى، وبه يتحقق كشف الزيف، وصد الباطل، وفي الكلام الحسن استجابة للنداء الرباني: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن}، وهو الشاهد الناطق بين يدي الخالق: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}، ولا شك أن الكلام من لوازم عمل الداعية، فهو يتكلم خطيباً وواعظاً، ومحاضراً ومعلماً، وإذا لم ينتبه لنفسه، فقد يتحول الكلام إلى شهوة يستكثر منه في حاجة وفي غير حاجة، ويمل به السامعين، وقد يغزو نفسه، ويزرع فيها الكبر، اغتراراً بغزارة العلم، أو فصاحة اللسان، هذا مع إمكانية الابتلاء بالتكلف والرياء، ولذا كان لابد للداعية أن يعلم أن الكلام فيه حشو وفضول، وأنه ينبني على قواعد وأصول، فليس الكلام مراداً لذاته، ولا شهوة يستمتع صاحبها بطوله وكثرته، مع قلة فائدته، أو تحقق مضرته ولذا قال -عليه الصلاة والسلام-: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت).
والصمت يكسب الداعية وقاراً وهيبة، يتميز بها عن أصحاب الهذر والثرثرة، كما أنه يتيح الفرصة للتدبر في العواقب، ويعين على التفكير السديد في انتقاء الكلام المفيد، وفوق ذلك فالصمت عاصم -بإذن الله- من زلات اللسان الخطيرة: (إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالاً يهوي بها في جهنم)،
نعم أيها الداعية! ليس المهم أن تتكلم فالصمت خير من كلام لا تتقنه وتلقيه على عواهنه، والقدوة منك بالأعمال أبلغ من الأقوال.فـ "رحم الله امرءاً أمسك فضل القول وقدم فضل العمل" كما قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.
وأنت محل الأنظار وهفواتك مرصودة: "ومن كثر كلامه كثر سقطه"، والمنتظرون لسقطاتك كثير، وأعلم أن الصمت فرصة لاستماع نافع يحصل به ما طالبك به أبو الدرداء حين قال: "أنصف أذ*-تم الحذف. كلمة غير محترمة لا يسمح بها في هذا المنتدى-* من فيك فإنما جعل أذنان اثنتان وفم واحد لتسمع أكثر مما تقول"،
وأشد ما أحذرك منه الكلام فيما لا يعني فأنت تعلم أن: (من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه)، ولله در مورق العجلي حين قال: "أمر أنا أطلبه منذ عشرين سنة لم أنله، ولست بتاركه فيما استقبل"، فلما قيل له: ما هو؟ قال: "الصمت عن مالا يعنيني"،
نعم هذه قدوة سلفية فكر فيها وتأمل، وليست شاذة ولا فاذة، بل لها نظائر فيونس بن عبيد الله سئل عن حاله فقال: "إن نفسي قد ذلت لي بصيام اليوم البعيد الطرفين، الشديد الحر، ولم تذل لي بترك الكلام فيما لا يعنيني"، وإبراهيم التميمي يقول: "لا تتكلم فيما لا يع*-تم الحذف. كلمة غير محترمة لا يسمح بها في هذا المنتدى-* حتى تجد موضعاً، فرب متكلم في غير موضعه قد عنت".
وأخيراً -أخي الداعية- لست أمنعك من الكلام،وأدعوك إلى العزلة، كلا ولكنني أريد لك إخلاص النية وقصد الخير وسداد القول، وإذا تكلمت فليكن في كلامك حجة العلماء، وإيجاز البلغاء وتجربة الحكماء وإذا سكت فليكن في سكوتك خشية المتذكرين، ووقار المتأدبين، وتأمل المتدبرين، وأعلم أن:
تاج الوقار وحسن سمت المسلم **** صمت المليء وحكمة المتـكلم
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين