إن نشأة الطفل الجسمية والعقلية والانفعالية، تمرعبرمراحل عديدة متشعبة ومعقدة،لذا كثرت الأبحاث والدراسات وتعددت المناهج،الرامية إلى معرفة كنه النامي البشري،والتمكن من ترتيب مسعاه في إقباله الجاد على مناحي الحياة،وتأثره بها وتأثيره في محيطه فيما بعد،وأعظم ما تناولته تلك الدراسات والبحوث، تركز حول نفسية الطفل وتكوين شخصيته،ومدى تأثير النظم الاجتماعية والأسس التي تحكمها في تكوين شخصيته وتعزيز عقله
ومن ثم كان لزاما على القائمين على مؤسسات التربية، والآباء،ومسيري القطاعات الحيوية التي لها علاقة بالنشء،أن يستعينوا بفروع علم النفس التطبيقي" التربوي - الصناعي التقني-الجنائي-المرضي أو بالأحرى الطبي-..الخ".وإعداد الناشئ لأن يكون قادرا على استيعاب المعطيات الثقافية والعلمية، ومضامين الأخلاق الاجتماعية لعصره،ومعتقدات أمته،مستعدا للابتكار والتجديد في حياته،دونما انبهار أوتعقد،أو تعصب، أمام الثقافات الأخرى التي تغزوا العقول و تغرق بفيضها الدنيا،.
ومن المعلوم ،أن أهم القنوات التي بها تمرر الأفكار عن طريقها ،هي القراءة،بحكم أنها الميدان الأوحد الذي يشغل (بتشديد الغين) جل الحواس في اللحظة ذاتها،وهي النافذة التي يطل منها العقل على العالم الخارجي وخفايا أغواره، على خفايا الضمائر،على المعارف و العلوم ومستجدات البحوث ،وجديد الاكتشافات،والابتكارات التي بفضلها ساد الغرب وتجاوز أهله إطارهم ألزمني والمكاني ليتربعوا فوق عرش الزمن.و القراءة تشغل الحواس دوسابق تعلم وهي القدرة التي تطور نفسها بنفسها،غير أن الملفت للانتباه مع الأسف هو تناقص المقبلين على القراءة بين أبناء لغة الضاد عامة والأطفال على الخصوص، مما دعا أحد المهتمين للتعبير عن ذلك بقوله: "القراءة في مجتمعنا العربي: هي السهل الممتنع"، فالقراءة ليست غاية وإنما وسيلة للتقدم وتحصيل المعرفة، وربط العواطف،كما أسلفنا،لذا أصبح من اللازم إعطاء المسألة حقها من الدراسة والبحث، نفسيا،واجتماعيا، واقتصاديا،خاصة والعالم يشهد اليوم تسارعا الأحداث وتسابق الأمم لما يضمن لها القوة ويحفظ سيادتها.ويجدر القول أن الاعتراف بوجود مشكلة القراءة في فضاء أمتنا،والإقرار بخطورتها عند أطفالنا، هو في اعتقادنا، بداية طريق نحو البحث السليم عن علاجها،فالطفل العربي في الغالب، لا يقرأ خارج المنهج،مشكلة أساسية مثلا، ويبقى البحث عن الأسباب الفرعية ومعالجتها، والوسائل التي ينبغي إعدادها،والخطط وطرق تطبيقها ،من توطين حب القراءة في فضاء نشئنا
إذا،إن من بين الفحوصات التي يجب القيام بها تشريح وضع مكتبة الطفل العربي وإعداد الوصفة ، التي ينبغي إصدارها لصحة وسلامة كتاب الطفل،كتحسين وضع الكتاب من حيث المحتوى المركز الذي يجمع الأصالة مع التفتح،والحجم الظريف،والحرف الواضح الجميل،والإخراج الجذاب المرفق باللوحات التوضيحية، ثم تدعيم ثمنه ليكون في متناول جميع فئات المجتمع، ويدخل بيوت كل الأسر.عند ئد نقول لقد أسسنا لمكتبة الطفل.
أما اليوم ، فمكتبة الطفل العربي ، مصطلح غائب ، رغم الشعارات التي رفعت هنا وهناك (مكتبة لكل طفل مكتبة في كل بيت-..الخ)،فإن الرفوف خالية إلا من بعض العناوين التقليدية ،وشيئا من القصص والأشرطة المترجمة ،فمعظم مصادر مكتبة الطفل العربي مترجمة وليس العيب في الترجمة بل هي مهمة ،لكن العيب في طبيعة ما يترجم ،كيف يمكننا الحديث عن أدب الطفل أوعن مدى إقباله على القراءة أو إحجامه عنها،و نحن لا نستطيع تصور الآفاق التربوية المرجوة من القراءة،فالكتاب الذي وضع لجيل السبعينيات لا يستعمله ابن الألفية الثالثة إلا للذكرى والمقارنة،والكتاب الذي وضع للطفل الأميركي قد لا يصلح جميعه للطفل العربي،ذلك لأن لكل أمة خصوصياتها،ولكل مجتمع ثقافته ومعتقداته وأهداف يرجوها من نشئه،.فالمعلوم أن الشعور يحتفظ بالعواطف نحو،ال: "هو"، مثل:كائئات حية ، جما دية ، أو نحو شيء معنوي"كالوطن-الحق- العدل-الواجب"،أو نحو خلق معين ،ك: "الفضيلة، الرذيلة - التقوى- الدين" ، لكن تلك العواطف لا تظل عالقة بذات الشيء الذي تكونت حوله ، ولا متحجرة عند حدوده ،بل قد تشمل حاجيات الفرد ،موضوع العاطفة ،فيحتفظ بأشياء ليس لها قيمة إلا من الوجهة النفسية طبعا،(زهرة ذابلة-صورة بالية لكائن،عتبة أطلال..الخ). وهنا أتركك أخي القارئ تتمعن بعضا من قصص" هاري بوتر،وهاري بوتر العربي؟ ثم خلاصة فكرة عن قصص ثلاث مترجمة غيرها ، لتصدر حكمك حول مرودية الترجمة ،وما ينبغي انتقاؤه من آداب الاخرين.
فراولة هتلر:"هذا هو الاسم الذي أراد بستاني من شمال ألمانيا مهووس بالنازية أن يطلقه على أحدث إنتاج ناجح لحديقته في ربيع عام 1993. وجعل قاص موضوع هذا المنتوج الجيد ، كمثال للتقديس الغريب والمطلق لهتلر بعد صعود حزب العمل الألماني الاشتراكي النازي ليصل الحكم ".
02قصة أمريكية ،هي باختصار فيلم (بابل) الأمريكيّ ، الذي أحرز شهرة واسعة وحقق أرباحاًطائلة ، كما حاز على الجائزة الكبرى في مهرجان (غولدن قلوب)،القصة تصف الأمريكيين ملائكة يعيشون وسط غابة البشر ،الغرب،وكندا، والصين، والتيه في شوارع أوربا. قصص مفتعلة ، تذكّر المُشاهد بفقرة (الرابط العجيب) التي تقدّمها قناة (سبيس تون) للأطفال لكيّ تنشّط أذهانهم ونوجههم الى البحث عن الرابط بين أشياء لا تكاد تشترك بصفة تذكر ولا تتضمن فكرا متقاربا، : "زوجان أمريكيّان (براد بيت) و (كيت بلا نشيه) ،ينقدان أطفال صينيين مشردين ،يسافران للمغرب على الرغم من امتعاض الزوجة و تقزّزّها من قذارة المكان ، لدرجة رفضها شرب الماء أو تناول أي الطعام ، إلا (الكولا) لكونها أمريكية.. الخ.مضمون القصة مس بعمق كرامة العرب والكنديين، والصينيين".
كانت "أودري إيتون" التي أنشأت 1968مجلة للرشاقة والقوام، وفي سنة 1981جاءتها إحدى الصديقات تحمل نخالة الحبوب ،لتضيفها إلى الطعام عند كل وجبة ،ولما سألتها تبين أن ذلك يعطيها الراحة والقوام،فاهتمت بالموضوع إلى أن دفعت ،الكلية البريطانية،إلى البحث،واكتشفت أهمية الطعام الذي يحتوي كمية كبيرة من الألياف،ودوره في تحسين الرشاقة والقوام .
أعتقد أن الفكرة أصبحت الآن واضحة فالترجمة المرجوة هي تلك التي تخدم العلم والمعرفة وليس الأشخاص والأيديولوجيات، وليس تلك التي ترسخ القيم الغريبة عن مجتمعنا.ثم إن الأهداف المنشودة من القراءة قد تضيع عند منعطف انعدام التوجيه التربوي الاجتماعي،هذه حال مكتبة الطفل العربي والأمل الضائع.
إن التطورات العالمية في مجال الإعلام كانتشار الفضائيات وظهور لانترنت،والانتشار الأفقي للمثقفين بذل الانتشار الرأسي ،وطبيعة الكتاب هي في اعتقادنا عوامل لا تمثل إلا جزءا يسيرا من المعيقات التي مازالت حجر عثرة أمام الاهتمام بمكتبة الطفل العربي، فإبعاد أتباع الطمع ،وأشياع الماديات ، وأشباه المثقفين من مناصب ذات العلاقة بالمعرفة ، سيعيد الأمل ويحد حتما من هيمنة الغرب ويقلل من سعيه لتزييف صورة أمة القرءان، من جهة ،وتمكينها من النهوض والسير نحو برالأمن و الآمال.