نحتار كيف نشرح لأطفالنا معنى كلمة موت
عندما يموت العصفور الذي يربيه في القفص
ويبدأ الطفل بالسؤال الكبير : ما معنى كلمة موت ؟؟
وتشرح له: مات العصفور يعني . . مممم . . يعني . . نام . . .
ولكن نومة طويلة بعض الشيء !!
فيرد الطفل: وهل سيرجع العصفور مرة أخرى ؟
وهل سيستيقظ من هذه النومة ؟
نستطيع القول بأن الطفل الصغير في مرحلة ما قبل المدرسة
ورغم تعرضه لمفهوم الموت
أو بمعنى أدق لموت أحد من الأحياء من حوله،
سواء كانوا بشرًا أو قططًا أو عصافير،
رغم تعرضه خلال سنوات حياته تلك لرؤية كائن كان حيًّا ثم مات،
رغم ذلك فإن مفهوم الطفل للموت لا يكون واضحًا ولا مكتملاً
ويتباين أشد التباين بين طفل وآخر.
فحسب معطيات الدراسات الغربية يتميز أو يتسم تفكير الطفل في سن ما قبل المدرسة
بالتمركز حول الذات Egocentrism ،
وبالتفكير السحري Magical Thinking،
وبالاعتقاد في حيوية المادة Animism،
وبعدم دقة الإحساس بالوقت
وكذلك عدم دقة فهم أو توقع السببية في حدوث الأشياء؛
ولذلك فإن قدرة الطفل على فهم الموت أو تصور الطفل للموت في مثل هذه المرحلة قد يكون أمرًا يحدث تدريجيًّا أو أنه غير مكتمل الحدوث أو أنه نوع من أنواع العقاب أو ربما يرى الموت حدثًا قابلاً للعكس أي عودة الميت للحياة، أو ربما فكّر بعض الأطفال في هذه المرحلة العمرية (أن موت قريب أو حبيب) هو بسبب أفكار الطفل أو أفعاله الشخصية!.
بينما يكون ذلك قبل المدرسة
نجد في أطفال سنوات المدرسة الأولى أن التمركز حول الذات والتفكير السحري والاعتقاد بحيوية المادة كطرق تفكير جبرية في السنوات السابقة
تصبح أقل قيادة للتفكير،
وتتحسن دقة الإحساس بالوقت كما تتحسن القدرة على فهم السببية في حدوث الأشياء،
ورغم وجود فروق معرفية كبيرة واختلافات واسعة في النمو النفسي والاجتماعي بين مختلف الأطفال في تلك المرحلة وما يليها وصولاً إلى المراهقة،
رغم ذلك كله فإن طفل العاشرة غالبًا ما يستطيع فهم الموت كظاهرة تغير دائم نهائي وعالمي شامل،
وكيف يتطور مفهوم توقف الوظائف ومفهوم السببية.
وقد أجريت دراسة لتطور مفهوم الموت لدى عينة من الأطفال
من خلال الإجابة على السؤالين التاليين:
"ما هي الأسباب التي يقترحها الطفل للموت؟"
و"كيف يتطور كل من مفهوم العالمية ومفهوم النهائية ومفهوم توقف الوظائف ومفهوم السببية؟".
وقد أشارت نتائج الدراسة إلى أن الأسباب التي اقترحها الأطفال للموت اختلفت باختلاف أعمارهم،
فالأطفال بين سن الرابعة والسابعة قد ذكروا أسبابًا متعددة للموت،
كان أهمها القتل والسم،
وبعد سن السابعة بدأ الأطفال يعينون أسبابًا أخرى للموت،
وأصبحوا يعتبرون المرض أهم الأسباب المؤدية للموت (وخصوصًا أمراض القلب والسرطان).
بالإضافة إلى ذلك قد ذكروا أسبابًا أخرى لموت
من أهمها حوادث السيارات، والقتل، والله تعالى.
أما بالنسبة لتطور مفهوم العالمية،
فقد كان إدراك الأطفال لهذا المفهوم ضعيفًا في سن الرابعة
وبدأ يرتفع تدريجيًّا حتى استطاع غالبية الأطفال إدراك عالمية الموت في سن السادسة،
وفي سن التاسعة استطاع جميع الأطفال إدراك هذا المفهوم،
كما وجدت الدراسه أن إدراك الأطفال لمفهوم توقف الوظائف قد شهد تذبذبًا ملحوظًا،
فبعد أن استطاع الأطفال في سن السابعة إدراك التوقف،
لوحظ أنهم وبالذات في سن العاشرة قد أصبحوا يرون أن وظائف السمع والنوم والحلم لا تتوقّف مع الموت.
كذلك فقد أظهرت النتائج
أن الأطفال استطاعوا إدراك نهائية الموت بشكل مبكر وسابق لإدراكهم لمفهوم عالمية الموت،
حيث استطاع أكثر من (80%) من أطفال سن السادسة لإدراك أن الموت حدث نهائي،
واستطاع جميع الأطفال في سن السابعة إدراك هذا المفهوم تمامًا...،
وفي تلك الدراسة نقاط تطرح أسئلة ونقاط بحث جديدة.
لكن المهم هو أن الأطفال يفهمون الموت جيدًا كما نفهمه نحن الكبار في سن بين السادسة والتاسعة،
وأحسب أن الأطفال في فلسطين سيكونون أكبر إدراكًا للموت في سنٍّ صغرى،
لأسباب يعرفها الجميع!،
ولكن ليست لديّنا معلومات عن دراسات أجريت على أطفال فلسطينيين لقياس تطور ونمو قدرتهم على فهم الموت.
وأما كيف نساعد الطفل قبل سن التاسعة في فهم حدث الموت،
فإننا في ضوء ما سبق نستطيع أن نختزل الزوايا التي ينظر منها الطفل إلى الموت إلى اثنتين:
إحداهما هي الزاوية المعرفية العقلية؛
إذ يتساءل الطفل داخله أو يسأل المحيطين به أسئلة مثل: ما هو الموت؟
وما العلاقة بين الحياة والموت؟
وهل يفقد الميت جميع حواسه وقدراته وصفاته التي كانت وهو حي؟
هل يومًا ما سيعود الميت؟
لماذا يدفن الميت؟
لماذا يموت الأحياء؟
وبماذا يشعرون بعد الموت داخل القبر؟
ومن زاوية معرفية شعورية يتساءل الأطفال في مواجهة حدث الموت:
ما هي المشاعر التي تصاحب الموت؟
وما هي مشاعر الميت عند حمله إلى المقبرة؟
ومن هو المذنب في الموت؟
وعلينا مساعدة الطفل على فهم الموت بصورة صحيحة،
وأن نساعده في التعبير عن إحساسه وعواطفه في حالة الموت بصورة طبيعية،
وأن نجيب على تساؤلاته عن الموت،
وأن نشبع حب الاستطلاع لديه عن حالات الموت
ونشرح ماهية الموت بصورة يستطيع فهمها.
وأعود لأشير إلى نقطة خوفكم من أثر رؤية الطفل لجثمان المُتوفَّى
فأنا أرى أن الأصح غير ذلك،
خاصة ان الطفل يستطيع التعبير عن نفسه
الطفل يحتاج إذن إلى مناقشة وتفريغ لما لديه من مشاعر، وإشباع لما لديه من أسئلة،
ونستطيع الاستعانة بآياتٍ قرآنية في ذلك:
فلبيان عالمية الموت وإلى أين يذهب من يموت نذكر قوله تعالى:
"كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ" (العنكبوت: 57)،
ولبيان أننا لا نستطيع معرفة متى ولا كيف ولا أين سنموت نذكر قوله تعالى:
"إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ
وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" (لقمان: 34)،
ولبيان أننا لا نستطيع الهروب من الموت أو الملاذ إلى شيء يحمينا منه نذكرُ قوله تعالى:
"أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ" (النساء: من الآية 78).
(هذه الدراسه مقتبسه من عده موضوعات)
ارجو الله ان ينفع بها
منقول للفائدة
أرق تحية للجميع:)