لطالما أخذتنا آمالنا ورغباتنا بعيدًا و حالفنا التوقيت أن نحقق بعضًا منها حتى انتابنا شعور بأنّنا لا نقهر، وعلى النقيض فقد تعرضنا للفشل كثيرًا و شعرنا أنّها النهاية، وبين هذا وذاك تلك الإخفاقات التي تصيبنا بالحزن قليلًا، واللحظات التي ترسم البسمة على شفاهنا كثيرًا.
الفشل أمر حتمي لنا جميعًا، لكن الذكاء يكمن في معرفة كيف و متى نفشل؟ لتقليل حدة الأثر أو لتعويض جهد ضائع.
لقد تعرضت للفشل كثيرًا كبقية البشر، وأجلت الاعتراف به أكثر خوفًا من الاعتراف به، لكني سأضع حدًا له وسأعترف بأنّ فشلي في استغلال تحدي الكتابة في نوفمبر هو ما جعلني أكتب هذه المقالة، والتي قد تكون أفضل من الكتابة لأجل الكتابة، فأنا دائمًا ما أشجع على الكتابة لأجل القيمة.
إذًا لماذا نخاف من الفشل ؟
الخوف من المستقبل أو المجهول أمر طبيعي لكن الخوف من النجاح بالرغم من امتلاك الأدوات هو ما يجب أن نقف له بالمرصاد، ففي عديد المرات التي أقوم فيها بتأجيل مهمة ما كان خوفي من عدم نجاحي في تنفيذها هو السبب الرئيسي؛ وذلك لأنّني بنيت فرصة نجاحي على عدد محاولاتي الفاشلة في مثل هذا الأمر، أو بنيته على المحاولات الفاشلة لتجارب الآخرين، وعلى النقيض تمامًا حين ننجح في أمر ما نجد أنّ الثقة تزداد، ونسبة النجاح المتوقع لأي أمر كانت ردود أفعالنا حوله إيجابيةً تزداد بكل تأكيد.
يقول رجل الأعمال Harvey Mackay: “كل شخص في هذه الحياة يمكن أن يعلمنا شيئًا ذا قيمة قد يجنبنا الوقوع في خطأ ما”.
و هو في الحقيقة ما قد يجنبي سرد بعض النقاط على أنّها هي الأسباب الوحيدة للفشل، لكنه يحفزني في ذات الوقت على ذكر شيء ذي قيمة.
الفشل أراه يتجسد في خمسة أسباب:
1- تجنب المحاولة
من أهم الأسباب التي ساعدتني في تخطي الفشل في مشروعي أكثر من مرة هي المثابرة و المقاومة، فإصراري على الهدف وما يجب أن أقوم به و مقاومة المثبطات هي أمر ضروري لتخطي الفشل.
يجب أن تركز على تحقيق هدف معين، وكلما تفشل فقط قم بإجراء التعديلات اللازمة، وأكمل المسير حتى الوصول إلى ذلك الهدف.
2- الإفراط في خلق الأعذار
دائمًا ما ننجح في خلق الأعذار فنرميها على الأشخاص تارةً وعلى الوقت والحظ تارةً متناسين أنّ بعض الأخطاء الصغيرة قد تكون شرارة الإلهام لنجاح قادم، ولا تعني أبدًا التوقف ورمي الأعذار، فقلة من صدف وأن نجحوا في القيام بأمر ما دون أخطاء و من المرة الأولى.
3- نسيان دروس الماضي
الإخفاق هو المعلم الحقيقي، فبعض الناس يعيشون ويتعلمون في نفس الوقت، وبعضهم يعيشون فقط فتتكرر معهم نفس الأخطاء بنفس الكيفية في كل مرة، ففي الحديث أنّه “لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين”.
4- الفشل في التخطيط
نفشل أحيانًا لأنّنا لا نعرف فعليًا كيف سننجح، لا وجود لأهداف نحققها، لاوجود لرؤية نسير وفقها، فمجرد رغبة في النجاح لا تكفي.
5- لا نحترم ذواتنا
حين لا تعرف جيدًا قيمة ذاتك ستفشل في الحصول على التقدير المطلوب، ستفشل في الوصول إلى مكانة لطالما تمنيتها. معرفة قيمتك أمر أساسي يدعمه الثقة للوصول إلى ذاتك.
لماذا نقوم بتأجيل فشلنا؟
أعتقد أنّ أحد الأسباب الرئيسية التي تساهم في تأخيرنا للفشل هي عملية بنائنا لقرار الاستمرار دون التغيير، أو الاعتراف بالفشل بالرغم من وجود بعض البراهين التي تؤكد ذلك الفشل.
كما أنّ توقعاتنا الكبيرة للنجاح والآمال العظيمة التي نبنيها على مشروع ما تؤخر خطوة الفشل قليلًا، ففي إحصائية أجريت على 2994 من مؤسسي أعمالهم التجارية وجد أنّ 81% منهم يتوقعون أن فرص نجاهم في مشاريعهم تصل إلى 70٪، بينما البقية يعتقدون أنّ فرص نجاحهم 100٪.
هذه الثقة المفرطة تجعل الفشل آخر التوقعات ودراسته أمر غير منطقي، أيضًا لا ننسى النجاحات قصيرة المدى في ظل التغييرات الكبيرة التي تطرأ من حولنا، وهم أودى بشركة مثل نوكيا إلى الهلاك يومًا ما.
لذا، وجب أن ندرك أنّ نسبة النجاح الحقيقة عادةً ما تكون بين 30 ٪ إلى 70 ٪، كما ذكر في كتاب 15 Lessons on Personal Success
توقعاتنا الكبيرة وآمالنا دائمًا ما تجعلنا نعيش الحياة بلونها الوردي، فلنستيقظ قليلًا وندرك للتغييرات التي تطرأ من حولنا. إذا وجدت هذه المقالة مفيدة فساعد في نشرها.