رمضان شهر الرحمة و الغفران ، لقد وردت العديد من الأحاديث حول هذا الموضوع و منها : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ رواه البخاري ومسلم قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين ) . وفي الرواية الأخرى : ( إذا كان رمضان فتحت أبواب الرحمة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين ) . وفي رواية : ( إذ دخل رمضان ) فيه دليل للمذهب الصحيح المختار الذي ذهب إليه البخاري والمحققون أنه يجوز أن يقال : ( رمضان ) من غير ذكر الشهر بلا كراهة , وفي هذه المسألة ثلاثة مذاهب : قالت طائفة : لا يقال : رمضان على انفراده بحال , وإنما يقال : شهر رمضان , هذا قول أصحاب مالك , وزعم هؤلاء أن رمضان اسم من أسماء الله تعالى فلا يطلق على غيره إلا بقيد . وقال أكثر أصحابنا وابن الباقلاني : إن كان هناك قرينة تصرفه إلى الشهر فلا كراهة , وإلا فيكره , قالوا : فيقال : صمنا رمضان , قمنا رمضان , ورمضان أفضل الأشهر , ويندب طلب ليلة القدر في أواخر رمضان , وأشباه ذلك ; ولا كراهة في هذا كله , وإنما يكره أن يقال : جاء رمضان ودخل رمضان , وحضر رمضان وأحب رمضان ; ونحو ذلك . والمذهب الثالث مذهب البخاري والمحققين : أنه لا كراهة في إطلاق رمضان بقرينة وبغير قرينة , وهذا المذهب هو الصواب ; والمذهبان الأولان فاسدان ; لأن الكراهة إنما تثبت بنهي الشرع ولم يثبت فيه نهي ; وقولهم : إنه اسم من أسماء الله تعالى ليس بصحيح ; ولم يصح فيه شيء ; وإن كان قد جاء فيه أثر ضعيف , وأسماء الله تعالى توقيفية لا تطلق إلا بدليل صحيح , ولو ثبت أنه اسم لم يلزم منه كراهة . وهذا الحديث المذكور في الباب صريح في الرد على المذهبين ; ولهذا الحديث نظائر كثيرة في الصحيح في إطلاق رمضان على الشهر من غير ذكر الشهر , وقد سبق التنبيه على كثير منها في كتاب الإيمان وغيره . والله أعلم . وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( فتحت أبواب الجنة وأغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين ) فقال القاضي عياض - رحمه الله تعالى - : يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته , وأن تفتيح أبواب الجنة وتغليق أبواب جهنم وتصفيد الشياطين علامة لدخول الشهر , وتعظيم لحرمته , ويكون التصفيد ليمتنعوا من إيذاء المؤمنين والتهويش عليهم , قال : ويحتمل أن يكون المراد المجاز , ويكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو , وأن الشياطين يقل إغواؤهم وإيذاؤهم فيصيرون كالمصفدين , ويكون تصفيدهم عن أشياء دون أشياء , ولناس دون ناس , ويؤيد هذه الرواية الثانية : ( فتحت أبواب الرحمة ) وجاء في حديث آخر : ( صفدت مردة الشياطين ) قال القاضي : ويحتمل أن يكون فتح أبواب الجنة عبارة عما يفتحه الله تعالى لعباده من الطاعات في هذا الشهر التي لا تقع في غيره عموما كالصيام والقيام وفعل الخيرات والانكفاف عن كثير من المخالفات , وهذه أسباب لدخول الجنة وأبواب لها , وكذلك تغليق أبواب النار وتصفيد الشياطين عبارة عما ينكفون عنه من المخالفات , ومعنى صفدت : غللت , والصفد بفتح الفاء ( الغل ) بضم الغين , وهو معنى سلسلت في الرواية الأخرى . هذا كلام القاضي , أو فيه أحرف بمعنى كلامه._(شرح النووي) كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ . وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فِي الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لاَ يَدْخُلُهُ إِلاَّ الصَّائِمُونَ رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وعنه أيضاً أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وأخيراً عنه أيضاً قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ويقول عليه الصلاة والسلام يقول الله عز وجل كل عمل بن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فانه لي و أنا أجزى به ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلى للصائم فرحتان فرحة عند فطره و فرحة عند لقاء ربه و لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك الصيام جنة فإذا كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث و لا يصخب فان سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم عن أبي أيوب رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر" رواه مسلم وروى أحمد النسائي عن ثوبان مرفوعاً : صيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة وعن أبي هريرة رضى الله عنه مرفوعاً : من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر . رواه البزار وغيره وروى الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال خرج من ذنوبه كيوم ولدتهأمه