الشاعر محمود درويش من أهمّ الشعراء الفلسطينيّين في العصر الحديث، وقد ارتبط اسمه بالثورة والتعلّق بالوطن السّليب، ولدَ في قرية البروة في فلسطين عام 1941م، ولجأ إلى لبنان عام 1948م وعاد إلى فلسطين متسلِّلًا بعدَ عام، انضمَّ إلى الحزب الشيوعي وبعد أن أنهى تعليمَه الثانويّ سخَّر نفسَه لكتابة الشعر والمقالات في جرائدَ عدّة، وعمل محرّرًا في أكثر من جريدة، تمَّ اعتقاله أكثرَ من مرة منذ عام 1961م بسبب نشاطاته ومقالاته، وأقام في باريس قبل أن يعود إلى وطنه بعد أن سُمح له بذلك، توفّي عامَ 2008م، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول كتب محمود درويش وبعض قصائدِه.[١] كتب محمود درويش تركَ الشاعر الكبير محمود درويش الكثيرَ من الكتب والدواوين الشعريّة التي أثرى بها المحتوى الأدبيِّ في اللغة العربيَّة، فقد كان درويش من أهمِّ الشعراء العرب الذين أسهموا في تطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزيّة فيه بشكلٍ كبير، وكتب محمود درويش تتمثَّل بما تركه من دواوين شعريّة وبعض الكتب في النثر التي أبدعَ فيها أيضًا وأضفى على النصّ النثري ثوبًا شاعريًّا بديعًا، وسيتمُّ إدراج أهم كتب محمود درويش فيما يأتي: [٢] لماذا تركت الحصان وحيدًا: من أهمِّ كتب محمود درويش الشعريّة، يحلِّقُ فيه عاليًا ساردًا سيرةً للمكان والجغرافيا، ويجعل من الأمكنة علاماتٍ للروح ومحطاتٍ للجسد، ويشكِّل هذا الديوان ملحمة شعرية فريدة لسيرة ذاتية مكثّفة تتحرّك في الفضاء، من أهمّ قصائدِه: فضاء هابيل، أيقونات من بلور المكان، فوضى على باب القيامة، مطر فوق برج الكنيسة. في حضرة الغياب: من كتب محمود درويش النثريّة والتي يبدعُ فيها الشاعر فيجعل القارئَ في حَيرةٍ كبيرة بين إذا كان ما يقرؤه شعرًا أم نثرًا، فالكتاب عبارة عن نصٍّ نثري مُغدِق بالشاعريّة إلى أبعدِ حدودها، وجمع فيه بين الحضور والغياب، الوجع والحنين، المنفى والوطن وغير ذلك. لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي: وهو آخر كتب محمود درويش الشعريّة ودواوينه، قسّمَه إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول لاعب النرد، القسم الثاني قصيدة لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي وهي آخر قصيدة كتبَها، ويرمز بها إلى علاقته بالذات والأرض والموت، القسم الثالث قصائد متنوّعة بين الشعر الوطنيّ والشخصيّ، وفيها قصيدة للشاعر نزار قباني والأديب الصحفي إميل حبيبي. أثر الفراشة: من كتب محمود درويش النثريّة، جمعَ فيه يوميَّات كتبها بين عامَيْ 2006م و2007م، وفيه الكثيرُ من النصوص التي تنقل القارئ على جناح الدهشة من حلم إلى آخر، وكلُّها أحلام أثقلها الواقع وقيّدتها قيود القضيّة والخوف والحنين والقلق. كزهر اللوز أو أبعد: في هذا الديوان الشعريّ يُدهشُ درويش القراء بأناقة وجاذبية العبارة التي يَحيكها، ويخرج على جميع العبارات المقولبة متمرَّدًا على الصورة والمعنى، ومن قصائد هذا الديوان: فكِّر بغيرك، الآن في المنفى، في البيت أجلس، مقهى وأنتَ مع الجريدة جالسٌ وغيرها. أرى ما أريد: من دواوين محمود درويش الشعرية، أبدع فيه كغيره من الدواوين، ويقول فيه: أرى ما أريدُ مِنَ الحقل، إنَّي أَرى جدائلَ قَمْحٍ تُمَشِّطُهَا الريح، أُغمضُ عينيِّ: هذا السرابُ يُؤدِّي إلى النَهَوَنْدْ، وهذا السكونُ يُؤَدِّي إلى اللازَوَردْ. وردٌ أقل: نُشر هذا الديوان في عام 1986م، وهو من كتب محمود درويش الشعرية الهامة، ومن أهم القصائد الموجودة في الديوان: لا نصدق فراشاتنا، وردٌ أقل، على هذه الأرض ما يستحقُّ الحياة، أريدُ مزيدًا من العمر، وداعًا لما سوف يأتي، سيأتي الشتاء الذي كان وغيرها. قصائد محمود درويش بعد الحديث عن أهمّ كتب محمود درويش لا بدَّ من سرد بعض القصائد التي أبدعَ فيها الشاعر الكبير، فقد تركَ إرثًا كبيرًا من الأشعار التي يردُّدها ملايين الناس كلّ يوم، فقد كانت قصائد درويش قريبة جدًّا من الواقع وتمسُّ مشاكل الناس وهمومَهم، ما أدّى إلى انتشارها وقَبولها بشكل كبير، وسيتمُّ ذكر بعض قصائد محمود درويش فيما يأتي: قصيدة: فكِّر بغيرك:[٣] وأنتَ تُعِدُّ فطورَك، فكِّر بغيركَ لا تَنْسَ قوتَ الحمامْ وأنتَ تخوضُ حروبكَ، فكِّر بغيركَ لا تنس مَنْ يطلبون السلامْ وأنتَ تسدِّدُ فاتورةَ الماء، فكِّر بغيركَ مَنْ يرضَعُون الغمامٍ وأنتَ تعودُ إلى البيت، بيتكَ، فكِّر بغيركَ لا تنسَ شعبَ الخيامْ وأنت تنام وتُحصي الكواكبَ، فكِّر بغيركَ ثمّةَ مَنْ لم يجد حيِّزًا للمَنام وأنتَ تحرِّر نفسَك بالاستعاراتِ، فكِّر بغيركَ مَنْ فقدوا حقَّهم في الكلام وأنتَ تفكِّر بالآخرين البعيدين، فكِّر بنفسِك قُلْ: ليتَني شمعةٌ في الظَّلام. قصيدة: وداعًا لما سوف يأتي:[٤] وَدَاعًا لِمَا سَوْفَ يَأتِي بِهِ الوَقْتُ بَعْدَ قلِيلٍ، وَدَاعَا وَدَاعًا لِمَا سَوْفَ تَأتِي بِهِ الأمْكِنَهْ تَشَابَهَ في اللَّيْلِ لَيْلِي، وَفِي الرَّمْلِ رَمْلِي، وَمَا عَادَ قَلْبِيَ مَشَاعَا وَدَاعًا لِمَنْ سَأَرَاهَا بِلادًا لِنَفْسِي، لِمَنْ سَأَرَاهَا ضِياعَا سَأَعْرِفُ كَيْفَ سَأَحْلُمُ بَعْدَ قَلِيلٍ، وَكَيْفَ سَأَحْلُمُ بَعْدَ سَنَهْ وَأَعْرِفُ مَا سَوْفَ يَحْدُثُ في رَقْصَةِ السَّيْفِ وَالسَّوْسَنَهْ وَكَيْفَ سَيْخلَعُ عَنِّي القنِاعُ القِنَاعَا قصيدة: لاعب النرد:[٥] الآن كنتَ الآنَ سوف تكونْ فاعرفْ من تكونُ لكي تكونْ يقولُ المحبُّ المجرِّبُ في سرِّه: هو الحبُّ كذبتُنا الصادقَةْ فتسمعُه العاشقَةْ وتقول: هو الحبُّ يأتي ويذهبُ كالبرقِ والصاعقةْ ربما قالَ: لو كنتُ غيرِي لصرتُ أنَا، مرةً ثانيَةْ لا أقول: الحياةُ بعيدًا هناكَ حقيقيَّةٌ وخياليَّة الأمكنِةْ بل أقول: الحياة هنا ممكنةْ. قصيدة: الآن في المنفى:[٦] الآنَ في المنفى نعم في البيتِ في الستِّينَ من عُمْرٍ سريعٍ يُوقدونَ الشَّمعَ لكْ فافرحْ بأقصَى ما استطعتَ من الهُدوءِ لأنَّ موتًا طائشًا ضلَّ الطريقَ إليكَ من فرطِ الزحامِ وأجَّلكْ قمرٌ فضوليٌّ على الأطلالِ يضحكُ كالغَبي فلا تصدِّقْ أنَّه يدنو لكِي يستقبلَكْ هُوَ في وظيفتِه القديمةِ، مثلُ آذارَ الجديدِ أعادَ للأشجارِ أسْماءَ الحنينِ وأهمَلكْ فلتحتفلْ مع أصدقائكَ بانكسارِ الكأسِ في الستِّين لن تجِدَ الغَدَ الباقِي لتحملَهُ على كتِفِ النشيدِ ويحملكْ قُلْ للحياةِ كما يليقُ بشاعرٍ متمرِّسٍ: سيرِي ببطءٍ كالإناثِ الواثقاتِ بسحرهنَّ وكيدهنَّ لكلِّ واحدةْ نداءُ ما خفيٌّ: هَيْتَ لَكْ / ما أجملَكْ! سيري ببطءٍ، يا حياةُ ، لكي أراك بِكاملِ النُقصانِ حولي. كم نسيتُكِ في خضمِّكِ باحثًا عنِّي وعنكِ، وكُلَّما أدركتُ سرًا منكِ قُلتِ بقسوةٍ: ما أّجهلَكْ! قُلْ للغياب: نَقَصتَني وأنا حضرتُ لأُكملَكْ!