كلمة رومانسيّة كلمة مُستحدَثة في اللغةِ العربيّة، وظهر مصطلحانِ آخرانِ يُحاكِيانها في المعنى هما: الرومانتيكيّة والرومانطيقيّة، وهي كلمة مشتقّة من "رومانس"، وتعني نوعًا من القَصص شاعَ في القرون الوسطى في معظمِ البلاد الأوروبيّة الجنوبيّة خاصّة، كانت تُنظَم شعرًا في الغالب وتدورُ حول مغامرات الفرسان وبطولاتهم في سبيل المكارم والحبّ، وتعني أيضًا كلَّ ما هو خياليّ أو غير واقعيّ، بعيد عن العقل قريب من العواطف والمشاعر، وفي القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر كان هذا اللفظ يُطلق على كلّ بادِرة جديدة تتحدّى القواعد الأدبيّة المترسّخة بالذم والتبخيس، أمّا الآن فإنّ مصطلح الرومانسيّة يُطلق على مذهب أدبيّ بعَيْنِه، وفي هذا المقال تعريف حول المذهب الرومانسي وخصائصه. المذهب الرومانسي يُعرّف المذهب الرومانسي أنّه مذهبٌ أدبيٌّ يهتمّ بالنفس الإنسانيّة وما تزخر به من عواطف ومشاعر وأخيلة أيًّا كانت طبيعة صاحبها، مؤمنًا أم ملحدًا، إذ إنّها تفصلُ الأدب عن الأخلاق، ولذا يتّصف هذا المذهب بالسهولة في التعبير والتفكير، وإطلاق النفس على سجيّتها، والاستجابة لأهوائها، وهو مذهبٌ متحرّر من قيود العقل والواقعيّة الظاهِرَيْن بوضوح في المذهب الكلاسيكيّ الأدبيّ، وقد زخرت بتيّاراتٍ لادينيّة وغير أخلاقيّة [١]، وقد بدأ المذهب الرومانسيّ أو الرومانتيكيّ بالظهور أوائلَ القرن التاسع عشر ميلادي، وبظهورِهِ اكتسحَ ثقافةَ أوروبّا السائدة في ذلك الوقت، واستطاعَ أن يحلّ محلَّ الكلاسيكيّة، حيث جاء هذا المذهب كردّة فعل على الكلاسيكيّة ذات القيود والنظام الصارم، حيث تمَلمَلَ الأدباء من هذا المذهب وثاروا عليه، كما كان للفوضى السياسيّة الناتجة عن الحروب التي تفجرت آنذاك كحروب نابليون والتصارع على المستعمرات والحروب بين الدول المتجاورة في أوروبّا أثرٌ في انتشار هذا المذهب. [٢] خصائص المذهب الرومانسي لكلِّ مذهبٍ من المذاهب الأدبيّة خصائصُ تُميّزه عن غيره من المذاهب، وتتنوّعُ هذه الخصائص وتختلف بحسب ما أرسى أصحاب هذا المذهب قواعدَه ومبادئه الفكريّة والجماليّة والأخلاقيّة، وفيما يأتي ذكرُ أبرز خصائص المذهب الرومانسيّ: [٣] غَلَبة الكآبة والحزن والصراع الدراميّ النفسي، والشعور بتفاهة الحياة وسخافتها. الاعتماد على الطبيعة وجمالها، واتخاذها إطارًا من إطارات المشاهد القصصيّة. الذاتية الموغِلة في التشاؤم المنبثق عن الاضطراب النفسيّ الشديد. الاهتمام بالآداب القوميّة والشعبيّة. التمرّد على جميع الأنظمة والقوانين والأحكام والأعراف، والمناداة بالحرية الأخلاقية والفكرية. البطل الرومانسي مستمَدّ من الشخصيات البشريّة وليس آلهة أو بطلًا خارقًا، حيث استمدّت شخصيّاتها وملامحَها من التاريخ الوسيط أو الوطني المعاصر أو الحياة الاجتماعية، ولكن ضمن الإطار الشاعري، فهناك البطل العاشق اليائس البائس، والبطل البطل الذي يمثّل العظمة والعبقرية، والبطل المعذّب الشديد الحساسيّة، والبطل الشجاع الطيّب، والبطل الذي ظلمه المجتمع. اتّجه أدباء الرومانسّيّة صوبَ قضيّة المرأة فأعطوها منزلتها وأعادوا إليها اعتبارها الاجتماعيّ، واختلفت النظرة الشعريّة إليها من شاعر إلى آخر، فبينما وجد فيها بعضهم الحبيبة المعبودة والمُلهِمة والملاك الذي هبط من السماء، رأى فيها آخرون تجسيدًا للشرور الشيطانيّة ومَجلبة للشقاء والألم، وشاهد فيها آخرون كِلا الوجهيْن المتناقضيْن، وعلى العموم هي عندهم القَدَرُ الذي لا فِكاك منه. سما الحب عندهم إلى مرتبة العبادة، وقد نظروا إليه نظرة شموليّة تصوفيّة، وكالمحرك الأكبر للكون. الاعتماد على اللغة السهلة، والابتعاد عن اللغة الكلاسيكية الجزلة والمتصنعة والوعرة. رواد المذهب الرومانسي عند الغرب ظهرت الرومانسيّة كمذهب أدبيّ، وبدأ الناس يدركون معناها الحقيقيّ التجديديّ وثورتها ضدّ الكلاسيكية، واتجه صوبَها الكثير من الأدباء والنقاد والمفكرين الغربيّين كطريق أكثر حرية من قيود الكلاسيكيّة، ومن أبرز المفكرين والأدباء الذين اعتنقوا الرومانسية ما يأتي: جان جاك روسو: كاتبٌ وأديبٌ وفيلسوف، ويعد رائدَ الرومانسيةِ الحديثةِ حيث مهد لظهورها. [١] شاتوبريان: كاتبٌ فرنسيٌ عدَّهُ البعضُ المؤسّسَ الحقيقي للرومانسية، حيث أهلتهُ تجربته مع الحياة ليكون كذلك، فكانت قصصه وكتاباته تعكس واقع حياته، وتدور أحداثها حول مشاعر المَلل والوحدة والحزن العميق، ويعدّ من رواد المذهب الذين ثاروا على الأدب اليونانيّ القائم على تعدّد الآلهة. [١] بودلير: شاعرٌ وناقدٌ فني فرنسيّ، ويعدُّ من أبرزِ شعراءِ القرنِ التاسع عشر ومن رموز الحداثة في العالم، اتّخذَ المذهب الرومانسيّ في عصره شكل الإلحاد بالدين. [١] فيكتور هوجو: أديبٌ وشاعرٌ وروائيٌ فرنسي، وهو من أبرزِ أدباءِ فرنسا في الحقبة الرومانسية. [٤] لامارتين: كاتبٌ وشاعرٌ وسياسيٌ فرنسيٌ رومانسي، يمكن إعادة النصوص الرومانسية المتميزة له إلى مشاهد أو ذكريات في إطار من الطبيعة، وإلى الكآبة والإحباط واليأس، وإلى الأمل والهدوء وهيمنة الطبيعة على هذه الكآبة. [٤] رواد المذهب الرومانسي عند العرب دخلت الرومانسية إلى الأدب العربيّ، وقد تأسّست جمعيات ومدارس للأدباء والمبدعين العرب في ظل المذهب الرومانسي كالرابطة القلمية لشعراء المهجر ومدرسة الديوان وجماعة أبولو، ومن أبرز المبدعين العرب الذين اعتنقوا الرومانسية: جبران خليل جبران: كاتبٌ وأديبٌ ورسّامٌ وشاعرٌ لبناني، أسَسَ الرابطة القلمية التي ثارت على ما هو تقليدي واتجهت نحو التجديد، وقد كانت ملامح الرومانسية واضحة وظاهرة جدًا في مؤلفاته. [٥] خليل مطران: شاعرٌ لبناني، ويُعدُ واحدًا من روادِ حركةِ التجديد، تأثر بالمدرسة الرومانسية واستقر عليها بعد أن قَلدَ شعراء عصره في بعض الموضوعات التقليديّة، حيث كان لثقافته الفرنسية أثرٌ في توجهه نحو المدرسة الرومانسية. [٦] عباس محمود العقاد: أديبٌ ومفكرٌ وصحفيٌ وشاعرٌ مصري، كان من مُؤسسي مدرسة الديوان والتي تأثرت بالرومانسية في الأدب الإنجليزي فكان نقدهم مبنيًا على مبادئ الرومانسية وتعاليمها. [٧] ميخائيل نعيمة.: قاصٌّ وروائيٌّ، ومسرحيٌّ، وكاتبُ مقالات، وناقدٌ كبير، يُعدُّ أحدَ مؤسّسي الرابطة القلمية، وكانت ملامح الرومانسية بارزة في مؤلفاته. [٨] إبراهيم ناجي: شاعرٌ مصري، مَالَ إلى الرومانسية وكان وكيلًا لجماعة أبولو التي اتجهت نحو المذهب الرومانسي، وكان به نزعة روحية "صوفية"