نعمة العلم ، نعم الله على عباده ، وجوب الحفاظ على النعم
نعم الله على عباده كثيرة لا تحصى {و ان تعدٌوا نعمة الله لا تحصوها} (سورة النحل:آية 1), ومن أعظم النعم نعمة الدين و نعمة العلم و هما متلازمان, فان العلم مع حسن القصد قائدان الى الصراط المستقيم. قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: (وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: ((من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)) ولازم ذلك أن من لم يفقهه الله في الدين لم يرد به خيرا,فيكون التفقه في الدين فرضا)[مجموع الفتاوى(20/212)]. وحسبك يا طالب العلم أن تستشعر منُة الله و فضله عليك باصطفائك لطلب العلم , فما كل الناس اختارهم الله لذلك.
قال ابن القيم: (فالله سبحانه أعلم حيث يجعل رسالاته أصلا و ميراثا,فهو أعلم بمن يصلح ليحمل رسالته فيؤديها الى عباده بالأمانة و النصيحة و تعظيم المرسل و القيام بحقه ,و الصبر على أوامره, و الشكر لنعمه و التقرب اليه,و من لا يصلح لذلك. و كذلك هو سبحانه أعلم بمن يصلح من الأمم لوراثة رسله و القيام بخلافتهم و حمل ما بلغوه عن ربهم,قال عبد الله بن مسعود: ((ان الله نظر في قلوب العباد فرأى قلب محمد صلى الله عليه و سلم خير قلوب أهل الأرض فاختصه برسالته ,ثم نظر في قلوب العباد فرأى قلوب أصحابه خير قلوب العباد فاختارهم لصحبته)). الى أن قال (يعني ابن القيم عليه رحمة الله): (و المقصود :أن الله سبحانه أعلم بمواقع فضله و رحمته و توفيقه,و من يصلح لها و من لا يصلح ,و أن حكمته تأبى أن يضع ذلك عند غير أهله, كما تأبى أن يمنعه من يصلح له. و هو سبحانه الذي جعل المحل صالحا و جعله أهلا و قابلا , فمنه الاعداد و الامداد , و منه السبب و المسبب)).[طريق الهجرتين] و العلم رأس الفضائل , و لذة العلم أعظم اللذات, و من ذاق حلاوة العلم و تمتع بلذته فانه لا يستغني عنه ,فحري بمن رزق هذه النعمة أن يدعو بالزيادة, و أن يشكرها لتحفظ الموجود و تجلب المفقود. و شكر هذه النعمة يكون بالعمل بها , و بثها في الناس, و السعي في رفع الجهالة عن الناس, و اشاعة الحق. قال والدنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله معلقا على حديث: ((لا تكن مثل فلان كان يقيم الليل ثم تركه)) [شرح رياض الصالحين(7/67 )]: (و من ذلك -و هو أهم و أعظم -: أن يبدأ الانسان بطلب العلم الشرعي , ثم اذا فتح الله عليه بما فتح تركه , فان هذا كفر نعمة أنعمها الله عليه , فاذا بدأت بطلب العلم فاستمر الا أن يشغلك عنه شيء على وجه الضرورة , و الا فداوم لأن طلب العلم فرض كفاية, كل من طلب العلم فان الله تعالى يثيبه على طلبه ثواب الفرض) انتهى كلامه عليه رحمة الله.
و التهاون في مذاكرة العلم , و تضييعه و نسيانه تهاونا و تفريطا هو من كفران هذه النعمة ,قال النبي صلى الله عليه و سلم: ((من تعلم الرمي ثم نسيه فليس منا)). [صحيح مسلم] و في رواية: (( فهي نعمة جحدها)).[المعجم الأوسط]
من كتاب[النبذ في آداب طلب العلم] تأليف حمد بن ابراهيم العثمان.