السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخبرني أبي أنه لا ينبغي أن نسجد للسهو في صلاتي الجمعة والعيد ، فما مدي صحة قوله هذا ؟ الجواب :
الحمد لله
أولا :
سبق الكلام في حكم صلاة العيد في جواب السؤال رقم : (48983) ، (49014) .
وتقدم في جواب السؤال رقم (45456) أنه يشرع سجود السهو في الصلاة النافلة كمشروعيته في الصلاة المكتوبة سواء بسواء ، وعلى ذلك جمهور أهل العلم .
إذ الأصل مشروعية سجود السهو في الصلاة عند وجود سببه ، ولم يفرق الشارع بين الفرض والنفل في ذلك .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" سجود السهو مشروع في جميع الصلوات ، نافلة أو فريضة ؛ لعموم الأحاديث " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (30 /13) .
صلاة الجمعة لا يختلف أحد في فرضيتها ، فجبران السهو فيها بالسجود آكد .
وأما صلاة العيد ، فسواء قلنا إنها فرض أو نفل ، فهي كسائر الصلوات ؛ إن وقع فيها سهو فإنّه يجبر بسجوده .
ولم نجد من أهل العلم ، من أصحاب المذاهب المتبوعة وغيرهم من أئمة الفقهاء ، من فرق بين سائر الصلوات وصلاة الجمعة والعيدين في سجود السهو .
إلا أن المشهور من قول متأخري الحنفية أن الأولى ترك سجود السهو في الجمعة والعيدين إذا حضر فيهما جمع كبير، لئلا يشتبه الأمر على المصلين ، مع أنه لا فرق ـ عندهم أيضا ـ في أصل الحكم بين سجود السهو في الفريضة والنافلة ، لكن إنما استحسن تركه في الجمع الكبير للعارض المذكور .
قال برهاني الدين البخاري الحنفي في "المحيط" (2 /229) :
" قال في "الأصل" : والسهو في العيدين والجمعة والمكتوبة والتطوع سواء ؛ لأن الجمعة والعيدين ساوت سائر الصلوات فيما يوجب الفساد ، فتساويها فيما يوجب الجبر، إلا أن مشايخنا قالوا : لا يسجدون للسهو في الجمعة والعيدين كيلا يقع الناس في الفتنة " انتهى .
وقال أبو بكر الحدادي في "الجوهرة النيرة" (1/ 95) :
" وَالسَّهْوُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْمَكْتُوبَةِ وَاحِدٌ ، مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَسْجُدُ فِيهَا لِلسَّهْوِ ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ لَا يَسْجُدُ الْإِمَامُ لِلسَّهْوِ وَفِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ كَيْ لَا يَقَعَ الِاشْتِبَاهُ عَلَى مَنْ بَعُدَ مِنْ الْإِمَامِ " انتهى .
وقال ابن عابدين في "الحاشية" (2/ 157) :
" وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنْ لَا يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ لِتَوَهُّمِ الزِّيَادَةِ مِنْ الْجُهَّالِ ، كَذَا فِي السِّرَاجِ وَغَيْرِهِ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَدَمَ جَوَازِهِ ، بَلْ الْأَوْلَى تَرْكُهُ كَيْ لَا يَقَعَ النَّاسُ فِي فِتْنَةٍ " انتهى.
ومن الواضح من كلام ابن عابدين وغيره ، أن هذا القول إنما اشتهر عند متأخري الأحناف ، وأما أئمة المذهب وقدماؤهم فلا يعرف عنهم ذلك ، بل المعروف عنهم خلافه ، كما يظهر مما تقدم ، وهذا هو محمد بن الحسن الشيباني ، صاحب الإمام أبي حنيفة وناشر مذهبه وفقيه العراق ، يرى سجود السهو في العيدين والجمعة وسائر الصلوات .
قال أبو سليمان الجوزجاني : " قلت – أي لمحمد بن الحسن - : أرأيت السهو في العيدين والجمعة والصلاة المكتوبة والتطوع أهو سواء ؟ قال نعم " انتهى من "المبسوط" (1 /383) .
وهذا هو الحق الموافق لقول جماهير أهل العلم ، وما تقدم نقله عن متأخري الحنفية فهو رأي واستحسان ، لكنه قول مرجوح غير ظاهر .
والصواب ما تقدم من أن سجود السهو مشروع في كل صلاة ، فرضا كانت أو نفلا ، إذا وُجد سببه ، لا فرق في ذلك بين صلاة العيدين أو صلاة الجمعة أو غيرها من الفرائض والنوافل .
والله تعالى أعلم .
أخبرني أبي أنه لا ينبغي أن نسجد للسهو في صلاتي الجمعة والعيد ، فما مدي صحة قوله هذا ؟ الجواب :
الحمد لله
أولا :
سبق الكلام في حكم صلاة العيد في جواب السؤال رقم : (48983) ، (49014) .
وتقدم في جواب السؤال رقم (45456) أنه يشرع سجود السهو في الصلاة النافلة كمشروعيته في الصلاة المكتوبة سواء بسواء ، وعلى ذلك جمهور أهل العلم .
إذ الأصل مشروعية سجود السهو في الصلاة عند وجود سببه ، ولم يفرق الشارع بين الفرض والنفل في ذلك .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" سجود السهو مشروع في جميع الصلوات ، نافلة أو فريضة ؛ لعموم الأحاديث " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (30 /13) .
صلاة الجمعة لا يختلف أحد في فرضيتها ، فجبران السهو فيها بالسجود آكد .
وأما صلاة العيد ، فسواء قلنا إنها فرض أو نفل ، فهي كسائر الصلوات ؛ إن وقع فيها سهو فإنّه يجبر بسجوده .
ولم نجد من أهل العلم ، من أصحاب المذاهب المتبوعة وغيرهم من أئمة الفقهاء ، من فرق بين سائر الصلوات وصلاة الجمعة والعيدين في سجود السهو .
إلا أن المشهور من قول متأخري الحنفية أن الأولى ترك سجود السهو في الجمعة والعيدين إذا حضر فيهما جمع كبير، لئلا يشتبه الأمر على المصلين ، مع أنه لا فرق ـ عندهم أيضا ـ في أصل الحكم بين سجود السهو في الفريضة والنافلة ، لكن إنما استحسن تركه في الجمع الكبير للعارض المذكور .
قال برهاني الدين البخاري الحنفي في "المحيط" (2 /229) :
" قال في "الأصل" : والسهو في العيدين والجمعة والمكتوبة والتطوع سواء ؛ لأن الجمعة والعيدين ساوت سائر الصلوات فيما يوجب الفساد ، فتساويها فيما يوجب الجبر، إلا أن مشايخنا قالوا : لا يسجدون للسهو في الجمعة والعيدين كيلا يقع الناس في الفتنة " انتهى .
وقال أبو بكر الحدادي في "الجوهرة النيرة" (1/ 95) :
" وَالسَّهْوُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْمَكْتُوبَةِ وَاحِدٌ ، مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَسْجُدُ فِيهَا لِلسَّهْوِ ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ لَا يَسْجُدُ الْإِمَامُ لِلسَّهْوِ وَفِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ كَيْ لَا يَقَعَ الِاشْتِبَاهُ عَلَى مَنْ بَعُدَ مِنْ الْإِمَامِ " انتهى .
وقال ابن عابدين في "الحاشية" (2/ 157) :
" وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنْ لَا يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ لِتَوَهُّمِ الزِّيَادَةِ مِنْ الْجُهَّالِ ، كَذَا فِي السِّرَاجِ وَغَيْرِهِ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَدَمَ جَوَازِهِ ، بَلْ الْأَوْلَى تَرْكُهُ كَيْ لَا يَقَعَ النَّاسُ فِي فِتْنَةٍ " انتهى.
ومن الواضح من كلام ابن عابدين وغيره ، أن هذا القول إنما اشتهر عند متأخري الأحناف ، وأما أئمة المذهب وقدماؤهم فلا يعرف عنهم ذلك ، بل المعروف عنهم خلافه ، كما يظهر مما تقدم ، وهذا هو محمد بن الحسن الشيباني ، صاحب الإمام أبي حنيفة وناشر مذهبه وفقيه العراق ، يرى سجود السهو في العيدين والجمعة وسائر الصلوات .
قال أبو سليمان الجوزجاني : " قلت – أي لمحمد بن الحسن - : أرأيت السهو في العيدين والجمعة والصلاة المكتوبة والتطوع أهو سواء ؟ قال نعم " انتهى من "المبسوط" (1 /383) .
وهذا هو الحق الموافق لقول جماهير أهل العلم ، وما تقدم نقله عن متأخري الحنفية فهو رأي واستحسان ، لكنه قول مرجوح غير ظاهر .
والصواب ما تقدم من أن سجود السهو مشروع في كل صلاة ، فرضا كانت أو نفلا ، إذا وُجد سببه ، لا فرق في ذلك بين صلاة العيدين أو صلاة الجمعة أو غيرها من الفرائض والنوافل .
والله تعالى أعلم .