نَظَرْتُ ورُكْنٌ مِنْ ذِقانَيْنِ دُونَهُ
مَفاوِزُ حَوْضَى أيّ نَظْرَةِ ناظِرِ
لأونَس إن لَمْ يَقصُرِ الطّرفُ عَنْهُمُ
فَلمْ تَقْصُرِ الأخْبارُ والطَّرفُ قاصرِي
فَوارِسُ أَجْلَى شَأْوُها عَنْ عَقِيرَةٍ
لِعاقرِها فيها عَقِيرَةُ عاقِرِ
فآنَسْتُ خَيْلاً بالرُّقَيِّ مُغِيرَةً
سَوابِقُها مِثْلُ القَطا المُتَواتِرِ
قَتِيلُ بَنِي عَوْفٍ وأَيْصُرُ دُونَهُ
قَتِيلُ بَني عَوْفٍ قَتِيلُ يُحاِيرِ
تَوارَدَهُ أسْيافُهُمْ فكَأَنَّما
تصادَرْنَ عَنْ أَقطاعِ أَبْيضَ باتِرِ
مِنَ الهِنْدُوانِيّاتِ في كلِّ قِطْعَةٍ
دَمٌ زَلَّ عَنْ أَثْرٍ مِنَ السَّيْفِ ظَاهِرِ
أَتَتْهُ المَنايا بَيْنَ زَعْفٍ حَصِينَةٍ
وأسْمَرَ خطّيٍّ وخَوْصاءَ ضَامِرِ
عَلى كلِّ جَرداءَ السَّراةِ وسابحٍ
دَرَأْنَ بِشُبَّاكِ الحديدِ زَوافِرِ
عَوابِسَ تَعْدُو الثّعْلَبِيَّةَ ضُمَّراً
وَهُنَّ شَواحٍ بالشّكِيمِ الشَّواجِرِ
فلا يُبْعِدَنْكَ اللّهُ يا تَوبُ إنّما
لِقاءُ المنايا دارِعاً مِثْلُ حاسِرِ
فإلاّ تَكُ القَتْلى بَواءً فإنَّكُمْ
ستَلْقَوْنَ يَوْماً وِرْدُهُ غَيْرُ صادِرِ
وإنَّ السَّلِيلَ إذْ يُباوِي قَتِيلَكُمْ
كَمَرْحُومَةٍ مِن عَرْكِها غَيْرِ طاهِرِ
فإنْ تَكُنِ القَتْلى بَواءً فإنَّكُمْ
فَتىً ما قَتَلْتُمْ آلَ عَوْفِ بنِ عامِرِ
فَتىً لا تَخَطَّاهُ الرِّفاقُ ولا يَرى
لِقدْرٍ عيالاً دُونَ جارٍ مُجاوِرِ
ولاَ تأخُذُ الكُومُ الجِلادُ رِماحَها
لِتَوْبَةَ في نَحْسِ الشّتاءِ الصَّنابِرِ
إذا ما رأَتْهُ قائِماً بِسِلاحِهِ
تَقَتْهُ الخِفافُ بالثِّقالِ البَهازِرِ
إذا لَمْ يَجُدْ منها برسْلٍ فَقَصْرُهُ
ذُرى المُرْهَفاتِ والقِلاصِ التَّواجِرِ
قَرى سَيْفَه منها مُشاشاً وضَيْفَه
سَنامَ المَهارِيسِ السِّباطِ المشافِرِ
وتَوْبَةُ أحْيا مِنْ فَتاةٍ حَيِيَّةٍ
وأَجْرأُ مِنْ لَيْثٍ بخَفّانَ خادِرِ
فَتى لا تَراهُ النّابُ إلفاً لسَقْبِها
إذا اخْتَلَجتْ بالناسِ إحْدى الكَبائرِ
ونِعْمَ الفَتى إنْ كانَ تَوْبَةُ فاجِراً
وفوق الفتى إن كان ليس بفاجِرِ
فَتىً يَنْهَلُ الحاجاتِ ثُمَّ يَعُلُّها
فيُطلِعُها عَنْهُ ثَنايا المَصادِرِ
كأنَّ فَتى الفِتْيانِ تَوْبَةَ لَمْ يُنِخْ
قَلائصَ يَفْحَصْنَ الحصا بالكَراكِرِ
ولَمْ يَبْنِ أَبْراداً عِتاقاً لِفِتيةٍ
كِرامٍ وَيَرْحَلْ قَبْلَ فَيْءِ الهواجِرِ
وَلَمْ يَتَجَلَّ الصُّبْحُ عَنْهُ وَبَطْنُهُ
لَطِيفٌ كطَيِّ السِّبِّ لَيْسَ بِحادِرِ
فَتىً كان لِلْمَوْلى سَناءً ورِفْعَةً
وللطّارقِ السَّاري قِرىً غيْرَ باسِرِ
ولَمْ يُدْعَ يَوْماً لِلْحِفاظِ وللنَّدى
ولِلْحَرْبِ يَرْمي نارَها بالشرائِرِ
وللبازِلِ الكَوْماءِ يَرْغُو حُوارُها
وللخيلِ تَعْدُو بالكُماةِ المَساعِرِ
كأَنَّكَ لَمْ تَقْطَعْ فَلاةً ولَمْ تُنِخْ
قِلاصاً لَدى فَأْوٍ مِنَ الأَرضِ غائرِ
وتُصْبِحْ بمَوْماةٍ كأنَّ صَرِيفَهَا
صَريفُ خَطاطِيفِ الصَّرى في المَحاوِرِ
طَوَتْ نَفْعَها عنّا كِلابٌ وآسَدَتْ
بِنا أَجْهَلِيها بَيْنَ غاوٍ وشاعرِ
وَقَدْ كانَ حَقّاً أَنْ تَقُولَ سَراتُهم
لَعاً لأخِينا عالياً غَيْرَ عاثِرِ
ودَوِّيَّةٍ قَفْرٍ يَحارُ بِها القَطا
تَخَطَّيْتَها بالنّاعِجاتِ الضوامِرِ
فَتَاللّهِ تَبْنِي بَيْتَها أُمُّ عاصِمٍ
عَلى مِثْلِهِ أُخْرى اللّيالي الغوابِرِ
فليسَ شِهابُ الحَرْبِ تَوْبَةُ بَعْدَها
بِغازٍ وَلا غادٍ بِرَكْبِ مسافِرِ
وَقَدْ كانَ طَلاَّعَ النّجادِ وبَيِّنَ اللّ
سانِ ومِدْلاجَ السُّرى غَيْرَ فاتِرِ
وقَدْ كانَ قَبْلَ الحادِثاتِ إذا انْتَحَى
وَسائقَ أَو مَعْبُوطةً لَمْ يُغادِرِ
وكُنْتَ إذا مَوْلاكَ خافَ ظُلامَةً
دَعاكَ ولَمْ يَهْتِفْ سِواكَ بناصِرِ
دَعاكَ إلى مَكْرُوهَةٍ فَأجَبْتَهُ
عَلى الهَوْلِ منّا والحُتُوفِ الحَواضِرِ
فإنْ يكُ عبدُ اللّهِ آسَى ابْنَ أمِّهِ
وآبَ بأسلابِ الكميّ المُغاوِرِ
وكان كذاتِ البَوِّ تَضْرِبُ عِنْدَهُ
سِباعاً وقد أَلْقَيْنَهُ في الجراجِرِ
فإنّك قَدْ فارَقْتَهُ لَكَ عاذِراً
وأنّى لحيٍّ عُذْرُ من في المقابِرِ
فأقسمتُ أَبكي بَعْدَ توبَةَ هالكاً
وأحْفِلُ من نالَتْ صُرُوفُ المقادِرِ
على مِثْلِ همّامٍ ولابْنِ مُطَرِّفٍ
لِتَبْكِ البواكي أو لبِشْرِ بْنِ عامِرِ
غُلامانِ كانا اسْتَوْرَدا كُلَّ سَوْرَةٍ
مِنَ المَجْدِ ثُمَّ اسْتَوْثَقا في المصادِرِ
رِبيعَيْ حَياً كانا يَفيضُ نَداهُما
عَلى كُلِّ مغمورٍ نَداهُ وغامِرِ
كأَنَّ سَنا نارَيْهِما كُلَّ شَتْوَةٍ
سَنا البَرْقِ يَبْدُو للعُيُونِ النواظِرِ
فَتىً فيه فتيانيَّةٌ أريحيَّةٌ
بقيَّة أعرابيَّةٍ مِنْ مُهاجِرِ
أَتَتْكَ العَذارى مِنْ خَفاجَةَ نِسْوَةٌ
بِماءِ شُؤُونِ العَبْرَةِ المُتَحادِرِ