السؤال:
قصتي هي كالتالي : أنا فتاة عمري 25 عاماً ، من سوريا ، قام بخطبتي زميل لي في الدراسة طبيب منذ أقل من سنة – تقريباً - ، وبعد أن أعطيناه الموافقة وكنا سنتم أمور الخطبة بدأت الأحداث في سوريا ، وسافرنا على إثرها إلى دولة أخرى فتم تأجيل الموضوع مدة 8 شهور ، وكنت خلال هذه الفترة مترددة كثيراً وفكرت كثيراً بالتراجع عن قراري ؛ لأنني كنت غير مقتنعة بشكل كامل ، وكنت أحس بعدم ارتياح بسبب عدة أمور ، منها : أنه صارحني عندما جاء لخطبتي أنه كان يحب فتاة وأراد الزواج منها ولكن عدم قبول أهله بها جعله يتركها ، وكانت تصله مضايقات من فتاة لا يعرفها عن طريق الجوال ، تريده أن يخطبها ؛ لأنها تحبه ، وكنت أصلي الاستخارة بشكل شبه يومي تقريباً ، وبعد عودتنا لبلدنا جاء هو وأهله ليتموا الموضوع فوافقتُ عندها ؛ لأن الشاب ملتزم دينيّاً ، وأخلاقه حسنة ، وشهادته عالية ، وأنا لا أريد غير الستر ، وكان يؤكد لي أنه يحبني بشدة ، وأنه يرغب بي زوجة له ؛ لأنه معجب بأخلاقي وأدبي ، فتم عقد القران ، وسبحان الله ألقى الله محبته في قلبي ، ولكن بعد فترة أسبوعين بدأت تظهر المشاكل بيننا ؛ بسبب استيائي من عدم زيارته لنا ، واكتفائه برؤيتي في الجامعة ، فكان هذا الأمر يزعجني فهو يسكن في مدينة غير مدينتنا ، تبعد عنا قرابة الساعة ونصف ، مع أني يوميّاً أقطع هذه المسافة للذهاب للجامعة ، كان يعلل ذلك بسبب سوء الأوضاع الأمنية تارة وبسبب انشغاله بعمله تارة أخرى ، وبعد أن اقتنع بأن يأتي لزيارتنا كنت أتضايق من طريقة تعامله مع أختي التي تصغرني ، فهو معجب بشخصيتها ، كان يقول إنه يحبها مثل أخته ! وفعلا هو من الممكن كان كذلك فهو من الأشخاص طيبي القلب ، ولكني كنت أغار كثيراً وظهرت عدة مشاكل أخرى بيننا ، دائما أحس بضيق في نفسي حتى لو لم يكن هناك سبب ، فتملكني الحزن والضيق ، وكنت أبكي يوميّاً ، وندمت على الخطبة ، وكنت أقارنه بيني وبين نفسي مع أشخاص آخرين وكنت مقتنعة أنهم أفضل منه ، وعدت لصلاة الاستخارة لكن هذه المرة قررت أن أنوي على فسخ الخطوبة ، وبدأت بقراءة القرآن ؛ ليهديني الله إلى حسن الخيار مع أن أهلي كانوا يرفضون ذلك بشدة ؛ لعدم وجود أسباب جوهرية وواضحة ، وأني أنا من تتدلل وأن الشاب لم يخطئ بحقي في شيء ، وبعد تأنيب أهلي عدت لرشدي وقررت أن أعود كما كنت ، وهو حسَّن معاملته معي كثيراً وصار يهتم بي كثيراً ، وعشت فترة رائعة جدّاً وحمدت الله على تحسن الحال ، وخلال هذه الفترة قررنا السفر أنا وأهلي مدة أسبوع لخارج سوريا ، فطلبت منه المجيء كي أراه قبل أن أسافر ، ولكننا اتفقنا أن يأتي ويرجع قبل المغرب خوفا من الأوضاع الأمنية السيئة ، وفعلا جاء عندنا لكن سبحان الله تأخر عندنا بالوقت قليلا ولكننا لم نحس بالوقت يومها لا أنا ولا هو ، ولم أستطع أن أطلب منه النوم عندنا ؛ لأن أهلي كانوا يرفضون ذلك وهو لم يطلب مني ذلك ، ولم يخطر له النوم عند أحد أصدقائه مثلا فقد فعلها في إحدى المرات التي تأخر فيها عندنا ، ولكنه طلب من ابن عمته أن يأتي هو وأخوات خطيبي من قريته التي تبعد ثلث ساعة تقريبا ليأخذوه لأنه لا يملك سيارة ، وبالفعل جاؤوا وبعد خروجهم من عندنا جاءنا خبر وفاته هو وأخته ! وإصابة ابن عمته بسبب إلقاء قذيفة على سيارتهم من قبل قوات الأمن وهم في الطريق للقرية ، وأنا انهارت أعصابي ، والآن ألوم نفسي بشدة ، وأسئلتي هي : أولاً : هل هذا عقاب من الله لأني كنت أتكبر وأريد تركه ، وهو شاب ملتزم بدينه وعاملني معاملة حسنة وأحبني وأنا لم أشكر ربي على هذه النعمة ؟ . ثانياً : هل أتحمل أنا وأهلي ذنبهم لأننا جعلناهم يذهبون بوقت متأخر ؟ مع العلم أنه يومها لم يكن الوضع سيئاً للغاية ولم يخطر ببالنا أبداً أن يحدث شيء وكان الخبر صاعقة لنا ، وأنا أضع اللوم أحيانا على أهلي لأنهم لم يتركوه ينام عندنا . ثالثاً : هل يحتسبون عند الله من الشهداء كونهم قُتلوا ظلماً ؟ . أرجو الإجابة فأنا في حالة نفسية سيئة جدّاً ودموعي لم تجف منذ أن حدث الحادث .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله أن يرفع عنكم المحنة ويزيل البلاء ، وأن يرحم أمواتكم وأن يتقبلهم في الشهداء .
وإن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى ، وإن الله كتب الآجال على خلقه وقدَّرها فمن جاء أجله فلا يتأخر عنه ولا يتقدم ، قال تعالى ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الزمر/ 42 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - : " يخبر تعالى أنه المتفرد بالتصرف بالعباد في حال يقظتهم ونومهم وفي حال حياتهم وموتهم ، فقال ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ) وهذه الوفاة الكبرى وفاة الموت ... .
وقوله ( وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ) وهذه الموتة الصغرى ، أي : ويمسك النفس التي لم تمت في منامها ، ( فَيُمْسِكُ ) من هاتين النفسين النفس ( الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ ) وهي نفس من كان مات أو قضي أن يموت في منامه ، ( وَيُرْسِلُ ) النفس ( الأخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) أي : إلى استكمال رزقها وأجلها " انتهى من " تفسير السعدي " ( ص 725 ) .
ثانياً :
وأما ما بدر منك تجاه زوجك – باعتبار أن عقد الزوجية قد تمَّ بينكما - وتقصيرك في حقه والغيرة التي ظهرت منك فإن لها ما يبررها ، وقد تمَّ بعد ذلك إصلاح الأمر بينكما بتركك التفكير بتركه وبرجوع العلاقة بينكما على أفضل ما تكون ، فليس ثمة داعٍ للتفكير بما حصل قبل ذلك وتقليب المواجع عليك ، فلن ينفعك ذلك شيئاً بل سيسبب لك الكآبة والضرر النفسي والبدني ، ولا بأس من الحزن والبكاء اليسير لكن لتحذري من التسخط على قدر الله تعالى ، ولتحذري من النياحة ، وعسى الله أن يصبِّرك على مصابكِ ، وأن يأجركِ عليه ، وأن يخلف لك خيراً منه .
ثالثاً:
لا ينبغي لك تحميل اللوم فيما حصل له لأحد غير الطغاة المجرمين الذين باشروا قتله وقتل أخته ، وقد قدَّر هو – رحمه الله – الأمر ، ورأى أنه لا خطر عليه في رجوعه ليلاً إلى قريته ، ولا شك أنه لو توقع شيئاً مما جرى له لكان نام عند صديقه ، أو لكان طلب أن يبيت ليله في بيتكم ، فليس عليك ولا على أهلك عتب ولا ذنب ، وقد جرى له ما قدَّره الله عليه في الأزل ، ومما يؤيد صحة تقديره في ذات الأمر مجيء ابن عمته ومجيء أخته عندكم لإرجاعه لبيته ، ولو كانت الظروف غير مواتية للمسير ليلاً في ذلك الوقت لكان اعترض ابن عمته أو لكانت اعترضت أخته عليه ولما جاءوا إليه ليرجعوه إلى قريته .
فليس عليه لوم ولا على أهله ، وليس عليك لوم ولا على أهلك ، وقد حصل ما حصل له بتقدير الله وإرادته ، ونسأل الله أن يرحمه وأن يعفو عنه ، وإننا لنرجو أن يتقبله ربه – وأخته وكل مقتول ظلماً من المسلمين – في الشهداء ؛ لأنه قُتل ظلماً على أيدي الباطنية البعثية الملحدة ، ولأنه قتل في سيارته ، وهو شبيه بصاحب الهدم الذي ثبت في السنَّة أن له أجر الشهيد .
رابعاً:
ننبهك إلى أن عليك أن تعتدي لوفاته العدة الشرعية وهي أربعة أشهر وعشرة أيام ، ما يجب على المرأة المتوفى عنها زوجها أن تجتنبه من الأشياء ، وهي : الخروج من البيت في النهار إلا لحاجة وفي الليل إلا لضرورة ، ولبس الجميل من الثياب ، والتزين بالذهب وعموم الحلي ، ووضع العطور إلا إن طهرت من حيض أو نفاس فتستعمل شيئا يسيراً ، والتكحل ، والحنَّاء .
والله أعلم
قصتي هي كالتالي : أنا فتاة عمري 25 عاماً ، من سوريا ، قام بخطبتي زميل لي في الدراسة طبيب منذ أقل من سنة – تقريباً - ، وبعد أن أعطيناه الموافقة وكنا سنتم أمور الخطبة بدأت الأحداث في سوريا ، وسافرنا على إثرها إلى دولة أخرى فتم تأجيل الموضوع مدة 8 شهور ، وكنت خلال هذه الفترة مترددة كثيراً وفكرت كثيراً بالتراجع عن قراري ؛ لأنني كنت غير مقتنعة بشكل كامل ، وكنت أحس بعدم ارتياح بسبب عدة أمور ، منها : أنه صارحني عندما جاء لخطبتي أنه كان يحب فتاة وأراد الزواج منها ولكن عدم قبول أهله بها جعله يتركها ، وكانت تصله مضايقات من فتاة لا يعرفها عن طريق الجوال ، تريده أن يخطبها ؛ لأنها تحبه ، وكنت أصلي الاستخارة بشكل شبه يومي تقريباً ، وبعد عودتنا لبلدنا جاء هو وأهله ليتموا الموضوع فوافقتُ عندها ؛ لأن الشاب ملتزم دينيّاً ، وأخلاقه حسنة ، وشهادته عالية ، وأنا لا أريد غير الستر ، وكان يؤكد لي أنه يحبني بشدة ، وأنه يرغب بي زوجة له ؛ لأنه معجب بأخلاقي وأدبي ، فتم عقد القران ، وسبحان الله ألقى الله محبته في قلبي ، ولكن بعد فترة أسبوعين بدأت تظهر المشاكل بيننا ؛ بسبب استيائي من عدم زيارته لنا ، واكتفائه برؤيتي في الجامعة ، فكان هذا الأمر يزعجني فهو يسكن في مدينة غير مدينتنا ، تبعد عنا قرابة الساعة ونصف ، مع أني يوميّاً أقطع هذه المسافة للذهاب للجامعة ، كان يعلل ذلك بسبب سوء الأوضاع الأمنية تارة وبسبب انشغاله بعمله تارة أخرى ، وبعد أن اقتنع بأن يأتي لزيارتنا كنت أتضايق من طريقة تعامله مع أختي التي تصغرني ، فهو معجب بشخصيتها ، كان يقول إنه يحبها مثل أخته ! وفعلا هو من الممكن كان كذلك فهو من الأشخاص طيبي القلب ، ولكني كنت أغار كثيراً وظهرت عدة مشاكل أخرى بيننا ، دائما أحس بضيق في نفسي حتى لو لم يكن هناك سبب ، فتملكني الحزن والضيق ، وكنت أبكي يوميّاً ، وندمت على الخطبة ، وكنت أقارنه بيني وبين نفسي مع أشخاص آخرين وكنت مقتنعة أنهم أفضل منه ، وعدت لصلاة الاستخارة لكن هذه المرة قررت أن أنوي على فسخ الخطوبة ، وبدأت بقراءة القرآن ؛ ليهديني الله إلى حسن الخيار مع أن أهلي كانوا يرفضون ذلك بشدة ؛ لعدم وجود أسباب جوهرية وواضحة ، وأني أنا من تتدلل وأن الشاب لم يخطئ بحقي في شيء ، وبعد تأنيب أهلي عدت لرشدي وقررت أن أعود كما كنت ، وهو حسَّن معاملته معي كثيراً وصار يهتم بي كثيراً ، وعشت فترة رائعة جدّاً وحمدت الله على تحسن الحال ، وخلال هذه الفترة قررنا السفر أنا وأهلي مدة أسبوع لخارج سوريا ، فطلبت منه المجيء كي أراه قبل أن أسافر ، ولكننا اتفقنا أن يأتي ويرجع قبل المغرب خوفا من الأوضاع الأمنية السيئة ، وفعلا جاء عندنا لكن سبحان الله تأخر عندنا بالوقت قليلا ولكننا لم نحس بالوقت يومها لا أنا ولا هو ، ولم أستطع أن أطلب منه النوم عندنا ؛ لأن أهلي كانوا يرفضون ذلك وهو لم يطلب مني ذلك ، ولم يخطر له النوم عند أحد أصدقائه مثلا فقد فعلها في إحدى المرات التي تأخر فيها عندنا ، ولكنه طلب من ابن عمته أن يأتي هو وأخوات خطيبي من قريته التي تبعد ثلث ساعة تقريبا ليأخذوه لأنه لا يملك سيارة ، وبالفعل جاؤوا وبعد خروجهم من عندنا جاءنا خبر وفاته هو وأخته ! وإصابة ابن عمته بسبب إلقاء قذيفة على سيارتهم من قبل قوات الأمن وهم في الطريق للقرية ، وأنا انهارت أعصابي ، والآن ألوم نفسي بشدة ، وأسئلتي هي : أولاً : هل هذا عقاب من الله لأني كنت أتكبر وأريد تركه ، وهو شاب ملتزم بدينه وعاملني معاملة حسنة وأحبني وأنا لم أشكر ربي على هذه النعمة ؟ . ثانياً : هل أتحمل أنا وأهلي ذنبهم لأننا جعلناهم يذهبون بوقت متأخر ؟ مع العلم أنه يومها لم يكن الوضع سيئاً للغاية ولم يخطر ببالنا أبداً أن يحدث شيء وكان الخبر صاعقة لنا ، وأنا أضع اللوم أحيانا على أهلي لأنهم لم يتركوه ينام عندنا . ثالثاً : هل يحتسبون عند الله من الشهداء كونهم قُتلوا ظلماً ؟ . أرجو الإجابة فأنا في حالة نفسية سيئة جدّاً ودموعي لم تجف منذ أن حدث الحادث .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله أن يرفع عنكم المحنة ويزيل البلاء ، وأن يرحم أمواتكم وأن يتقبلهم في الشهداء .
وإن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى ، وإن الله كتب الآجال على خلقه وقدَّرها فمن جاء أجله فلا يتأخر عنه ولا يتقدم ، قال تعالى ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الزمر/ 42 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - : " يخبر تعالى أنه المتفرد بالتصرف بالعباد في حال يقظتهم ونومهم وفي حال حياتهم وموتهم ، فقال ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ) وهذه الوفاة الكبرى وفاة الموت ... .
وقوله ( وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ) وهذه الموتة الصغرى ، أي : ويمسك النفس التي لم تمت في منامها ، ( فَيُمْسِكُ ) من هاتين النفسين النفس ( الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ ) وهي نفس من كان مات أو قضي أن يموت في منامه ، ( وَيُرْسِلُ ) النفس ( الأخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) أي : إلى استكمال رزقها وأجلها " انتهى من " تفسير السعدي " ( ص 725 ) .
ثانياً :
وأما ما بدر منك تجاه زوجك – باعتبار أن عقد الزوجية قد تمَّ بينكما - وتقصيرك في حقه والغيرة التي ظهرت منك فإن لها ما يبررها ، وقد تمَّ بعد ذلك إصلاح الأمر بينكما بتركك التفكير بتركه وبرجوع العلاقة بينكما على أفضل ما تكون ، فليس ثمة داعٍ للتفكير بما حصل قبل ذلك وتقليب المواجع عليك ، فلن ينفعك ذلك شيئاً بل سيسبب لك الكآبة والضرر النفسي والبدني ، ولا بأس من الحزن والبكاء اليسير لكن لتحذري من التسخط على قدر الله تعالى ، ولتحذري من النياحة ، وعسى الله أن يصبِّرك على مصابكِ ، وأن يأجركِ عليه ، وأن يخلف لك خيراً منه .
ثالثاً:
لا ينبغي لك تحميل اللوم فيما حصل له لأحد غير الطغاة المجرمين الذين باشروا قتله وقتل أخته ، وقد قدَّر هو – رحمه الله – الأمر ، ورأى أنه لا خطر عليه في رجوعه ليلاً إلى قريته ، ولا شك أنه لو توقع شيئاً مما جرى له لكان نام عند صديقه ، أو لكان طلب أن يبيت ليله في بيتكم ، فليس عليك ولا على أهلك عتب ولا ذنب ، وقد جرى له ما قدَّره الله عليه في الأزل ، ومما يؤيد صحة تقديره في ذات الأمر مجيء ابن عمته ومجيء أخته عندكم لإرجاعه لبيته ، ولو كانت الظروف غير مواتية للمسير ليلاً في ذلك الوقت لكان اعترض ابن عمته أو لكانت اعترضت أخته عليه ولما جاءوا إليه ليرجعوه إلى قريته .
فليس عليه لوم ولا على أهله ، وليس عليك لوم ولا على أهلك ، وقد حصل ما حصل له بتقدير الله وإرادته ، ونسأل الله أن يرحمه وأن يعفو عنه ، وإننا لنرجو أن يتقبله ربه – وأخته وكل مقتول ظلماً من المسلمين – في الشهداء ؛ لأنه قُتل ظلماً على أيدي الباطنية البعثية الملحدة ، ولأنه قتل في سيارته ، وهو شبيه بصاحب الهدم الذي ثبت في السنَّة أن له أجر الشهيد .
رابعاً:
ننبهك إلى أن عليك أن تعتدي لوفاته العدة الشرعية وهي أربعة أشهر وعشرة أيام ، ما يجب على المرأة المتوفى عنها زوجها أن تجتنبه من الأشياء ، وهي : الخروج من البيت في النهار إلا لحاجة وفي الليل إلا لضرورة ، ولبس الجميل من الثياب ، والتزين بالذهب وعموم الحلي ، ووضع العطور إلا إن طهرت من حيض أو نفاس فتستعمل شيئا يسيراً ، والتكحل ، والحنَّاء .
والله أعلم