[size=32][size=32]سورة المنافقون (1) [/size][/size]
[rtl]
[rtl]
الكـاتب : عبد العظيم بدوي الخلفي
الحلقة الأولى:
إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون (1) اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون (2) ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون (3) وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون (4).
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين... وبعد:
سورة المنافقون سورة مدنية، واسمها يدل على موضعها، فهي تتحدّث عن النّفاق والمنافقين، لتهتك أستارهم، وتكشف أسرارهم، حتى يعرفهم المؤمنون فيحذروهم، إذ أن المنافقين أشدُّ خطرًا وأعظم ضررًا من الكافرين الذين صرحوا بكفرهم وعداوتهم للإسلام وأهله.
ثم خُتمت السورةُ بتحذير المؤمنين من فتنة المال والولد، وأَمْرِهم بالإنفاق مما رزقهم الله في سبيل الله، قبل أن يفوت الأوان بانتهاء الأجل، فيتحسر الإنسان ويندم على تقصيره ولات حين مناص ص: 3.
النفاق: هو أن يظهر الرجل خلاف ما يبطن. وهو قسمان: اعتقادي وعملي.
فالنفاق الاعتقادي: هو أن يظهر الرجل الإسلام ويبطن الكفر.
والنفاق العملي: هو أن يعمل المؤمن عملا من أعمال المنافقين، فيكون فيه خصلة من النفاق، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "أربعٌ مَنْ كنّ فيه كان منافقًا خالصًا ومن كانت فيه خصلةٌ منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر".
والنفاق الاعتقادي أعظمُ من الكفر الصريح، ولذا يجمع اللهُ الكافرين والمنافقين في جهنم جميعا، ثم يجعلُ المنافقين في الدرك الأسفل منها، كما قال - تعالى -: إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا النساء: 140، ثم قال: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا النساء: 145.
أما النفاق العملي فلا يُخرجُ المؤمن من دائرة الإيمان، وإن كانت فيه خصلة من النفاق، لكن يجب على المؤمن أن ينأى بنفسه عن شيم المنافقين.
ولا يجوز اتهام مؤمنٍ بالنفاق وإن كانت فيه خصلةٌ منه، فلا يجوز أن يُقال عن فلانٍ أنه منافق، لكن يجوز أن يُقال: فيه خصلة من النفاق؛ لأن النفاق محله القلب، ولا يطّلع على القلوب إلا علامُ الغيوب.
والسورة تتحدث عن نفاقِ الاعتقادِ وأهلهِ، وتبدأ بالإخبار عنهم. أنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم: إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله، فكذبهم الله في هذه الشهادة، وشهد على كذبهم فقال: والله يشهد إن المنافقين لكاذبون لأنهم لا يعتقدون بما شهدوا به، وإنما هي كلمة يقولونها بألسنتهم، وحتى لا يتوهَّم متوهِّم أنّ الله كذّبهم في دعوى رسالته - صلى الله عليه وسلم - جيء بهذه الجملة المعترضة والله يعلم إنك لرسوله، فأثبت - سبحانه - الرسالة لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، وكذّبهم في دعواهم أنهم يشهدون له بها.
اتخذوا أيمانهم جنة أي وقاية، يتّقون الناسَ بالأيمان الكاذبة، فإذا ما قالوا قولا، أو فعلوا فِعلا يُؤْخَذُ عليهم تنصّلوا منه، وتبرَّءوا، بالأيمان الكاذبة، والله ما قلنا، والله ما فعلنا. وربما يعملون العمل السيء ويحلفون أنهم مسلمون، فيغترّ بهم من لا يعرفهم، فيصدّقهم وربما اقتدى بهم، وفي ذلك من الضرر ما فيه، ولذا قال - تعالى -: "اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله صدّوا أنفسهم، وصدّوا غيرهم، إنهم ساء ما كانوا يعملون" وهل هناك أسوأ من الصدّ عن سبيل الله؟ ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام؟ الصف: 7، ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا أي ذلك الحلف الكاذب والصدّ عن سبيل الله، بسبب أنهم آمنوا بألسنتهم ثم كفروا بقلوبهم فطبع على قلوبهم والطّبْعُ هو الختم، وهو أشبه ما يكون بالشمع الأحمر إذا ضُرب على محلٍّ ما، فلا يخرج منه شيء، ولا يدخله شيء، وكذلك الطبع على القلوب والعياذ بالله إذا طُبِعَ على قلبٍ لا يخرج منه منكر، ولا يدخله معروف، فهم لا يفقهون فلا يعرفون معروفًا ولا ينكرون منكرا.
قال العلماء: لما تحدّث الله - تعالى - عن المنافقين في سورة البقرة ضرب لهم مثليْن: ناريًا، ومائيًّا، فالنّاري هو: "مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون (17) صم بكم عمي فهم لا يرجعون" البقرة: 17، 18.
والمائي: "أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين (19) يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير" البقرة: 19، 20.
فالنّاري مثل الذين آمنوا ثم كفروا، والمائي للذين هم في ريبهم يترددون ويميلون إلى الإسلام تارة، ويميلون عنه تارة، فهم كالذي يمشي في الظلمات يستضيء بنور البَرقِ كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا، فأما الذين آمنوا ثم كفروا ف مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون، فهم لما آمنوا خرجوا من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، فلما كفروا رُدّوا في الظلمات، فما هم بخارجين منها، صم بكم عمي فهم لا يرجعون، وذلك من الله عقوبة لهم على تركهم الإيمان بعد أن ذاقوا حلاوته، ورأوا نوره، ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون، كما قال - تعالى -: "فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم" الصف: 5.
ثم وصف الله المنافقين بجمال الصورة، وحلاوة اللسان، فقال: وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم فهذا حال ما ظهر منهم وأفئدتهم هواء إبراهيم: 43، يعني لا حياة فيها كأنهم خشب مسندة أي يشبهون الخشب المسنّدة إلي الحائط، في كونهم صورًا خاليةً عن العلم والنظر، فهم أشباحٌ بلا أرواحٌ، وأجسامٌ بلا أحلامٌ، فلا يعجبك جمالُ صورتهم، ولا عذوبةُ منطقهم.
ثم وصفهم الله بالضعف والخور، والجبن والهلع، فقال: "يحسبون كل صيحة عليهم" وهذا حال كل من يخالف فِعلُه قولَه، خائفون دائمًا، قلقون أبدا، يحذرون أن يُفضحوا، وتكشف أسرارهم، كما قال - تعالى -: "يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون" التوبة: 64، وقال - تعالى -: "أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم (29) ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم" محمد: 29، 30، ثم حذّر اللهُ نبيه منهم فقال: "هم العدو فاحذرهم" هم العدوّ الكامل العداوة، فاحذرهم ولا تأمنْهم وإن قالوا نشهدُ إنّك لرسول الله، وإنما حذر الله - تعالى - منهم لأن الخطر كامنٌ فيهم، وقد أظهروا الإسلام، وهذا يجعل المسلمين قد يأتمنونهم، فحذّر الله منهم، وبيّن أنهم هم العدو، وإن قالوا نحن مسلمون.
ثم دعا عليهم، ودعاءُ الله قضاءٌ مبرم، وحكمٌ نافذ، قاتلهم الله أي أخزاهم ولعنهم وأبعدهم عن رحمته. أنى يؤفكون كيف يُصرفون عن الهدى إلى الضلال؟ وكيف تضل عقولهم مع وضوح الدلائل والبراهين؟
والحمد لله رب العالمين.
[/rtl][/rtl]
[rtl]
[rtl]
الكـاتب : عبد العظيم بدوي الخلفي
الحلقة الأولى:
إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون (1) اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون (2) ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون (3) وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون (4).
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين... وبعد:
سورة المنافقون سورة مدنية، واسمها يدل على موضعها، فهي تتحدّث عن النّفاق والمنافقين، لتهتك أستارهم، وتكشف أسرارهم، حتى يعرفهم المؤمنون فيحذروهم، إذ أن المنافقين أشدُّ خطرًا وأعظم ضررًا من الكافرين الذين صرحوا بكفرهم وعداوتهم للإسلام وأهله.
ثم خُتمت السورةُ بتحذير المؤمنين من فتنة المال والولد، وأَمْرِهم بالإنفاق مما رزقهم الله في سبيل الله، قبل أن يفوت الأوان بانتهاء الأجل، فيتحسر الإنسان ويندم على تقصيره ولات حين مناص ص: 3.
النفاق: هو أن يظهر الرجل خلاف ما يبطن. وهو قسمان: اعتقادي وعملي.
فالنفاق الاعتقادي: هو أن يظهر الرجل الإسلام ويبطن الكفر.
والنفاق العملي: هو أن يعمل المؤمن عملا من أعمال المنافقين، فيكون فيه خصلة من النفاق، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "أربعٌ مَنْ كنّ فيه كان منافقًا خالصًا ومن كانت فيه خصلةٌ منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر".
والنفاق الاعتقادي أعظمُ من الكفر الصريح، ولذا يجمع اللهُ الكافرين والمنافقين في جهنم جميعا، ثم يجعلُ المنافقين في الدرك الأسفل منها، كما قال - تعالى -: إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا النساء: 140، ثم قال: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا النساء: 145.
أما النفاق العملي فلا يُخرجُ المؤمن من دائرة الإيمان، وإن كانت فيه خصلة من النفاق، لكن يجب على المؤمن أن ينأى بنفسه عن شيم المنافقين.
ولا يجوز اتهام مؤمنٍ بالنفاق وإن كانت فيه خصلةٌ منه، فلا يجوز أن يُقال عن فلانٍ أنه منافق، لكن يجوز أن يُقال: فيه خصلة من النفاق؛ لأن النفاق محله القلب، ولا يطّلع على القلوب إلا علامُ الغيوب.
والسورة تتحدث عن نفاقِ الاعتقادِ وأهلهِ، وتبدأ بالإخبار عنهم. أنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم: إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله، فكذبهم الله في هذه الشهادة، وشهد على كذبهم فقال: والله يشهد إن المنافقين لكاذبون لأنهم لا يعتقدون بما شهدوا به، وإنما هي كلمة يقولونها بألسنتهم، وحتى لا يتوهَّم متوهِّم أنّ الله كذّبهم في دعوى رسالته - صلى الله عليه وسلم - جيء بهذه الجملة المعترضة والله يعلم إنك لرسوله، فأثبت - سبحانه - الرسالة لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، وكذّبهم في دعواهم أنهم يشهدون له بها.
اتخذوا أيمانهم جنة أي وقاية، يتّقون الناسَ بالأيمان الكاذبة، فإذا ما قالوا قولا، أو فعلوا فِعلا يُؤْخَذُ عليهم تنصّلوا منه، وتبرَّءوا، بالأيمان الكاذبة، والله ما قلنا، والله ما فعلنا. وربما يعملون العمل السيء ويحلفون أنهم مسلمون، فيغترّ بهم من لا يعرفهم، فيصدّقهم وربما اقتدى بهم، وفي ذلك من الضرر ما فيه، ولذا قال - تعالى -: "اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله صدّوا أنفسهم، وصدّوا غيرهم، إنهم ساء ما كانوا يعملون" وهل هناك أسوأ من الصدّ عن سبيل الله؟ ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام؟ الصف: 7، ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا أي ذلك الحلف الكاذب والصدّ عن سبيل الله، بسبب أنهم آمنوا بألسنتهم ثم كفروا بقلوبهم فطبع على قلوبهم والطّبْعُ هو الختم، وهو أشبه ما يكون بالشمع الأحمر إذا ضُرب على محلٍّ ما، فلا يخرج منه شيء، ولا يدخله شيء، وكذلك الطبع على القلوب والعياذ بالله إذا طُبِعَ على قلبٍ لا يخرج منه منكر، ولا يدخله معروف، فهم لا يفقهون فلا يعرفون معروفًا ولا ينكرون منكرا.
قال العلماء: لما تحدّث الله - تعالى - عن المنافقين في سورة البقرة ضرب لهم مثليْن: ناريًا، ومائيًّا، فالنّاري هو: "مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون (17) صم بكم عمي فهم لا يرجعون" البقرة: 17، 18.
والمائي: "أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين (19) يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير" البقرة: 19، 20.
فالنّاري مثل الذين آمنوا ثم كفروا، والمائي للذين هم في ريبهم يترددون ويميلون إلى الإسلام تارة، ويميلون عنه تارة، فهم كالذي يمشي في الظلمات يستضيء بنور البَرقِ كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا، فأما الذين آمنوا ثم كفروا ف مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون، فهم لما آمنوا خرجوا من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، فلما كفروا رُدّوا في الظلمات، فما هم بخارجين منها، صم بكم عمي فهم لا يرجعون، وذلك من الله عقوبة لهم على تركهم الإيمان بعد أن ذاقوا حلاوته، ورأوا نوره، ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون، كما قال - تعالى -: "فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم" الصف: 5.
ثم وصف الله المنافقين بجمال الصورة، وحلاوة اللسان، فقال: وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم فهذا حال ما ظهر منهم وأفئدتهم هواء إبراهيم: 43، يعني لا حياة فيها كأنهم خشب مسندة أي يشبهون الخشب المسنّدة إلي الحائط، في كونهم صورًا خاليةً عن العلم والنظر، فهم أشباحٌ بلا أرواحٌ، وأجسامٌ بلا أحلامٌ، فلا يعجبك جمالُ صورتهم، ولا عذوبةُ منطقهم.
ثم وصفهم الله بالضعف والخور، والجبن والهلع، فقال: "يحسبون كل صيحة عليهم" وهذا حال كل من يخالف فِعلُه قولَه، خائفون دائمًا، قلقون أبدا، يحذرون أن يُفضحوا، وتكشف أسرارهم، كما قال - تعالى -: "يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون" التوبة: 64، وقال - تعالى -: "أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم (29) ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم" محمد: 29، 30، ثم حذّر اللهُ نبيه منهم فقال: "هم العدو فاحذرهم" هم العدوّ الكامل العداوة، فاحذرهم ولا تأمنْهم وإن قالوا نشهدُ إنّك لرسول الله، وإنما حذر الله - تعالى - منهم لأن الخطر كامنٌ فيهم، وقد أظهروا الإسلام، وهذا يجعل المسلمين قد يأتمنونهم، فحذّر الله منهم، وبيّن أنهم هم العدو، وإن قالوا نحن مسلمون.
ثم دعا عليهم، ودعاءُ الله قضاءٌ مبرم، وحكمٌ نافذ، قاتلهم الله أي أخزاهم ولعنهم وأبعدهم عن رحمته. أنى يؤفكون كيف يُصرفون عن الهدى إلى الضلال؟ وكيف تضل عقولهم مع وضوح الدلائل والبراهين؟
والحمد لله رب العالمين.
[/rtl][/rtl]