السؤال:
ذكر أن هناك ساعة في يوم الجمعة الدعاء فيها مستجاب ، وأن هذه الساعة تكون
قبل المغرب على الرأي الأرجح ، فهل معنى الساعة هو المعنى المتعارف عليه 60
دقيقة ؟ أم أن المقصود مدة زمنية فقط ؟ وهل يصح أن أنظر إلى وقت أذان
المغرب فأحسب ساعة من قبلها فأبدأ الدعاء ؟ أم أنه يلزم الجلوس بين العصر
والمغرب آملاً في أن أوافق هذه الساعة ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
جاءت لفظة " ساعة " في كتاب الله تعالى ، وفي سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي
كلام الصحابة الأجلاء رضي الله عنهم ، والأئمة من بعدهم ، وليس المراد بها قطعا
الساعة بمعناها العرفي الحديث ، وهي " ستون دقيقة " ؛ لأن الساعة بهذا المقدار لم
تكن تُعرف في زمانهم ، والساعة في وضعها الحالي لم تكن مصنوعة أصلاً ، فلا اليوم
كان مقسَّماً على أربع وعشرين ساعة ، ولا الساعة كانت محسوبة بالدقائق ، بل إن معنى
" الساعة " في أكثر استعمالاتها هي بمعنى " الجزء من النهار " ، أو " الجزء من
الليل " ، وقد تطول أو تقصر ، بحسب السياق والمراد في استعمالها ، كما أنها تطلق
تلك اللفظة على " القيامة " ، وقد جمع المعنيان في سياق واحد ، وذلك في قوله تعالى
( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ
سَاعَةٍ ) الروم/ 55 ، فلفظة " الساعة " الأولى بمعنى : " القيامة " ، والآخر بمعنى
: " الجزء من الزمان " .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :
يُخبر تعالى عن يوم القيامة ، وسرعة مجيئه ، وأنه إذا قامت الساعة : ( يُقْسِمُ
الْمُجْرِمُونَ ) باللّه أنهم ( مَا لَبِثُوا ) في الدنيا إلا ( سَاعَة ) ؛ وذلك
اعتذار منهم ، لعله ينفعهم العذر ، واستقصار لمدة الدنيا .
" تفسير السعدي " ( ص 645 ) .
وتطلق – أيضاً – ويراد بها : " الوقت الحاضر " .
قال الفيروزآبادي – رحمه الله - :
والساعَةُ : جُزْءٌ من أجْزاءِ الجَديدَيْنِ ، والوَقْتُ الحاضِرُ ، ( والجمع ) :
ساعاتٌ ، وساعٌ ، والقيامَةُ ، أو الوَقْتُ الذي تقومُ فيه القيامةُ .
" القاموس المحيط " ( ص 944 ) .
والجديدان هما : الليل والنهار .
ثانياً:
بناء على ذلك يتبين أن " الساعة " المقصودة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في
ساعة الجمعة ، وما يشبهه : أن المراد بها : جزء من الوقت ، وقد يقصر ذلك الجزء ، أو
يطول ، ويُعرف ذلك من خلال سياق الحديث ، فساعة الاستجابة يوم الجمعة قصيرة الزمن ،
ووقت ساعة الاستجابة كل ليلة أطول منه .
والأحاديث بنصوصها ، وفهمها يدلان على ذلك :
أ.
عن
أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ : ( فِيهِ سَاعَةٌ لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ
مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلا
أَعْطَاهُ إِيَّاهُ .
وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا ) .
رواه البخاري ( 893 ) ومسلم ( 852 ) .
وزاد مسلم في لفظ عنده
(
وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ )
.
قال الشيخ محمد بن علان الصديقي – رحمه الله - :
( بيده يقللها ) أي : يبين أنها لحظة ، لطيفة ، خفيفة ، وزاد مسلم : ( وهي ساعة
خفيفة ) .
" دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين " ( 6 / 479 ) .
ب.
عَنْ جَابِرٍ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ : ( إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ
يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ
إِيَّاهُ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ ) .
رواه مسلم ( 757 ) .
قال الشيخ محمد بن علان الصديقي – رحمه الله - :
وفيه على كل وجه : إيماء إلى اتساع زمنها ، بخلاف ساعة الإجابة يوم الجمعة ، ويؤيد
ذلك : أنه أشار لضيق ساعة الجمعة بقول الصحابي ( وأشار ) - أي النبي صلى الله عليه
وسلم – ( بيده يقللها ) ، ولم يقل مثل ذلك في الساعة التي في الليل .
" دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين " ( 7 / 4 ) .
وهكذا يُعرف قصر الزمان وطوله في معنى لفظ " الساعة " ، ففي آية سورة " الروم " يدل
معناها على سنوات ! ، وفي بعض الأحاديث والآثار تدل على زمان يسير جدّاً ، نحو : "
فسكت ساعة " ، و " فأطرق ساعة " ، و " فلبث ساعة " ، وما يشبه ذلك من السياقات .
ثالثاً:
ورد
تقسيم النهار إلى اثنتي عشرة ساعة ، في حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله
عنهما ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : (
يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ - يُرِيدُ : سَاعَةً - لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ
يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا إِلَّا أَتَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ ) .
رواه أبو داود ( 1048 ) والنسائي ( 1389 ) ، وصححه
الألباني في " صحيح أبي داود " .
والمراد بالحديث : تقسيم نهار الجمعة – من الفجر إلى الغروب – إلى اثني عشر جزءً ،
حزء واحد منها هو الساعة التي يستجاب فيها الدعاء .
قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله - :
وظاهر الحديث : يدل على تقسيم نهار الجمعة إلى اثنتي عشرة ساعةً ، مع طول النهار ،
وقصره ، فلا يكون المراد به الساعات المعروفة من تقسيم الليل والنهار إلى أربعة
وعشرين ساعة ؛ فإن ذَلِكَ يختلف باختلاف طول النهار ، وقصره .
"
فتح الباري " لابن رجب ( 5 / 356 ) .
وقال الشيخ عبد المحسن العبَّاد حفظه الله – وقد شرح الحديث فأوعب - :
وقوله : ( ثنتا عشرة ساعة ) : يدل على أن النهار مقداره اثنتا عشرة ساعة ، ومعلوم
أن النهار في اصطلاح الشرع : من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، وليس من طلوع الشمس
إلى غروبها ؛ ولهذا فإن صيام الأيام إنما يكون من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ،
والليل أيضاً اثنتا عشرة ساعة ، لكن الساعات ليست مستقرة ، ثابتة ، على طول الأيام
، وإنما هي تزيد وتنقص بطول اليوم وقصَره ، فمعنى هذا : أن الوقت من طلوع الفجر إلى
غروب الشمس يقسَّم إلى اثني عشر جزءاً ، وجزء من هذه الاثني عشر هو مقدار الساعة
التي جاء ذكرها في هذا الحديث ، فليست الساعة شيئاً ثابتاً في كل أيام السنَة - كما
اصطلح عليه الناس في هذا الزمان ، حيث يجعلون الليل والنهار أربعاً وعشرين ساعة - ،
ولكن أحياناً يصير النهار تسع ساعات والليل خمس عشرة ساعة ، وأحياناً يكون العكس ،
فيجعلون مجموع اليوم أربعاً وعشرين ساعة ، ولا يكون الليل له نصفها والنهار له
نصفها ، بل هذا على حسب طول الزمان وقصره ، لكن في هذا الحديث : ( النهار اثنتا
عشرة ساعة ) سواءً في الشتاء ، أو في الصيف ، سواء طال النهار أو قصر ، فتقسم اليوم
في كل وقت على اثنتي عشرة ساعة ، فتنقص الساعة وتزيد ، وبالتوزيع عليهما يختلف
مقدار الساعة من وقت لآخر ، فمقدار الساعة في الصيف حيث يطول النهار : أطول من
الساعة في الشتاء حيث يقصر النهار ، وقد كان النهار عند العرب اثنتا عشرة ساعة ،
والليل اثنتا عشرة ساعة ، وقد ذكر ذلك الثعالبي في كتابه " فقه اللغة " ( ص 468 ) ،
فذكر ساعات الليل ، وساعات النهار ، وأسماءها ، ولكن في تسميتها عندهم ما يدل على
أن النهار يبدأ بطلوع الشمس ، وينتهي بغروبها ، ولكن في اصطلاح الشرع : النهار يبدأ
بطلوع الفجر ، ولهذا سبق أن مر بنا من فقه أبي داود أنه ذكر عند غسل الجمعة : أن
الإنسان إذا كان عليه جنابة واغتسل بعد طلوع الفجر يوم الجمعة : أجزأه عن غسل
الجمعة ؛ لأن اليوم يبدأ بطلوع الفجر .
فعلى هذا : تكون ساعة الإجابة آخر جزء من اثنتي عشر جزءاً ، وقد تطول في الصيف ،
وتقصر في الشتاء ، على حسب توزيع مجمل الساعات .
"
شرح سنن أبي داود " ( شريط رقم 89 ) ، ( 6 / 244 ، 245 ) – ترقيم الشاملة - .
وأما بخصوص حديث الذهاب إلى الجمعة في الساعة الأولى ، والثانية ، إلى الخامسة ،
وأجر كل واحدة منها : فيقسَّم الزمان من طلوع الشمس إلى الزوال خمسة أجزاء ، ويكون
كل جزء هو المراد بالساعة ، وقد تطول مدتها عن الستين دقيقة ، وقد تقصر ، بحسب طول
النهار ، وقصره ، كما سبق توضيحه ، وينظر في ذلك جواب السؤال رقم (
60318 ) .
وفي
مسألة ساعة الإجابة يوم الجمعة انظر جوابي السؤالين : (
82609 ) و (
21748 ) .
والله أعلم
ذكر أن هناك ساعة في يوم الجمعة الدعاء فيها مستجاب ، وأن هذه الساعة تكون
قبل المغرب على الرأي الأرجح ، فهل معنى الساعة هو المعنى المتعارف عليه 60
دقيقة ؟ أم أن المقصود مدة زمنية فقط ؟ وهل يصح أن أنظر إلى وقت أذان
المغرب فأحسب ساعة من قبلها فأبدأ الدعاء ؟ أم أنه يلزم الجلوس بين العصر
والمغرب آملاً في أن أوافق هذه الساعة ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
جاءت لفظة " ساعة " في كتاب الله تعالى ، وفي سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي
كلام الصحابة الأجلاء رضي الله عنهم ، والأئمة من بعدهم ، وليس المراد بها قطعا
الساعة بمعناها العرفي الحديث ، وهي " ستون دقيقة " ؛ لأن الساعة بهذا المقدار لم
تكن تُعرف في زمانهم ، والساعة في وضعها الحالي لم تكن مصنوعة أصلاً ، فلا اليوم
كان مقسَّماً على أربع وعشرين ساعة ، ولا الساعة كانت محسوبة بالدقائق ، بل إن معنى
" الساعة " في أكثر استعمالاتها هي بمعنى " الجزء من النهار " ، أو " الجزء من
الليل " ، وقد تطول أو تقصر ، بحسب السياق والمراد في استعمالها ، كما أنها تطلق
تلك اللفظة على " القيامة " ، وقد جمع المعنيان في سياق واحد ، وذلك في قوله تعالى
( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ
سَاعَةٍ ) الروم/ 55 ، فلفظة " الساعة " الأولى بمعنى : " القيامة " ، والآخر بمعنى
: " الجزء من الزمان " .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :
يُخبر تعالى عن يوم القيامة ، وسرعة مجيئه ، وأنه إذا قامت الساعة : ( يُقْسِمُ
الْمُجْرِمُونَ ) باللّه أنهم ( مَا لَبِثُوا ) في الدنيا إلا ( سَاعَة ) ؛ وذلك
اعتذار منهم ، لعله ينفعهم العذر ، واستقصار لمدة الدنيا .
" تفسير السعدي " ( ص 645 ) .
وتطلق – أيضاً – ويراد بها : " الوقت الحاضر " .
قال الفيروزآبادي – رحمه الله - :
والساعَةُ : جُزْءٌ من أجْزاءِ الجَديدَيْنِ ، والوَقْتُ الحاضِرُ ، ( والجمع ) :
ساعاتٌ ، وساعٌ ، والقيامَةُ ، أو الوَقْتُ الذي تقومُ فيه القيامةُ .
" القاموس المحيط " ( ص 944 ) .
والجديدان هما : الليل والنهار .
ثانياً:
بناء على ذلك يتبين أن " الساعة " المقصودة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في
ساعة الجمعة ، وما يشبهه : أن المراد بها : جزء من الوقت ، وقد يقصر ذلك الجزء ، أو
يطول ، ويُعرف ذلك من خلال سياق الحديث ، فساعة الاستجابة يوم الجمعة قصيرة الزمن ،
ووقت ساعة الاستجابة كل ليلة أطول منه .
والأحاديث بنصوصها ، وفهمها يدلان على ذلك :
أ.
عن
أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ : ( فِيهِ سَاعَةٌ لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ
مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلا
أَعْطَاهُ إِيَّاهُ .
وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا ) .
رواه البخاري ( 893 ) ومسلم ( 852 ) .
وزاد مسلم في لفظ عنده
(
وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ )
.
قال الشيخ محمد بن علان الصديقي – رحمه الله - :
( بيده يقللها ) أي : يبين أنها لحظة ، لطيفة ، خفيفة ، وزاد مسلم : ( وهي ساعة
خفيفة ) .
" دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين " ( 6 / 479 ) .
ب.
عَنْ جَابِرٍ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ : ( إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ
يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ
إِيَّاهُ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ ) .
رواه مسلم ( 757 ) .
قال الشيخ محمد بن علان الصديقي – رحمه الله - :
وفيه على كل وجه : إيماء إلى اتساع زمنها ، بخلاف ساعة الإجابة يوم الجمعة ، ويؤيد
ذلك : أنه أشار لضيق ساعة الجمعة بقول الصحابي ( وأشار ) - أي النبي صلى الله عليه
وسلم – ( بيده يقللها ) ، ولم يقل مثل ذلك في الساعة التي في الليل .
" دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين " ( 7 / 4 ) .
وهكذا يُعرف قصر الزمان وطوله في معنى لفظ " الساعة " ، ففي آية سورة " الروم " يدل
معناها على سنوات ! ، وفي بعض الأحاديث والآثار تدل على زمان يسير جدّاً ، نحو : "
فسكت ساعة " ، و " فأطرق ساعة " ، و " فلبث ساعة " ، وما يشبه ذلك من السياقات .
ثالثاً:
ورد
تقسيم النهار إلى اثنتي عشرة ساعة ، في حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله
عنهما ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : (
يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ - يُرِيدُ : سَاعَةً - لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ
يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا إِلَّا أَتَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ ) .
رواه أبو داود ( 1048 ) والنسائي ( 1389 ) ، وصححه
الألباني في " صحيح أبي داود " .
والمراد بالحديث : تقسيم نهار الجمعة – من الفجر إلى الغروب – إلى اثني عشر جزءً ،
حزء واحد منها هو الساعة التي يستجاب فيها الدعاء .
قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله - :
وظاهر الحديث : يدل على تقسيم نهار الجمعة إلى اثنتي عشرة ساعةً ، مع طول النهار ،
وقصره ، فلا يكون المراد به الساعات المعروفة من تقسيم الليل والنهار إلى أربعة
وعشرين ساعة ؛ فإن ذَلِكَ يختلف باختلاف طول النهار ، وقصره .
"
فتح الباري " لابن رجب ( 5 / 356 ) .
وقال الشيخ عبد المحسن العبَّاد حفظه الله – وقد شرح الحديث فأوعب - :
وقوله : ( ثنتا عشرة ساعة ) : يدل على أن النهار مقداره اثنتا عشرة ساعة ، ومعلوم
أن النهار في اصطلاح الشرع : من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، وليس من طلوع الشمس
إلى غروبها ؛ ولهذا فإن صيام الأيام إنما يكون من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ،
والليل أيضاً اثنتا عشرة ساعة ، لكن الساعات ليست مستقرة ، ثابتة ، على طول الأيام
، وإنما هي تزيد وتنقص بطول اليوم وقصَره ، فمعنى هذا : أن الوقت من طلوع الفجر إلى
غروب الشمس يقسَّم إلى اثني عشر جزءاً ، وجزء من هذه الاثني عشر هو مقدار الساعة
التي جاء ذكرها في هذا الحديث ، فليست الساعة شيئاً ثابتاً في كل أيام السنَة - كما
اصطلح عليه الناس في هذا الزمان ، حيث يجعلون الليل والنهار أربعاً وعشرين ساعة - ،
ولكن أحياناً يصير النهار تسع ساعات والليل خمس عشرة ساعة ، وأحياناً يكون العكس ،
فيجعلون مجموع اليوم أربعاً وعشرين ساعة ، ولا يكون الليل له نصفها والنهار له
نصفها ، بل هذا على حسب طول الزمان وقصره ، لكن في هذا الحديث : ( النهار اثنتا
عشرة ساعة ) سواءً في الشتاء ، أو في الصيف ، سواء طال النهار أو قصر ، فتقسم اليوم
في كل وقت على اثنتي عشرة ساعة ، فتنقص الساعة وتزيد ، وبالتوزيع عليهما يختلف
مقدار الساعة من وقت لآخر ، فمقدار الساعة في الصيف حيث يطول النهار : أطول من
الساعة في الشتاء حيث يقصر النهار ، وقد كان النهار عند العرب اثنتا عشرة ساعة ،
والليل اثنتا عشرة ساعة ، وقد ذكر ذلك الثعالبي في كتابه " فقه اللغة " ( ص 468 ) ،
فذكر ساعات الليل ، وساعات النهار ، وأسماءها ، ولكن في تسميتها عندهم ما يدل على
أن النهار يبدأ بطلوع الشمس ، وينتهي بغروبها ، ولكن في اصطلاح الشرع : النهار يبدأ
بطلوع الفجر ، ولهذا سبق أن مر بنا من فقه أبي داود أنه ذكر عند غسل الجمعة : أن
الإنسان إذا كان عليه جنابة واغتسل بعد طلوع الفجر يوم الجمعة : أجزأه عن غسل
الجمعة ؛ لأن اليوم يبدأ بطلوع الفجر .
فعلى هذا : تكون ساعة الإجابة آخر جزء من اثنتي عشر جزءاً ، وقد تطول في الصيف ،
وتقصر في الشتاء ، على حسب توزيع مجمل الساعات .
"
شرح سنن أبي داود " ( شريط رقم 89 ) ، ( 6 / 244 ، 245 ) – ترقيم الشاملة - .
وأما بخصوص حديث الذهاب إلى الجمعة في الساعة الأولى ، والثانية ، إلى الخامسة ،
وأجر كل واحدة منها : فيقسَّم الزمان من طلوع الشمس إلى الزوال خمسة أجزاء ، ويكون
كل جزء هو المراد بالساعة ، وقد تطول مدتها عن الستين دقيقة ، وقد تقصر ، بحسب طول
النهار ، وقصره ، كما سبق توضيحه ، وينظر في ذلك جواب السؤال رقم (
60318 ) .
وفي
مسألة ساعة الإجابة يوم الجمعة انظر جوابي السؤالين : (
82609 ) و (
21748 ) .
والله أعلم