هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

descriptionالأسرة ( الحياة الزوجية ) والصحة النفسية : Emptyالأسرة ( الحياة الزوجية ) والصحة النفسية :

more_horiz
سلام شباب مواضيعي لهادا اليوم تتحدث عن الصحة النفسية للاسرة فاتمني منكم عدم الردود العشوائية
لأسرة ( الحياة الزوجية ) والصحة النفسية :

الأسرة هي إحدى لبنات المجتمع التي يقوم عليها ويتكون منها ، وتقوم الحياة الزوجية على علاقات وتترتب عليها مسؤوليات هامة ، والزواج هو الخطة الأولى في تكوين الأسرة 0 والزواج قد يحالفه التوفيق إذا تحقق التوافق بين الزوجين ، وقد يصيبه الفشل إذا لم يكن هناك توافق بين الزوجين وهو الشرط الأساسي 0
• الدين الإسلامي يحث على الزواج :
يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) وفي بعض الروايات فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج يعني الزواج 0
والباءة تتمثل في ثلاثة أمور :
1ـ القدرة المالية ، حيث يستطيع دفع المهر والصرف على الأسرة وفتح بيت وجميع التكاليف 0
2ـ القدرة النفسية ، حيث يستطيع فتح بيت وتكوين أسرة ورعايتها وحمايتها والتصرف السليم تجاهها وتحمل الطواريء التي تطرأ 0
3ـ القدرة الجنسية والجسمية حيث يستطيع الزوج القيام بمهامه تجاه زوجته وإشباع غرائزها 0 فإذا توافرت جميع تلك الأمور من الباءة فتأخير الشخص زواجه غير مناسب وغير جيد وربما يؤدي تأخيره للزواج إلى أمر لا تحمد عقباه وربما يدخل في أمور تضره هو 0 أما إذا توفر الأمر الأول ولم يتوفر الأمر الثاني والثالث فالأفضل له ألا يتزوج 0 وإن توفر الأمران الثاني والثالث ولم يتحقق الأمر الأول فعليه بالصبر والصوم حتى يحصل على المال ثم يتزوج 0 ولعل مما يؤخر زواج الشباب عدة أمور ومنها : غلاء المهور وكثرة تكاليف الزواج وعدم توفر المال 0 فالكثير من الشباب يتخرجون في الجامعات ثم لا يحصلون على وظائف فيتأخر زواجه ، أو يجد وظيفة ولكن الراتب قليل لا يفي بمستلزمات ومطالب الزواج وبذلك يتأخر زواجه 0 والقليل جدا من يتأخر زواجه بسبب أنه يريد أن يبقى حرا طليقا ولا يربط نفسه بزوجة وأسرة ويريد أن يشبع رغباته بالسفريات والسياحة وغير ذلك 0 وللزواج المبكر فوائد كثيرة دينية وصحية ونفسية ، وإذا رزقه الله بأبناء ففي يوم من الأيام سيشاهد ابنه البكر وسنه قريبا من سنه وكأنه أخ له وليس ابنا وفي هذا راحة نفسية ونعمة وفضل 0
• المقومات النفسية للحياة الزوجية :
سنويا هناك الآف من الزيجات التي تتم ، فالزواج ليس من الأمور العسيرة ــ وإن كان البعض يتحجج بالمهر والتكاليف والمسكن ـ والكثير من الأزواج يعتقدون أنهم سوف يحققون حياة زواجية سعيدة ، فالحب يربط بين الطرفين ، ولكن الحب وحده لا يكفي ، فالزواج في الواقع عملية قبول وإيجاب بين الطرفين ، وجهود مشتركة يبذلها الزوجان في مواجهة الضغوطات وصعوبات الحياة ، ولا يمكن أن يعتبر الزواج ناجحا إلا إذا توفرت فيه عوامل التماسك والاستمرارية 0 والزواج يقوم على الأخذ والعطاء ، وتتخذ فيه القرارات المشتركة ، وقد بينت الدراسات أن التوافق بين الزوجين أكثر نجاحا في الحالات التالية :
1ـ إنتماء الزوجين إلى ثقافة اجتماعية متماثلة : فالحياة الزوجية تتضمن تكوين أساليب مشتركة للحياة في الأكل والنوم والإنفاق والكسب والحب 0 وعندما ينتمي الزوجان إلى أسر متماثلة تسود فيها عادات سلوكية متشابهة تصبح الحياة المشتركة سهلة ، أما إذا كان كل من الزوج أو الزوجة ينتمي إلى بيئة اجتماعية متباينة كل التباين ، فإن عملية التكيف تصبح أكثر صعوبة 0
2ـ الخبرات النفسية للزوجين : إن الجو النفسي للأسرة الذي يعيش فيه كل من الشريكين قبل الزواج من العوامل المؤثرة في سعادة الزوجين 0 فالشخص الذي يمر في طفولته وحياته السابقة بخبرات سارة توفر له الأمن والحب يمكنه النجاح في إقامة علاقات زوجية سعيدة 0 ويؤكد علماء النفس أن الطفل المحروم من الحب أو المنبوذ لا بد أن يصبح أباً قاسيا أو زوجا سيئاً 0
3ـ النضج الانفعالي : إن أفضل الزيجات هي تلك التي تقوم أو تتم بين شخصين يقدران على الزواج ويرغبان فيه ويتوفر لهما درجة من النضج يحكمان العقل والمنطق 0 إن النضج الانفعالي لا يتحدد بعدد السنوات التي بلغها كل من الزوجين ، فكم من رجل لا يتعدى إتزانه الانفعالي مستوى طفل صغير 0 وهناك من الشباب الصغار من يصل إلى سن الرشد والتكامل النفسي ، وإن كان من النادر أن يتحقق النضج النفسي قبل سن العشرين ، وعلى العموم فإن الشباب في سن الخامسة والعشرين ، والشابات في مطلع العشرينات أكثر إستعدادا لتحمل مسؤوليات وتبعات الزواج 0
4ـ الاشتراك في أهداف عامة : من العبث أن نشاهد رجلا وإمرأة يحاولان إنشاء حياة زواجية ولديهما ميول وقيم متصارعة 0 وعندما يشترك الزوجان في الأهداف ويتفقان في الميول والقيم يستطيعان تحقيق التكيف المتبادل بالرغم من تعارض وجهات النظر 0
5ـ التعارف العميق : لا يمكن للزواج أن ينجح بدون فترة مناسبة من التعارف 0 فقد تبين أن أكثر الزيجات الفاشلة هي تلك التي تمت بالسرعة والصدفة ودون تعارف مسبق 0 ولكن قد شاهدنا الكثير من الزيجات قد تمت من دون تعارف مسبق أو فترة خطوبة طويلة ، وكتب لها النجاح ، وعلى العكس فإن الكثير من حالات الزواج التي تمت عن طريق حب وتعارف مسبق قد انتهت بالفشل ، لأن في فترة الخطوبة والحب ، قد رسم كل من الزوج والزوجة صورة مثالية لنفسه وحبب نفسه بشكل لم يتم معه بعد ذلك الاستمرار وتغير الزوج أو الزوجة وظهر كل منهما على حقيقته الأمر الذي أدى إلى نشوء الخصومات والخلافات المستمرة التي انتهت بالفشل 0
الحب والزواج :
يلعب الحب دورا هاما في حياة الإنسان فهو أساس الحياة الزوجية وتكوين الأسرة ورعاية الأبناء وهو أساس التآلف بين الناس وتكوين العلاقات الإنسانية الحميمة وهو الرباط الوثيق الذي يربط الإنسان بربه ويجعله يخلص في عبادته وفي اتباع منهجه والتمسك بشريعته ويظهر الحب في حياة الانسان في صور مختلفة فقد يحب الانسان ذاته ويحب الناس ويحب زوجته وأولاده ويحب المال ويحب الله والرسول صلى الله عليه وسلم ، ونجد في القران الكريم ذكرا لهذه الأنواع المختلفة من الحب 0 وتنتشر كثير من الأفكار الوهمية والقصص الرومانتيكية حول الحب والزواج ، وتدور الفكرة التقليدية القديمة عن الحب والزواج حول أسطورة وجود رجل واحد معين من نصيب إمرأة معينة ، وعندما يجود القدر بأن يلتقيا ، يقعان في حب عميق ، وأن الشخص لا يقع في الحب إلا مرة واحدة مع الشخص الموعود 0 وعندما يقع الشخص في الحب ويشعر به يسيطر على حياته ويشغل تفكيره ، وأنه ينبغي على المحب إن كان مخلصا في حبه حقا أن يسعى وراء الزواج بمن يحب مهما كلفه هذا السعي من صعوبات ، وعندما يتزوج الشخص بمن يحبه ينتهي شقاؤه ويركن إلى حياة سعيدة طوال حياته 0وحقيقة فالواقع ينفي هذه الأفكار الأسطورية الوهمية ، فكثير من الأشخاص يمكن أن يقيم حياة ودية سعيدة ويتزوج زواجا موفقا يوفر الكثير من الإشباع ، وغيرهم قد يقيم حبا ويتزوج ، ولكن يفشل زواجه لاعتبارات كثيرة ومنها ما قد سبق ذكره 0 إن الكثير من الأشخاص ومنذ الطفولة وحتى سن الكهولة يمارس ألوانا مختلفة من الحب مع كثير من الناس ، وتختلف هذه العلاقات عن بعضها البعض وتتمايز في نوعيتها ، ومع ذلك تجمعها صفة مشتركة هي الحب 0 إن الحب الرومانسي ، أو الحب الذي يسبق الزواج ويستمر خلال الحياة الزوجية يختلف عن أنواع الحب الأخرى كما يختلف عن الحب الأبوي أو الأخوي أو البنوي ، ويتميز عنها جميعا 0 ونعرفه بأنه : ينشأ عن إدراك الشخص للفروق الجنسية والاستجابة لها ، ويتركز هذا الحب حول شخص من الجنس الآخر يثير في الفرد الدوافع الجنسية ويعتبر هدفا لتحقيق آماله الزواجية ويؤدي إلى نوع من المشاركة العميقة في العلاقات الزوجية 0
• أنواع الأشخاص في الحب :
1ـ الشخص ضحية قلق أحد والديه : وهذا الشخص يكون ضحية قلق شديد لأحد والديه ، ولا يكون لديه الاستعداد التام لحب شخص آخر طالما كان يحب والده بطريقة طفلية ، ويبدو له أنه يحب شخصا شبيها بالوالد أو يحل محله 0
2ـ الشخص النرجسي : وهو مثل الشخص الأول ، ولكنه يركز حبه على نفسه ، فيتعذر عليه أن يوجه حبه لشخص آخر 0
3ـ الشخص العدواني : وهو الشخص ذو الميول العدوانية والاستغلالية تجاه الجنس الآخر ، فإنه من الصعوبة بمكان أن يحب الحب الصادق 0
• صفات الحب الصادق :
1ـ أنه ينشأ نتيجة مواقف عديدة ، وليس موقف واحد مفاجئ ، أو إتصال آني 0
2ـ أن فيه تقدير شامل وكامل لكامل جوانب شخصية الآخر ، وليس لبعض الصفات 0
3ـ فيه ثقة وشعور بالأمن ، مع الفهم الكامل والقبول لشخصية المحبوب بكل محاسنها ومساوئها 0
وينمو الحب بين الزوجين بتقدم الزواج ، وينشأ من خلال الألفة والعلاقة المتبادلة ويحل الحب الزوجي محل الحب الرومانسي بزيادة التعارف والمعاشرة ، ويستطيع الشخص أن يتأكد من الميل الذي يشعر به يكفي لأن يقبل الزواج بالإجابة على الأسئلة التالية :
س ـ هل ترغب في سعادة شريك حياتك ؟ وهل تساعده في القيام بالأشياء التي يميل إليها ؟
س ـ هل أنت مستعد لعلاج الصعوبات التي تعترض حياتك الزوجية ؟ وهل تستطيع أن تتغاضى عن إعتبارات الكرامة في حياتك الزوجية والعمل على تفهم الطرف الآخر مهما اختلفت وجهات النظر ؟ 0
س ـ هل تفكر بأسلوب جماعي عندما تقوم بالتخطيط ؟ وهل تخطط لمستقبلكما معا ؟ هل ناقشت أمالك ورغباتك مع الطرف الآخر ؟ هل تشعران بأنكما شركاء في هدف عام ؟ وهل يقدر كل منكما أهداف الطرف الآخر ؟ 0
إن الحب كالنبات يجب تزويده بالغذاء والعناية حتى يظل على حيويته وإزدهاره 0 ويعتبر تقديم الهدايا البسيطة ، وتذكر المناسبات الخاصة ، والاهتمام ، والنظرات الودية ، وإبداء التقدير والتشجيع لجهود الطرف الآخر ، والإصغاء وإبداء الرأي والمشاركة ، كلها من الأمور التي تثري الحياة الزوجية 0
سؤال ـ هل الخوف من الحمل هو أساس عدم ممارسة الجنس قبل الزواج؟ :
جواب : ينبغي ألا نبتعد عن ممارسة الجنس قبل الزواج لمجرد الخوف من الحمل و إلا لكانت حبوب منع الحمل هي الإجابة لهذا الخوف 0 فليست الخطورة في الحمل بقدر ما هي في انتهاك قانون الله الطبيعي الذي يحكم العلاقات بين الجنسين 0 تشير الإحصاءات إلى تزايد عدد المصابين بالأمراض الجنسية من إيدز وزهري وسيلان ..الخ 0 وكلها نتيجة العلاقة الجنسية قبل الزواج0 ولا نقصد هنا أن هذه الأمراض لا وجود لها في المتزوجين 0 ولكن احتمال وجودها يكون أكبر في الذين يمارسون الجنس مع آخرين قبل الزواج 0 لأن هذه الأمراض تنتقل من شخص لآخر عن طريق الممارسة الجنسية 0 وقد تبدو هذه الإحصاءات غير واقعية بالنسبة لك إلى أن يصاب بتلك الأمراض أحد أصدقائك أو أحبائك 0
6ـ العلاقة الجنسية قبل الزواج تولد عدم الثقة : فالشاب الذي استهوى فتاة ومارس الجنس معها سرعان ما يستفيق لنفسه ويتساءل ترى كم من شاب آخر سلمت هذه الفتاة نفسها له قبلي؟ ومن ثم يعتبر الشاب أنه في نظر حبيبته لا يختلف كثيرا عن بقية الشباب الذين أوقعوها في شراكهم من قبل 0 والفتاة أيضا تراودها أفكار عدم الثقة والشك في حبيبها الذي استهواها وتتساءل ترى كم من فتاة سلمت نفسها له قبلي؟ و إذا كان قد مارس الجنس مع أخريات قبل الزواج فما الذي يمنعه عن ذلك بعد الزواج؟ هذه الشكوك تتزايد في عقول الذين يمارسون الجنس قبل الزواج وتستمر بعد أن يتزوجوا فتصبح العلاقة الجنسية مجرد روتين ممل 0
7ـ العلاقة الجنسية قبل الزواج غالبا ما يكون منشأها البواعث المريضة : فهناك الشاب الذي يود أن يثبت رجولته ، والفتاة التي تسعى لشراء الاكتفاء العاطفي بتقديم جسدها 0 آخرون يسعون نحو الإثارة بدافع الشهوة 0 والذي يتخاذل أمام شهواته وانفعالاته الغريزية سيقع فريسة الزاني 0 فالعلاقة الجنسية قبل الزواج تجمع رفقاء السوء وتحطم الصداقات الحقيقية بين الشباب 0 ومخطئ من يظن انه عن طريق الجنس يستطيع الاحتفاظ بالطرف الآخر حتى يتزوجا 0
8ـ التجربة لا تفيد في هذا المجال : يوجد اعتقاد خاطئ مفاده على الذين يزعمون الزواج أن يمارسوا الجنس حتى يقرروا فيما إذا كانوا يتلاءمون مع بعضهم جنسيا أم لا 0 ولكن هذا الاعتقاد خاطئ من أساسه 0 فهل سيمارس الشاب الجنس مع كل الفتيات حتى يرى التي تناسبه قبل أن يتزوجها؟ 0 والخطأ الفادح الذي يقع فيه هؤلاء المفكرون السقماء هو اعتقادهم بأن الانسجام الجنسي يجب اكتشافه قبل الزواج 0 وهذا ليس حقيقيا ، فالتوافق والانسجام الجنسي يتولد في نطاق الرابطة الزوجية المقدسة التي تجد الحماية والأمن في ظل القانون والعرف الذي يصادق على علاقتهما الشرعية 0 فالتقدير الكامل الواعي لعطية المحبة هذه التي حبانا بها الخالق المحب لا يتم اكتشافه أو اختباره إلا في نطاق الرابطة الزوجية 0
9ـ العلاقة الجنسية قبل الزواج تعرقل قدرتك على التمتع بجمال تلك العلاقة بعد الزواج:
اكبر حجة في صالح إبقاء العلاقة الجنسية إلى ما بعد الزواج هي أن تلك العلاقة لا يمكن اكتشاف جمالها التام إلا في الزواج ففي اختبارات البشرية لا يوجد ما هو أعمق وأجمل من الوحدة الجنسية المتكاملة والصحية بين الزوج وزوجته 0 ففي رابطة الزواج يجتمع شخصان ترعرعا في بيئات مختلفة ولم يعرف أحدهما الآخر من قبل ويتحدا في علاقة وثيقة وشركة متبادلة 0 هذا الاختبار الرائع أساسه إعطاء الذات بكاملها للآخر 0 فالزوج لا يطالب بشيء لنفسه بل يعطي ذاته 0 والزوجة تكون لها مطلق الحرية أن تقدم ذاتها أيضا في محبة مشتركة ومتبادلة دون أن يكون لها أدنى شك في أنها قد أجبرت على شيء أو قد استغلت 0 في هذه العلاقة يتعهد الاثنان بالإخلاص لبعضهما فيعطي كل واحد نفسه للآخر 0 وبموجب هذا الوعد يكون كل طرف حرا من المنافسة أو من طلب أية ميزات لنفسه على حساب رفيقه 0 الممارسات الجنسية قبل الزواج تعكر صفو هذه العلاقة بعد الزواج لأنها تسلب من يمارسها القدرة على التمتع بجمالها الحقيقي ومعناها السامي 0 وهي في الوقت ذاته تسلب الزواج إحدى ركائزه التي توجد بين الطرفين وهكذا تضعف رابطة الزواج. المؤمن الحقيقي يدرك أن الله قصد أن يكون الزواج جميلا ودائما دوام حياة من يقدمون عليه 0 ولهذا فمن حق الله علينا أن يطلب منا الامتناع عن كل ما من شأنه أن يعكر صفو هذه العلاقة الوثيقة ، إذ أنه يأمرنا بإبقاء العلاقة الجنسية مقصورة على الزواج 0

الزواج في الإسلام :
قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم : { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } سورة الروم 0
فالزواج في الإسلام هو : نعمة أنعمها الله على عباده ، وهو السد المنيع من الفساد والانحراف ، وهو المودة والرحمة ، وهو السعادة والألفة ، وهو الستر والعفاف للرجل والمرأة وهو ضد الرذيلة والفوضوية والجنسية الحيوانية ، وهو ضد انهيار الأسرة والأخلاق ، وهو لإقامة مجتمع نظيف طاهر ، وهو إنجاب ذرية صالحة يعمرون لا يهدمون 0 ومن أطلع على التاريخ يعلم أن الزواج قبل الإسلام كان مجرد صفقة تجارية بين شريكين في المعيشة أو المتعة أو كوسيلة من وسائل الضرورة لإرضاء مطالب الجسد والاستراحة من غوايته وضغطه 0 ولكن الزواج في الإسلام هو زواج إنساني في وضعه الصحيح من وجهة المجتمع ومن وجهة الأفراد ، فهو واجب اجتماعي من وجهة المجتمع للمحافظة على النوع الإنساني وسكن نفساني من وجهة الفرد وسبيل مودة ورحمة بين الرجال والنساء ، ولهذا يحسن أن نقف عند كل نقطة من هذه النقاط على حدة لنبين ميزات الزواج الإسلامي 0
1ـ الزواج فطرة إنسانية : من الأمور البديهية في مبادئ الشريعة الإسلامية أن الشريعة حاربت الرهبانية لكونها تتصادم مع فطرة الإنسان وتتعارض مع ميوله وأشواقه وغرائزه ، فقد روى البيهقي في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : ( أن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة ) 0 وروى الطبراني والبيهقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من كان موسراً لأن ينكح ثم لم ينكح فليس مني ) فأنت ترى في هذه الأحاديث وغيرها أن شريعة الإسلام تحرم على المسلم أن يمتنع عن الزواج تقرباً إلى الله تعالى ويزهد فيه بنية الرهبانية والتفرغ للعبادة والتقرب إلى الله ولا سيما إذا كان المسلم قادراً عليه متيسراً له أسبابه ووسائله 0 ونحن إذا تأملنا مواقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في مراقبته أفراد المجتمع ومعالجة النفس الإنسانية ازددنا يقيناً بأن هذه المراقبة وتلك المعالجة مبنيتان على إدراك حقيقة الإنسان وراميتان إلى تلبية أشواقه وميوله حتى لا يتجاوز أي فرد في المجتمع حدود فطرته ولا يعمل ما ليس بإمكانه واستطاعته بل يسير في الطريق السوي سيراً طبيعياً متلائماً معتدلاً لا يتعثر وقد سار الناس ولا يتقهقر وقد تقدم البشر ولا يضعف وقد قوي أبناء الحياة قال الله تعالى : { فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون } الروم0
وإليكم هذا الموقف من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو يعد من أعظم المواقف الإصلاحية والتربوية في معالجة الطبائع السلبية وفهم حقيقة الإنسان 0 فقد روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : جاء ثلاثة رهط إلى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أُخبروا كأنهم تقالَّوها ، فقالوا وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فقال أحدهم : أما أنا فإني أصلي الليل أبداً ولا أنام ، وقال الآخر : وأنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال آخر : أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( أنتم الذين قلتم كذا وكذا ، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ولكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد و أتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ) 0 فمن هذه النصوص يتبن لكل ذي عقل وبصيرة أن الزواج في الإسلام فطرة إنسانية ليحمل المسلم في نفسه أمانة المسؤولية الكبرى تجاه من له في عنقه حق التربية والرعاية حينما يلبي نداء هذه الفطرة ويستجيب لأشواق هذه الغريزة ويساير سنن الحياة 0
2ـ الزواج مصلحة اجتماعية : من المعلوم أن للزواج فوائد عامة ومصالح اجتماعية وعن طريقه يتكاثر الإنسان ويتسلسل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولا يخفى ما في هذا التكاثر والتسلسل من محافظة على النوع الإنساني ومن حافز لدى المختصين لوضع المناهج التربوية والقواعد الصحيحة لأجل سلامة هذا النوع من الناحية الخَلقية والخُلُقية على السواء ، وقد نوه القرآن الكريم عن هذه الحكمة الاجتماعية والمصلحة الإنسانية حين قال : { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة } سورة النحل 0 وقوله تعالى : { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً } سورة النساء 0
3ـ المحافظة على الأنساب : فبالزواج الذي شرعه الله لعباده يفتخر الأبناء بانتسابهم إلى آبائهم ولا يخفى ما في هذا الانتساب من اعتبارهم الذاتي واستقرارهم النفسي وكرامتهم الإنسانية ، ولو لم يكن ذلك الزواج الذي شرعه الله لعج المجتمع بأولاد لا كرامة لهم ولا أنساب لهم وفي ذلك طعنة نجلاء للأخلاق الفاضلة وانتشار مريع للفساد والإباحية الذي يؤدي إلى تحلل المجتمعات وضياع الشعوب وفناء الأمم 0
4ـ سلامة المجتمع من الانحلال الخلقي : فبالزواج يسلم المجتمع من الانحلال الخلقي ، و يأمن الأفراد من التفسخ الاجتماعي ، ولا يخفى على كل ذي إدراك وفهم أن غريزة الميل إلى الجنس الآخر حين تشبع بالزواج المشروع والاتصال الحلال تتحلى الأمة أفراداً وجماعات بأفضل الآداب وأحسن الأخلاق وتكون جديرة بأداء الرسالة وحمل المسؤولية على الوجه الذي يريده الله تعالى منها 0 وما أصدق ما قاله صلى الله عليه وسلم في إظهار حكمة الزواج الخلقية وفائدته الاجتماعية حين كان يحضّ فئة من الشباب على الزواج : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر و أحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) رواه الجماعة0
5ـ سلامة المجتمع من الأمراض : وبالزواج يسلم المجتمع من الأمراض السارية الفتاكة التي تنتشر بين أبناء المجتمع نتيجة للزنا وشيوع الفاحشة والاتصال الحرام ومن هذه الأمراض الزهري والسيلان والإيدز وغيرها من الأمراض الخطيرة التي تقضي على النسل وتوهن الجسم وتنشر الوباء وتفتك بصحة الأولاد 0
6ـ السكن الروحاني والنفساني : وبالزواج تنمو روح المودة والرحمة والألفة ما بين الزوجين فالزوج حين يفرغ آخر النهار من عمله ويركن عند المساء إلى بيته ويجتمع بأهله وأولاده ينسى الهموم التي اعترته في نهاره ويتلاشى التعب الذي كابده في سعيه وجهاده وكذلك المرأة حين تجتمع مع زوجها وتستقبل عند المساء رفيق حياتها ، وهكذا يجد كل واحد منهما في ظل الآخر مسكنه النفسي وسعادته الروحية ، وصدق الله العظيم عندما صور هذه الظاهرة بأبلغ بيان وأجمل تعبير ، قال تعالى : { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون }سورة الروم 0 فهذه الآية تنبه الرجل والمرأة إلى أن من أعظم دلائل قدرة الله تعالى وآيات كرمه أن خلق للرجل زوجة من جنسه ليسكن إليها ، والسكون النفسي المذكور في هذه الآية هو تعبير بليغ عن شعور الرغبة والشوق والحب الذي يشعر به كل منهما نحو الآخر والذي يزول به أعظم اضطراب فطري في القلب والعقل ، لا ترتاح النفس وتطمئن في سريرتها بدونه ، كذلك من دلائل كرمه التي حدثتنا به الآية أنه جعل بين الزوجين مودة حب ورحمة عطف ثابتتين لا تبليان كما تبلى مودة غير الزوجين ممن ألفت بينهما الشهوات 0
7ـ الزواج ستر وحماية : ورد في القرآن ، قوله تعالى : { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } فهذه الآية شبهت كلاً من الزوجين باللباس لأن كلاً منهما يستر الآخر فحاجة كل منهما إلى صاحبه كحاجته إلى الملبس ، فإن يكن الملبس لستر معايب الجسم ولحفظه من عاديات الأذى وللتجمل والزينة ، فكل من الزوجين لصاحبه كذلك يستر ويحفظ عليه شرفه ويصون عرضه ويوفر راحته وصحته 0
8ـ الزواج عهد وميثاق : الزواج في الإسلام عهد وميثاق بين الزوجين كما قال تعالى :{ وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً } سورة النساء 0 فهذه الآية تدل على أن النساء أخذن من الرجال ميثاقاً غليظاً وهو ميثاق الزواج الذي هو عهد بين الرجل والمرأة يلتزم كل منهما بموجبه بواجبات تجاه الآخر ، ولهذا التعبير ( ميثاقاً غليظاً ) قيمة في الإيحاء بمعاني الحفظ والمودة والرحمة فهو ليس عقد تمليك كعقد البيع أو الإجارة ، أو نوعاً من الاسترقاق ، وإنما هو التزام من الطرفين تجاه الآخر 0
9ـ الزواج تعاون في البناء : حيث يتعاون الزوجان على بناء الأسرة وتحمل المسؤولية وكل منهما يكمل عمل الآخر ، فالمرأة تعمل ضمن اختصاصها وما يتفق مع طبيعتها وأنوثتها وذلك في الإشراف على إدارة البيت والقيام بتربية الأولاد 0 والرجل كذالك يعمل ضمن اختصاصه وما يتفق مع طبيعته ورجولته وذلك في السعي وراء العيال والقيام بأشق الأعمال وحماية الأسرة من عوادي الزمن ومصائب الأيام وفي هذا تكمل روح التعاون بين الزوجين ويصلان إلى أفضل النتائج وأطيب الثمرات في إعداد أولاد صالحين ، وتربية جيل مؤمن يحمل في قلبه عزم الإيمان وفي نفسه روح الإسلام بل ينعم البيت بأجمعه ويرتع ويهنأ في ظلال المحبة والسلام والاستقرار 0
10ـ الزواج تأجيج لعاطفة الأبوة والأمومة : حيث تتأجج بالزواج العواطف في نفس الأبوين وتفيض من قلبيهما ينابيع الأحاسيس والمشاعر النبيلة ، ولا يخفى ما في هذه الأحاسيس والعواطف من أثر كريم ونتائج طيبة في رعاية الأبناء والسهر على مصالحهم والنهوض بهم نحو حياة مستقرة هانئة ومستقبل فاضل باسم 0
هذه هي أهم المصالح الاجتماعية التي تنجم عن الزواج الإسلامي وهي ترتبط بتربية الولد وإصلاح الأسرة وتنشئة الجيل ارتباطاً وثيقاً ، فلا عجب أن نرى الشريعة الإسلامية قد أمرت بالزواج وحضت عليه ورغبت فيه ودعت أفراد الأمة إلى تيسير سبله ، كما قال تعالى :{ وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله } سورة النور 0 فهذه الآية خطاب للأولياء ـ وتعم غيرهم أيضاً ـ بأن يزوجوا العزاب من النساء والرجال وأن لا يكون فقرهم داعياً للحيلولة دون تزويجهم لأن الله قد تكفل بإغنائهم من فضله ، أما الفقير المدقع العاجز عن الإنفاق فإن الآية التالية تأمره بالعفة إلى أن يرزقه الله المال الذي يمكنه من الزواج وهو قوله تعالى : { وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله } سورة النور 0

• القواعد الإسلامية في اختيار الزوجة :
1ـ الاختيار على أساس الدين : ونقصد بالدين الفهم الحقيقي للإسلام والتطبيق العملي والسلوكي لكل فضائله السامية وآدابه الرفيعة ، ونقصد كذلك الالتزام الكامل بمناهج الشريعة ومبادئها وخاصة ما يتعلق بمهمة ووظيفة كل طرف منهما ، فعندما يكون الخاطب أو المخطوبة على هذا المستوى من الفهم والتطبيق والالتزام يمكن أن نطلق على أحدهما أنه ذو دين وذو خلق ، وعندما يكون الواحد منهما على غير هذا المستوى من الفهم والتطبيق والالتزام فمن البديهي أن نحكم عليه بانحراف السلوك وفساد الخلق والبعد عن الإسلام مهما ظهر للناس بمظهر الصلاح والتقوى وزعم أنه مسلم متمسك ، وما أدق ما سنه الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما وضع الموازين الصحيحة لمعرفة الأشخاص وإظهار حقائق الرجال وذلك حينما جاء رجل يشهد لرجل آخر في قضية ، فقال له عمر : أتعرف هذا الرجل ، فأجاب نعم قال : هل أنت جاره الذي يعرف مدخله ومخرجه فأجاب الرجل : لا. قال عمر: هل صاحبته في السفر الذي تعرف به مكارم الأخلاق؟ فأجاب الرجل :لا ، قال عمر : هل عاملته بالدينار والدرهم الذي يعرف به ورع الرجل ؟ فأجاب الرجل: لا ، فصاح به عمر: لعلك رأيته قائماً قاعداً يصلي في المسجد يرفع رأسه تارة ويخفضه تارة أخرى ؟ فرد الرجل : نعم ، فقال عمر : اذهب فإنك لا تعرفه 0 والتفت إلى الرجل وقال له : ائتني بمن يعرفك 0 فعمر رضي الله عنه لم ينخدع بشكل الرجل ولا بمظهره ولكن عرف الحقيقة بموازين صحيحة كشفت عن حاله ودلت على تدينه وأخلاقه ، وهذا الدين وهذا الخلق وهذا الورع الذي تمسك به عمر هو المقصود بالدين لا غيره ، وهو الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( إن الله لا ينظر الى صوركم وأجسادكم وإنما ينظر الى قلوبكم وأعمالكم ) 0 وإلا فما أسهل الدين إذا كان مجرد شكليات ومظاهر وشعارات لهذا كله ولضرورة الاختيار على أساس الدين يقول الله تعالى : { الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات } سورة النور 0 فالقسم الأول من الآية معناه أن الخبيثات من النساء لا يستأهلن من الأزواج إلا الخبيثين الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك فمن كرمت نفسه من الرجال وضن بمروءته عن مواطن الزلل والإثم فبعيد عليه أن يجنح الى خبيثة ساقطة يتخذها زوجة له ، وكذلك الخبيثون من الرجال لا يستحقون إلا خبائث النساء ، الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة فمن سمت بها العزة وامتزج بها الشمم تحاشت أن تجعل نفسها زوجاً لرجل ساقط المروءة ، فإذا امتنع كل ذي كرامة من الجانبين عن الاتصال بالخبيث تهيأ له أن يكون مع من يدانيه شرفاً وطهراً ، ويناسبه أدباً وخلقاً وهذا ما ذكرته الآية :{ والطيبــات للطيـبين والطيبون للطيبات } 0 وهذا ما دفع النبي صلى الله عليه وسلم الى أن ينصح الطيبين من أبناء أمته الراغبين في الزواج بأن يظفروا بذات الدين ليحصل تكافئ وتناسب بين الزوجين ، وليقوم كل منهما بأداء حق البيت على النحو الذي أمر به الإسلام وحض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم 0 فبالنسبة للأزواج قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( تنكح المرأة لأربع ، لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك ) 0 وأشار الى عكس هذه الحالة فيما أخرجه الطبراني في الأوسط عن أنس رضي الله عنه : ( من تزوج امرأة لعزها لم يزده الله إلا ذلاً ، ومن تزوجها لمالها لم يزده الله إلا فقراً ، ومن تزوجها لحسبها لم يزده الله إلا دناءة ، ومن تزوج امرأة لم يرد بها إلا أن يغض بصره ويحصن فرجه أو يصل رحمه بارك الله له فيها وبارك لها منه ) 0 وبالمقابل أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أولياء المخطوبة بأن يبحثوا عن الخاطب ذي الدين والخلق ليقوم بالواجب الأكمل في رعاية الأسرة وأداء حقوق الزوجية وتربية الأولاد والقوامة الصحيحة في الغيرة على الشرف وتأمين حاجات البيت بالبذل والإنفاق ، فقد أخرج الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) 0 وأية فتنة أعظم على الدين والتربية والأخلاق من أن تقع الفتاة المؤمنة بين براثن خاطب متحلل ، أو زوج ملحد لا يرقب في مؤمنة إلاً ولا ذمة ، ولا يقيم للشرف والغيرة والعرض وزناً ولا اعتباراً 0 وأية فتنة أعظم على المرأة الصالحة من أن تقع في عصمة زوج إباحي فاجر يكرهها على السفور والاختلاط ويجبرها على احتساء الخمرة ومراقصة الرجال ويقسرها على التفلت من ربقة الدين والأخلاق 0 فكم من فتاة ويا للأسف كانت في بيت أهلها مثالاً للعفة والطهر فلما انتقلت إلى بيتٍ إباحي وزوج متحلل فاجر انقلبت إلى امرأة متهتكة مستهترة لا تقيم لمبادئ الفضيلة أية قيمة ولا لمفهومات العفة والشرف أي اعتبار 0 ومما لا شك فيه أن الأولاد حين ينشئون في مثل هذا البيت المتحلل الماجن الآثم فإنهم سينشؤون لا محالة على الانحراف والاباحية ، ويتربون على الفساد والمنكر كما قال صلى الله عليه وسلم : ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودنه أو ينصرانه أو يمجسانه ) 0إذاً فالاختيار على أساس الدين والأخلاق من أهم ما يحقق للزوجين سعادتهما الكاملة المؤمنة و للأولاد تربيتهم الإسلامية الفاضلة ، وللأسرة شرفها الثابت واستقرارها المنشود ، يشهد لذلك قصة الثابت ابن النعمان والد أبي حنيفة 0
2ـ الاختيار على أساس الأصل والشرف : من القواعد التي وضعها الإسلام في اختيار أحد الزوجين للآخر أن يكون الانتقاء لشريك الحياة من أسرة عريقة في الصلاح والتقوى والأخلاق والشرف والأصل ، أي أن لا يكون التدين طفرة بل شيئاً عريقاً متأصلاً متجذراً في الأسرة لكون الناس معادن يتفاوتون فيما بينهم وضاعة وشرفاً ، ويتفاضلون فساداً وصلاحاً ، ولقد نوه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الطيالسي وابن منيع والعسكري عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( الناس معادن في الخير والشر ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ) 0 ويقول الشاعر :
إذا طاب أصل المرء طابت فروعه
ومن عجب جادت يد الشوك بالورد
وقد يخبث الفرع الذي طاب أصله
ليظهر فعل الله في العكس والطرد
وليس النبت ينبت في جنان
كمثل النبت ينبت في الفلاة
وهل يرجى لأطفال كمال
إذا ارتضعوا ثدي الناقصات

لهذا حض النبي صلى الله عليه وسلم كل راغب في الزواج أن يكون الانتقاء على أساس الصلاح العريق والطيب المتأصل. وإليكم باقة من أقواله صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن أخرج ابن ماجة والديلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس ) 0 وعن عائشة مرفوعاً رضي الله عنها : ( تخيروا لنطفكم فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن وأخواتهن ) 0 وفي رواية اطلبوا مواضع الأكفاء لنطفكم فإن الرجل ربما أشبه أخواله) 0 وعكسه كقوله : ( إياكم وخضراء الدمن ، قالوا يا رسول الله وما خضراء الدمن ؟ قال : المرأة الحسناء في المنبت السوء )0 فهذه الأحاديث بمجموعها ترشد راغبي الزواج الى أن يختاروا زوجات ترعرعن في بيئة صالحة ونشأن في بيت عريق في الشرف والطيب وتناسلن من نطفة انحدرت من أصل كريم وجدود أمجاد ، ولعل السر في هذا حتى ينجب الرجل أولاداً مفطورين على معالي الأمور ومتطبعين بعادات أصيلة وأخلاق إسلامية قويمة ، يرضعون منهن لبان المكارم والفضائل ويكتسبون بشكل عفوي خصال الخير ومكارم الأخلاق ، وانطلاقاً من هذا المبدأ أوصى عثمان بن أبي العاص الثقفي أولاده في تخير النطف وتجنب عرق السوء ، وإليكم ما قاله لهم : يا بني الناكح مغترس ، فلينظر امرؤ حيث يضع غرسه ، والعرق السوء قلما ينجب ، فتخيروا ولو بعد حين 0 وتحقيقاً لهذا الاختيار أجاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن سؤال لأحد الأبناء لما سأله ، ما حق الولد على أبيه بقوله :" أن ينتقي أمه ويحسن اسمه ويعلمه القرآن " 0 وهذا الانتقاء الذي وجه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعد من اعظم الحقائق العلمية والنظريات التربوية في العصر الحديث ، فعلم الوراثة أثبت أن الطفل يكتسب صفات أبويه الخلقية والجسمية والعقلية منذ الولادة ، فعندما يكون انتقاء الزوج واختيار الزوجة على أساس الأصل والشرف والصلاح فلا شك أن الأولاد ينشؤن على خير ما ينشئون من العفة والطهر والاستقامة ، وعندما يجتمع في الولد عامل الوراثة الصالحة وعامل التربية الفاضلة يصل الولد الى القمة في الدين والأخلاق ويكون مضرب المثل في التقوى والفضيلة وحسن المعاملة ومكارم الأخلاق ، فما على راغبي الزواج إلا أن يحسنوا الاختيار ويُحكموا في رفيق الحياة الانتقاء إن أرادوا أن تكون لهم ذرية صالحة وسلالة طاهرة وابناء مؤمنون 0
3ـ الاغتراب في الزواج : ومن توجيهات الإسلام الحكيمة في اختيار الزوجة تفضيل المرأة الأجنبية عن الأسرة على النساء ذات القرابة واللصيقة بالزوج حرصاً على نجابة الولد وضماناً لسلامة جسمه من الأمراض السارية والعاهات الوراثية ، وتوسيعاً لدائرة التعارف الأسرية ، وتمتياً للروابط الاجتماعية ، حيث تزداد أجسامهم قوة ، ووحدتهم تماسكاً وصلابةً ، وتعارفهم سعة وانتشاراً 0 فلا عجب أن نرى النبي صلى الله عليه وسلم قد حذر من الزواج بذوات النسب والقرابة ، حتى لا ينشأ الولد ضعيفاً ، وتنحدر إليه عاهات أبويه وأمراض جدوده ، حيث ورد : ( لا تنكحوا القرابة فإن الولد يخلق ضاوياً ) وورد أيضاً : ( اغتربوا ولا تضووا ) 0 وإذا حث النبي صلى الله عليه وسلم على الاغتراب من أجل سلامة النسل فإن كل ما من شأنه أن يحقق هذا الهدف يكون مطلوباً ، كتحاليل السلامة للخاطبين ، وحقنات المناعة لهما ولأولادهما تحقيقاً لنفس الهدف 0
4ـ تفضيل ذوات الأبكار : ومن توجيهات الإسلام الرشيدة في اختيار الزوجة تفضيل المرأة البكر على الثيب لحكم بالغة وفوائد عظيمة 0 فمن هذه الفوائد حماية الأسرة مما ينغص عيشها ويوقعها في حبائل الخصومات وينشر في أجوائها ضباب المشكلات والعدوات ، وفي نفس الوقت تمتين لأواصر المحبة الزوجية ، لكون البكر مجبولة على الأنس والألفة بأول إنسان تكون في عصمته وتلتقي معه وتتعرف عليه ، بعكس المرأة الثيب فقد لا تجد في الزواج الثاني الألفة التامة والمحبة المتبادلة والتعلق القلبي الصادق للفرق الكبير بين أخلاق الأول ومعاملة الثاني 0 فلا غرابة أن نرى عائشة رضي الله عنها قد وضحت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كل هذه المعاني لما قالت للرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري : ( يا رسول الله أرأيت لو نزلت وادياً وفيه شجرة قد أكل منها وشجرة لم يؤكل منها ، في أي منها كنت تُرتِع بعيرك ؟ قال عليه الصلاة والسلام في التي لم يُرتع منها ، قالت رضي الله عنها فأنا هي ) تقصد بيان فضلها على باقي الزوجات باعتبار أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكراً غيرها وقد ألمح صلى الله عليه وسلم الى بعض الحكم للزواج بذوات الأبكار حيث قال : ( عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواهاً وانتق أرحاماً وأقل حِبَّاً وأرضى باليسير ) 0 وحتى لا تغضب الثيب ولا تغار أقول ن ثمة حالات نشجع الرجل أو على الأقل نقره على الزواج من الثيب فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لجابر وهو راجع من غزوة ذات الرقاع : يا جابر هل تزوجت بعد ؟ قلت نعم يا رسول الله ، قال : ثيباً أم بكرا، قلت لا بل ثيباً ، قال : أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك ، قلت يا رسول الله إن أبي أصيب يوم أحد وترك لنا بنات سبعاً فنكحت امرأة جامعة تجمع رؤوسهن وتقوم عليهن ، قال صلى الله عليه وسلم : أصبت إن شاء الله ) 0وهذا الرضا منه صلى الله عليه وسلم إشارة الى أن الزواج بالأبكار قد يكون مفضولاً إذا كانت هناك مصلحة أخرى ترجح الزواج بغيرها 0
5ـ تفضيل الزواج بالمرأة الولود : ومن توجيهات الإسلام في اختيار الزوجة ، انتقاء المرأة الولود ، وتعرف بشيئين :
الأول ـ سلامة جسمها من الأمراض التي تمنع من الحمل ويستعان لمعرفة ذلك بالمختصين0 الثاني ـ النظر في حال أمها وأخواتها وخالاتها المتزوجات ، فإن كن من الصنف الولود فعلى الغالب هي تكون كذلك 0
ومن المعلوم أن المرأة حينما تكون من الصنف الولود تكون في الغالب في صحة جيدة وجسم قوي سليم ، والتي تتوافر فيها هذه الظاهرة تستطيع أن تنهض بأعبائها المنزلية وواجباتها التربوية وحقوقها الزوجية على أكمل وجه وأنبل معنى 0

descriptionالأسرة ( الحياة الزوجية ) والصحة النفسية : Emptyرد: الأسرة ( الحياة الزوجية ) والصحة النفسية :

more_horiz
بارك الله فيك

descriptionالأسرة ( الحياة الزوجية ) والصحة النفسية : Emptyرد: الأسرة ( الحياة الزوجية ) والصحة النفسية :

more_horiz
تابع تميزك

descriptionالأسرة ( الحياة الزوجية ) والصحة النفسية : Emptyرد: الأسرة ( الحياة الزوجية ) والصحة النفسية :

more_horiz
الله يسلمكم شباب شكرا
لمروركم
الله لا يحرمنا من اطلالاتكم

descriptionالأسرة ( الحياة الزوجية ) والصحة النفسية : Emptyرد: الأسرة ( الحياة الزوجية ) والصحة النفسية :

more_horiz
نايس توبك

descriptionالأسرة ( الحياة الزوجية ) والصحة النفسية : Emptyرد: الأسرة ( الحياة الزوجية ) والصحة النفسية :

more_horiz
موضوع راائع شكرا لالك
ننتظر مزيدك دائمآآ

descriptionالأسرة ( الحياة الزوجية ) والصحة النفسية : Emptyرد: الأسرة ( الحياة الزوجية ) والصحة النفسية :

more_horiz
موضوع صحي و مفيد .. واصل الابداع



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لدليل الاشهار العربي