السؤال:
لدي صديق وهو طالب في كلية الصيدلة ، ومن متطلبات إحدى المواد أن يقوموا
بتخمير خمر ، وبعد عدة أشهر سيقومون بتذوقه ؛ لكي يتأكدوا من أن المزيج
صحيح ، ونحن لا نحب أن يلعننا النبي صلى الله عليه وسلم ، فنحن سندرس 5
أشهر/ فصل دراسي حيث لا يكفي يوم واحد لتحضير الخمر، ولهذا فهم سيأثمون
لفترة طويلة ، ووفقا لما قرأناه فإن النبي صلى الله عليه وسلم لعن 10
أشخاص لهم علاقة بالمشروبات الكحولية ؛ فما حكم تخمير الخمر؟ وما الذي يجب
أن يقوم به الطالب الذي أرسله والداه للدراسة؟ هل يجب عليهم القيام بذلك
عندما يطلب منهم الأستاذ الجامعي ذلك ؟ نحن نسعى للحصول على نصحكم فأرجو
أن تقدموا لنا دليلا واضحا فيما يتعلق بهذا الأمر ؛ لأن غالبية زملائه
المسلمين لا يستجيبون دون دليل صحيح - هداهم الله - ونحن إن شاء الله
سنقبل بأي إرشاد ترسلوه لنا . رزقنا الله إيمانا قويا وتقوى .
الجواب :
الحمد لله
الخمر يحرم تناولها ، وحملها ، وبيعها ، وشراؤها ، وقد لعن فيها عشرة كما في الحديث
الذي رواه الترمذي (1295) وأبو داود (3674) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه
قَالَ : ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ
عَشْرَةً : عَاصِرَهَا ، وَمُعْتَصِرَهَا ، وَشَارِبَهَا ، وَحَامِلَهَا ،
وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ ، وَسَاقِيَهَا ، وَبَائِعَهَا ، وَآكِلَ ثَمَنِهَا ،
وَالْمُشْتَرِي لَهَا ، وَالْمُشْتَرَاةُ لَهُ ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
ولا يجوز صناعة الخمر للشرب ، ولا للتداوي ؛ لما روى أبو داود (3874) عَنْ أَبِي
الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ ، وَجَعَلَ لِكُلِّ
دَاءٍ دَوَاءً ، فَتَدَاوَوْا ، وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ ) صححه الألباني في
"صحيح الجامع" (1762) .
وروى مسلم (1984) عن وائل بن حجر رضي الله عنه أَنَّ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ
الْجُعْفِيَّ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَمْرِ
فَنَهَاهُ أَوْ كَرِهَ أَنْ يَصْنَعَهَا ، فَقَالَ : إِنَّمَا أَصْنَعُهَا
لِلدَّوَاءِ ، فَقَالَ : (إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ ، وَلَكِنَّهُ دَاءٌ) وهذا يدل
دلالة واضحة على تحريم التداوي بالخمر ، وأنها ليست بدواء ، وإنما هي داء .
قال النووي : "هَذَا دَلِيل لِتَحْرِيمِ اِتِّخَاذ الْخَمْر وَتَخْلِيلهَا ,
وَفِيهِ التَّصْرِيح بِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَوَاءٍ فَيَحْرُم التَّدَاوِي بِهَا ;
لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَوَاءٍ , فَكَأَنَّهُ يَتَنَاوَلهَا بِلَا سَبَب , وَهَذَا
هُوَ الصَّحِيح عِنْد أَصْحَابنَا" انتهى .
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه : ( إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ
فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ ) ذكره البخاري تعليقا (5/ 2129) .
فإذا كانت الخمر تصنع للشرب أو لجعلها دواء أو جزءا من دواء ، لم يجز للطالب أن
يشارك في صنعها ، وعليه أن يعلن موقفه ، ويعتز بدينه ، ويرفض المشاركة فيما هو محرم
.
وإن كانت تصنع للتعرف على الخصائص العلمية للكحول ، مع إتلاف المصنوع ، وعدم شربه
أو إدخاله في دواء ، فيجوز ، لكن يحرم تذوقها ، ويُترك أمر تذوقها لغير المسلمين .
وعليه : فيشترط الطالب للمشاركة في عملية التصنيع : أن تُتلف الخمر ، وألا يمكَّن
أحدٌ من شربها ، أو إدخالها في دواء ، فإن استجيب له في ذلك ، فلا بأس ، وإلا
فليمتنع عن المشاركة ولو خسر ما خسر من الدرجات ، وعلى جميع الطلاب المسلمين أن
يمتنعوا عن ذلك ، وأن يطلبوا من الجامعة مراعاة خصائصهم الدينية والسلوكية .
والله أعلم .
لدي صديق وهو طالب في كلية الصيدلة ، ومن متطلبات إحدى المواد أن يقوموا
بتخمير خمر ، وبعد عدة أشهر سيقومون بتذوقه ؛ لكي يتأكدوا من أن المزيج
صحيح ، ونحن لا نحب أن يلعننا النبي صلى الله عليه وسلم ، فنحن سندرس 5
أشهر/ فصل دراسي حيث لا يكفي يوم واحد لتحضير الخمر، ولهذا فهم سيأثمون
لفترة طويلة ، ووفقا لما قرأناه فإن النبي صلى الله عليه وسلم لعن 10
أشخاص لهم علاقة بالمشروبات الكحولية ؛ فما حكم تخمير الخمر؟ وما الذي يجب
أن يقوم به الطالب الذي أرسله والداه للدراسة؟ هل يجب عليهم القيام بذلك
عندما يطلب منهم الأستاذ الجامعي ذلك ؟ نحن نسعى للحصول على نصحكم فأرجو
أن تقدموا لنا دليلا واضحا فيما يتعلق بهذا الأمر ؛ لأن غالبية زملائه
المسلمين لا يستجيبون دون دليل صحيح - هداهم الله - ونحن إن شاء الله
سنقبل بأي إرشاد ترسلوه لنا . رزقنا الله إيمانا قويا وتقوى .
الجواب :
الحمد لله
الخمر يحرم تناولها ، وحملها ، وبيعها ، وشراؤها ، وقد لعن فيها عشرة كما في الحديث
الذي رواه الترمذي (1295) وأبو داود (3674) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه
قَالَ : ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ
عَشْرَةً : عَاصِرَهَا ، وَمُعْتَصِرَهَا ، وَشَارِبَهَا ، وَحَامِلَهَا ،
وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ ، وَسَاقِيَهَا ، وَبَائِعَهَا ، وَآكِلَ ثَمَنِهَا ،
وَالْمُشْتَرِي لَهَا ، وَالْمُشْتَرَاةُ لَهُ ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
ولا يجوز صناعة الخمر للشرب ، ولا للتداوي ؛ لما روى أبو داود (3874) عَنْ أَبِي
الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ ، وَجَعَلَ لِكُلِّ
دَاءٍ دَوَاءً ، فَتَدَاوَوْا ، وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ ) صححه الألباني في
"صحيح الجامع" (1762) .
وروى مسلم (1984) عن وائل بن حجر رضي الله عنه أَنَّ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ
الْجُعْفِيَّ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَمْرِ
فَنَهَاهُ أَوْ كَرِهَ أَنْ يَصْنَعَهَا ، فَقَالَ : إِنَّمَا أَصْنَعُهَا
لِلدَّوَاءِ ، فَقَالَ : (إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ ، وَلَكِنَّهُ دَاءٌ) وهذا يدل
دلالة واضحة على تحريم التداوي بالخمر ، وأنها ليست بدواء ، وإنما هي داء .
قال النووي : "هَذَا دَلِيل لِتَحْرِيمِ اِتِّخَاذ الْخَمْر وَتَخْلِيلهَا ,
وَفِيهِ التَّصْرِيح بِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَوَاءٍ فَيَحْرُم التَّدَاوِي بِهَا ;
لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَوَاءٍ , فَكَأَنَّهُ يَتَنَاوَلهَا بِلَا سَبَب , وَهَذَا
هُوَ الصَّحِيح عِنْد أَصْحَابنَا" انتهى .
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه : ( إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ
فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ ) ذكره البخاري تعليقا (5/ 2129) .
فإذا كانت الخمر تصنع للشرب أو لجعلها دواء أو جزءا من دواء ، لم يجز للطالب أن
يشارك في صنعها ، وعليه أن يعلن موقفه ، ويعتز بدينه ، ويرفض المشاركة فيما هو محرم
.
وإن كانت تصنع للتعرف على الخصائص العلمية للكحول ، مع إتلاف المصنوع ، وعدم شربه
أو إدخاله في دواء ، فيجوز ، لكن يحرم تذوقها ، ويُترك أمر تذوقها لغير المسلمين .
وعليه : فيشترط الطالب للمشاركة في عملية التصنيع : أن تُتلف الخمر ، وألا يمكَّن
أحدٌ من شربها ، أو إدخالها في دواء ، فإن استجيب له في ذلك ، فلا بأس ، وإلا
فليمتنع عن المشاركة ولو خسر ما خسر من الدرجات ، وعلى جميع الطلاب المسلمين أن
يمتنعوا عن ذلك ، وأن يطلبوا من الجامعة مراعاة خصائصهم الدينية والسلوكية .
والله أعلم .