بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في رواية في الصحيحين من حديث ابن مسعود وأبي موسى رضي الله عنهم
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن بين يدي الساعة لأياما ينزل فيها الجهل
, ويرفع فيها العلم , ويكثر فيها الهرج , والهرج : القتل " .
فقد يقول قائل : كيف تقول : يظهر الجهل , ويرفع العلم , ونحن نرى هذا الكم الهائل من العلوم ؟!
والجواب : ليس المراد من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هو علم الدنيا , وإنما علم الآخرة
, علم القرآن والسنة , أما علم الدنيا فهو في زيادة كما هو الواقع الآن .
يقول الله عز وجل : " بل أدارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون " ( النمل 66)
ففي مسند أحمد والبخاري في "الأدب المفرد" بسند صحيح من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله
عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن بين يدي الساعة ... وظهور القلم " لقد ظهر القلم
وانتشرت الكتابة والصحف , والجرائد والمجلات بصورة ملفته , لاسيما بعد آلات الطباعة الحديثة التي
تطبع ملايين الكلمات في الدقيقة الواحدة , فعلم الدنيا في ازدياد كما أخبر الصادق صلى الله علية وسلم
, في الوقت الذي قل فيه العلم بالقرآن والسنة , بل ظهر الجهل بكتاب الله وسنة نبيه يقول الله جل وعلا :
" وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " ( يوسف 106) حقيقة ثابتة شرعا وقدرا , أن أكثر أهل الأرض
جهلاء بالدين الذي ارتضاه الله عز وجل دينا لأهل الأرض , ولأهل السماء قال
تعالى : " إن الدين عند الله الإسلام " ( آل عمران 19) . فالأكثرية لم
يحققوا التوحيد بالله , ولم يحققوا الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم ,
بل إن من الأمة من لا يعرف أركان الدين معرفة صحيحة والسبب في ذلك أن
كثيرا من الناس قد انشغل عن الآخرة , وشغلته الدنيا , ولا حول ولا قوة إلا
بالله .
كيف يرفع أو يقبض العلم ؟
ما جاء في الصحيحين من حديث عبدالله ابن عمرو رضي الله عنهم قال : سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : " إن الله لايقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس , ولكن
يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالما , اتخذ الناس رؤوسا جهالا
فسئلوا , فأفتوا بغير علم , فضلوا وأضلوا "
فموت العالم من أكبر المصائب التي تقع في أمة النبي صلى الله عليه وسلم ,
ومن المعلوم أن الضلال لا يقع في الأمة إلا برفع العلم , وبقبض العلماء
الصادقين , وبظهور رؤوسا جهالا تجرؤوا على الفتوى وعلى العلم بالكتاب
والسنة . قال ابن القيم رحمه الله : " لا يجوز للعالم , أو المفتي , أو
الحاكم , أن يفتي في أي مسألة إلا بعلمين : الأول : فهم الواقع . والعلم
الثاني : فهم الواجب في الواقع " أي : فهم الدليل الشرعي الذي ينسحب على
الواقع الذي ندرسه ونبحثه , لذا بوب الإمام البخاري رحمه الله تعالى في
"صحيحه" في "كتاب العلم " بابا في غاية الفقه فقال : " باب العلم قبل القول
والعمل " , أي قبل ان أتكلم لابد أن أتعلم , وصدر الباب بقول الله جل وعلا
: " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله
يعلم متقلبكم ومثواكم " ( محمد 19) . وهنا أمر الله عز وجل نبيه في الآ ية
بأمرين :
بالعلم في قوله تعالى " فاعلم أنه لا إله إلا الله " , * وبالعمل في قوله "
واستغفر لذنبك " ,قال ابن المنير ( فيما حاكاه عنه الحافظ في الفتح ) : "
قدم الله تعالى العلم على العمل , لأن العلم هو المصحح للنية التي يصح بها
كل قول وعمل " .
مواقف في حياة الصحابة رضي الله عنهم
هاهو الصديق _ رضوان الله عليه _ عندما وقف النبي صلى الله عليه وسلم على
المنبر , وقال :" إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء
وبين ما عنده فاختار ما عنده " , فبكى أبو بكر , وقال: فديناك بآبائنا
أمهاتنا _ضج الناس على الصديق لماذا يقول ذلك ؟ _ يقول أبو سعيد الخدري رضي
الله عنه _ راوي الحديث : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير ,
وكان أبو بكر هو أعلمنا به " والحديث في الصحيحين .
وها هو عثمان بن عفان رضي الله عنه أتوا له بامرأة ولدت بعد ستة أشهر من
الزواج , فاتهموها بالزنا , وأراد أن يقيم الحد عليها , فقال ابن العباس :
تمهل يا أمير المؤمنين , وفي رواية علي رضي الله عنه : تمهل يا أمير
المؤمنين , فقد نضع المرأة ولدها لستة أشهر !! ما هذا الكلام ؟ ومن أين
أتيت بهذا الكلام ؟ قال له : من القرآن في قوله تعالى :" وحمله وفصاله
ثلاثون شهرا " ( الأحقاف 15) , الحمل والرضاع ثلاثون شهرا , والرضاع أربعة
وعشرون شهرا , لقوله تعالى :" والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن
أراد أن يتم الرضاعة " ( البقرة 233) . فلو طرحت أربعة وعشرين من ثلاثين
تبقى ستة أشهر , فمن الممكن أن تلد المرأة ولدها في ستة أشهر , وبهذا نجى
الله المرأة بفهم علي وابن العباس . ( أخرجه الطبري في التفسير , وابن أبي
حاتم في تفسيره لسورة البقرة (آية 233) والأحقاف ( آية 15) .
إنها نعمة الفهم , ويأتي الفهم بالتحصيل , وذلك بأن تجلس بين يدي العلماء ,
وبمطالعة كتب المصنفين من أهل العلم , مع عدم التسرع في الفتوى , وعدم
الجرأة على الله تبارك وتعالى , وعلى القول في دين الله بغير علم .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في رواية في الصحيحين من حديث ابن مسعود وأبي موسى رضي الله عنهم
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن بين يدي الساعة لأياما ينزل فيها الجهل
, ويرفع فيها العلم , ويكثر فيها الهرج , والهرج : القتل " .
فقد يقول قائل : كيف تقول : يظهر الجهل , ويرفع العلم , ونحن نرى هذا الكم الهائل من العلوم ؟!
والجواب : ليس المراد من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هو علم الدنيا , وإنما علم الآخرة
, علم القرآن والسنة , أما علم الدنيا فهو في زيادة كما هو الواقع الآن .
يقول الله عز وجل : " بل أدارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون " ( النمل 66)
ففي مسند أحمد والبخاري في "الأدب المفرد" بسند صحيح من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله
عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن بين يدي الساعة ... وظهور القلم " لقد ظهر القلم
وانتشرت الكتابة والصحف , والجرائد والمجلات بصورة ملفته , لاسيما بعد آلات الطباعة الحديثة التي
تطبع ملايين الكلمات في الدقيقة الواحدة , فعلم الدنيا في ازدياد كما أخبر الصادق صلى الله علية وسلم
, في الوقت الذي قل فيه العلم بالقرآن والسنة , بل ظهر الجهل بكتاب الله وسنة نبيه يقول الله جل وعلا :
" وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " ( يوسف 106) حقيقة ثابتة شرعا وقدرا , أن أكثر أهل الأرض
جهلاء بالدين الذي ارتضاه الله عز وجل دينا لأهل الأرض , ولأهل السماء قال
تعالى : " إن الدين عند الله الإسلام " ( آل عمران 19) . فالأكثرية لم
يحققوا التوحيد بالله , ولم يحققوا الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم ,
بل إن من الأمة من لا يعرف أركان الدين معرفة صحيحة والسبب في ذلك أن
كثيرا من الناس قد انشغل عن الآخرة , وشغلته الدنيا , ولا حول ولا قوة إلا
بالله .
كيف يرفع أو يقبض العلم ؟
ما جاء في الصحيحين من حديث عبدالله ابن عمرو رضي الله عنهم قال : سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : " إن الله لايقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس , ولكن
يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالما , اتخذ الناس رؤوسا جهالا
فسئلوا , فأفتوا بغير علم , فضلوا وأضلوا "
فموت العالم من أكبر المصائب التي تقع في أمة النبي صلى الله عليه وسلم ,
ومن المعلوم أن الضلال لا يقع في الأمة إلا برفع العلم , وبقبض العلماء
الصادقين , وبظهور رؤوسا جهالا تجرؤوا على الفتوى وعلى العلم بالكتاب
والسنة . قال ابن القيم رحمه الله : " لا يجوز للعالم , أو المفتي , أو
الحاكم , أن يفتي في أي مسألة إلا بعلمين : الأول : فهم الواقع . والعلم
الثاني : فهم الواجب في الواقع " أي : فهم الدليل الشرعي الذي ينسحب على
الواقع الذي ندرسه ونبحثه , لذا بوب الإمام البخاري رحمه الله تعالى في
"صحيحه" في "كتاب العلم " بابا في غاية الفقه فقال : " باب العلم قبل القول
والعمل " , أي قبل ان أتكلم لابد أن أتعلم , وصدر الباب بقول الله جل وعلا
: " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله
يعلم متقلبكم ومثواكم " ( محمد 19) . وهنا أمر الله عز وجل نبيه في الآ ية
بأمرين :
بالعلم في قوله تعالى " فاعلم أنه لا إله إلا الله " , * وبالعمل في قوله "
واستغفر لذنبك " ,قال ابن المنير ( فيما حاكاه عنه الحافظ في الفتح ) : "
قدم الله تعالى العلم على العمل , لأن العلم هو المصحح للنية التي يصح بها
كل قول وعمل " .
مواقف في حياة الصحابة رضي الله عنهم
هاهو الصديق _ رضوان الله عليه _ عندما وقف النبي صلى الله عليه وسلم على
المنبر , وقال :" إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء
وبين ما عنده فاختار ما عنده " , فبكى أبو بكر , وقال: فديناك بآبائنا
أمهاتنا _ضج الناس على الصديق لماذا يقول ذلك ؟ _ يقول أبو سعيد الخدري رضي
الله عنه _ راوي الحديث : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير ,
وكان أبو بكر هو أعلمنا به " والحديث في الصحيحين .
وها هو عثمان بن عفان رضي الله عنه أتوا له بامرأة ولدت بعد ستة أشهر من
الزواج , فاتهموها بالزنا , وأراد أن يقيم الحد عليها , فقال ابن العباس :
تمهل يا أمير المؤمنين , وفي رواية علي رضي الله عنه : تمهل يا أمير
المؤمنين , فقد نضع المرأة ولدها لستة أشهر !! ما هذا الكلام ؟ ومن أين
أتيت بهذا الكلام ؟ قال له : من القرآن في قوله تعالى :" وحمله وفصاله
ثلاثون شهرا " ( الأحقاف 15) , الحمل والرضاع ثلاثون شهرا , والرضاع أربعة
وعشرون شهرا , لقوله تعالى :" والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن
أراد أن يتم الرضاعة " ( البقرة 233) . فلو طرحت أربعة وعشرين من ثلاثين
تبقى ستة أشهر , فمن الممكن أن تلد المرأة ولدها في ستة أشهر , وبهذا نجى
الله المرأة بفهم علي وابن العباس . ( أخرجه الطبري في التفسير , وابن أبي
حاتم في تفسيره لسورة البقرة (آية 233) والأحقاف ( آية 15) .
إنها نعمة الفهم , ويأتي الفهم بالتحصيل , وذلك بأن تجلس بين يدي العلماء ,
وبمطالعة كتب المصنفين من أهل العلم , مع عدم التسرع في الفتوى , وعدم
الجرأة على الله تبارك وتعالى , وعلى القول في دين الله بغير علم .