قد يعد كافيًا في الترغيب في فعل هذه العبادة سرد ما يلي من الأحاديث النبوية:
-جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «أفضل الأعمال: إيمان بالله ورسوله، ثم جهاد في سبيله، ثم حج مبرور».
وورد فيما أخرجه ابن ماجة في سننه عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الحج جهاد كل ضعيف».
وثبت عن أبي هريرة مرفوعًا: «جهاد الكبير والضعيف والمرأة: الحج والعمرة».
وورد: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه».
وجاء فيما أخرجه البزّار عنه صلى الله عليه وسلم: «إن الله يغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج».
وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم «سمع رجلاً يقول في الطواف: اللهم اغفر لفلان بن فلان، فقال: من هذا؟ قال رجل حملني أن أدعو له بين الركن والمقام. فقال: قد غفر الله لصاحبك».
وبعد هذا، فأي مؤمن يطرق سمعه مثل هذه البشارات النبوية ولا يهتز طربًا، ويتمايل فرحًا، وهي تبلغه في صدق ووضوح أن الحج من أفضل الأعمال، وأن الحج في ثوابه كالجهاد في أجره، وأن الحاج كالمجاهد في المنزلة، وأن للحاج كرامة عند الله بها يستجاب دعاؤه ويغفر ذنبه وذنب من يريد له ذلك ما استغفر له.
القيود المفروضة على تزكية عبادة الحج للنفس إن قوله صلى الله عليه وسلم: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنبه كيوم ولدته أمه» نجده قد قيد الحصول على نتيجة هذه العبادة من غفران الذنوب غفرانًا كاملاً حتى لم يبق على النفس من أثر للتدسية فتطهر بعد ذلك وتصبح أهلاً لرضى الله تعالى والقرب منه، قيده بقيدين اثنين:
أولهما: عدم الرفث وهـو اسم جامع لجنس الجماع وسائر مقدماته القولية كلحن الكلام والغناء والألفاظ الدالة على الغريزة الجنسية تصريحًا أو تلميحًا، أو الفعلية كالجس باليد واللمس، والغمز بالجفن والحاجب، والنظر المريب بالعين، والفكر الفاسد بالقلب، وما إلى ذلك.
وثانيهما: عدم الفسوق، وهو لفظ يندرج تحته سائر المعاصي والمخالفات الشرعية من الكفر والشرك إلى أدنى مخالفة، فمع السلامة من هذين القيدين الثقيلين يحصل صلاح النفس وزكاؤها وتصبح النفس طاهرة نقية قريبة من الله مرضية، ومع عدم السلامة منهما فإن الطهارة للنفس لا تتحقق، لأن طهارة النفس عبارة عن محو آثار الذنب عنها، فإذا لم يمح أثر الذنب فمن أين يأتي لها الصفاء والطهر؟
واعلم أن سر هذا الحرمان منشؤه أن المحرم بدخوله أرض الحمى، وبقوله: لبيك اللهم لبيك، قد أصبح وافدًا لله ذي الجلال والإكرام، وأن وافدًا لا يحترم نفسه ولا وفادته على ربه فيلوث نفسه بالذنب ويطمس نوره بمعصية من وفد إليه، ويذهب كرامته بالخروج عن حدود آداب الزيارة، وبانتهاكه لحرمات الوفادة لحري بأن لا يجد عند ربه أقل ما يسمى إكرامًا أو حس وفادة.
ومن هنا كان عدد الناجحين في هذه العبادة دائمًا قليلاً، ولو كان المقبلون عليها كثيرين، وقد قيل يومًا لعبد الله بن عمر رضي الله عنه: ما أكثر الحجاج!! فقال للمستكثر: ما أقلهم!
وكأن الشاعر كان معه لما قال:
خليلي قطاع الفيافي إلى الحمى *** كثير (وجمع) الواصلين قليل
ومن القيود لهذه العبادة: البرور فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله: «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» فنراه قد خصص مطلق الحج بصفة البرور فلا يعظم أجر الحاج ولا يجزل ثوابه إلا إذا اتصف حجه بالبرور المشار إليه في الحديث.
ومن هنا لزم أن نعرف معنى البرور الذي هو قوام الحج وملاك أمره. البرور: مصدر فعل بر يبر بالفتح برورًا في قوله: صدق، وبر خالقه: أطاعه، وبرّت الصلاة: قُبِلَت، وبرّ الله العبادة قبلها، فعلى هذا يكون من معاني البرور: القبول، ولنا أن نقول: الحج المبرور هو المقبول، لكن قبوله مبني على صدق الحاج في نياته، وأقواله، وأعماله على طاعته لربه.
وهذه هي شروط قبول الحج قطعًا: الإخلاص فيه لله تعالى وحده، وطاعة الله باجتناب ما حرم من الفسق والرفث والجدال وغيرها، وصحة الأداء بحيث يكون أداؤه كاملا على ما حدد الشارع من هيئات وما وضع له من صفات.
هذا ولنذكر ما ورد عن السلف في معنى البرور، وهو وإن اختلف مع ما ذكرنا لفظاً فإنه يتحد معه معنى. سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن البر في الحج فقال: «إطعام الطعام، وإفشاء السلام، وطيب الكلام». وسئل ابن عمر رضي الله عنه فقال: "إن البر شيء هين : وجه طليق، وكلام ليّن"، والمعروف عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان إذا سئل عن أفضل الأعمال يجيب السائل بما يتفق وإصلاح حاله، فكثيرًا ما كانت تختلف إجاباته صلى الله عليه وسلم، والسؤال واحد، فكان صلى الله عليه وسلم يعالج بذلك نفوس السائلين، فيصف لكل سائل دواءه الخاص.
هذا والملاحظ في جوابه صلى الله عليه وسلم: أنه كان يهدف إلى حمل الحاج على أن لا يقف بحجه عند الاقتصار على فعل الواجب وترك المحرم فقط، بل عليه أن يسارع في الفضائل وينافس في الكمالات حتى يصل بحجه إلى أعلى درجات القبول بعد أن وصل به إلى أكمل صفات البرور، وبهذا يتضح أن ما عرفنا به البرور لا يختلف أبدا مع ما عرفه به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا مع ما عرفه به صاحبه رضي الله عنه.
وخلاصة القول، إن الحج المبرور هو الحج الذي استكمل سائر مؤهلات القبول من الإخلاص، وحسن الأداء والابتعاد به عن كل ما يخدش في قيمته كحج صادق ملؤه الخير والإحسان، وأن الحاج البار هو ذلك الحاج المطيع الذي لا يعصي، والمحسن الذي لا يسيء في خدمة سيده، والذي جمع إلى الطاعة الكاملة والإحسان العام فعل الخير وإسداء المعروف لوافدي بيت الله فأطعمهم طعامه، وألان لهم كلامه.
وإن حاجًا كهذا قد ارتقى بحسن طاعته، وسما بطيب نفسه، لم يصبح جزاؤه حسنات، ولا محوا لسيئات فقط، لأن ذلك لا يعادل ما أهله الله له من سامي المنزلة، وعظيم الدرجة، فلم يكن له إذا من جزاء يعادل ثوابه إلا الجنة منزل الأبرار، ومقر الأصفياء الأخيار.
الترهيب لمن يترك الحج تهاونًا
روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله: "من ملك زادًا وراحلة تبلغه إلى بيت الله، ولم يحج، فلا عليه أن يموت يهوديًا أو نصرانيًا"، وذلك لأن الله تعالى قال في كتابه: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97].
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: "لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار فينظروا كل من كانت له جدة ولم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين".
وورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: «من لم تحبسه حاجة ظاهرة، أو مرض حابس، ومنع من سلطان جائر ولم يحج فليمت إن شاء يهوديًا أو نصرانيًا».
وجاء فيما يرويه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل قوله: «إن عبدًا صححت له جسمه ووسعت عليه المعيشة يمضي خمسة أعوام لا يفد إليّ إنه لمحروم».
فهذه الأحاديث وتلك الآثار تدل على مدى ذنب المتهاون بأداء هذه الفريضة، وأنه بتهاونه وتسويفه قد وقف على شفا هاوية من الجحيم، لأنه لا يؤمن عليه أن ينقلب ذلك التهاون والتسويف إلى استباحة ترك هذه الفريضة، أو احتقارها وعدم المبالاة بها -والله يحول بين المرء وقلبه- فيصبح -والعياذ بالله تعالى- من الكافرين، ولا غرابة فإن هذا ظاهر من قول الرسول صلى الله عليه وسلم وقول صاحبه المتقدم: «فليمت إن شاء يهوديًا أو نصرانيًا».
-جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «أفضل الأعمال: إيمان بالله ورسوله، ثم جهاد في سبيله، ثم حج مبرور».
وورد فيما أخرجه ابن ماجة في سننه عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الحج جهاد كل ضعيف».
وثبت عن أبي هريرة مرفوعًا: «جهاد الكبير والضعيف والمرأة: الحج والعمرة».
وورد: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه».
وجاء فيما أخرجه البزّار عنه صلى الله عليه وسلم: «إن الله يغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج».
وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم «سمع رجلاً يقول في الطواف: اللهم اغفر لفلان بن فلان، فقال: من هذا؟ قال رجل حملني أن أدعو له بين الركن والمقام. فقال: قد غفر الله لصاحبك».
وبعد هذا، فأي مؤمن يطرق سمعه مثل هذه البشارات النبوية ولا يهتز طربًا، ويتمايل فرحًا، وهي تبلغه في صدق ووضوح أن الحج من أفضل الأعمال، وأن الحج في ثوابه كالجهاد في أجره، وأن الحاج كالمجاهد في المنزلة، وأن للحاج كرامة عند الله بها يستجاب دعاؤه ويغفر ذنبه وذنب من يريد له ذلك ما استغفر له.
القيود المفروضة على تزكية عبادة الحج للنفس إن قوله صلى الله عليه وسلم: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنبه كيوم ولدته أمه» نجده قد قيد الحصول على نتيجة هذه العبادة من غفران الذنوب غفرانًا كاملاً حتى لم يبق على النفس من أثر للتدسية فتطهر بعد ذلك وتصبح أهلاً لرضى الله تعالى والقرب منه، قيده بقيدين اثنين:
أولهما: عدم الرفث وهـو اسم جامع لجنس الجماع وسائر مقدماته القولية كلحن الكلام والغناء والألفاظ الدالة على الغريزة الجنسية تصريحًا أو تلميحًا، أو الفعلية كالجس باليد واللمس، والغمز بالجفن والحاجب، والنظر المريب بالعين، والفكر الفاسد بالقلب، وما إلى ذلك.
وثانيهما: عدم الفسوق، وهو لفظ يندرج تحته سائر المعاصي والمخالفات الشرعية من الكفر والشرك إلى أدنى مخالفة، فمع السلامة من هذين القيدين الثقيلين يحصل صلاح النفس وزكاؤها وتصبح النفس طاهرة نقية قريبة من الله مرضية، ومع عدم السلامة منهما فإن الطهارة للنفس لا تتحقق، لأن طهارة النفس عبارة عن محو آثار الذنب عنها، فإذا لم يمح أثر الذنب فمن أين يأتي لها الصفاء والطهر؟
واعلم أن سر هذا الحرمان منشؤه أن المحرم بدخوله أرض الحمى، وبقوله: لبيك اللهم لبيك، قد أصبح وافدًا لله ذي الجلال والإكرام، وأن وافدًا لا يحترم نفسه ولا وفادته على ربه فيلوث نفسه بالذنب ويطمس نوره بمعصية من وفد إليه، ويذهب كرامته بالخروج عن حدود آداب الزيارة، وبانتهاكه لحرمات الوفادة لحري بأن لا يجد عند ربه أقل ما يسمى إكرامًا أو حس وفادة.
ومن هنا كان عدد الناجحين في هذه العبادة دائمًا قليلاً، ولو كان المقبلون عليها كثيرين، وقد قيل يومًا لعبد الله بن عمر رضي الله عنه: ما أكثر الحجاج!! فقال للمستكثر: ما أقلهم!
وكأن الشاعر كان معه لما قال:
خليلي قطاع الفيافي إلى الحمى *** كثير (وجمع) الواصلين قليل
ومن القيود لهذه العبادة: البرور فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله: «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» فنراه قد خصص مطلق الحج بصفة البرور فلا يعظم أجر الحاج ولا يجزل ثوابه إلا إذا اتصف حجه بالبرور المشار إليه في الحديث.
ومن هنا لزم أن نعرف معنى البرور الذي هو قوام الحج وملاك أمره. البرور: مصدر فعل بر يبر بالفتح برورًا في قوله: صدق، وبر خالقه: أطاعه، وبرّت الصلاة: قُبِلَت، وبرّ الله العبادة قبلها، فعلى هذا يكون من معاني البرور: القبول، ولنا أن نقول: الحج المبرور هو المقبول، لكن قبوله مبني على صدق الحاج في نياته، وأقواله، وأعماله على طاعته لربه.
وهذه هي شروط قبول الحج قطعًا: الإخلاص فيه لله تعالى وحده، وطاعة الله باجتناب ما حرم من الفسق والرفث والجدال وغيرها، وصحة الأداء بحيث يكون أداؤه كاملا على ما حدد الشارع من هيئات وما وضع له من صفات.
هذا ولنذكر ما ورد عن السلف في معنى البرور، وهو وإن اختلف مع ما ذكرنا لفظاً فإنه يتحد معه معنى. سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن البر في الحج فقال: «إطعام الطعام، وإفشاء السلام، وطيب الكلام». وسئل ابن عمر رضي الله عنه فقال: "إن البر شيء هين : وجه طليق، وكلام ليّن"، والمعروف عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان إذا سئل عن أفضل الأعمال يجيب السائل بما يتفق وإصلاح حاله، فكثيرًا ما كانت تختلف إجاباته صلى الله عليه وسلم، والسؤال واحد، فكان صلى الله عليه وسلم يعالج بذلك نفوس السائلين، فيصف لكل سائل دواءه الخاص.
هذا والملاحظ في جوابه صلى الله عليه وسلم: أنه كان يهدف إلى حمل الحاج على أن لا يقف بحجه عند الاقتصار على فعل الواجب وترك المحرم فقط، بل عليه أن يسارع في الفضائل وينافس في الكمالات حتى يصل بحجه إلى أعلى درجات القبول بعد أن وصل به إلى أكمل صفات البرور، وبهذا يتضح أن ما عرفنا به البرور لا يختلف أبدا مع ما عرفه به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا مع ما عرفه به صاحبه رضي الله عنه.
وخلاصة القول، إن الحج المبرور هو الحج الذي استكمل سائر مؤهلات القبول من الإخلاص، وحسن الأداء والابتعاد به عن كل ما يخدش في قيمته كحج صادق ملؤه الخير والإحسان، وأن الحاج البار هو ذلك الحاج المطيع الذي لا يعصي، والمحسن الذي لا يسيء في خدمة سيده، والذي جمع إلى الطاعة الكاملة والإحسان العام فعل الخير وإسداء المعروف لوافدي بيت الله فأطعمهم طعامه، وألان لهم كلامه.
وإن حاجًا كهذا قد ارتقى بحسن طاعته، وسما بطيب نفسه، لم يصبح جزاؤه حسنات، ولا محوا لسيئات فقط، لأن ذلك لا يعادل ما أهله الله له من سامي المنزلة، وعظيم الدرجة، فلم يكن له إذا من جزاء يعادل ثوابه إلا الجنة منزل الأبرار، ومقر الأصفياء الأخيار.
الترهيب لمن يترك الحج تهاونًا
روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله: "من ملك زادًا وراحلة تبلغه إلى بيت الله، ولم يحج، فلا عليه أن يموت يهوديًا أو نصرانيًا"، وذلك لأن الله تعالى قال في كتابه: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97].
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: "لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار فينظروا كل من كانت له جدة ولم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين".
وورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: «من لم تحبسه حاجة ظاهرة، أو مرض حابس، ومنع من سلطان جائر ولم يحج فليمت إن شاء يهوديًا أو نصرانيًا».
وجاء فيما يرويه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل قوله: «إن عبدًا صححت له جسمه ووسعت عليه المعيشة يمضي خمسة أعوام لا يفد إليّ إنه لمحروم».
فهذه الأحاديث وتلك الآثار تدل على مدى ذنب المتهاون بأداء هذه الفريضة، وأنه بتهاونه وتسويفه قد وقف على شفا هاوية من الجحيم، لأنه لا يؤمن عليه أن ينقلب ذلك التهاون والتسويف إلى استباحة ترك هذه الفريضة، أو احتقارها وعدم المبالاة بها -والله يحول بين المرء وقلبه- فيصبح -والعياذ بالله تعالى- من الكافرين، ولا غرابة فإن هذا ظاهر من قول الرسول صلى الله عليه وسلم وقول صاحبه المتقدم: «فليمت إن شاء يهوديًا أو نصرانيًا».