عن أبي سعيد عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك متفق عليه
الشرح
قال المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب النهي عن طلب الإمارة وترك الولايات إلا من حاجة أو مصلحة الإمارة معناها التآمر # على الناس والاستيلاء عليهم وهي كبرى وصغرى أما الكبرى : فهي التي تكون إمارة عامة على كل المسلمين كإمارة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكإمارة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وغيرهم من الخلفاء هذه إمارة عامة سلطة عامة وإمارة خاصة دون ذلك تكون إمارة على منطقة من المناطق تشتمل على قرى ومدن أو إمارة أخص من ذلك على قرية واحدة أو مدينة واحدة وكلها ينهى الإنسان أن يطلب فيها أن يكون أميرا كما سيأتي في حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه ثم صدر المؤلف رحمه الله تعالى هذا الباب بقول الله تعالى تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين يعني الجنة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض وطلب الإمارة ربما يكون قصد الطالب للإمارة أن يعلو على الناس ويملك رقابهم ويأمر وينهي فيكون قصده سيئا فلا يكون له حظ من الآخرة والعياذ بالله ولهذا نهى عن طلب الإمارة . وقوله ولا فسادا أي فسادا في الأرض بقطع الطريق وسرقة أموال الناس والاعتداء على أعراضهم وغير ذلك من الفساد والعاقبة للمتقين عاقبة الأمر للمتقين فإما أن تظهر هذا العاقبة في الدنيا وإما أن تكون في الآخرة فالمتقون هم الذين لهم العاقبة سواء في الدنيا أو في الآخرة أو في الدنيا والآخرة . ثم ساق المؤلف رحمه الله حديث عبد الرحمن بن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يا عبد الرحمن بن سمرة ناداه باسمه واسم أبيه من أجل أن ينتبه لما يلقي إليه لأن الموضوع ليس بالهين لا تسأل الإمارة يعني لا تطلب أن تكون أميرا فإنك إن أعطيتها عن مسألة يعني بسبب سؤالك وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها والمعين هو الله فإذا أعطيتها بطلب منك وكلك الله إليها وتخلى الله عنك والعياذ بالله وفشلت فيها ولم تنجح ولم تفلح وإن أعطيتها عن غير مسألة بل الناس هم الذين اختاروك وهم الذين طلبوك فإن الله تعالى يعينك عليها يعني فاقبلها وخذها وهذا يشبه المال فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعمر ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك ولهذا ينبغي للإنسان الموفق ألا يسأل من الوظائف فإن رقي # بدون مسألة فهذا هو الأحسن وله أن يقبل حينئذ أما أن يطلب ويلح فإنه يخشى أن يكون داخلا في هذا الحديث فالورع والاحتياط أن يطلب شيئا من ترقية أو انتداب أو غير ذلك إن أعطيت فخذ وإن لم تعط فالأحسن والأروع والأتقى ألا تطالب فكل الدنيا ليست بشيء وإذا رزقك الله رزقا كفافا لا فتنة فيه فهو خير من مال كثير تفتن فيه نسأل الله السلامة لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك وأت الذي هو خير يعني إذا حلفت ألا تفعل شيئا ثم تبين لك أن الخير في فعله فكفر عن يمينك وافعله وإذا حلفت أن تفعل شيئا ثم بدا لك أن الخير في تركه فاتركه وكفر عن يمينك وإنما قال له النبي ذلك لأنه إذا كان الإنسان أميرا فحلف على شيء فربما تملى عليه أنفة الإمارة ألا يتحول عن حلفه ولكن ينبغي وإن كان أميرا إذا حلف على شيء ورأى الخير في تركه أن يتركه أو حلف ألا يفعل شيئا ورأى الخير في فعله أن يفعله وهذا شامل الأمير وغيره إذا حلفت على شيء ورأيت أن الخير في خلافة فكفر عن يمينك وافعل الخير مثال ذلك رجل حلف ألا يزور قريبه لأنه صار بينه وبينه شيء فقال والله لا أزورك فهذا حلف على قطع الرحم وصلة الرحم خير من القطيعة فنقول يجب عليك أن تكفر عن يمينك وأن تزور قريبك لأن هذا من الصلة والصلة واجبة مثال آخر : رجل حلف ألا يكلم أخاه المسلم ويهجره نقول هذا غلط كفر عن يمينك وكلمه وهكذا كل شيء تحلف عليه ويكون الخير بخلاف ما حلفت فكفر عن يمينك وافعل الخير وهذه قاعدة في كل الأيمان ولكن الذي ينبغي للإنسان ألا يتسرع في الحلف فإن كثيرا من الناس يتسرعون في الحلف أو في الطلاق أو ما أشبه ذلك ويندمون بعد ذلك فنقول لا تتعجل ولا تتسرع إذا كنت عازما على الشيء فافعله أو اتركه بدون يمين وبدون طلاق ثم إن ابتليت بكثرة الحلف فاقرن حلفك بقولك إن شاء الله فإنك إن حلفت وقلت إن شاء الله فأنت في حل حتى لو خالفت ما حلفت عليه فإنه لا يضر فلو قلت والله إن شاء الله لا أفعل هذا الشيء ثم فعلته فليس عليك شيء لأن من قال في يمينه إن شاء الله فلا حنث عليه والله الموفق
الشرح
قال المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب النهي عن طلب الإمارة وترك الولايات إلا من حاجة أو مصلحة الإمارة معناها التآمر # على الناس والاستيلاء عليهم وهي كبرى وصغرى أما الكبرى : فهي التي تكون إمارة عامة على كل المسلمين كإمارة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكإمارة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وغيرهم من الخلفاء هذه إمارة عامة سلطة عامة وإمارة خاصة دون ذلك تكون إمارة على منطقة من المناطق تشتمل على قرى ومدن أو إمارة أخص من ذلك على قرية واحدة أو مدينة واحدة وكلها ينهى الإنسان أن يطلب فيها أن يكون أميرا كما سيأتي في حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه ثم صدر المؤلف رحمه الله تعالى هذا الباب بقول الله تعالى تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين يعني الجنة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض وطلب الإمارة ربما يكون قصد الطالب للإمارة أن يعلو على الناس ويملك رقابهم ويأمر وينهي فيكون قصده سيئا فلا يكون له حظ من الآخرة والعياذ بالله ولهذا نهى عن طلب الإمارة . وقوله ولا فسادا أي فسادا في الأرض بقطع الطريق وسرقة أموال الناس والاعتداء على أعراضهم وغير ذلك من الفساد والعاقبة للمتقين عاقبة الأمر للمتقين فإما أن تظهر هذا العاقبة في الدنيا وإما أن تكون في الآخرة فالمتقون هم الذين لهم العاقبة سواء في الدنيا أو في الآخرة أو في الدنيا والآخرة . ثم ساق المؤلف رحمه الله حديث عبد الرحمن بن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يا عبد الرحمن بن سمرة ناداه باسمه واسم أبيه من أجل أن ينتبه لما يلقي إليه لأن الموضوع ليس بالهين لا تسأل الإمارة يعني لا تطلب أن تكون أميرا فإنك إن أعطيتها عن مسألة يعني بسبب سؤالك وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها والمعين هو الله فإذا أعطيتها بطلب منك وكلك الله إليها وتخلى الله عنك والعياذ بالله وفشلت فيها ولم تنجح ولم تفلح وإن أعطيتها عن غير مسألة بل الناس هم الذين اختاروك وهم الذين طلبوك فإن الله تعالى يعينك عليها يعني فاقبلها وخذها وهذا يشبه المال فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعمر ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك ولهذا ينبغي للإنسان الموفق ألا يسأل من الوظائف فإن رقي # بدون مسألة فهذا هو الأحسن وله أن يقبل حينئذ أما أن يطلب ويلح فإنه يخشى أن يكون داخلا في هذا الحديث فالورع والاحتياط أن يطلب شيئا من ترقية أو انتداب أو غير ذلك إن أعطيت فخذ وإن لم تعط فالأحسن والأروع والأتقى ألا تطالب فكل الدنيا ليست بشيء وإذا رزقك الله رزقا كفافا لا فتنة فيه فهو خير من مال كثير تفتن فيه نسأل الله السلامة لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك وأت الذي هو خير يعني إذا حلفت ألا تفعل شيئا ثم تبين لك أن الخير في فعله فكفر عن يمينك وافعله وإذا حلفت أن تفعل شيئا ثم بدا لك أن الخير في تركه فاتركه وكفر عن يمينك وإنما قال له النبي ذلك لأنه إذا كان الإنسان أميرا فحلف على شيء فربما تملى عليه أنفة الإمارة ألا يتحول عن حلفه ولكن ينبغي وإن كان أميرا إذا حلف على شيء ورأى الخير في تركه أن يتركه أو حلف ألا يفعل شيئا ورأى الخير في فعله أن يفعله وهذا شامل الأمير وغيره إذا حلفت على شيء ورأيت أن الخير في خلافة فكفر عن يمينك وافعل الخير مثال ذلك رجل حلف ألا يزور قريبه لأنه صار بينه وبينه شيء فقال والله لا أزورك فهذا حلف على قطع الرحم وصلة الرحم خير من القطيعة فنقول يجب عليك أن تكفر عن يمينك وأن تزور قريبك لأن هذا من الصلة والصلة واجبة مثال آخر : رجل حلف ألا يكلم أخاه المسلم ويهجره نقول هذا غلط كفر عن يمينك وكلمه وهكذا كل شيء تحلف عليه ويكون الخير بخلاف ما حلفت فكفر عن يمينك وافعل الخير وهذه قاعدة في كل الأيمان ولكن الذي ينبغي للإنسان ألا يتسرع في الحلف فإن كثيرا من الناس يتسرعون في الحلف أو في الطلاق أو ما أشبه ذلك ويندمون بعد ذلك فنقول لا تتعجل ولا تتسرع إذا كنت عازما على الشيء فافعله أو اتركه بدون يمين وبدون طلاق ثم إن ابتليت بكثرة الحلف فاقرن حلفك بقولك إن شاء الله فإنك إن حلفت وقلت إن شاء الله فأنت في حل حتى لو خالفت ما حلفت عليه فإنه لا يضر فلو قلت والله إن شاء الله لا أفعل هذا الشيء ثم فعلته فليس عليك شيء لأن من قال في يمينه إن شاء الله فلا حنث عليه والله الموفق