قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من خلع يدا من طاعة لقى الله يوم القيامة ولا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية رواه مسلم وفي رواية له : ومن مات وهو مفارق للجماعة فإنه يموت ميتة جاهلية الميتة بكسر الميم .
الشرح
قال المؤلف رحمه الله تعالى ( باب وجوب طاعة ولاة الأمور في غير معصية وتحريم طاعتهم في معصية الله ) واستدل لذلك بقوله يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ولاة الأمور ذكر أهل العلم أنهم قسمان : العلماء والأمراء أما العلماء : فهم ولاة أمور المسلمين في بيان الشرع وتعليم الشرع وهداية الخلق إلى الحق فهم ولاة أمور في هذا الجانب وأما الأمراء فهم ولاة الأمور في ضبط الأمن وحماية الشريعة وإلزام الناس بها فصار لهؤلاء وجهة ولهؤلاء وجهة والأصل العلماء لأن العلماء هم الذين يبينون الشرع ويقولون للأمراء هذا شرع الله فاعملوا به ويلزم الأمراء بذلك لكن الأمراء لا طريق لهم إلى علم الشرع إلا عن طريق العلماء وهم إذا علموا الشرع نفذوه على الخلق والعلماء يؤثرون على من في إيمان ودين لأن الذي في قلبه إيمان ودين ينصاع للعلماء ويأخذ بتوجيهاتهم وأمرهم والأمراء ينصاع لهم من خاف من سطوتهم وكان عنده ضعف إيمان فيخاف من الأمير أكثر مما يخاف من العالم وبعضهم يخاف أكثر مما يخاف من الله والعياذ بالله فلذلك كان لابد للأمة الإسلامية من علماء وأمراء وكان واجبا على الأمة الإسلامية أن يطيعوا العلماء وأن يطيعوا الأمراء ولكن طاعة هؤلاء وهؤلاء تابعة لطاعة الله لقوله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ولم يقل أطيعوا أولي # الأمر منكم لأن طاعة ولاة الأمر تابعة لا مستقله أما طاعة الله ورسوله فهي مستقلة ولهذا أعاد فيها الفعل فقال أطيعوا وأطيعوا أما طاعة ولاة الأمور فهي تابعة ليست مستقلة وعلى هذا فإذا أمر ولاة الأمور بمعصية الله فإنه لا سمع لهم ولا طاعة لأن ولاة الأمور فوقهم ولى الأمر الأعلى جل وعلا وهو الله فإذا أمروا بمخالفته فلا سمع لهم ولا طاعة أما الأحاديث التي ذكرها المؤلف رحمه الله فمنها حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وفيما كره ما لم يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاع قوله على المرء هذه كلمة تدل على الوجوب وأنه يجب على المرء المسلم بمقتضى إسلامه أن يسمع ويطيع لولاة الأمور فيما أحب وفيما كره حتى لو أمر بشيء يكرهه فإنه يجب عليه أن يقوم به ولو كان يرى خلافه ولو كان يكره أن ينفذه فالواجب عليه أن ينفذ إلا إذا أمر بمعصية الله فإذا أمر بمعصية الله فطاعة الله فوق كل طاعة ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . وفي هذا دليل على بطلان مسلك من يقول لا نطيع ولاة الأمور إلا فيما أمرنا الله به يعني إذا أمرونا أن نصلي صلينا إذا أمرونا أن نزكي زكينا أما إذا أمرونا بأمر ليس فيه أمر شرعي فإنه لا يجب علينا طاعتهم لأننا لو وجبت علينا طاعتهم لكانوا مشرعين فإن هذه نظرة باطلة مخالفة للقرآن والسنة لأننا لو قلنا إننا لا نطيعهم إلا فيما أمرنا الله به لم يكن بينهم وبين غيرهم فرق كل إنسان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فإنه يطاع . ثم نقول بل نحن قد أمرنا بطاعتهم فيما لم يأمرنا الله عز وجل إذا لم يكن ذلك منهيا عنه أو محرما فإننا نطيعهم حتى في التنظيم إذا نظموا شيئا من الأعمال يجب علينا أن نطيعهم وذلك أن بطاعتهم يكن امتثال أمر الله عز وجل وامتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظ الأمن والبعد عن التمرد على ولاة الأمور وعن التفرق فإذا قلنا لا نطيعهم إلا في شيء أمرنا به فهذا معناه أنه لا طاعة لهم هناك بعض الأنظمة مثلا تنظم الحكومة أنظمة لا تخالف فيها الشرع لكن لم يأت به الشرع بعينه فيأتي بعض الناس ويقول لا نطيع في هذا فيقال بل يجب عليك أن تطيع فإن عصيت فإنك آثم مستحق لعقوبة الله ولاة الأمور وعلى ولاة الأمور أن يعزروا مثل هؤلاء الذين يعصون أوامرهم التي يلزمهم أن يقوموا بها لأنهم إذا عصوا أوامر ولاة الأمور وقد أمر الله بطاعتهم فيها فهذا معصية لله وكل إنسان يعصي الله فإنه مستحق للتعزير يعني التأديب بما يراه ولى الأمر من & ذلك مثلا أنظمة المرور فأنظمة المرور مما نظمه ولي الأمر وليس فيها معصية فإذا خالفها الإنسان فهو عاص وآثم مثلا السير على اليسار والسير على اليمين والسير في الاتجاه الفلاني وفي السير يجب أن يقف إذا كانت الإشارة حمراء وما أشبه ذلك كل هذا يجب أن ينفذ وجوبا فمثلا إذا كانت الإشارة حمراء وجب عليك الوقوف لا تقل ما أمرنا الله بذلك ولاة الأمور نظموا لك هذا التنظيم وقالوا التزم به فإذا تجاوزت فإنك عاص آثم لأنك قلت لربك لا سمع ولا طاعة والعياذ بالله فإن الله يقول يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم كذلك أيضا في التقاطع معروف أن الذي في الخط العام هو الذي له الحق أن يتجاوز إذا كنت أنت في خط فرعي # ووجدت إنسانا مقبلا من الخط العام فلا تتجاوز لأن النظام يقتضي منع ذلك وهكذا أيضا الأنظمة في الإمارة والأنظمة في القضاء وكل الأنظمة التي لا تخالف الشرع فإنه يجب علينا أن نطيع ولاة الأمور فيها وإلا أصبحت المسألة فوضى # وكل إنسان له رأي وكل إنسان يحكم بما يريد وأصبح ولاة الأمور لا قيمة لهم بل هم أمراء بلا أمر وقضاة بلا قضاء فالواجب على الإنسان أن يمتثل لأمر ولاة الأمور إلا فيما كان فيه معصية الله فلو قالوا مثلا لا تخرجوا إلى المساجد لتصلوا الجمعة لا تصلوا الجمعة والجماعة قلنا لهم لا سمع ولا طاعة ولو قالوا اظلموا الناس في شيء قلنا لا سمع ولا طاعة كل شيء أمر به أو نهى عنه الله فإنه لا سمع ولا طاعة لهم في ضده أبدا . كذلك لو قالوا مثلا احلقوا اللحى # مثل بعض الدول يأمرون رعاياهم بحلق اللحى ولا سيما جنودهم الذين عندهم لو قالوا احلقوا اللحى قلنا لا سمع لكم ولا طاعة وهم آثمون في قولهم لجنودهم احلقوا اللحى # وهم بذلك آثمون مضادون لله ورسوله منابذون لله ورسوله . كذلك لو قالوا مثلا أنزلوا ثيابكم إلى أسفل من الكعبين فإننا نقول لا لا سمع ولا طاعة لأن هذا مما حرمه الله وتوعد عليه فإذا أمرتمونا بمعصية فإننا لا نسمع لكم ولا نطيع لأن لنا ولكم ربا حكمه فوق حكمنا وحكمكم . فإذا أوامر ولاة الأمور تنقسم إلى ثلاثة أقسام الأول : أن يأمروا بما أمر الله به فهنا تجب طاعتهم لوجهين الوجه الأول : أنه مما أمر الله به . والوجه الثاني : مما أمروا به كغيرهم من الناس إذا أمرك شخص بالمعروف وهو واجب فالواجب عليك أن تقوم به الثاني : أن يأمروا بمعصية الله فهنا لا سمع لهم ولا طاعة مهما كان وأنت إذا نالك عذاب منهم بسبب هذا فسيعاقبون عليه هم يوم القيامة أولا : لحق الله لأن أمرهم بمعصية الله منابذة لله عز وجل . ثانيا لحقك أنت لأنهم اعتدوا عليك وأنت وهم كلكم عبيد الله ولا يحل لكم أن تعصوا الله الثالث إذا أمروا بشيء ليس فيه أمر ولا نهي فيجب عليك أن تطيعهم وجوبا فإن لم تفعل فأنت آثم ولهم الحق أن يعزروك وأن يؤدبوك بما يرون من تعزير وتأديب لأنك خالفت أمر الله في طاعتهم ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وما كره ما لم يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ثم أشد من ذلك من لا يعتقد للإمام بيعة له من يقول أنا ما بايعت الإمام ولا له بيعة علي لأن مضمون هذا الكلام أنه لا سمع له ولا طاعة ولا ولاية وهذا أيضا من الأمر المنكر العظيم فإن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر أن من مات من غير بيعة وليس له إمام فإنه يموت ميتة جاهلية يعني ليست ميتة إسلامية بل ميتة أهل الجهل والعياذ بالله وسيجد جزاءه عند الله عز وجل فالواجب أن يعتقد الإنسان أن له إماما وأن له أميرا يدين له بالطاعة في غير معصية الله فإذا قال مثلا أنا لن أبايع قلنا البيعة لا تكون في رعاع الناس وعوام الناس إنما تكون لأهل الحل والعقد ولهذا نقول هل بايع كل الناس أنا بكر وعمر وعثمان وعلي ؟ هل بايعهم حتى الأطفال والعجوز والمرأة في خدرها أبدا ما بايعوهم ولم يأت أهل مكة يبايعون أبا بكر ولا أهل الطائف ولا غيرهم إنما بايعه أهل الحل والعقد في المدينة وتمت البيعة بذلك وليست البيعة لازمة لكل واحد أن يجيء يبايع ولا يمكن لعوام الناس فعوام الناس تابعون لأهل الحل والعقد فإذا تمت البيعة من أهل الحل والعقد صار المبايع إماما وصار ولى أمر تجب طاعته في غير معصية الله فلو مات الإنسان وهو يعتقد أنه ليس له ولي أمر وأنه ليست له بيعة فإنه يموت ميتة جاهلية نسأل الله العافية
الشرح
قال المؤلف رحمه الله تعالى ( باب وجوب طاعة ولاة الأمور في غير معصية وتحريم طاعتهم في معصية الله ) واستدل لذلك بقوله يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ولاة الأمور ذكر أهل العلم أنهم قسمان : العلماء والأمراء أما العلماء : فهم ولاة أمور المسلمين في بيان الشرع وتعليم الشرع وهداية الخلق إلى الحق فهم ولاة أمور في هذا الجانب وأما الأمراء فهم ولاة الأمور في ضبط الأمن وحماية الشريعة وإلزام الناس بها فصار لهؤلاء وجهة ولهؤلاء وجهة والأصل العلماء لأن العلماء هم الذين يبينون الشرع ويقولون للأمراء هذا شرع الله فاعملوا به ويلزم الأمراء بذلك لكن الأمراء لا طريق لهم إلى علم الشرع إلا عن طريق العلماء وهم إذا علموا الشرع نفذوه على الخلق والعلماء يؤثرون على من في إيمان ودين لأن الذي في قلبه إيمان ودين ينصاع للعلماء ويأخذ بتوجيهاتهم وأمرهم والأمراء ينصاع لهم من خاف من سطوتهم وكان عنده ضعف إيمان فيخاف من الأمير أكثر مما يخاف من العالم وبعضهم يخاف أكثر مما يخاف من الله والعياذ بالله فلذلك كان لابد للأمة الإسلامية من علماء وأمراء وكان واجبا على الأمة الإسلامية أن يطيعوا العلماء وأن يطيعوا الأمراء ولكن طاعة هؤلاء وهؤلاء تابعة لطاعة الله لقوله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ولم يقل أطيعوا أولي # الأمر منكم لأن طاعة ولاة الأمر تابعة لا مستقله أما طاعة الله ورسوله فهي مستقلة ولهذا أعاد فيها الفعل فقال أطيعوا وأطيعوا أما طاعة ولاة الأمور فهي تابعة ليست مستقلة وعلى هذا فإذا أمر ولاة الأمور بمعصية الله فإنه لا سمع لهم ولا طاعة لأن ولاة الأمور فوقهم ولى الأمر الأعلى جل وعلا وهو الله فإذا أمروا بمخالفته فلا سمع لهم ولا طاعة أما الأحاديث التي ذكرها المؤلف رحمه الله فمنها حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وفيما كره ما لم يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاع قوله على المرء هذه كلمة تدل على الوجوب وأنه يجب على المرء المسلم بمقتضى إسلامه أن يسمع ويطيع لولاة الأمور فيما أحب وفيما كره حتى لو أمر بشيء يكرهه فإنه يجب عليه أن يقوم به ولو كان يرى خلافه ولو كان يكره أن ينفذه فالواجب عليه أن ينفذ إلا إذا أمر بمعصية الله فإذا أمر بمعصية الله فطاعة الله فوق كل طاعة ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . وفي هذا دليل على بطلان مسلك من يقول لا نطيع ولاة الأمور إلا فيما أمرنا الله به يعني إذا أمرونا أن نصلي صلينا إذا أمرونا أن نزكي زكينا أما إذا أمرونا بأمر ليس فيه أمر شرعي فإنه لا يجب علينا طاعتهم لأننا لو وجبت علينا طاعتهم لكانوا مشرعين فإن هذه نظرة باطلة مخالفة للقرآن والسنة لأننا لو قلنا إننا لا نطيعهم إلا فيما أمرنا الله به لم يكن بينهم وبين غيرهم فرق كل إنسان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فإنه يطاع . ثم نقول بل نحن قد أمرنا بطاعتهم فيما لم يأمرنا الله عز وجل إذا لم يكن ذلك منهيا عنه أو محرما فإننا نطيعهم حتى في التنظيم إذا نظموا شيئا من الأعمال يجب علينا أن نطيعهم وذلك أن بطاعتهم يكن امتثال أمر الله عز وجل وامتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظ الأمن والبعد عن التمرد على ولاة الأمور وعن التفرق فإذا قلنا لا نطيعهم إلا في شيء أمرنا به فهذا معناه أنه لا طاعة لهم هناك بعض الأنظمة مثلا تنظم الحكومة أنظمة لا تخالف فيها الشرع لكن لم يأت به الشرع بعينه فيأتي بعض الناس ويقول لا نطيع في هذا فيقال بل يجب عليك أن تطيع فإن عصيت فإنك آثم مستحق لعقوبة الله ولاة الأمور وعلى ولاة الأمور أن يعزروا مثل هؤلاء الذين يعصون أوامرهم التي يلزمهم أن يقوموا بها لأنهم إذا عصوا أوامر ولاة الأمور وقد أمر الله بطاعتهم فيها فهذا معصية لله وكل إنسان يعصي الله فإنه مستحق للتعزير يعني التأديب بما يراه ولى الأمر من & ذلك مثلا أنظمة المرور فأنظمة المرور مما نظمه ولي الأمر وليس فيها معصية فإذا خالفها الإنسان فهو عاص وآثم مثلا السير على اليسار والسير على اليمين والسير في الاتجاه الفلاني وفي السير يجب أن يقف إذا كانت الإشارة حمراء وما أشبه ذلك كل هذا يجب أن ينفذ وجوبا فمثلا إذا كانت الإشارة حمراء وجب عليك الوقوف لا تقل ما أمرنا الله بذلك ولاة الأمور نظموا لك هذا التنظيم وقالوا التزم به فإذا تجاوزت فإنك عاص آثم لأنك قلت لربك لا سمع ولا طاعة والعياذ بالله فإن الله يقول يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم كذلك أيضا في التقاطع معروف أن الذي في الخط العام هو الذي له الحق أن يتجاوز إذا كنت أنت في خط فرعي # ووجدت إنسانا مقبلا من الخط العام فلا تتجاوز لأن النظام يقتضي منع ذلك وهكذا أيضا الأنظمة في الإمارة والأنظمة في القضاء وكل الأنظمة التي لا تخالف الشرع فإنه يجب علينا أن نطيع ولاة الأمور فيها وإلا أصبحت المسألة فوضى # وكل إنسان له رأي وكل إنسان يحكم بما يريد وأصبح ولاة الأمور لا قيمة لهم بل هم أمراء بلا أمر وقضاة بلا قضاء فالواجب على الإنسان أن يمتثل لأمر ولاة الأمور إلا فيما كان فيه معصية الله فلو قالوا مثلا لا تخرجوا إلى المساجد لتصلوا الجمعة لا تصلوا الجمعة والجماعة قلنا لهم لا سمع ولا طاعة ولو قالوا اظلموا الناس في شيء قلنا لا سمع ولا طاعة كل شيء أمر به أو نهى عنه الله فإنه لا سمع ولا طاعة لهم في ضده أبدا . كذلك لو قالوا مثلا احلقوا اللحى # مثل بعض الدول يأمرون رعاياهم بحلق اللحى ولا سيما جنودهم الذين عندهم لو قالوا احلقوا اللحى قلنا لا سمع لكم ولا طاعة وهم آثمون في قولهم لجنودهم احلقوا اللحى # وهم بذلك آثمون مضادون لله ورسوله منابذون لله ورسوله . كذلك لو قالوا مثلا أنزلوا ثيابكم إلى أسفل من الكعبين فإننا نقول لا لا سمع ولا طاعة لأن هذا مما حرمه الله وتوعد عليه فإذا أمرتمونا بمعصية فإننا لا نسمع لكم ولا نطيع لأن لنا ولكم ربا حكمه فوق حكمنا وحكمكم . فإذا أوامر ولاة الأمور تنقسم إلى ثلاثة أقسام الأول : أن يأمروا بما أمر الله به فهنا تجب طاعتهم لوجهين الوجه الأول : أنه مما أمر الله به . والوجه الثاني : مما أمروا به كغيرهم من الناس إذا أمرك شخص بالمعروف وهو واجب فالواجب عليك أن تقوم به الثاني : أن يأمروا بمعصية الله فهنا لا سمع لهم ولا طاعة مهما كان وأنت إذا نالك عذاب منهم بسبب هذا فسيعاقبون عليه هم يوم القيامة أولا : لحق الله لأن أمرهم بمعصية الله منابذة لله عز وجل . ثانيا لحقك أنت لأنهم اعتدوا عليك وأنت وهم كلكم عبيد الله ولا يحل لكم أن تعصوا الله الثالث إذا أمروا بشيء ليس فيه أمر ولا نهي فيجب عليك أن تطيعهم وجوبا فإن لم تفعل فأنت آثم ولهم الحق أن يعزروك وأن يؤدبوك بما يرون من تعزير وتأديب لأنك خالفت أمر الله في طاعتهم ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وما كره ما لم يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ثم أشد من ذلك من لا يعتقد للإمام بيعة له من يقول أنا ما بايعت الإمام ولا له بيعة علي لأن مضمون هذا الكلام أنه لا سمع له ولا طاعة ولا ولاية وهذا أيضا من الأمر المنكر العظيم فإن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر أن من مات من غير بيعة وليس له إمام فإنه يموت ميتة جاهلية يعني ليست ميتة إسلامية بل ميتة أهل الجهل والعياذ بالله وسيجد جزاءه عند الله عز وجل فالواجب أن يعتقد الإنسان أن له إماما وأن له أميرا يدين له بالطاعة في غير معصية الله فإذا قال مثلا أنا لن أبايع قلنا البيعة لا تكون في رعاع الناس وعوام الناس إنما تكون لأهل الحل والعقد ولهذا نقول هل بايع كل الناس أنا بكر وعمر وعثمان وعلي ؟ هل بايعهم حتى الأطفال والعجوز والمرأة في خدرها أبدا ما بايعوهم ولم يأت أهل مكة يبايعون أبا بكر ولا أهل الطائف ولا غيرهم إنما بايعه أهل الحل والعقد في المدينة وتمت البيعة بذلك وليست البيعة لازمة لكل واحد أن يجيء يبايع ولا يمكن لعوام الناس فعوام الناس تابعون لأهل الحل والعقد فإذا تمت البيعة من أهل الحل والعقد صار المبايع إماما وصار ولى أمر تجب طاعته في غير معصية الله فلو مات الإنسان وهو يعتقد أنه ليس له ولي أمر وأنه ليست له بيعة فإنه يموت ميتة جاهلية نسأل الله العافية