عن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ فقال : يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليوجز فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة متفق عليه .
الشرح
قال الحافظ النووي - رحمه الله تعالى - في كتابه رياض الصالحين باب الغضب إذا انتهكت حرمات الشرع والانتصار لدين الله . والغضب له عدة أسباب منها أن ينتصر الإنسان لنفسه يفعل أحد معه ما يغضبه فيغضب لينتصر لنفسه وهذا الغضب منهي عنه لأن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال له أوصني قال : لا تغضب فردد مرارا يقول : أوصني وهو يقول : لا تغضب والثاني من أسباب الغضب : الغضب لله عز وجل بأن يرى الإنسان شخصا ينتهك حرمات الله فيغضب غيرة لدين الله وحمية لدين الله فإن هذا محمود ويثاب الإنسان عليه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان هذا من سنته ولأنه داخل في قوله تعالى : وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِنْدَ رَبِّهِ ، وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ فتعظيم شعائر الله وتعظيم حرمات الله أن يجدها الإنسان عظيمة وأن يجد امتهانها عظيما فيغضب ويثأر لذلك حتى يفعل ما أمر به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك . ثم ذكر المؤلف آية ثانية وهي قوله تعالى : إِن تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ والمراد بنصر الله نصر دينه فإن الله تعالى بنفسه لا يحتاج إلى نصر هو غني عمن سواه لكن النصر هنا نصر دين الله بحماية الدين ، والذب عنه والغيظ عن انتهاكه وغير ذلك من أسباب نصر الشريعة . ومن هذا الجهاد في سبيل الله القتال لتكون كلمة الله هي العليا هذا من نصر الله وقد وعد الله سبحانه وتعالى من ينصره بهذين الأمرين : يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ينصركم على من عاداكم ويثبت أقدامكم على دينه حتى لا تزولوا فتأمل الآن إذا نصرنا الله مرة أثابنا مرتين يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ . ثم قال بعدها : وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ يعني أن الكافرين أمام المؤمنين الذين ينصرون الله لهم التعس ، وهو الخسران والذل والهوان ، وأضل أعمالهم يعني يكون تدبيرهم تدميرا عليهم ، وتكون أعمالهم ضالة لا تنفعهم ولا ينتفعون بها . ثم ذكر حديث عقبة بن عمرو البدري رضي الله عنه أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا وكان هذا الإمام يطيل بهم إطالة أكثر من السنة فغضب النبي صلى الله عليه وسلم يقول فما رأيته غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ . وقال : يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليوجز منفرين يعني ينفرون الناس عن دين الله ، وهذا الرجل لم يقل للناس لا تصلوا صلاة الفجر لكنه نفرهم بفعله بالتطويل الذي هو خارج عن السنة فنفر الناس وفي هذا إشارة إلى أن كل شيء ينفر الناس عن دينهم - ولو لم يتكلم الإنسان بالتنفير - فإنه يدخل في التنفير عن دين الله . ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يداري في الأمور الشرعية فيترك ما هو حسن لدرء ما هو أشد من تركه فتنة وضررا فإنه صلى الله عليه وسلم هم بأن يبني الكعبة على قواعد إبراهيم ولكن خاف من الفتنة فترك ذلك وكان يصوم في السفر فإذا رأى أصحابه صائمين - وقد شق عليهم الصوم - أفطر ليسهل عليهم . فكون الإنسان يحرص على أن يقبل الناس دين الله بطمأنينة ورضى وإقبال بدون محذور شرعي فإن هذا الذي كان من هدى الرسول صلى الله عليه وسلم . والشاهد من هذا الحديث غضب النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الفعل الذي فعله هذا الإمام وفيه أيضا إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغضب عند الموعظة لانتهاك حرمات الله ، وقد قال جابر رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب يوم الجمعة احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه ، حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم . ثم قال صلى الله عليه وسلم : فأيكم أم الناس فليوجز يعني فليخفف الصلاة على حسب ما جاءت به السنة . فإن من ورائه الصغير والكبير وذا الحاجة أي في المأمومين ضعف البنية وضعيف القوة وفيهم المريض وفيهم ذو حاجة قد وعد أحدا يذهب إليه أو ينتظر أحدا أو ما أشبه ذلك ، فلا يجوز للإمام أن يثقل بالناس أكثر مما جاءت به السنة . وأما صلاته بالناس بحسب ما جاء في السنة فليفعل غضب من غضب ورضى من رضي والذي لا ترضيه السنة فلا أرضاه الله ، السنة تتبع ولكن ما زاد عليها فلا والأئمة في هذه المسألة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام . قسم مفرط يسرع سرعة تمنع المأمومين فعل ما يسن وهذا مخطئ وآثم ولم يود الأمانة التي عليه . وقسم مفرط أي يثقل بالناس وكأنه يصلي لنفسه فتجده يثقل القراءة والركوع والسجود والقيام بعد الركوع والجلوس بين السجدتين وهذا أيضا مخطئ ظالم لنفسه والثالث يصلي بهم كصلاة النبي صلى الله عليه وسلم فهذا خير الأقسام وهو الذي قام بالأمانة على الوجه الأكمل
الشرح
قال الحافظ النووي - رحمه الله تعالى - في كتابه رياض الصالحين باب الغضب إذا انتهكت حرمات الشرع والانتصار لدين الله . والغضب له عدة أسباب منها أن ينتصر الإنسان لنفسه يفعل أحد معه ما يغضبه فيغضب لينتصر لنفسه وهذا الغضب منهي عنه لأن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال له أوصني قال : لا تغضب فردد مرارا يقول : أوصني وهو يقول : لا تغضب والثاني من أسباب الغضب : الغضب لله عز وجل بأن يرى الإنسان شخصا ينتهك حرمات الله فيغضب غيرة لدين الله وحمية لدين الله فإن هذا محمود ويثاب الإنسان عليه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان هذا من سنته ولأنه داخل في قوله تعالى : وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِنْدَ رَبِّهِ ، وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ فتعظيم شعائر الله وتعظيم حرمات الله أن يجدها الإنسان عظيمة وأن يجد امتهانها عظيما فيغضب ويثأر لذلك حتى يفعل ما أمر به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك . ثم ذكر المؤلف آية ثانية وهي قوله تعالى : إِن تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ والمراد بنصر الله نصر دينه فإن الله تعالى بنفسه لا يحتاج إلى نصر هو غني عمن سواه لكن النصر هنا نصر دين الله بحماية الدين ، والذب عنه والغيظ عن انتهاكه وغير ذلك من أسباب نصر الشريعة . ومن هذا الجهاد في سبيل الله القتال لتكون كلمة الله هي العليا هذا من نصر الله وقد وعد الله سبحانه وتعالى من ينصره بهذين الأمرين : يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ينصركم على من عاداكم ويثبت أقدامكم على دينه حتى لا تزولوا فتأمل الآن إذا نصرنا الله مرة أثابنا مرتين يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ . ثم قال بعدها : وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ يعني أن الكافرين أمام المؤمنين الذين ينصرون الله لهم التعس ، وهو الخسران والذل والهوان ، وأضل أعمالهم يعني يكون تدبيرهم تدميرا عليهم ، وتكون أعمالهم ضالة لا تنفعهم ولا ينتفعون بها . ثم ذكر حديث عقبة بن عمرو البدري رضي الله عنه أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا وكان هذا الإمام يطيل بهم إطالة أكثر من السنة فغضب النبي صلى الله عليه وسلم يقول فما رأيته غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ . وقال : يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليوجز منفرين يعني ينفرون الناس عن دين الله ، وهذا الرجل لم يقل للناس لا تصلوا صلاة الفجر لكنه نفرهم بفعله بالتطويل الذي هو خارج عن السنة فنفر الناس وفي هذا إشارة إلى أن كل شيء ينفر الناس عن دينهم - ولو لم يتكلم الإنسان بالتنفير - فإنه يدخل في التنفير عن دين الله . ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يداري في الأمور الشرعية فيترك ما هو حسن لدرء ما هو أشد من تركه فتنة وضررا فإنه صلى الله عليه وسلم هم بأن يبني الكعبة على قواعد إبراهيم ولكن خاف من الفتنة فترك ذلك وكان يصوم في السفر فإذا رأى أصحابه صائمين - وقد شق عليهم الصوم - أفطر ليسهل عليهم . فكون الإنسان يحرص على أن يقبل الناس دين الله بطمأنينة ورضى وإقبال بدون محذور شرعي فإن هذا الذي كان من هدى الرسول صلى الله عليه وسلم . والشاهد من هذا الحديث غضب النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الفعل الذي فعله هذا الإمام وفيه أيضا إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغضب عند الموعظة لانتهاك حرمات الله ، وقد قال جابر رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب يوم الجمعة احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه ، حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم . ثم قال صلى الله عليه وسلم : فأيكم أم الناس فليوجز يعني فليخفف الصلاة على حسب ما جاءت به السنة . فإن من ورائه الصغير والكبير وذا الحاجة أي في المأمومين ضعف البنية وضعيف القوة وفيهم المريض وفيهم ذو حاجة قد وعد أحدا يذهب إليه أو ينتظر أحدا أو ما أشبه ذلك ، فلا يجوز للإمام أن يثقل بالناس أكثر مما جاءت به السنة . وأما صلاته بالناس بحسب ما جاء في السنة فليفعل غضب من غضب ورضى من رضي والذي لا ترضيه السنة فلا أرضاه الله ، السنة تتبع ولكن ما زاد عليها فلا والأئمة في هذه المسألة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام . قسم مفرط يسرع سرعة تمنع المأمومين فعل ما يسن وهذا مخطئ وآثم ولم يود الأمانة التي عليه . وقسم مفرط أي يثقل بالناس وكأنه يصلي لنفسه فتجده يثقل القراءة والركوع والسجود والقيام بعد الركوع والجلوس بين السجدتين وهذا أيضا مخطئ ظالم لنفسه والثالث يصلي بهم كصلاة النبي صلى الله عليه وسلم فهذا خير الأقسام وهو الذي قام بالأمانة على الوجه الأكمل