أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه ، مرجل رأسه يختال في مشيته إذ خسف الله به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة متفق عليه . مرجل رأسه أي ممشطه يتجلجل بالجيمين : أي يغوص وينزل .
الشرح
هذه الأحاديث ساقها النووي - رحمه الله - في باب تحريم الكبر والإعجاب فذكر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا يزكيهم ، ولا ينظر إليهم ثلاثة يعني ثلاثة أصناف وليس المراد ثلاثة رجال بل قد يكونون آلافا من الناس لكن المراد ثلاثة أصناف ، وهكذا كلما جاءت كلمة ثلاثة أو سبعة أو ما أشبه ذلك بالمراد أصنافا لا أفرادا . فهؤلاء الثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم . الأول : شيخ زان يعني رجلا كبيرا مسنا زنى ، فهذا لا يكلمه الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليه ، ولا يزكيه وله عذاب أليم ، وذلك لأن الشيخ ليس هناك شهوة تجبره على أن يفعل هذا الفعل فالشاب قد يكون عنده شهوة ويعجز أن يملك نفسه ، لكن الشيخ قد بردت شهوته وزالت أو نقصت كثيرا فكونه يزني هذا يدل على أنه - والعياذ بالله - سيئ للغاية لأنه فعل الفاحشة من غير سبب قوي يدفعه إليها . والزنى كله فاحشة سواء من الشاب أو من الشيخ لكنه من الشيخ أشد وأعظم - والعياذ بالله - إلا أن هذا الحديث مقيد بما ثبت في الصحيحين أن من أتى شيئا من هذه القاذورات وأقيم عليه الحد في الدنيا فإن الله تعالى لا يمنع عليه عقوبتين بل يزول عنه ذلك ، ويكون الحد تطهيرا له . الثاني : ملك كذاب وكذاب هذه صيغة مبالغة أي كثير الكذب وذلك لأن الملك لا يحتاج إلى أن يكذب كلمته هي العليا بين الناس فلا حاجة إلى أن يكذب فإذا كذب صار يعد الناس ، ولكن لا يوفي يقول سأفعل كذا ولكن لا يفعل ، سأترك كذا ولكن لا يترك ، ويحدث الناس يلعب بعقولهم ويكذب عليهم ، فهذا - والعياذ بالله - داخل في هذا الوعيد ، لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم . والكذب حرام من الملك وغير الملك لكنه من الملك أعظم وأشد لأنه لا حاجة إلى أن يكذب كلمته بين الناس هي العليا فيجب عليه أن يكون صريحا إذا كان يريد الشيء يوافق عليه ويفعل ، وإذا كان لا يريده يرفضه ولا يفعل الواحد من الرعية قد يحتاج إلى الكذب فيكذب ولكن الملك لا يحتاج . والكذب حرام ومن صفات المنافقين - والعياذ بالله - فإن المنافق إذا حدث كذب ولا يجوز لأحد أن يكذب مطلقا وقول بعض العامة إن الكذب إذا كان لا يقطع محلا من حلاله فلا بأس به ، هذه قاعدة شيطانية ليس لها أساس من الصحة ولا من الدين والصواب أن الكذب حرام بكل حال . الثالث : عائل مستكبر وهذا هو الشاهد من الحديث عائل يعني فقيرا مستكبر يعني يتكبر على الناس - والعياذ بالله - فإن هذا العائل الفقير ليس عنده ما يوجب الكبر ، فالغني ربما يخدعه غناه ويغره فيتكبر على عباد الله ، أو يتكبر على الحق لكن الفقير حشف وسوء كيلة ما دام فقيرا فكيف يستكبر فالعائل المستكبر هذا لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ، ولا يزكيه ، وله عذاب أليم . والكبر حرام من الغني ومن الفقير لكنه من الفقير أشد ولهذا تجد الناس إذا رأوا غنيا متواضعا استغربوا ذلك منه واستعظموا ذلك منه ورأوا أن هذا الغني في غاية الخلق النبيل لكن لو يجدون فقيرا متواضعا لكان من سائر الناس ، لأن الفقر يوجب للإنسان أن يتواضع لأنه لأي شيء يستكبر . فإذا جاء إنسان - والعياذ بالله - عائل فقير يستكبر على الخلق أو يستكبر عن الحق فليس هناك ما يوجب الكبرياء في حقه فيكون - والعياذ بالله - داخلا في هذا الحديث . ثم ذكر المؤلف - رحمه الله - فيما ساقه من الأدلة على تحريم الكبر والإعجاب وأنه من كبائر الذنوب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : العز إزاري والكبرياء ردائي فمن ينازعني عذبته هذا من الأحاديث القدسية التي يرويها النبي صلى الله عليه وسلم عن الله وهي ليست في مرتبة القرآن فالقرآن له أحكام تخصه منها أنه معجز للبشر عن أن يأتوا بمثله ، أو بعشر سور منه ، أو بسورة أو بحديث مثله وأنه لا يجوز للجنب أن يقرأ القرآن وأن الصلاة تصح إذا قرأ المصلي من القرآن بل تجب القراءة بالفاتحة أما الأحاديث القدسية فليست كذلك . ثم القرآن محفوظ لا يزاد فيه ولا ينقص ولا يروى بالمعنى وليس فيه شيء ضعيف أما الأحاديث القدسية فإنها تروى بالمعنى وفيها أحاديث ضعيفة ، وفيها أحاديث مكذوبة على الرسول صلى الله عليه وسلم ليست بصحيحة وهو كثير فالمهم أنها ليست في منزلة القرآن إلا أنه يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه . فالله تعالى يقول : العز إزاري والكبرياء ردائي وهذا من الأحاديث التي تمر كما جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يتعرض لمعناها بتحريف أو تكييف وإنما يقال هكذا قال الله تعالى فيما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عنه فمن نازع الله في عزته وأراد أن يتخذ سلطانا كسلطان الله ، أو نازع الله في كبريائه وتكبر على عباد الله فإن الله يعذبه ، يعذبه على ما صنع ونازع الله تعالى فيما يختص به . ثم ذكر المؤلف - رحمه الله - حديث أبي هريرة الآخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : بينما رجل يمشي في حلة ، تعجبه نفسه ، مرجل رأسه يختال في مشيته أي عنده من الخيلاء والكبرياء والغطرسة ما عنده إذ خسف الله به أي : خسف به الأرض فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة يعني انهارت به الأرض وانغمس فيها واندفن فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة لأنه - والعياذ بالله - لما صار عنده هذا الكبرياء وهذا التيه وهذا الإعجاب خسف به . وهذا نظير قارون الذي ذكره المؤلف - رحمه الله - في صدر الباب فإن قارون خرج على قومه في زينته : قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم ، وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون ، فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين وقوله : يتجلجل في الأرض يحتمل أنه يتجلجل وهو حي حياة دنيوية ، فيبقى هكذا معذبا إلى يوم القيامة معذبا وهو في جوف الأرض وهو حي ، فيتعذب كما يتعذب الأحياء ، ويحتمل أنه لما اندفن مات كما هي سنة الله عز وجل ، مات ولكن مع ذلك يتجلجل في الأرض وهو ميت فيكون تجلجله هذا تجلجلا برزخيا لا تعلم كيفيته ، والله أعلم المهم أن هذا جزاؤه والعياذ بالله . وفي هذا : وما قبله وما يأتي بعده دليل على تحريم الكبر وتحريم الإعجاب وأن الإنسان يجب أن يعرف قدر نفسه وينزلها منزلتها .
الشرح
هذه الأحاديث ساقها النووي - رحمه الله - في باب تحريم الكبر والإعجاب فذكر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا يزكيهم ، ولا ينظر إليهم ثلاثة يعني ثلاثة أصناف وليس المراد ثلاثة رجال بل قد يكونون آلافا من الناس لكن المراد ثلاثة أصناف ، وهكذا كلما جاءت كلمة ثلاثة أو سبعة أو ما أشبه ذلك بالمراد أصنافا لا أفرادا . فهؤلاء الثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم . الأول : شيخ زان يعني رجلا كبيرا مسنا زنى ، فهذا لا يكلمه الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليه ، ولا يزكيه وله عذاب أليم ، وذلك لأن الشيخ ليس هناك شهوة تجبره على أن يفعل هذا الفعل فالشاب قد يكون عنده شهوة ويعجز أن يملك نفسه ، لكن الشيخ قد بردت شهوته وزالت أو نقصت كثيرا فكونه يزني هذا يدل على أنه - والعياذ بالله - سيئ للغاية لأنه فعل الفاحشة من غير سبب قوي يدفعه إليها . والزنى كله فاحشة سواء من الشاب أو من الشيخ لكنه من الشيخ أشد وأعظم - والعياذ بالله - إلا أن هذا الحديث مقيد بما ثبت في الصحيحين أن من أتى شيئا من هذه القاذورات وأقيم عليه الحد في الدنيا فإن الله تعالى لا يمنع عليه عقوبتين بل يزول عنه ذلك ، ويكون الحد تطهيرا له . الثاني : ملك كذاب وكذاب هذه صيغة مبالغة أي كثير الكذب وذلك لأن الملك لا يحتاج إلى أن يكذب كلمته هي العليا بين الناس فلا حاجة إلى أن يكذب فإذا كذب صار يعد الناس ، ولكن لا يوفي يقول سأفعل كذا ولكن لا يفعل ، سأترك كذا ولكن لا يترك ، ويحدث الناس يلعب بعقولهم ويكذب عليهم ، فهذا - والعياذ بالله - داخل في هذا الوعيد ، لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم . والكذب حرام من الملك وغير الملك لكنه من الملك أعظم وأشد لأنه لا حاجة إلى أن يكذب كلمته بين الناس هي العليا فيجب عليه أن يكون صريحا إذا كان يريد الشيء يوافق عليه ويفعل ، وإذا كان لا يريده يرفضه ولا يفعل الواحد من الرعية قد يحتاج إلى الكذب فيكذب ولكن الملك لا يحتاج . والكذب حرام ومن صفات المنافقين - والعياذ بالله - فإن المنافق إذا حدث كذب ولا يجوز لأحد أن يكذب مطلقا وقول بعض العامة إن الكذب إذا كان لا يقطع محلا من حلاله فلا بأس به ، هذه قاعدة شيطانية ليس لها أساس من الصحة ولا من الدين والصواب أن الكذب حرام بكل حال . الثالث : عائل مستكبر وهذا هو الشاهد من الحديث عائل يعني فقيرا مستكبر يعني يتكبر على الناس - والعياذ بالله - فإن هذا العائل الفقير ليس عنده ما يوجب الكبر ، فالغني ربما يخدعه غناه ويغره فيتكبر على عباد الله ، أو يتكبر على الحق لكن الفقير حشف وسوء كيلة ما دام فقيرا فكيف يستكبر فالعائل المستكبر هذا لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ، ولا يزكيه ، وله عذاب أليم . والكبر حرام من الغني ومن الفقير لكنه من الفقير أشد ولهذا تجد الناس إذا رأوا غنيا متواضعا استغربوا ذلك منه واستعظموا ذلك منه ورأوا أن هذا الغني في غاية الخلق النبيل لكن لو يجدون فقيرا متواضعا لكان من سائر الناس ، لأن الفقر يوجب للإنسان أن يتواضع لأنه لأي شيء يستكبر . فإذا جاء إنسان - والعياذ بالله - عائل فقير يستكبر على الخلق أو يستكبر عن الحق فليس هناك ما يوجب الكبرياء في حقه فيكون - والعياذ بالله - داخلا في هذا الحديث . ثم ذكر المؤلف - رحمه الله - فيما ساقه من الأدلة على تحريم الكبر والإعجاب وأنه من كبائر الذنوب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : العز إزاري والكبرياء ردائي فمن ينازعني عذبته هذا من الأحاديث القدسية التي يرويها النبي صلى الله عليه وسلم عن الله وهي ليست في مرتبة القرآن فالقرآن له أحكام تخصه منها أنه معجز للبشر عن أن يأتوا بمثله ، أو بعشر سور منه ، أو بسورة أو بحديث مثله وأنه لا يجوز للجنب أن يقرأ القرآن وأن الصلاة تصح إذا قرأ المصلي من القرآن بل تجب القراءة بالفاتحة أما الأحاديث القدسية فليست كذلك . ثم القرآن محفوظ لا يزاد فيه ولا ينقص ولا يروى بالمعنى وليس فيه شيء ضعيف أما الأحاديث القدسية فإنها تروى بالمعنى وفيها أحاديث ضعيفة ، وفيها أحاديث مكذوبة على الرسول صلى الله عليه وسلم ليست بصحيحة وهو كثير فالمهم أنها ليست في منزلة القرآن إلا أنه يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه . فالله تعالى يقول : العز إزاري والكبرياء ردائي وهذا من الأحاديث التي تمر كما جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يتعرض لمعناها بتحريف أو تكييف وإنما يقال هكذا قال الله تعالى فيما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عنه فمن نازع الله في عزته وأراد أن يتخذ سلطانا كسلطان الله ، أو نازع الله في كبريائه وتكبر على عباد الله فإن الله يعذبه ، يعذبه على ما صنع ونازع الله تعالى فيما يختص به . ثم ذكر المؤلف - رحمه الله - حديث أبي هريرة الآخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : بينما رجل يمشي في حلة ، تعجبه نفسه ، مرجل رأسه يختال في مشيته أي عنده من الخيلاء والكبرياء والغطرسة ما عنده إذ خسف الله به أي : خسف به الأرض فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة يعني انهارت به الأرض وانغمس فيها واندفن فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة لأنه - والعياذ بالله - لما صار عنده هذا الكبرياء وهذا التيه وهذا الإعجاب خسف به . وهذا نظير قارون الذي ذكره المؤلف - رحمه الله - في صدر الباب فإن قارون خرج على قومه في زينته : قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم ، وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون ، فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين وقوله : يتجلجل في الأرض يحتمل أنه يتجلجل وهو حي حياة دنيوية ، فيبقى هكذا معذبا إلى يوم القيامة معذبا وهو في جوف الأرض وهو حي ، فيتعذب كما يتعذب الأحياء ، ويحتمل أنه لما اندفن مات كما هي سنة الله عز وجل ، مات ولكن مع ذلك يتجلجل في الأرض وهو ميت فيكون تجلجله هذا تجلجلا برزخيا لا تعلم كيفيته ، والله أعلم المهم أن هذا جزاؤه والعياذ بالله . وفي هذا : وما قبله وما يأتي بعده دليل على تحريم الكبر وتحريم الإعجاب وأن الإنسان يجب أن يعرف قدر نفسه وينزلها منزلتها .