وعن أبي يحيى أسيد بن حضير رضي الله عنه أن رجلاً من الأنصار قال يا رسول الله ألا تستعملني كما استعملت فلانا فقال إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض متفق عليه . وأسيد بضم الهمزة وحضير بحاء مهملة مضمومة وضاد معجمة مفتوحة والله أعلم .
الشرح
هذان الحديثان حديث ابن مسعود : وحديث أسيد بن حضير ذكرهما المؤلف في باب الصبر لأنهما يدلان على ذلك . أما حديث عبد الله بن مسعود فأخبر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنها ستكون بعدي أثرة والأثرة يعني الاستئثار عمن له فيه حق . يريد بذلك أنه يستولي على المسلمين ولاة يستأثرون بأموال المسلمين يصرفونها كما شاءوا ويمنعون المسلمين حقهم فيها . وهذه أثرة وظلم من الولاة أن يستأثروا بالأموال التي للمسلمين فيها الحق ويستأثروا بها لأنفسهم عن المسلمين ولكن قالوا ما تأمرنا ؟ قال تؤدون الحق الذي عليكم يعني لا يمنعكم استئثارهم بالمال عليكم أن تمنعوا ما يجب عليكم نحوهم من السمع والطاعة وعدم الإثارة وعدم التشويش عليهم . بل اصبروا واسمعوا وأطيعوا ولا تنازعوهم الأمر الذي أعطاهم الله وتسألون الله الذي لكم أي اسألوا الحق الذي لكم من الله . أي اسألوا الله أن يهديهم حتى يؤدوكم الحق الذي عليهم لكم وهذا من حكمة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه عليه الصلاة والسلام علم أن النفوس شحيحة وأنها لن تصبر على من يستأثر عليهم بحقوقهم ولكنه عليه الصلاة والسلام أرشد إلى أمر قد يكون فيه الخير . وذلك بأن نؤدي ما يجب علينا نحوهم من السمع والطاعة وعدم منازعة الأمر وغير ذلك وندعو الله لهم بأن يعطونا حقنا كان في هذا خير من جهتين . وفيه دليل على نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر بأمر وقع فإن الخلفاء والأمراء منذ عهد بعيد كانوا يستأثرون بالمال فنجدهم يأكلون إسرافاً ويشربون إسرافاً ويلبسون إسرافاً ويسكنون إسرافاً ويركبون إسرافاً . وقد استأثروا بمال الناس لمصالح أنفسهم الخاصة . ولكن هذا لا يعني أن ننزع يداً من طاعة أو أن ننابذهم بل نسأل الله الذي لنا ونقوم بالحق الذي علينا . وفيه استعمال الحكمة في الأمور التي قد تقتضي الإثارة فإنه لا شك أن استئثار الولاة بالمال دون الرعية يوجب أن تثور الرعية وتطالب بحقها ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بالصبر على هذا وأن نقوم بما يجب وأن نسأل الله الذي لنا . وحديث أسيد بن حضير مثل حديث عبد الله بن مسعود أخبر النبي صلى الله عليه وسلم إنها ستكون امرأة ولكنه قال اصبروا حتى تلقوني على الحوض يعني أنكم إذا صبرتم فإن جزاء الله لكم على صبركم أن يسقيكم من حوضه حوض النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اجعلنا جميعاً ممن يرده ويشرب منه . هذا الحوض الذي يكون في يوم القيامة في مكان وزمان أحوج ما يكون الناس إليه لأنه في ذلك المكان والزمان في يوم الآخرة يحصل على الناس من الهم والغم والكرب والعرق والحر ما يجعلهم في أشد الضرورة إلى الماء ، فيردون حوض الرسول صلى الله عليه وسلم حوض عظيم طوله شهر وعرضه شهر يصب عليه ميزابان من الكوثر وهو نهر في الجنة أعطيه النبي صلى الله عليه وسلم . فيصبان عليه ماء أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل وأطيب من رائحة المسك وفيه أواني كنجوم السماء في اللمعان والحسن والكثرة من شرب منه شربة واحدة لم يظمأ بعدها أبداً اللهم اجعلنا ممن يشرب منه . فأرشده النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن يصبروا على ما سيرونه من الأثرة فإن صبرهم على ظلم الولاة من أسباب الورود على الحوض والشرب منه . إذا في هذين الحديثين حث على الصبر على استئثار ولاة الأمور في حقوق الرعية ولكن يجب أن نعلم أن الناس كما يكونون يولى عليهم . إذا أساءوا فيما بينهم وبين الله فإن الله يسلط عليهم ولاتهم كما قال تعالى وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون فإذا صلحت الرعية يسر الله لهم ولاة صالحين وإذا كانوا بالعكس كان الأمر بالعكس ويذكر أن رجلاً من الخوارج جاء إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال له يا علي ما بال الناس انتقدوا عليك ولم ينتقدوا على أبي بكر وعمر ؟ فقال له إن رجال أبي بكر وعمر كنت أنا وأمثالي أما رجالي فكنت أنت وأمثالك . معناه إنك أنت ما فيك خير فصار سببا في تسلط الناس وتفرقهم على علي بن أبي طالب وخروجهم عليه حتى قتلوه رضي الله عنه . ويذكر أن أحد ملوك بني أمية سمع مقالة الناس فيه فجمع أشراف الناس ووجهاءهم وكلمهم وأظنه عبد الملك بن مروان وقال لهم أيها الناس أتريدون أن نكون لكم مثل أبي بكر وعمر ؟ قالوا نعم قال إذا كنتم تريدون ذلك فكونوا لنا مثل رجال أبي بكر وعمر فالله سبحانه وتعالى حكيم يولي على الناس من يكون بحسب أعمالهم إن أساؤوا يساء إليهم وإن أحسنوا أحسن إليهم . ولكن مع ذلك لا شك أن صلاح الراعي هو الأصل وأنه إذا أصلح الراعي صلحت الرعية لأنه لا سلطة يستطيع أن يعدل من مال وأن يؤدب من عال وجار والله الموفق
الشرح
هذان الحديثان حديث ابن مسعود : وحديث أسيد بن حضير ذكرهما المؤلف في باب الصبر لأنهما يدلان على ذلك . أما حديث عبد الله بن مسعود فأخبر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنها ستكون بعدي أثرة والأثرة يعني الاستئثار عمن له فيه حق . يريد بذلك أنه يستولي على المسلمين ولاة يستأثرون بأموال المسلمين يصرفونها كما شاءوا ويمنعون المسلمين حقهم فيها . وهذه أثرة وظلم من الولاة أن يستأثروا بالأموال التي للمسلمين فيها الحق ويستأثروا بها لأنفسهم عن المسلمين ولكن قالوا ما تأمرنا ؟ قال تؤدون الحق الذي عليكم يعني لا يمنعكم استئثارهم بالمال عليكم أن تمنعوا ما يجب عليكم نحوهم من السمع والطاعة وعدم الإثارة وعدم التشويش عليهم . بل اصبروا واسمعوا وأطيعوا ولا تنازعوهم الأمر الذي أعطاهم الله وتسألون الله الذي لكم أي اسألوا الحق الذي لكم من الله . أي اسألوا الله أن يهديهم حتى يؤدوكم الحق الذي عليهم لكم وهذا من حكمة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه عليه الصلاة والسلام علم أن النفوس شحيحة وأنها لن تصبر على من يستأثر عليهم بحقوقهم ولكنه عليه الصلاة والسلام أرشد إلى أمر قد يكون فيه الخير . وذلك بأن نؤدي ما يجب علينا نحوهم من السمع والطاعة وعدم منازعة الأمر وغير ذلك وندعو الله لهم بأن يعطونا حقنا كان في هذا خير من جهتين . وفيه دليل على نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر بأمر وقع فإن الخلفاء والأمراء منذ عهد بعيد كانوا يستأثرون بالمال فنجدهم يأكلون إسرافاً ويشربون إسرافاً ويلبسون إسرافاً ويسكنون إسرافاً ويركبون إسرافاً . وقد استأثروا بمال الناس لمصالح أنفسهم الخاصة . ولكن هذا لا يعني أن ننزع يداً من طاعة أو أن ننابذهم بل نسأل الله الذي لنا ونقوم بالحق الذي علينا . وفيه استعمال الحكمة في الأمور التي قد تقتضي الإثارة فإنه لا شك أن استئثار الولاة بالمال دون الرعية يوجب أن تثور الرعية وتطالب بحقها ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بالصبر على هذا وأن نقوم بما يجب وأن نسأل الله الذي لنا . وحديث أسيد بن حضير مثل حديث عبد الله بن مسعود أخبر النبي صلى الله عليه وسلم إنها ستكون امرأة ولكنه قال اصبروا حتى تلقوني على الحوض يعني أنكم إذا صبرتم فإن جزاء الله لكم على صبركم أن يسقيكم من حوضه حوض النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اجعلنا جميعاً ممن يرده ويشرب منه . هذا الحوض الذي يكون في يوم القيامة في مكان وزمان أحوج ما يكون الناس إليه لأنه في ذلك المكان والزمان في يوم الآخرة يحصل على الناس من الهم والغم والكرب والعرق والحر ما يجعلهم في أشد الضرورة إلى الماء ، فيردون حوض الرسول صلى الله عليه وسلم حوض عظيم طوله شهر وعرضه شهر يصب عليه ميزابان من الكوثر وهو نهر في الجنة أعطيه النبي صلى الله عليه وسلم . فيصبان عليه ماء أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل وأطيب من رائحة المسك وفيه أواني كنجوم السماء في اللمعان والحسن والكثرة من شرب منه شربة واحدة لم يظمأ بعدها أبداً اللهم اجعلنا ممن يشرب منه . فأرشده النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن يصبروا على ما سيرونه من الأثرة فإن صبرهم على ظلم الولاة من أسباب الورود على الحوض والشرب منه . إذا في هذين الحديثين حث على الصبر على استئثار ولاة الأمور في حقوق الرعية ولكن يجب أن نعلم أن الناس كما يكونون يولى عليهم . إذا أساءوا فيما بينهم وبين الله فإن الله يسلط عليهم ولاتهم كما قال تعالى وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون فإذا صلحت الرعية يسر الله لهم ولاة صالحين وإذا كانوا بالعكس كان الأمر بالعكس ويذكر أن رجلاً من الخوارج جاء إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال له يا علي ما بال الناس انتقدوا عليك ولم ينتقدوا على أبي بكر وعمر ؟ فقال له إن رجال أبي بكر وعمر كنت أنا وأمثالي أما رجالي فكنت أنت وأمثالك . معناه إنك أنت ما فيك خير فصار سببا في تسلط الناس وتفرقهم على علي بن أبي طالب وخروجهم عليه حتى قتلوه رضي الله عنه . ويذكر أن أحد ملوك بني أمية سمع مقالة الناس فيه فجمع أشراف الناس ووجهاءهم وكلمهم وأظنه عبد الملك بن مروان وقال لهم أيها الناس أتريدون أن نكون لكم مثل أبي بكر وعمر ؟ قالوا نعم قال إذا كنتم تريدون ذلك فكونوا لنا مثل رجال أبي بكر وعمر فالله سبحانه وتعالى حكيم يولي على الناس من يكون بحسب أعمالهم إن أساؤوا يساء إليهم وإن أحسنوا أحسن إليهم . ولكن مع ذلك لا شك أن صلاح الراعي هو الأصل وأنه إذا أصلح الراعي صلحت الرعية لأنه لا سلطة يستطيع أن يعدل من مال وأن يؤدب من عال وجار والله الموفق