السادس : عن أبي خالد حكيم بن حزام رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذباً وكتما محقت بركة بيعهما متفق عليه
الشرح
البيعان البائع والمشتري وأطلق عليهما اسم البيع من باب التغليب كما يقال القمران للشمس والقمر والعمران لأبي بكر وعمر . وقوله بالخيار أي كل منهما يختار ما يريد ما لم يتفرقا أي ما داما في مكان العقد لم يتفرقا فإنهما بالخيار . ومثاله رجل باع على آخر سيارة بعشرة آلاف فما داما في مكان العقد ولم يتفرقا فهما بالخيار إن شاء البائع فسخ البيع وإن شاء المشتري فسخ البيع وذلك من نعمة الله سبحانه وتعالى وتوسيعه على العباد لأن الإنسان إذا كانت السلعة عند غيره صارت غالية في نفسه يحب أن يحصل عليها بكل وسيلة فإذا حصلت له فربما تزول رغبتة عنها لأنه أدركها فجعل الشارع له الخيار لأجل أن يتروى ويتزود بالتأني والنظر . فمادام الرجلان لم يتفرقا فهما بالخيار وإن طال الوقت لعموم قوله ما لم يتفرقا وفي حديث ابن عمر أو يخير أحدهما الآخر أي أو يقول أحدهما للآخر الخيار لك وحدك فحينئذ الخيار له وحده ، والثاني لا خيار له ، أو يقولا جميعاً لا خيار بيننا . فالصور أربع : 1 - إما أن يلبث الخيار لهما وذلك عند البيع المطلق الذي ليس فيه شرط . 2 - وإما أن يتبايعا على أن لا يكون الخيار لواحد منهما وحينئذ يلزم البيع لمجرد العقد ولا خيار لأحد . 3 - وإما أن يتبايعا أن الخيار للبائع وحده دون المشتري وهنا يكون الخيار للبائع والمشتري لا خيار له . 4 - وإما أن يتبايعا على أن الخيار للمشتري والبائع لا خيار له وحينئذ يكون الخيار للمشتري وليس للبائع خيار وذلك لأن الخيار حق للبائع والمشتري فإذا رضينا بإسقاطه أو رضى أحدهما دون الآخر فالحق لهما لا يعدوهما ، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً وقول النبي عليه الصلاة والسلام ما لم يتفرقا لم يبين التفرق ولكن المراد التفرق بالبدن فإن تفرقا بطل الخيار ولزم البيع قال النبي صلى الله عليه وسلم فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وهذا هو الشاهد من الحديث في الباب لأن الباب باب الصدق . قوله فإن صدقا وبينا إن صدقا فيما يصفان السلعة به من الصفات المرغوبة وبينا فيما يصفان به السلعة من الصفات المكروهة فمثلا لو باع عليه هذه السيارة وقال هذه السيارة جديدة موديلها كذا ونظيفة ويمدحها بما ليس فيها نقول هذا كذب فيما قال وإذا باعه السيارة وفيها عيب ولم يخبره بالعيب نقول هذا كتم ولم يبين والبركة في الصدق والبيان فالفرق بين الصدق والبيان أن الصدق فيما يكون مرغوباً من الصفات والبيان فيما يكون مكروهاً من الصفات فكتمان العيب هذا ضد البيان ووصفه السلعة بما ليس فيها هذا ضد الصدق . ومثال آخر باع عليه شاة وفيها مرض غير بين لكنه كتمه نقول هذا لم يبين وإذا وصفها بما ليس فيها من الصفات المطلوبة فهذا قد كذب ولم يصدق . ومنه ما يفعله بعض الناس الآن نسأل الله العافية يجعل الطيب من المال فوق والرديء أسفل فهذا لم يبين ولم يصدق لم يبين لأنه ما بين التمر المعيب ولم يصدق لأنه أظهر التمر بمظهر طيب وليس كذلك .
الشرح
البيعان البائع والمشتري وأطلق عليهما اسم البيع من باب التغليب كما يقال القمران للشمس والقمر والعمران لأبي بكر وعمر . وقوله بالخيار أي كل منهما يختار ما يريد ما لم يتفرقا أي ما داما في مكان العقد لم يتفرقا فإنهما بالخيار . ومثاله رجل باع على آخر سيارة بعشرة آلاف فما داما في مكان العقد ولم يتفرقا فهما بالخيار إن شاء البائع فسخ البيع وإن شاء المشتري فسخ البيع وذلك من نعمة الله سبحانه وتعالى وتوسيعه على العباد لأن الإنسان إذا كانت السلعة عند غيره صارت غالية في نفسه يحب أن يحصل عليها بكل وسيلة فإذا حصلت له فربما تزول رغبتة عنها لأنه أدركها فجعل الشارع له الخيار لأجل أن يتروى ويتزود بالتأني والنظر . فمادام الرجلان لم يتفرقا فهما بالخيار وإن طال الوقت لعموم قوله ما لم يتفرقا وفي حديث ابن عمر أو يخير أحدهما الآخر أي أو يقول أحدهما للآخر الخيار لك وحدك فحينئذ الخيار له وحده ، والثاني لا خيار له ، أو يقولا جميعاً لا خيار بيننا . فالصور أربع : 1 - إما أن يلبث الخيار لهما وذلك عند البيع المطلق الذي ليس فيه شرط . 2 - وإما أن يتبايعا على أن لا يكون الخيار لواحد منهما وحينئذ يلزم البيع لمجرد العقد ولا خيار لأحد . 3 - وإما أن يتبايعا أن الخيار للبائع وحده دون المشتري وهنا يكون الخيار للبائع والمشتري لا خيار له . 4 - وإما أن يتبايعا على أن الخيار للمشتري والبائع لا خيار له وحينئذ يكون الخيار للمشتري وليس للبائع خيار وذلك لأن الخيار حق للبائع والمشتري فإذا رضينا بإسقاطه أو رضى أحدهما دون الآخر فالحق لهما لا يعدوهما ، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً وقول النبي عليه الصلاة والسلام ما لم يتفرقا لم يبين التفرق ولكن المراد التفرق بالبدن فإن تفرقا بطل الخيار ولزم البيع قال النبي صلى الله عليه وسلم فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وهذا هو الشاهد من الحديث في الباب لأن الباب باب الصدق . قوله فإن صدقا وبينا إن صدقا فيما يصفان السلعة به من الصفات المرغوبة وبينا فيما يصفان به السلعة من الصفات المكروهة فمثلا لو باع عليه هذه السيارة وقال هذه السيارة جديدة موديلها كذا ونظيفة ويمدحها بما ليس فيها نقول هذا كذب فيما قال وإذا باعه السيارة وفيها عيب ولم يخبره بالعيب نقول هذا كتم ولم يبين والبركة في الصدق والبيان فالفرق بين الصدق والبيان أن الصدق فيما يكون مرغوباً من الصفات والبيان فيما يكون مكروهاً من الصفات فكتمان العيب هذا ضد البيان ووصفه السلعة بما ليس فيها هذا ضد الصدق . ومثال آخر باع عليه شاة وفيها مرض غير بين لكنه كتمه نقول هذا لم يبين وإذا وصفها بما ليس فيها من الصفات المطلوبة فهذا قد كذب ولم يصدق . ومنه ما يفعله بعض الناس الآن نسأل الله العافية يجعل الطيب من المال فوق والرديء أسفل فهذا لم يبين ولم يصدق لم يبين لأنه ما بين التمر المعيب ولم يصدق لأنه أظهر التمر بمظهر طيب وليس كذلك .