وعن أبي يحيى صهيب بن سنان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له رواه مسلم . صهيب هو الرومي وقوله عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير أي إن الرسول عليه الصلاة والسلام أظهر العجب على وجه الاستحسان لأمر المؤمن أي لشأنه فإن شأنه كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن . ثم فصل الرسول عليه الصلاة والسلام هذا الأمر الخير فقال إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له هذه حال المؤمن وكل إنسان فإنه في قضاء الله وقدره بين أمرين : إما سراء وإما ضراء والناس في هذه الإصابة ينقسمون إلى قسمين مؤمن وغير مؤمن فالمؤمن على كل حال ما قدر الله له فهو خير له إن أصابته الضراء صبر على أقدار الله وانتظر الفرج من الله واحتسب الأجر على الله فكان خيراً له فنال بهذا أجر الصابرين . وإن أصابته سراء من نعمة دينية كالعلم والعمل الصالح ونعمة دنيوية كالمال والبنين والأهل شكر الله وذلك بالقيام بطاعة الله عز وجل . فيشكر الله فيكون خيراً له ، ويكون عليه نعمتان نعمة الدين ونعمة الدنيا نعمة الدنيا بالسراء ونعمة الدين بالشكر هذه حال المؤمن . وأما الكافر فهو على شر والعياذ بالله إن أصابته الضراء لم يصبر بل يضجر ودعا بالويل والثبور وسب الدهر وسب الزمن بل وسب الله عز وجل . وإن أصابته سراء لم يشكر الله فكانت هذه السراء عقابا عليه في الآخرة لأن الكافر لا يأكل أكلة ولا يشرب شربة إلا كان عليه فيها إثم وإن كان ليس فيها إثم بالنسبة للمؤمن لكن على الكافر إثم كما قال الله تعالى قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة هي للذين آمنوا خالصة لهم يوم القيامة أما الذين لا يؤمنون فليست لهم ويأكلونها حراماً عليهم ويعاقبون عليها يوم القيامة . فالكافر شر سواء أصابته الضراء أم السراء بخلاف المؤمن فإنه على خير . وفي هذا الحديث الحث على الإيمان وأن المؤمن دائماً في خير ونعمة . وفي الحث على الصبر على الضراء وأن ذلك من خصال المؤمنين فإذا رأيت نفسك عند إصابة الضراء صابراً محتسباً تنتظر الفرج من الله سبحانه وتعالى وتحتسب الأجر على الله فذلك عنوان الإيمان ، وإن رأيت بالعكس فلم نفسك وعدل مسيرك وتب إلى الله . وفي هذا الحديث الحث على الشكر عند السراء لأنه إذا شكر الإنسان ربه على نعمة فهذا من توفيق الله له وهو من أسباب زيادة النعم كما قال الله وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد وإذا وفق الله العبد لشكره فهذه نعمة تحتاج إلى شكرها مرة ثانية فإذا وفق فهي نعمة تحتاج إلى شكرها مرة ثالثة وهكذا لأن الشكر قل من يقوم به فإذا من الله عليك وأعانك عليه فهذه نعمة . ولهذا قال بعضهم % إذا كان شكري نعمة الله نعمة % % علي له في مثلها يجب الشكر % % فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله % % وإن طالت الأيام واتصل العمر % وصدق - رحمه الله - فإن الله إذا وفقك للشكر فهذه نعمة تحتاج إلى شكر جديد فإن شكرت فإنها نعمة تحتاج إلى شكر ثان وهلم جرا ولكننا في الحقيقة في غفلة من هذا نسأل الله أن يوقظ قلوبنا وقلوبكم ويصلح أعمالنا وأعمالكم إنه جواد كريم