ثمة مفهوم خاطئ يردده كثير من الناس ،ممن انحرف عن الصراط المستقيم في اعتقاده وسلوكه ، إذ يجعلون من القدر حجة لهم على ضلالهم وانحرافهم ، فإذا أذنب أحدهم ذنباً ، أو ارتكب خطيئة ، قال إن الأمر مقدر علي ، ولا حيلة لي في دفعه . والعجيب أن هذا المنطق لا يحتج به أصحابه إلا عند فعل المعاصي والسيئات ، ما يدل على فساد نية وخبث طوية ، أما إن أُخِذ مال أحدهم لم يقل إنه فعل مقدر ، بل نجده يطالب وينافح بكل ما استطاع من قوة ، فدل ذلك على فساد هذا المنطق عند صاحبه قبل غيره .
وقد بسط العلماء القول في بطلان الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي والسيئات بوجوه كثيرة :
منها بيان التوافق وعدم التعارض بين شرع الله وقدره ، ذلك أن المحتجين بالقدر لم يفهموا العلاقة بين شرع الله وقدره ، وبيان هذه العلاقة - كما ذلك العلماء - أن الله خلق الخلق وجعل فيهم القدرة على الإيمان والكفر ، قال تعالى :{ إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا } (الانسان: 3 ) قال ابن زيد - من علماء التفسير في تفسير هذه الآية - أي : " ننظر أي شيء يصنع ، أي الطريق يسلك ، وأيُّ الأمرين يأخذ ، قال : وهذا الاختبار " رواه الطبري في تفسيره .
فالإنسان وإن كان مكلفاً شرعاً ، إلا أن له حرية الاختيار كونا وقدراً ، وهذا الأمر واقع مشاهد ، فما من إنسان إلا وهو يشعر بهذه الحرية في الاختيار ، وبناء على هذه الحرية جاء التكليف الشرعي بوجوب الإيمان وحرمة الكفر ، فحين لا يؤمن الإنسان يكون هو الذي لا يريد الإيمان ، وحين يكفر يكون هو من أراد الكفر .
وأقرب مثال يدل على بطلان الاحتجاج بالقدر أن يقال : إن الله ربط الأسباب بمسبباتها ، فإذا أراد العبد النبات قام بزراعة الأرض وريها ، وإذا أراد الولد تزوج ، وهكذا إذا أراد الجنة آمن وعمل صالحاً ، ولو قال العبد أنا أريد الولد ولن أتزوج ، وإن كان كتب لي ولد فسيأتيني ، لعُدَّ من أجهل الجاهلين ، وكذلك إذا قال الإنسان: أريد الجنة ولن أعمل صالحاً ، فإن كتب الله لي الجنة فسأدخلها ، عد كذلك من الجاهلين .
ومما يدل على بطلان الاحتجاج بالقدر ، أنه لو كان الاحتجاج به صحيحاً لما كان هناك فائدة من بعثة الرسل وإنزال الكتب ، طالما أن كل إنسان مجبور على فعل ما يفعل ، ولكان للعباد حجة على ربهم ، حيث سيحتجون على الله جلا وعلا في عدم إجابتهم الرسل بقولهم : أمرتنا بالإيمان وأجبرتنا على الكفر ، فكيف تحاسبنا على ما أجبرتنا عليه ، والله يقول مبينا الحكمة من بعثة الرسل :{ رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيماً } (النساء:165) . ففي الآية دلالة ظاهرة على بطلان الاحتجاج بالقدر .
ومن أوجه بطلان الاحتجاج بالقدر - إضافة لما تقدم - أنه لو كان الاحتجاج به صحيحاً لاحتج به أهل النار عندما سئلوا { ما سلككم في سقر } فأجابوا : { لم نك من المصلين ، ولم نك نطعم المسكين ، وكنا نخوض مع الخائضين ، وكنا نكذب بيوم الدين } ( المدثر : 42-46 ) فلو كان الاحتجاج بالقدر صحيحا ، لقال أهل النار أجبرنا الله على فعل الكفر ثم عاقبنا عليه .
هذه بعض أوجه الرد على تلك الحجة الداحضة ، والواجب على المسلم ألا ينساق وراء هذه الأعذار ، وأن يكون حاله عند سماع أمر الله ورسوله كمن وصفهم الله بقوله : { إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون } (النور:51) ، فكذلك كان حال الصحابة رضي الله عنهم إذا سمع أحدهم أمر الله ورسوله ،امتثل وأذعن .
وقد بسط العلماء القول في بطلان الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي والسيئات بوجوه كثيرة :
منها بيان التوافق وعدم التعارض بين شرع الله وقدره ، ذلك أن المحتجين بالقدر لم يفهموا العلاقة بين شرع الله وقدره ، وبيان هذه العلاقة - كما ذلك العلماء - أن الله خلق الخلق وجعل فيهم القدرة على الإيمان والكفر ، قال تعالى :{ إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا } (الانسان: 3 ) قال ابن زيد - من علماء التفسير في تفسير هذه الآية - أي : " ننظر أي شيء يصنع ، أي الطريق يسلك ، وأيُّ الأمرين يأخذ ، قال : وهذا الاختبار " رواه الطبري في تفسيره .
فالإنسان وإن كان مكلفاً شرعاً ، إلا أن له حرية الاختيار كونا وقدراً ، وهذا الأمر واقع مشاهد ، فما من إنسان إلا وهو يشعر بهذه الحرية في الاختيار ، وبناء على هذه الحرية جاء التكليف الشرعي بوجوب الإيمان وحرمة الكفر ، فحين لا يؤمن الإنسان يكون هو الذي لا يريد الإيمان ، وحين يكفر يكون هو من أراد الكفر .
وأقرب مثال يدل على بطلان الاحتجاج بالقدر أن يقال : إن الله ربط الأسباب بمسبباتها ، فإذا أراد العبد النبات قام بزراعة الأرض وريها ، وإذا أراد الولد تزوج ، وهكذا إذا أراد الجنة آمن وعمل صالحاً ، ولو قال العبد أنا أريد الولد ولن أتزوج ، وإن كان كتب لي ولد فسيأتيني ، لعُدَّ من أجهل الجاهلين ، وكذلك إذا قال الإنسان: أريد الجنة ولن أعمل صالحاً ، فإن كتب الله لي الجنة فسأدخلها ، عد كذلك من الجاهلين .
ومما يدل على بطلان الاحتجاج بالقدر ، أنه لو كان الاحتجاج به صحيحاً لما كان هناك فائدة من بعثة الرسل وإنزال الكتب ، طالما أن كل إنسان مجبور على فعل ما يفعل ، ولكان للعباد حجة على ربهم ، حيث سيحتجون على الله جلا وعلا في عدم إجابتهم الرسل بقولهم : أمرتنا بالإيمان وأجبرتنا على الكفر ، فكيف تحاسبنا على ما أجبرتنا عليه ، والله يقول مبينا الحكمة من بعثة الرسل :{ رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيماً } (النساء:165) . ففي الآية دلالة ظاهرة على بطلان الاحتجاج بالقدر .
ومن أوجه بطلان الاحتجاج بالقدر - إضافة لما تقدم - أنه لو كان الاحتجاج به صحيحاً لاحتج به أهل النار عندما سئلوا { ما سلككم في سقر } فأجابوا : { لم نك من المصلين ، ولم نك نطعم المسكين ، وكنا نخوض مع الخائضين ، وكنا نكذب بيوم الدين } ( المدثر : 42-46 ) فلو كان الاحتجاج بالقدر صحيحا ، لقال أهل النار أجبرنا الله على فعل الكفر ثم عاقبنا عليه .
هذه بعض أوجه الرد على تلك الحجة الداحضة ، والواجب على المسلم ألا ينساق وراء هذه الأعذار ، وأن يكون حاله عند سماع أمر الله ورسوله كمن وصفهم الله بقوله : { إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون } (النور:51) ، فكذلك كان حال الصحابة رضي الله عنهم إذا سمع أحدهم أمر الله ورسوله ،امتثل وأذعن .