تاريخ اليهود تاريخ حافل بصور الكفر والكيد ، والغدر والخيانة ، فقد تلوثت أيديهم بكل منكر قبيح بدءاً من السعاية والوشاية بالأنبياء ، وانتهاء بقتلهم وسفك دمائهم ، وبين تلك الجريمتين جرائم متعددة ، وصور مختلفة من التمرد والعصيان ، وإن المرء ليصيبه الذهول والحيرة من استمرار هؤلاء في كفرهم ، وانغماسهم في غيهم ، فهم لا يعتبرون بموعظة ، ولا تكاد ترهبهم عقوبة ، رُفِع فوقهم الجبل تهديداً فما تابوا ولا رجعوا ، وحكم عليهم بالتيه أربعين سنة ، فما آبوا ولا أنابوا ، وأعطوا المنَّ والسلوى فطلبوا الثوم والبصل .
إن الحديث عن مواقف اليهود حديث مثير ، فهو يحكي شخصية غاية في الغرابة ، شخصية معقدة ، يكاد يعجز المرء عن فهم تركيبتها النفسية ، وطريقة تفكيرها ، ورغم كل محاولات الإصلاح التي قادها الأنبياء والرسل لتقويم اعوجاج اليهود ، إلا أن محاولاتهم كلها إن لم تبؤ بالفشل الكلي فقد اقتربت منه ، وما من نبي إلا وعانى منهم أشدَّ المعاناة ، وشكاهم إلى الله سبحانه ، بل من أنبيائهم من لعنهم ، كما قال تعالى :{ لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون } (المائدة:78)، وما ذلك إلا لأنهم أهل شر وفساد، ولعل عظم خطر هؤلاء على الأمة الإسلامية بل على البشرية جمعاء هو سر اهتمام القرآن ببيان كيدهم لأنبيائهم ، واحتيالهم على المعاصي ، ونشر الفساد ، فلعل في ذكر مواقفهم ما يكون زاجرا عن الركون إليهم ، والثقة بهم ، ولنسجل بعضا مما سطره القرآن عنهم من مواقف حتى يتعظ به المتعظون ، ويعتبر به المعتبرون .
بنو إسرائيل يطلبون عبادة الأصنام :
لم يكن خافيا على بني إسرائيل - الذين أخرجهم موسى عليه السلام من مصر بمعجزة ربانية ، وهرب بهم من كيد فرعون وبطشه - أن موسى رسول من عند الله ، جاء بتوحيده والدعوة إليه ، ومع ذلك فلم يمض على خروجهم من مصر ونجاتهم من فرعون إلا وقت قصير حتى طلب بنو إسرائيل من موسى طلبا غاية في الغرابة ، إذ مروا على قوم يعكفون على أصنام لهم ، فقالوا يا موسى : { اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون }( الأعراف: 138) . يا لله كيف يطلبون من نبي التوحيد أن يجعل لهم صنما يعبدونه ، أو ليس خروجهم من مصر ونجاتهم من البحر ، نعمة تستوجب الحمد والشكر لله على ما أولاهم إياه من نعم ، فأي عقول تلك التي أنكرت نعمة لما تمر على أحداثها سوى القليل ، إنها عقول اليهود وأحلامهم !! .
بنو إسرائيل يعبدون الأصنام
ربما يظن المرء أن في توبيخ موسى - عليه السلام - لبني إسرائيل عندما طلبوا عبادة الأصنام بقوله : { إنكم قوم تجهلون } ( الأعراف : 138 )، ربما يظن المرء أن في هذا التوبيخ ما يكون رادعا لبني إسرائيل عن تكرار طلبهم في مستقبل أيامهم ، لكن هذا الأمر لن يكون أبدا ، فلم يُجْدِ الزجر أو التوبيخ في تقويم اعوجاجهم ، أو إصلاح انحرافهم ، أو نزع نبتة الشرك من قلوبهم ، فما إن ذهب موسى عليه السلام إلى جبل الطور لمناجاة ربه حتى جمع السامري حلي بني إسرائيل وصاغ منه عجلا له خوار ، فسجد له بنو إسرائيل وعبدوه ، فوا عجبا ، بالأمس القريب وبخهم موسى على طلبهم عبادة الأصنام ، واليوم يلقون بتوبيخ موسى عرض الحائط فيسجدون لعجل صنعوه بأيديهم ، فيا لله ما أجهلها من عقول !!
بنو إسرائيل يطلبون رؤية الباري سبحانه
بعد تلك الفعلة الشنيعة التي أشرك فيها بنو إسرائيل بالله جل وعلا ، وقدوم موسى عليه السلام ، وغضبه عليهم بسبب شركهم ، أرادوا أن يتوبوا إلى الله سبحانه ، فاختار موسى من قومه سبعين رجلا لمناجاة الله ، والتوبة إليه سبحانه ، ولكن بني إسرائيل تأبى نفوسهم الوضيعة إلا أن تظهر التمرد حتى في مواطن التوبة ومناجاة الباري سبحانه ، فقد طلب بنو إسرائيل من موسى عليه السلام أن يريهم الله جهرة ، فيا سبحان الله ، أو ليس قدومهم للتوبة ، والأوبة والإنابة ، فما بالهم يسألون أمراً هو ممتنع شرعاً في الدنيا ، لأن ذواتنا لا تتحمل رؤية الباري بوضعها البشري الحالي ، والأدهى من ذلك والأمر أنهم علقوا إيمانهم بموسى على حصول الرؤية، وكأن إيمانهم به عليه السلام إحسان يسدونه إليه ، وصدقة يتصدقون بها عليه ،قال تعالى مذكرا بني إسرائيل بذلك الموقف المخزي :{ وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون }( البقرة:55). فانظر إلى هذه النفوس المتمردة، وانظر إلى ضحالة إيمانهم ، وقلة تعظيمهم لربهم سبحانه.
بنو إسرائيل يتمردون على أحكام الله وشرعه .
هل لك أن تتصور - أخي القارئ الكريم - قوما يرفع الله على رؤوسهم جبلاً عظيماً ، ثم يأمرهم سبحانه أن يسمعوا أمره ، ويطيعوا شرعه ، فيجيبونه بقولهم سمعنا وعصينا ، فلما كاد الجبل أن ينقض عليهم ، اضطروا إلى السجود، لكنهم سجدوا على شق ، ونظروا إلى الجبل بالشق الآخر ، فرفع الله العذاب عنهم رحمة بهم ، هؤلاء هم اليهود معدن التمرد والعناد ، فماذا عسانا أن نعلق على فعلهم ذلك ، إن اللسان ليعجز عن وصف هؤلاء وشدة عنادهم وتمردهم ، قال تعالى حاكيا عنهم ذلك الموقف : { وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون } (البقرة:63) وقال تعالى : { وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا}(البقرة:93) وقال أيضاً : { وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون } ( الأعراف:171) .
هذا بعض ما سجله القرآن الكريم من مواقف لليهود - وسوف نكملها في مقال آخر - وإن النفس تكاد تضيق ذرعا بقراءة هذا الكم الهائل من صور التمرد والعناد ، وإن المرء ليقف عاجزا عن تفسير هذه الشخصية المعقدة ، فمع ما أنعم الله عليهم من نعم في الدين والدنيا ، إلا إنهم لم يرعوا حق الله عز وجل ، ولم يحفظوا عهده ، بل طغوا وتجبروا وتكبروا ، حتى ضرب الله عليهم الذل وتوعدهم سبحانه بأن يسلط عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب ، وما ذاك إلا عاقبة أعمالهم ، وجزاء أفعالهم ، لذلك فلا عجب أن حاز اليهود على أكبر إجماع بشري على بغضهم ، والتبريء منهم ، ولا عجب قبل ذلك أن لعنهم أنبياؤهم ، وشكوهم إلى ربهم .
إن الحديث عن مواقف اليهود حديث مثير ، فهو يحكي شخصية غاية في الغرابة ، شخصية معقدة ، يكاد يعجز المرء عن فهم تركيبتها النفسية ، وطريقة تفكيرها ، ورغم كل محاولات الإصلاح التي قادها الأنبياء والرسل لتقويم اعوجاج اليهود ، إلا أن محاولاتهم كلها إن لم تبؤ بالفشل الكلي فقد اقتربت منه ، وما من نبي إلا وعانى منهم أشدَّ المعاناة ، وشكاهم إلى الله سبحانه ، بل من أنبيائهم من لعنهم ، كما قال تعالى :{ لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون } (المائدة:78)، وما ذلك إلا لأنهم أهل شر وفساد، ولعل عظم خطر هؤلاء على الأمة الإسلامية بل على البشرية جمعاء هو سر اهتمام القرآن ببيان كيدهم لأنبيائهم ، واحتيالهم على المعاصي ، ونشر الفساد ، فلعل في ذكر مواقفهم ما يكون زاجرا عن الركون إليهم ، والثقة بهم ، ولنسجل بعضا مما سطره القرآن عنهم من مواقف حتى يتعظ به المتعظون ، ويعتبر به المعتبرون .
بنو إسرائيل يطلبون عبادة الأصنام :
لم يكن خافيا على بني إسرائيل - الذين أخرجهم موسى عليه السلام من مصر بمعجزة ربانية ، وهرب بهم من كيد فرعون وبطشه - أن موسى رسول من عند الله ، جاء بتوحيده والدعوة إليه ، ومع ذلك فلم يمض على خروجهم من مصر ونجاتهم من فرعون إلا وقت قصير حتى طلب بنو إسرائيل من موسى طلبا غاية في الغرابة ، إذ مروا على قوم يعكفون على أصنام لهم ، فقالوا يا موسى : { اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون }( الأعراف: 138) . يا لله كيف يطلبون من نبي التوحيد أن يجعل لهم صنما يعبدونه ، أو ليس خروجهم من مصر ونجاتهم من البحر ، نعمة تستوجب الحمد والشكر لله على ما أولاهم إياه من نعم ، فأي عقول تلك التي أنكرت نعمة لما تمر على أحداثها سوى القليل ، إنها عقول اليهود وأحلامهم !! .
بنو إسرائيل يعبدون الأصنام
ربما يظن المرء أن في توبيخ موسى - عليه السلام - لبني إسرائيل عندما طلبوا عبادة الأصنام بقوله : { إنكم قوم تجهلون } ( الأعراف : 138 )، ربما يظن المرء أن في هذا التوبيخ ما يكون رادعا لبني إسرائيل عن تكرار طلبهم في مستقبل أيامهم ، لكن هذا الأمر لن يكون أبدا ، فلم يُجْدِ الزجر أو التوبيخ في تقويم اعوجاجهم ، أو إصلاح انحرافهم ، أو نزع نبتة الشرك من قلوبهم ، فما إن ذهب موسى عليه السلام إلى جبل الطور لمناجاة ربه حتى جمع السامري حلي بني إسرائيل وصاغ منه عجلا له خوار ، فسجد له بنو إسرائيل وعبدوه ، فوا عجبا ، بالأمس القريب وبخهم موسى على طلبهم عبادة الأصنام ، واليوم يلقون بتوبيخ موسى عرض الحائط فيسجدون لعجل صنعوه بأيديهم ، فيا لله ما أجهلها من عقول !!
بنو إسرائيل يطلبون رؤية الباري سبحانه
بعد تلك الفعلة الشنيعة التي أشرك فيها بنو إسرائيل بالله جل وعلا ، وقدوم موسى عليه السلام ، وغضبه عليهم بسبب شركهم ، أرادوا أن يتوبوا إلى الله سبحانه ، فاختار موسى من قومه سبعين رجلا لمناجاة الله ، والتوبة إليه سبحانه ، ولكن بني إسرائيل تأبى نفوسهم الوضيعة إلا أن تظهر التمرد حتى في مواطن التوبة ومناجاة الباري سبحانه ، فقد طلب بنو إسرائيل من موسى عليه السلام أن يريهم الله جهرة ، فيا سبحان الله ، أو ليس قدومهم للتوبة ، والأوبة والإنابة ، فما بالهم يسألون أمراً هو ممتنع شرعاً في الدنيا ، لأن ذواتنا لا تتحمل رؤية الباري بوضعها البشري الحالي ، والأدهى من ذلك والأمر أنهم علقوا إيمانهم بموسى على حصول الرؤية، وكأن إيمانهم به عليه السلام إحسان يسدونه إليه ، وصدقة يتصدقون بها عليه ،قال تعالى مذكرا بني إسرائيل بذلك الموقف المخزي :{ وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون }( البقرة:55). فانظر إلى هذه النفوس المتمردة، وانظر إلى ضحالة إيمانهم ، وقلة تعظيمهم لربهم سبحانه.
بنو إسرائيل يتمردون على أحكام الله وشرعه .
هل لك أن تتصور - أخي القارئ الكريم - قوما يرفع الله على رؤوسهم جبلاً عظيماً ، ثم يأمرهم سبحانه أن يسمعوا أمره ، ويطيعوا شرعه ، فيجيبونه بقولهم سمعنا وعصينا ، فلما كاد الجبل أن ينقض عليهم ، اضطروا إلى السجود، لكنهم سجدوا على شق ، ونظروا إلى الجبل بالشق الآخر ، فرفع الله العذاب عنهم رحمة بهم ، هؤلاء هم اليهود معدن التمرد والعناد ، فماذا عسانا أن نعلق على فعلهم ذلك ، إن اللسان ليعجز عن وصف هؤلاء وشدة عنادهم وتمردهم ، قال تعالى حاكيا عنهم ذلك الموقف : { وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون } (البقرة:63) وقال تعالى : { وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا}(البقرة:93) وقال أيضاً : { وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون } ( الأعراف:171) .
هذا بعض ما سجله القرآن الكريم من مواقف لليهود - وسوف نكملها في مقال آخر - وإن النفس تكاد تضيق ذرعا بقراءة هذا الكم الهائل من صور التمرد والعناد ، وإن المرء ليقف عاجزا عن تفسير هذه الشخصية المعقدة ، فمع ما أنعم الله عليهم من نعم في الدين والدنيا ، إلا إنهم لم يرعوا حق الله عز وجل ، ولم يحفظوا عهده ، بل طغوا وتجبروا وتكبروا ، حتى ضرب الله عليهم الذل وتوعدهم سبحانه بأن يسلط عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب ، وما ذاك إلا عاقبة أعمالهم ، وجزاء أفعالهم ، لذلك فلا عجب أن حاز اليهود على أكبر إجماع بشري على بغضهم ، والتبريء منهم ، ولا عجب قبل ذلك أن لعنهم أنبياؤهم ، وشكوهم إلى ربهم .