تلعب الأمراض الاجتماعية والآفات الأخلاقية دوراً بارزاً في تقويض عرى الحضارات الإنسانية المختلفة؛ فقد أقامت العديد من الأمم السابقة آيات من البناء المادي، وشيدت منجزات حضارية هائلة سرعان ما بادت وانحسرت بتمحورها حول القطب المادي وإغفالها للقيم الروحية والمثل الأخلاقية ودورهما الهام في عملية البناء الحضاري.
فلم يشهد التاريخ مصرع حضارة فتية المثل والقيم، سليمة من الآفات والعلل الاجتماعية والأخلاقية، ولكنه شهد عدداً من مصارع حضارات وأقوام أفلست أخلاقياً واجتماعياً ودينياً، فحق عليها قول التدمير وكلمة الفناء الأزلي، ولم تغن عنها محصلاتها المادية.
فالقوى المادية ـ وإن كانت تعد من أسباب التحضر والتقدم ـ إلا أنها قد تكون كذلك من عوامل التخلف والشقاء إذا ما قامت الأمم والشعوب بتحويلها إلى أسباب غرور وتفاخر وتسلط وظلم لمن حولها، وتهميش كل ما وراء ذلك.
فالفساد والانحراف لا بد أن تجنيه الأمم تردياً وأفولاً وانحساراً في حضارتها، وتلك سنة الله في الأمم؛ ولن تجد لسنة الله تبديلاً.
والانحراف الأخلاقي من أقوى الأسباب الجالبة لزوال نعم الله وتحول عافيته وفجاءة نقمته؛ فما زالت عن العبد نعمة إلا بذنب، ولا حلت به نقمة إلا بذنب. قال ـ تعالى ـ: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}.[الشورى: 30].
المعاصي والانحراف سبب الهبوط
فتغير أحوال الأمم والحضارات من الصعود والرقي إلى التدهور والانحسار لا يكون إلا بتغيرهم وتوجههم نحو المعاصي وارتكاسهم في الانحراف والابتعاد عن منهج الله وفطرته. قال ـ تعالى ـ: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الأنفال: 53]. فقد أخبر الله ـ تعالى ـ أنه لا يغير نعمته التي أنعم بها على أحد حتى يكون هو الذي يغير ما بنفسه، فإذا غير طاعة الله بمعصيته، وشكره بكفره، وأسباب رضاه بأسباب سخطه، كان الهبوط والتردي جزاءً وفاقاً. قال ـ تعالى ـ: {إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } [الرعد: 11].
الانحراف سبب عدم النهوض
بل إن الانحراف الأخلاقي ليقطع على الأمم طريق النهوض والإقالة من العثرات كذلك؛ فإن نعم الله لا تستجلب إلا بطاعته، كما أن النقم تستجلب بمعصيته والانتكاس عن طريقه؛ فالخالق ـ سبحانه ـ اختط للأمم سنناً في النهوض والبقاء كما وضع لها سنناً وقوانين أخرى في الهبوط والزوال؛ فإذا وظفت الأمم نعم الله عليها من تقدم وتطور في ميادين الحياة المختلفة في معصيته والانحراف عن هديه انقلبت تلك النعم إلى آفات تبطل أعمالها، وتحطم منجزاتها، بل وتكون سائقها إلى سبيل الأفول والانحسار.
فاستعمال النعم في معصية الخالق ـ جل وعلا ـ من أهم أسباب زوالها وتحـولهـا. يقـول ابن القيـم ـ رحمه الله ـ: "إذا أراد الله حفظ نعمته على عبده ألهمه رعايتها بطاعته فيها، وإذا أراد زوالها عنه خذله حتى عصاه بها. ومن العجب علم العبد بذلك مشاهدة في نفسه وغيره، وسماعاً لما غاب عنه من أخبار من أزيلت نعم الله عنهم بمعاصيه وهو مقيم على معصية الله كأنه مستثنى من هذه الجملة أو مخصوص من هذا العموم"ا.ه.
غياب الوعي
إن غياب الوعي بسنن الله في الأنفس والحضارات وأثر الانحراف الأخلاقي في أفولها وانهيارها لا يمكن أن يسوق إلا إلى مزيد من العثرات والانحدارات التي تمهد بدورها السبيل أمام الانحسار التام والسقوط المطبق؛ فالصعود الحضاري في حياة الأمم والشعوب لا يطرأ عليه تغير أو هبوط إلا في حالة سعي تلك الأمم ذاتها في استجلاب ذلك التغيير من خلال انحرافها وحيدتها عن طريق الفطرة الإنسانية وانتكاسها في طريق الضلال.
ولله در القائل:
إذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم
فلم يشهد التاريخ مصرع حضارة فتية المثل والقيم، سليمة من الآفات والعلل الاجتماعية والأخلاقية، ولكنه شهد عدداً من مصارع حضارات وأقوام أفلست أخلاقياً واجتماعياً ودينياً، فحق عليها قول التدمير وكلمة الفناء الأزلي، ولم تغن عنها محصلاتها المادية.
فالقوى المادية ـ وإن كانت تعد من أسباب التحضر والتقدم ـ إلا أنها قد تكون كذلك من عوامل التخلف والشقاء إذا ما قامت الأمم والشعوب بتحويلها إلى أسباب غرور وتفاخر وتسلط وظلم لمن حولها، وتهميش كل ما وراء ذلك.
فالفساد والانحراف لا بد أن تجنيه الأمم تردياً وأفولاً وانحساراً في حضارتها، وتلك سنة الله في الأمم؛ ولن تجد لسنة الله تبديلاً.
والانحراف الأخلاقي من أقوى الأسباب الجالبة لزوال نعم الله وتحول عافيته وفجاءة نقمته؛ فما زالت عن العبد نعمة إلا بذنب، ولا حلت به نقمة إلا بذنب. قال ـ تعالى ـ: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}.[الشورى: 30].
المعاصي والانحراف سبب الهبوط
فتغير أحوال الأمم والحضارات من الصعود والرقي إلى التدهور والانحسار لا يكون إلا بتغيرهم وتوجههم نحو المعاصي وارتكاسهم في الانحراف والابتعاد عن منهج الله وفطرته. قال ـ تعالى ـ: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الأنفال: 53]. فقد أخبر الله ـ تعالى ـ أنه لا يغير نعمته التي أنعم بها على أحد حتى يكون هو الذي يغير ما بنفسه، فإذا غير طاعة الله بمعصيته، وشكره بكفره، وأسباب رضاه بأسباب سخطه، كان الهبوط والتردي جزاءً وفاقاً. قال ـ تعالى ـ: {إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } [الرعد: 11].
الانحراف سبب عدم النهوض
بل إن الانحراف الأخلاقي ليقطع على الأمم طريق النهوض والإقالة من العثرات كذلك؛ فإن نعم الله لا تستجلب إلا بطاعته، كما أن النقم تستجلب بمعصيته والانتكاس عن طريقه؛ فالخالق ـ سبحانه ـ اختط للأمم سنناً في النهوض والبقاء كما وضع لها سنناً وقوانين أخرى في الهبوط والزوال؛ فإذا وظفت الأمم نعم الله عليها من تقدم وتطور في ميادين الحياة المختلفة في معصيته والانحراف عن هديه انقلبت تلك النعم إلى آفات تبطل أعمالها، وتحطم منجزاتها، بل وتكون سائقها إلى سبيل الأفول والانحسار.
فاستعمال النعم في معصية الخالق ـ جل وعلا ـ من أهم أسباب زوالها وتحـولهـا. يقـول ابن القيـم ـ رحمه الله ـ: "إذا أراد الله حفظ نعمته على عبده ألهمه رعايتها بطاعته فيها، وإذا أراد زوالها عنه خذله حتى عصاه بها. ومن العجب علم العبد بذلك مشاهدة في نفسه وغيره، وسماعاً لما غاب عنه من أخبار من أزيلت نعم الله عنهم بمعاصيه وهو مقيم على معصية الله كأنه مستثنى من هذه الجملة أو مخصوص من هذا العموم"ا.ه.
غياب الوعي
إن غياب الوعي بسنن الله في الأنفس والحضارات وأثر الانحراف الأخلاقي في أفولها وانهيارها لا يمكن أن يسوق إلا إلى مزيد من العثرات والانحدارات التي تمهد بدورها السبيل أمام الانحسار التام والسقوط المطبق؛ فالصعود الحضاري في حياة الأمم والشعوب لا يطرأ عليه تغير أو هبوط إلا في حالة سعي تلك الأمم ذاتها في استجلاب ذلك التغيير من خلال انحرافها وحيدتها عن طريق الفطرة الإنسانية وانتكاسها في طريق الضلال.
ولله در القائل:
إذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم