[right]
عن سفيان بن عبد الله الثقفي رَضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدًا بعدك. قال: "قل آمنت بالله ثم استقم".
لقد جمع الله لنبيه صَلى الله عليه وسلم جوامع الكلم، فأرشد أمته في هذه الكلمات القلائل إلى جماع الخير حين دلهم على لزوم الاستقامة.
والاستقامة هي سلوك الصراط المستقيم من غير انحراف عنه يمنة ولا يسرة؛ ويعني ذلك أن يتمسك العبد بأمر الله عز وجل فعلاً وتركًا ظاهرًا وباطنًا.
وقد أمر الله نبيه وعباده المؤمنين بلزوم الاستقامة ووعدهم على ذلك خيرًا عظيمًا. قال تعالى: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا) [هود:121]، وقال: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ) [فصلت: 6]، وقال : (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (فصلت:30).
وقد أورد الماوردي في الآية خمسة أوجه:
أحدها: ثم استقاموا على أن الله ربهم وحده.
الثاني: استقاموا على طاعته وأداء فرائضه.
الثالث: على إخلاص الدين والعمل إلى الموت.
الرابع: ثم استقاموا في أفعالهم كما استقاموا في أقوالهم.
الخامس: ثم استقاموا سرًّا كما استقاموا جهرًا.
والحق أن ذلك كله داخل في معنى الاستقامة. وأصل الاستقامة في القلب، فإذا استقام القلب استقامت الجوارح؛ لأن القلب ملك الأعضاء وهي جنوده ورعاياه. كما إن من أعظم الجوارح تأثيرًا في استقامة العبد اللسان؛ وقد دلنا النبي صَلى عليه وسلم على هذه القضية الكبيرة حين قال: "إذا أصبح ابن آدم فإن أعضاءه تُكفِّرُ اللسان (أي تخضع له) تقول: اتق الله فينا؛ فإنك إن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا".
**الاستقامة اتباع للكتاب والسنة وترك للأهواء والبدع والمحدثات في الدين.***
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا فقال "هذا سبيل الله"، ثم خط خطوطًا عن يمينه وعن شماله ثم قال "هذه سبلٌ، على كل سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليه" ثم قرأ: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) [الأنعام:153]".
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "من هدى في هذه الدار إلى صراط الله المستقيم الذي أرسل به رسله وأنزل به كتبه هدى هناك إلى الصراط المستقيم الموصل إلى جنته ودار ثوابه، وعلى قدر ثبوت قدم العبد على هذا الصراط الذي نصبه الله لعباده في هذه الدار، يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم، وعلى قدر سيره على هذه الصراط يكون سيره على ذاك الصراط ... ولينظر العبد الشبهات والشهوات التي تعوقه عن سيره على هذا الصراط المستقيم؛ فإنها الكلاليب التي بجنبتي ذاك الصراط تخطفه وتعوقه عن المرور عليه؛ فإن كثرت هنا وقويت فكذلك هي هناك (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت:46]اهـ.
وبقدر استقامة العبد على مراد الله فعلاً وتركًا يكون أمنه وفرحه يوم لقاء ربه: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأحقاف: 13، 14].
فيا أيها الحبيب: إذا أردت الكرامة فعليك بلزوم الاستقامة، جعلنا الله وإياك من أهلها،والحمد لله رب العالمين.
عن سفيان بن عبد الله الثقفي رَضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدًا بعدك. قال: "قل آمنت بالله ثم استقم".
لقد جمع الله لنبيه صَلى الله عليه وسلم جوامع الكلم، فأرشد أمته في هذه الكلمات القلائل إلى جماع الخير حين دلهم على لزوم الاستقامة.
والاستقامة هي سلوك الصراط المستقيم من غير انحراف عنه يمنة ولا يسرة؛ ويعني ذلك أن يتمسك العبد بأمر الله عز وجل فعلاً وتركًا ظاهرًا وباطنًا.
وقد أمر الله نبيه وعباده المؤمنين بلزوم الاستقامة ووعدهم على ذلك خيرًا عظيمًا. قال تعالى: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا) [هود:121]، وقال: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ) [فصلت: 6]، وقال : (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (فصلت:30).
وقد أورد الماوردي في الآية خمسة أوجه:
أحدها: ثم استقاموا على أن الله ربهم وحده.
الثاني: استقاموا على طاعته وأداء فرائضه.
الثالث: على إخلاص الدين والعمل إلى الموت.
الرابع: ثم استقاموا في أفعالهم كما استقاموا في أقوالهم.
الخامس: ثم استقاموا سرًّا كما استقاموا جهرًا.
والحق أن ذلك كله داخل في معنى الاستقامة. وأصل الاستقامة في القلب، فإذا استقام القلب استقامت الجوارح؛ لأن القلب ملك الأعضاء وهي جنوده ورعاياه. كما إن من أعظم الجوارح تأثيرًا في استقامة العبد اللسان؛ وقد دلنا النبي صَلى عليه وسلم على هذه القضية الكبيرة حين قال: "إذا أصبح ابن آدم فإن أعضاءه تُكفِّرُ اللسان (أي تخضع له) تقول: اتق الله فينا؛ فإنك إن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا".
**الاستقامة اتباع للكتاب والسنة وترك للأهواء والبدع والمحدثات في الدين.***
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا فقال "هذا سبيل الله"، ثم خط خطوطًا عن يمينه وعن شماله ثم قال "هذه سبلٌ، على كل سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليه" ثم قرأ: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) [الأنعام:153]".
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "من هدى في هذه الدار إلى صراط الله المستقيم الذي أرسل به رسله وأنزل به كتبه هدى هناك إلى الصراط المستقيم الموصل إلى جنته ودار ثوابه، وعلى قدر ثبوت قدم العبد على هذا الصراط الذي نصبه الله لعباده في هذه الدار، يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم، وعلى قدر سيره على هذه الصراط يكون سيره على ذاك الصراط ... ولينظر العبد الشبهات والشهوات التي تعوقه عن سيره على هذا الصراط المستقيم؛ فإنها الكلاليب التي بجنبتي ذاك الصراط تخطفه وتعوقه عن المرور عليه؛ فإن كثرت هنا وقويت فكذلك هي هناك (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت:46]اهـ.
وبقدر استقامة العبد على مراد الله فعلاً وتركًا يكون أمنه وفرحه يوم لقاء ربه: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأحقاف: 13، 14].
فيا أيها الحبيب: إذا أردت الكرامة فعليك بلزوم الاستقامة، جعلنا الله وإياك من أهلها،والحمد لله رب العالمين.