التربية الإسلامية
اهتم الإسلام بالتربية الصالحة للأبناء، وإعدادهم الإعداد المناسب بحيث يصبحون نافعين لدينهم ومجتمعهم.
ويعتبر
دور الأم فى هذا المجال دورًا مؤثرًا وخطيرًا؛ لأنها تلازم طفلها منذ
الولادة إلى أن يشب ويترعرع ويصبح رجلا يعتمد على نفسه، وهذه المسؤولية
كبيرة وشاقة على الأم، ولكنها قادرة عليها بما وهبها الله من عزيمة وصبر
وحنان على أبنائها.
وقد دعا القرآن الكريم إلى العناية بالأبناء، فقال
تعالى: (يُوصيكُمُ اللهُ في أولادِكُمْ) [النساء: 11]، وقال: (يَا أيُّهَا
الّذِين آمَنُوا قُوا أَنفسَكُمْ وأَهْليكُمْ نارًا وقُودُهَا النَّاسُ
والحِجَارَةُ) [التحريم: 6]، وقال: (وَأْمُرْ أَمُر أَهْلَكَ بالصَّلاةِ
واصْطَبِرْ عَلَيْهَا) [طه:132]، كما أكد الرسول ( على أهمية تأديب الطفل
وتربيته (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم
أبناء عشر، وفرقوا بينهم فى المضاجع) [أبو داود].
وقد قص القرآن الكريم الكثير من صور التأديب والاهتمام بالولد مثل وصية لقمان لابنه.
وعلى الأم أن تعمل على تربية طفلها إيمانيَّا واجتماعيَّا، وأن تعمل على تأديبه بآداب الإسلام.
التربـية الإيمانية: بما يعنى تقوية علاقة الطفل بربه، وبحيث يملأ الإيمان قلبه. ومما يساعد على ذلك:
استحباب التأذين فى أذن المولود اليمنى، والإقامة فى أذنه اليسرى.
ذلك حتى تكون كلمة التوحيد، وشعار الدخول فى الإسلام أول ما يقرع سمع الطفل، وأول ما ينطلق بها لسانه.
-
على الأم أن تردد على مسامعه دائمًا كلمات الله، وتسمعه آيات من القرآن
الكريم، فالطفل وإن كان لا يعقل ما يسمعه إلا أنه يشعر بالاطمئنان
والسكينة.
- على الأم أن تساعد طفلها على التفرقة بين الحلال والحرام، حتى ينشأ على الالتزام بأوامر الله واجتناب نواهيه.
- تشجعه على الصلاة وتحفزه على أدائها.
- كذلك عليها أن تشجعه على حفظ القرآن الكريم وتلاوته ؛ حتى يتقوم لسانه، وتسمو روحه، ويخشع قلبه، ويرسخ فى نفسه الإيمان واليقين.
- تبذر فى قلبه بذور الحب لله ورسوله ( وصحابته -رضوان الله عليهم-.
- تفهمه أن الله خالق هذا الكون وصانعه، وأن عليه أن يطيعه ويشكره.
-
إذا وصل الطفل إلى سن السابعة فعليها أن تأمره بالصلاة.. روى عن رسول الله
( أنه قال: (مروا الصبى بالصلاة إذا بلغ سبع سنين) [أبو داود].
- أن
تدربه على الصوم بأن تجعله يصوم ساعة أو ساعتين أو بعضًا من اليوم حتى يطيق
الصوم فى الكبر، وينشأ على طاعة الله والقيام بحقه، والشكر له. عن
الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ قالت: أرسل رسول الله ( صبيحة عاشوراء إلى قرى
الأنصار: (من كان أصبح صائمًا فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرًا، فليتم
بَقِيَّة يومه). فكنا نصومه بعد ذلك ونُصَوِّم صبياننا الصغار منهم -إن شاء
الله- ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللُّعبة من العِهْن، فإذا بكى أحدهم
على الطعام، أعطيناه إياه عند الإفطار. [متفق عليه].
كذلك على الأم أن
تؤدب ولدها على حب رسول الله (، وحب آل بيته وتلاوة القرآن الكريم.. لما
روى عن النبى ( أنه قال: (أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب آل
بيته وتلاوة القرآن، فإن حملة القرآن فى ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله)
[الديلمي].
ويمكن للأم أن تنتهز أية فرصة لتشرح له قدرة الله عز وجل،
وتتدرج معه من المحسوس إلى المعقول، ومن الجزئي إلى الكلى، ومن البسيط إلى
المركب ؛ حتى تصل معه فى نهاية الشوط إلى قضية الإيمان عن اقتناع وبرهان.
- وعليها أن تغرس فى نفسه روح الخشوع والتقوى والعبودية لله رب العالمين.
الآداب الإسلامية:
-
على الأم أن تحرص على تعليم ولدها الآداب الإسلامية إذا بلغ سن السادسة،
حتى يتعود عليها. كأن تعلمه بأن يسمى الله عند الأكل، وأن يأكل بيمينه،
ومما يليه. قال رسول الله ( (يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك)
[مسلم]، وقال رسول الله ( أيضًا: (إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى،
فإن نسى أن يذكر اسم الله تعالى فى أوله فليقل: (باسم الله أولَه وآخرَه).
[أبو داود والترمذي].
- على الأم أن تغرس فى طفلها الصدق والإخلاص، وذلك عن طريق الوفاء بالوعود التي تعطيها له، وأن تكون قدوة له دائمًا.
-
على الأم أن تعلم طفلها ألا يكون منافقًا، مع توضيح علامات المنافق التي
ذكرت فى حديث رسول الله (: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف،
وإذا ائتمن خان)
[متفق عليه].
- أن تعلمه آداب العطس.. قال (: (إذا
عطس أحدكم فليضع كفيه على وجهه وليخفض صوته) [الحاكم والبيهقى]. وقال (:
(إذا عطس أحدكم: فليقل الحمد لله، وليقل له أخوه -أو صاحبه-: يرحمك الله.
فإذا قال يرحمك الله، فليقل: يهديكُم الله ويصلح بالكُم) [البخاري
والترمذي].
- على الأم أن تحثه دائمًا وتذكره أن يقول: (الحمد لله ) عند
الانتهاء من أى عمل يقوم به. قال (: (إن خير عباد الله يوم القيامة
الحمادون) [أحمد].
- وعليها أن تؤكد له دائمًا أن المسلم ليس شتامًا ولا
لعانًا.. قال (: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) [متفق عليه]. وقال (: (ليس
المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء) [الترمذي].
وعليها
أن تعلمه أن حق المسلم على المسلم خمس.. قال (: (حق المسلم على المسلم خمس:
رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس)
[متفق عليه].
وتحرص الأم حرصًا شديدًا على مشاركة ولدها - دون تدخل
واضح - فى اختيار أصدقائه لما لهم من تأثير كبير على شخصية طفلها.. قال
رسول الله (: (مثل الجليس الصالح، والجليس السوء كمثل حامل المسك، ونافخ
الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك (يعطيك)، أو تشترى منه، أو تجد منه ريحًا
طيبة، ونافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، أو تجد منه ريحًا خبيثة منتة)
[البخاري]. وقال (: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) [أبو
داود، الترمذي، أحمد].
وتنبه ولدها إلى آداب الصداقة، فيسلم على صديقه
إذا لقيه، ويعوده إذا مرض، ويشمته إذا عطس، ويعينه فى وقت الشدة، ويجيبه
إذا دعاه، ويهنئه فى المناسبات السارة
وعليها أن تحرص دائمًا على أن
تؤكد لطفلها أن لوالديه عليه حقوقًا، فعليه أن يحترمهما ويقدرهما ويحسن
إليهما، فرضاهما من رضا الله سبحانه وتعالى، قال جل شأنه فى كتابه الكريم:
{واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا}
[الإسراء: 24].
وعلى الأم أن تحرك فى أعماق طفلها عاطفة القرابة، وتشجعه
على صلة الرحم، لتنمو فى نفسه محبة من تربطه وإياهم رابطة النسب حتى إذا
بلغ سن الرشد قام بواجب العطف والإحسان لهم، وتستطيع أن تطبق ذلك بصورة
عملية فتأخذ طفلها معها عند زيارتها - مع محرم - لمن يرتبطون بهم بصلة
قرابة، فيتعود الطفل هذا السلوك الإسلامى، قال تعالى: {واعبدوا الله ولا
تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا وبذي القربي واليتامي والمساكين والجار
ذي القربي} [النساء: 36].
وعليها أن تشرح له أن عليه حقوقًا لجيرانه،
يعاملهم بإحسان، ولا يؤذيهم، بل يحميهم ممن يتعرض لهم بسوء.. قال رسول الله
(: (والله لا يؤمن،والله لا يؤمن). قيل: من يا رسول الله؟ قال : (الذى لا
يأمن جاره بوائقه (شروره) [متفق عليه].
وعلى الأم أن تنبه ولدها إلى
احترام معلمه، وتوقيره، وأن ذله لمعلمه عز ،وتواضعه له رفعة.. قال رسول
الله (: (ليس من أمتى من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه)
[أحمد].
وعلى الأم أن تعلم طفلها منذ الصغر آداب الاستئذان، حتى لا يدخل
بيت أحد بغير إذن صاحبه، مع تعليمه أن يستأذن ثلاث مرات قبل الدخول، قال
تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتي تسأنسوا
وتسلموا علي أهلها} [النور: 27] وقوله: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم
الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة
الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم
ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم علي بعض كذلك يبين الله
لكم الآيات والله عليم حكيم} [النور: 58].
وعليها أن تعلمه كيفية قضاء
حاجته، وذلك فى الأماكن المخصصة، وعليها أن تعلمه بأن يدخل تلك الأماكن
برجله اليسرى مع التزام ذكر دعاء الدخول، وهو كما قال رسول الله (: (بسم
الله، اللهم إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث) [متفق عليه].
وعليها أن تعلمه تحية الإسلام " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ".
وعلى
الأم أن تنفره من الكذب والكذابين، قال (: (إياكم والكذب، فإن الكذب يهدى
إلى الفجور، والفجور يهدى إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله
كذابًا)[متفق عليه]. وفى المقابل تحثه على الصدق، وتذكر له أنه خلق طيب أمر
به الإسلام.. قال (: (إن الصدق يهدى إلى البر، وإن البر يهدى إلى الجنة،
وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صِدِّيقًا)
[متفق عليه].
- عليها أن تعلمه أن الحياء خلق طيب من أخلاق الإسلام، قال (: (إن لكل دين خلقًا، وإن خلق الإسلام الحياء) [ابن ماجه].
-
وعليها أن تغرس فى قلبه الرحمة على الفقراء والمساكين حتى يلين قلبه.. قال
(: (إن أردت أن يلين قلبك، فأطعم المسكين، وامسح على رأس اليتيم ) [أحمد].
تربـية
الذوق: وتربية الذوق وتنميته فى نفوس أطفالنا أمر مطلوب، لذلك فإن على
الأم أن تحرص على تدريب طفلها على تذوق الجمال، مع تعويده على المحافظة على
بقاء الأشياء الجميلة، فلا يتلف المزروعات، ولا يقطف الأزهار من الحدائق،
ومن المستحب أن تكلف الأم طفلها برعاية بعض النباتات الموجودة فى البيت
كنباتات الزينة مثلا، وتعلمه كيفية ترتيب حجرته، وتنظيم حاجاته، حتى يتعود
على تذوق الجمال منذ صغره.
- ومن الذوق أيضًا أن تعلمه أصول الخطاب مع
الغير، ومراعاة عدم جرح مشاعر الآخرين، ومعاملة الناس باحترام ولباقة، مع
اختيار الألفاظ المهذبة، وخفض الصوت، وعدم رفعه، خاصة مع من يكبرونه فى
السن والمقام.
- قال رسول الله (: (ما أكرم شاب شيخًا لسنه، إلا قيض
الله له من يكرمه عند سنه) [الترمذي]، وورد عن رسول الله (: (ليس منا من لم
يرحم صغيرنا، ويوقِّر كبيرنا) [الترمذي].
- وعلى الأم كذلك أن توضح لطفلها أن العيب كل العيب أن يهزأ من الكبير، أو يسخر منه أو يسىء الأدب معه.
-
وزيادة فى تعويد الطفل على احترام الكبير، فيستحب له تقبيل يد الكبير خاصة
الوالدين والجدين حتى ينشأ الولد على التواضع والاحترام وإنزال الناس
منازلهم، بشرط ألا يغالى فى ذلك ولا يزيد فى الاحترام عن الحد الذى أمر به
الشرع الحنيف كالانحناء أثناء القيام أو الركوع أثناء التقبيل.
التربـية الاجتماعية:
-
على الأم أن تسعى جاهدة لتعليم طفلها منذ نشأته التزام الآداب الاجتماعية
الفاضلة المستقاة من ديننا الإسلامى الحنيف حتى يستطيع الطفل في المستقبل
الالتزام بها دون أن يشعر أنها تشكل عبئًا عليه، كذلك فإن قيام الأم بهذا
الدور على وجهه الصحيح، يسهم فى إقامة مجتمع إسلامى تقوم دعائمه على
الأخلاق والقيم الإسلامية الرفيعة.
- لذلك فإن على الأم أن تعلم طفلها
الأخوة، والحب فى الله... قال تعالى: إنما المؤمنون إخوة [الحجرات: 10]،
وقال (: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله ولا يحقره، بحسب
امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله،
وعرضه، التقوى هاهنا) (ثلاث مرات) ويشير إلى صدره [الترمذي]. وقال (:
(مثل المؤمنين فى توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى
منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى) [مسلم].
- وعليها أن
تعلمه الإيثار، وهو: أن يفضل غيره على نفسه فى الخيرات، ويمكنها أن تدربه
على ذلك بأن تعطيه شيئًا يحبه حبًا شديدًا، وتطلب منه برفق وحنان أن يعطيه
لأخيه، فيتعود منذ الصغر على هذه العادة الإسلامية السامية.. قال تعالى:
{ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم
المفلحون} [الحشر: 9].
- وعلى الأم أن تعلم طفلها التسامح والعفو عند
المقدرة، فإذا اعتدى عليه أحد الأطفال، تطلب منه الأم أن يسامحه ،وأن يعفو
عنه، لأن الله سبحانه وتعالى يحب العافين عن الناس.. قال تعالى: {والكاظمين
الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} [آل عمران: 134].
-
وعليها أن تعلمه الشجاعة والجرأة وقول كلمة الحق، ويمكنها أن تطبق ذلك
بطريقة عملية، فإذا أخطأت، وأدرك الطفل ذلك فنبهها إلى الخطأ، فلا تعنفه أو
تعاقبه على جرأته، بل تشجعه على ذلك بأن تقول له: نعم أخطأت ولن أكرر ذلك
مرة ثانية. فينشأ الطفل جريئًا شجاعًا، لا يسكت عن الحق فى المستقبل، لأنه
تعود عليه منذ الصغر.
التربـية الجنسية:
على الأم أن تعمل على:
- تصحيح المعلومات والأفكار والاتجاهات الخاطئة نحو بعض أنماط السلوك الجنسى الشائع.
- تربية الأطفال على ستر عوراتهم حتى يتربوا على الحياء والحشمة.
- تنمية الضمير الحى فيما يتعلق بأى سلوك جنسى يقوم به الطفل بحيث لا يقوم إلا بما يشعره باحترامه لذاته.
-
التفرقة بين الأبناء والبنات فى المضاجع إذا ما بلغوا عشر سنين.. فقد ورد
عن النبى ( أنه قال: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم
عليها لعشر، وفرقوا بينهم فى المضاجع) [أبو داود وأحمد].
اهتم الإسلام بالتربية الصالحة للأبناء، وإعدادهم الإعداد المناسب بحيث يصبحون نافعين لدينهم ومجتمعهم.
ويعتبر
دور الأم فى هذا المجال دورًا مؤثرًا وخطيرًا؛ لأنها تلازم طفلها منذ
الولادة إلى أن يشب ويترعرع ويصبح رجلا يعتمد على نفسه، وهذه المسؤولية
كبيرة وشاقة على الأم، ولكنها قادرة عليها بما وهبها الله من عزيمة وصبر
وحنان على أبنائها.
وقد دعا القرآن الكريم إلى العناية بالأبناء، فقال
تعالى: (يُوصيكُمُ اللهُ في أولادِكُمْ) [النساء: 11]، وقال: (يَا أيُّهَا
الّذِين آمَنُوا قُوا أَنفسَكُمْ وأَهْليكُمْ نارًا وقُودُهَا النَّاسُ
والحِجَارَةُ) [التحريم: 6]، وقال: (وَأْمُرْ أَمُر أَهْلَكَ بالصَّلاةِ
واصْطَبِرْ عَلَيْهَا) [طه:132]، كما أكد الرسول ( على أهمية تأديب الطفل
وتربيته (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم
أبناء عشر، وفرقوا بينهم فى المضاجع) [أبو داود].
وقد قص القرآن الكريم الكثير من صور التأديب والاهتمام بالولد مثل وصية لقمان لابنه.
وعلى الأم أن تعمل على تربية طفلها إيمانيَّا واجتماعيَّا، وأن تعمل على تأديبه بآداب الإسلام.
التربـية الإيمانية: بما يعنى تقوية علاقة الطفل بربه، وبحيث يملأ الإيمان قلبه. ومما يساعد على ذلك:
استحباب التأذين فى أذن المولود اليمنى، والإقامة فى أذنه اليسرى.
ذلك حتى تكون كلمة التوحيد، وشعار الدخول فى الإسلام أول ما يقرع سمع الطفل، وأول ما ينطلق بها لسانه.
-
على الأم أن تردد على مسامعه دائمًا كلمات الله، وتسمعه آيات من القرآن
الكريم، فالطفل وإن كان لا يعقل ما يسمعه إلا أنه يشعر بالاطمئنان
والسكينة.
- على الأم أن تساعد طفلها على التفرقة بين الحلال والحرام، حتى ينشأ على الالتزام بأوامر الله واجتناب نواهيه.
- تشجعه على الصلاة وتحفزه على أدائها.
- كذلك عليها أن تشجعه على حفظ القرآن الكريم وتلاوته ؛ حتى يتقوم لسانه، وتسمو روحه، ويخشع قلبه، ويرسخ فى نفسه الإيمان واليقين.
- تبذر فى قلبه بذور الحب لله ورسوله ( وصحابته -رضوان الله عليهم-.
- تفهمه أن الله خالق هذا الكون وصانعه، وأن عليه أن يطيعه ويشكره.
-
إذا وصل الطفل إلى سن السابعة فعليها أن تأمره بالصلاة.. روى عن رسول الله
( أنه قال: (مروا الصبى بالصلاة إذا بلغ سبع سنين) [أبو داود].
- أن
تدربه على الصوم بأن تجعله يصوم ساعة أو ساعتين أو بعضًا من اليوم حتى يطيق
الصوم فى الكبر، وينشأ على طاعة الله والقيام بحقه، والشكر له. عن
الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ قالت: أرسل رسول الله ( صبيحة عاشوراء إلى قرى
الأنصار: (من كان أصبح صائمًا فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرًا، فليتم
بَقِيَّة يومه). فكنا نصومه بعد ذلك ونُصَوِّم صبياننا الصغار منهم -إن شاء
الله- ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللُّعبة من العِهْن، فإذا بكى أحدهم
على الطعام، أعطيناه إياه عند الإفطار. [متفق عليه].
كذلك على الأم أن
تؤدب ولدها على حب رسول الله (، وحب آل بيته وتلاوة القرآن الكريم.. لما
روى عن النبى ( أنه قال: (أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب آل
بيته وتلاوة القرآن، فإن حملة القرآن فى ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله)
[الديلمي].
ويمكن للأم أن تنتهز أية فرصة لتشرح له قدرة الله عز وجل،
وتتدرج معه من المحسوس إلى المعقول، ومن الجزئي إلى الكلى، ومن البسيط إلى
المركب ؛ حتى تصل معه فى نهاية الشوط إلى قضية الإيمان عن اقتناع وبرهان.
- وعليها أن تغرس فى نفسه روح الخشوع والتقوى والعبودية لله رب العالمين.
الآداب الإسلامية:
-
على الأم أن تحرص على تعليم ولدها الآداب الإسلامية إذا بلغ سن السادسة،
حتى يتعود عليها. كأن تعلمه بأن يسمى الله عند الأكل، وأن يأكل بيمينه،
ومما يليه. قال رسول الله ( (يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك)
[مسلم]، وقال رسول الله ( أيضًا: (إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى،
فإن نسى أن يذكر اسم الله تعالى فى أوله فليقل: (باسم الله أولَه وآخرَه).
[أبو داود والترمذي].
- على الأم أن تغرس فى طفلها الصدق والإخلاص، وذلك عن طريق الوفاء بالوعود التي تعطيها له، وأن تكون قدوة له دائمًا.
-
على الأم أن تعلم طفلها ألا يكون منافقًا، مع توضيح علامات المنافق التي
ذكرت فى حديث رسول الله (: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف،
وإذا ائتمن خان)
[متفق عليه].
- أن تعلمه آداب العطس.. قال (: (إذا
عطس أحدكم فليضع كفيه على وجهه وليخفض صوته) [الحاكم والبيهقى]. وقال (:
(إذا عطس أحدكم: فليقل الحمد لله، وليقل له أخوه -أو صاحبه-: يرحمك الله.
فإذا قال يرحمك الله، فليقل: يهديكُم الله ويصلح بالكُم) [البخاري
والترمذي].
- على الأم أن تحثه دائمًا وتذكره أن يقول: (الحمد لله ) عند
الانتهاء من أى عمل يقوم به. قال (: (إن خير عباد الله يوم القيامة
الحمادون) [أحمد].
- وعليها أن تؤكد له دائمًا أن المسلم ليس شتامًا ولا
لعانًا.. قال (: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) [متفق عليه]. وقال (: (ليس
المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء) [الترمذي].
وعليها
أن تعلمه أن حق المسلم على المسلم خمس.. قال (: (حق المسلم على المسلم خمس:
رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس)
[متفق عليه].
وتحرص الأم حرصًا شديدًا على مشاركة ولدها - دون تدخل
واضح - فى اختيار أصدقائه لما لهم من تأثير كبير على شخصية طفلها.. قال
رسول الله (: (مثل الجليس الصالح، والجليس السوء كمثل حامل المسك، ونافخ
الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك (يعطيك)، أو تشترى منه، أو تجد منه ريحًا
طيبة، ونافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، أو تجد منه ريحًا خبيثة منتة)
[البخاري]. وقال (: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) [أبو
داود، الترمذي، أحمد].
وتنبه ولدها إلى آداب الصداقة، فيسلم على صديقه
إذا لقيه، ويعوده إذا مرض، ويشمته إذا عطس، ويعينه فى وقت الشدة، ويجيبه
إذا دعاه، ويهنئه فى المناسبات السارة
وعليها أن تحرص دائمًا على أن
تؤكد لطفلها أن لوالديه عليه حقوقًا، فعليه أن يحترمهما ويقدرهما ويحسن
إليهما، فرضاهما من رضا الله سبحانه وتعالى، قال جل شأنه فى كتابه الكريم:
{واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا}
[الإسراء: 24].
وعلى الأم أن تحرك فى أعماق طفلها عاطفة القرابة، وتشجعه
على صلة الرحم، لتنمو فى نفسه محبة من تربطه وإياهم رابطة النسب حتى إذا
بلغ سن الرشد قام بواجب العطف والإحسان لهم، وتستطيع أن تطبق ذلك بصورة
عملية فتأخذ طفلها معها عند زيارتها - مع محرم - لمن يرتبطون بهم بصلة
قرابة، فيتعود الطفل هذا السلوك الإسلامى، قال تعالى: {واعبدوا الله ولا
تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا وبذي القربي واليتامي والمساكين والجار
ذي القربي} [النساء: 36].
وعليها أن تشرح له أن عليه حقوقًا لجيرانه،
يعاملهم بإحسان، ولا يؤذيهم، بل يحميهم ممن يتعرض لهم بسوء.. قال رسول الله
(: (والله لا يؤمن،والله لا يؤمن). قيل: من يا رسول الله؟ قال : (الذى لا
يأمن جاره بوائقه (شروره) [متفق عليه].
وعلى الأم أن تنبه ولدها إلى
احترام معلمه، وتوقيره، وأن ذله لمعلمه عز ،وتواضعه له رفعة.. قال رسول
الله (: (ليس من أمتى من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه)
[أحمد].
وعلى الأم أن تعلم طفلها منذ الصغر آداب الاستئذان، حتى لا يدخل
بيت أحد بغير إذن صاحبه، مع تعليمه أن يستأذن ثلاث مرات قبل الدخول، قال
تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتي تسأنسوا
وتسلموا علي أهلها} [النور: 27] وقوله: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم
الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة
الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم
ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم علي بعض كذلك يبين الله
لكم الآيات والله عليم حكيم} [النور: 58].
وعليها أن تعلمه كيفية قضاء
حاجته، وذلك فى الأماكن المخصصة، وعليها أن تعلمه بأن يدخل تلك الأماكن
برجله اليسرى مع التزام ذكر دعاء الدخول، وهو كما قال رسول الله (: (بسم
الله، اللهم إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث) [متفق عليه].
وعليها أن تعلمه تحية الإسلام " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ".
وعلى
الأم أن تنفره من الكذب والكذابين، قال (: (إياكم والكذب، فإن الكذب يهدى
إلى الفجور، والفجور يهدى إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله
كذابًا)[متفق عليه]. وفى المقابل تحثه على الصدق، وتذكر له أنه خلق طيب أمر
به الإسلام.. قال (: (إن الصدق يهدى إلى البر، وإن البر يهدى إلى الجنة،
وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صِدِّيقًا)
[متفق عليه].
- عليها أن تعلمه أن الحياء خلق طيب من أخلاق الإسلام، قال (: (إن لكل دين خلقًا، وإن خلق الإسلام الحياء) [ابن ماجه].
-
وعليها أن تغرس فى قلبه الرحمة على الفقراء والمساكين حتى يلين قلبه.. قال
(: (إن أردت أن يلين قلبك، فأطعم المسكين، وامسح على رأس اليتيم ) [أحمد].
تربـية
الذوق: وتربية الذوق وتنميته فى نفوس أطفالنا أمر مطلوب، لذلك فإن على
الأم أن تحرص على تدريب طفلها على تذوق الجمال، مع تعويده على المحافظة على
بقاء الأشياء الجميلة، فلا يتلف المزروعات، ولا يقطف الأزهار من الحدائق،
ومن المستحب أن تكلف الأم طفلها برعاية بعض النباتات الموجودة فى البيت
كنباتات الزينة مثلا، وتعلمه كيفية ترتيب حجرته، وتنظيم حاجاته، حتى يتعود
على تذوق الجمال منذ صغره.
- ومن الذوق أيضًا أن تعلمه أصول الخطاب مع
الغير، ومراعاة عدم جرح مشاعر الآخرين، ومعاملة الناس باحترام ولباقة، مع
اختيار الألفاظ المهذبة، وخفض الصوت، وعدم رفعه، خاصة مع من يكبرونه فى
السن والمقام.
- قال رسول الله (: (ما أكرم شاب شيخًا لسنه، إلا قيض
الله له من يكرمه عند سنه) [الترمذي]، وورد عن رسول الله (: (ليس منا من لم
يرحم صغيرنا، ويوقِّر كبيرنا) [الترمذي].
- وعلى الأم كذلك أن توضح لطفلها أن العيب كل العيب أن يهزأ من الكبير، أو يسخر منه أو يسىء الأدب معه.
-
وزيادة فى تعويد الطفل على احترام الكبير، فيستحب له تقبيل يد الكبير خاصة
الوالدين والجدين حتى ينشأ الولد على التواضع والاحترام وإنزال الناس
منازلهم، بشرط ألا يغالى فى ذلك ولا يزيد فى الاحترام عن الحد الذى أمر به
الشرع الحنيف كالانحناء أثناء القيام أو الركوع أثناء التقبيل.
التربـية الاجتماعية:
-
على الأم أن تسعى جاهدة لتعليم طفلها منذ نشأته التزام الآداب الاجتماعية
الفاضلة المستقاة من ديننا الإسلامى الحنيف حتى يستطيع الطفل في المستقبل
الالتزام بها دون أن يشعر أنها تشكل عبئًا عليه، كذلك فإن قيام الأم بهذا
الدور على وجهه الصحيح، يسهم فى إقامة مجتمع إسلامى تقوم دعائمه على
الأخلاق والقيم الإسلامية الرفيعة.
- لذلك فإن على الأم أن تعلم طفلها
الأخوة، والحب فى الله... قال تعالى: إنما المؤمنون إخوة [الحجرات: 10]،
وقال (: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله ولا يحقره، بحسب
امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله،
وعرضه، التقوى هاهنا) (ثلاث مرات) ويشير إلى صدره [الترمذي]. وقال (:
(مثل المؤمنين فى توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى
منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى) [مسلم].
- وعليها أن
تعلمه الإيثار، وهو: أن يفضل غيره على نفسه فى الخيرات، ويمكنها أن تدربه
على ذلك بأن تعطيه شيئًا يحبه حبًا شديدًا، وتطلب منه برفق وحنان أن يعطيه
لأخيه، فيتعود منذ الصغر على هذه العادة الإسلامية السامية.. قال تعالى:
{ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم
المفلحون} [الحشر: 9].
- وعلى الأم أن تعلم طفلها التسامح والعفو عند
المقدرة، فإذا اعتدى عليه أحد الأطفال، تطلب منه الأم أن يسامحه ،وأن يعفو
عنه، لأن الله سبحانه وتعالى يحب العافين عن الناس.. قال تعالى: {والكاظمين
الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} [آل عمران: 134].
-
وعليها أن تعلمه الشجاعة والجرأة وقول كلمة الحق، ويمكنها أن تطبق ذلك
بطريقة عملية، فإذا أخطأت، وأدرك الطفل ذلك فنبهها إلى الخطأ، فلا تعنفه أو
تعاقبه على جرأته، بل تشجعه على ذلك بأن تقول له: نعم أخطأت ولن أكرر ذلك
مرة ثانية. فينشأ الطفل جريئًا شجاعًا، لا يسكت عن الحق فى المستقبل، لأنه
تعود عليه منذ الصغر.
التربـية الجنسية:
على الأم أن تعمل على:
- تصحيح المعلومات والأفكار والاتجاهات الخاطئة نحو بعض أنماط السلوك الجنسى الشائع.
- تربية الأطفال على ستر عوراتهم حتى يتربوا على الحياء والحشمة.
- تنمية الضمير الحى فيما يتعلق بأى سلوك جنسى يقوم به الطفل بحيث لا يقوم إلا بما يشعره باحترامه لذاته.
-
التفرقة بين الأبناء والبنات فى المضاجع إذا ما بلغوا عشر سنين.. فقد ورد
عن النبى ( أنه قال: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم
عليها لعشر، وفرقوا بينهم فى المضاجع) [أبو داود وأحمد].