الأديبة الكريمة
(سكينة بنت الحسين)
جاء أهل
الكوفة يعزُّونها فى مقتل زوجها، فقالت لهم: اللَّه يعلم أنى أبغضكم، قتلتم
جدّى عليَّا، وقتلتم أبى الحسين، وزوجى مصعبًا فبأى وجه تلقونني؟
يتَّمتُمُونى صغيرة، وأرملتُمُونى كبيرة.
وخرجت مع أبيها الحسين بن على
إلى العراق، وعمرها آنذاك أربعة عشر عامًا، وعلى بُعد ثلاثة أميال من
كربلاء ظهر جيش عدده ألف مقاتل أمر بتجهيزه عبيد اللَّه بن زياد بأمر من
يزيد بن معاوية، وكان الحسين قد خرج متوجهًا إلى العراق فى ركب قليل كانت
معه ابنته، فجمع أهله وقال لهم: يا أم كلثوم وأنت يا زينب وأنت يا سكينة
وأنت يا فاطمة وأنت يا رباب، إذا أنا قُتلتُ، فلا تشق إحداكن على جيبًا،
ولا تخمش وجهًا، ولا تَقُلْ هجرًا (أى لا تقول كلامًا قبيحًا). فلما سمعت
سكينة هذا الكلام أخذها البكاء، وأخذت دموعها تتساقط وهى الفتاة الرقيقة
ذات الحس المرهف، التي لم تبلغ من العمر العشرين، ولكن معرفتها بأن مصير
المجاهد الشهيد الجنة، كانت تخفف عنها الحزن وتلهمها الصبر، ولما اشتد
القتال بين قافلة الحسين التي تجاوزت السبعين بقليل، وبين ذلك الجيش الذي
أرسله يزيد بن معاوية حيث كان عدده فى بداية الأمر ألف رجل سرعان ما طوق
الجيش قافلة الحسين وفتك بها، وفى ذهولٍ وقفت سكينة تنظر إلى البقايا
والأشلاء، ثم ألقت بنفسها على ما بقى من جسد أبيها، وفيه ثلاث وثلاثون طعنة
وأربع وثلاثون ضربة، وعانقته، ولكنهم انتزعوها من على جسد أبيها بالقوة،
وألحقوها بركب السبايا، فألقت سكينة نظرة أخيرة على ساحة القتال المملوءة
بجثث الشهداء. ودارت الأيام، وعادت سكينة إلى الحجاز حيث أقامت مع أمها
رباب فى المدينة.
إنها السيدة سكينة بنت الحسين بن على بن أبى طالب -رضى الله عنهم-، وأمها الرباب بنت امرئ القيس بن عدى بن أوس.
ولم
يمض وقت طويل حتى توفيت "الرباب"، وعاشت سكينة بعدها فى كنف أخيها زين
العابدين، وكانت قد خُطبت من قبل إلى ابن عمها عبد الله بن الحسن بن على
فقتل بالطائف قبل أن يبنى بها، فكانت -رضى اللَّه عنها- ترفض الزواج بعد
هذه الأحداث، ولما جاء مصعب بن الزبير يريد الزواج منها تزوجته، وكان
شجاعًا جوادًا ذا مال ومروءة حتى قِيلَ فيه: "لو أنَّ مصعب بن الزبير وجد
أنَّ الماء ينقص من مروءته ما شربه". وانتقلت سكينة إلى بيت مصعب وكان
متزوجًا من عائشة بنت طلحة، وظلت سكينة تسعد زوجها، ولكن أين تذهب من قدرها
المحتوم، فسرعان ما قُتِلَ مصعب، ثم تزوجت عبد اللَّه بن عثمان بن حكيم بن
حزام، وأنجبت منه: عثمان، وحكيم، وربيعة، ثم مات عنها بعد ذلك، واستقر
بها المقام فى المدينة حيث يسجى جدها المصطفى (.
وُلدت سنة سبع وأربعين
من الهجرة وسُمِّيت آمنة على اسم جدتها آمنة بنت وهب، ولقبتها أمها الرباب
سُكَيْنَة، واشتهرت بهذا الاسم، وفى الثلث الأخير من حياتها اشتغلت بتعليم
المسلمين، حيث شربت من بيت النبوة أفضل الأخلاق فوُصِفَتْ بالكرم والجود،
وأحبت سماع الشعر فكان لها فى ميادين العلم والفقه والمعرفة والأدب شأن
كبير0
وقد تُوفيت السيدة سُكينة سنة 117هـ، بعد أن تجاوزتْ الثمانين من عمرها، فرضى الله عنها وأرضاها.
(سكينة بنت الحسين)
جاء أهل
الكوفة يعزُّونها فى مقتل زوجها، فقالت لهم: اللَّه يعلم أنى أبغضكم، قتلتم
جدّى عليَّا، وقتلتم أبى الحسين، وزوجى مصعبًا فبأى وجه تلقونني؟
يتَّمتُمُونى صغيرة، وأرملتُمُونى كبيرة.
وخرجت مع أبيها الحسين بن على
إلى العراق، وعمرها آنذاك أربعة عشر عامًا، وعلى بُعد ثلاثة أميال من
كربلاء ظهر جيش عدده ألف مقاتل أمر بتجهيزه عبيد اللَّه بن زياد بأمر من
يزيد بن معاوية، وكان الحسين قد خرج متوجهًا إلى العراق فى ركب قليل كانت
معه ابنته، فجمع أهله وقال لهم: يا أم كلثوم وأنت يا زينب وأنت يا سكينة
وأنت يا فاطمة وأنت يا رباب، إذا أنا قُتلتُ، فلا تشق إحداكن على جيبًا،
ولا تخمش وجهًا، ولا تَقُلْ هجرًا (أى لا تقول كلامًا قبيحًا). فلما سمعت
سكينة هذا الكلام أخذها البكاء، وأخذت دموعها تتساقط وهى الفتاة الرقيقة
ذات الحس المرهف، التي لم تبلغ من العمر العشرين، ولكن معرفتها بأن مصير
المجاهد الشهيد الجنة، كانت تخفف عنها الحزن وتلهمها الصبر، ولما اشتد
القتال بين قافلة الحسين التي تجاوزت السبعين بقليل، وبين ذلك الجيش الذي
أرسله يزيد بن معاوية حيث كان عدده فى بداية الأمر ألف رجل سرعان ما طوق
الجيش قافلة الحسين وفتك بها، وفى ذهولٍ وقفت سكينة تنظر إلى البقايا
والأشلاء، ثم ألقت بنفسها على ما بقى من جسد أبيها، وفيه ثلاث وثلاثون طعنة
وأربع وثلاثون ضربة، وعانقته، ولكنهم انتزعوها من على جسد أبيها بالقوة،
وألحقوها بركب السبايا، فألقت سكينة نظرة أخيرة على ساحة القتال المملوءة
بجثث الشهداء. ودارت الأيام، وعادت سكينة إلى الحجاز حيث أقامت مع أمها
رباب فى المدينة.
إنها السيدة سكينة بنت الحسين بن على بن أبى طالب -رضى الله عنهم-، وأمها الرباب بنت امرئ القيس بن عدى بن أوس.
ولم
يمض وقت طويل حتى توفيت "الرباب"، وعاشت سكينة بعدها فى كنف أخيها زين
العابدين، وكانت قد خُطبت من قبل إلى ابن عمها عبد الله بن الحسن بن على
فقتل بالطائف قبل أن يبنى بها، فكانت -رضى اللَّه عنها- ترفض الزواج بعد
هذه الأحداث، ولما جاء مصعب بن الزبير يريد الزواج منها تزوجته، وكان
شجاعًا جوادًا ذا مال ومروءة حتى قِيلَ فيه: "لو أنَّ مصعب بن الزبير وجد
أنَّ الماء ينقص من مروءته ما شربه". وانتقلت سكينة إلى بيت مصعب وكان
متزوجًا من عائشة بنت طلحة، وظلت سكينة تسعد زوجها، ولكن أين تذهب من قدرها
المحتوم، فسرعان ما قُتِلَ مصعب، ثم تزوجت عبد اللَّه بن عثمان بن حكيم بن
حزام، وأنجبت منه: عثمان، وحكيم، وربيعة، ثم مات عنها بعد ذلك، واستقر
بها المقام فى المدينة حيث يسجى جدها المصطفى (.
وُلدت سنة سبع وأربعين
من الهجرة وسُمِّيت آمنة على اسم جدتها آمنة بنت وهب، ولقبتها أمها الرباب
سُكَيْنَة، واشتهرت بهذا الاسم، وفى الثلث الأخير من حياتها اشتغلت بتعليم
المسلمين، حيث شربت من بيت النبوة أفضل الأخلاق فوُصِفَتْ بالكرم والجود،
وأحبت سماع الشعر فكان لها فى ميادين العلم والفقه والمعرفة والأدب شأن
كبير0
وقد تُوفيت السيدة سُكينة سنة 117هـ، بعد أن تجاوزتْ الثمانين من عمرها، فرضى الله عنها وأرضاها.