الريحانة
(فاطمة الزهراء بنت النبي ()
كانت
حبيبة النبي ( وريحانته وحافظة أسراره ؛ فقد جلست بجواره ( يومًا فأسرَّ
إليها بنبأ جعلها تبكى وتبتسم، فسألتها السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها- عن
ذلك. فأجابتها: ما كان لى لأفشى سر رسول اللَّه (. فلما مات النبي (
سألتها فقالت: إن أبى قال لى في أول مرة: "إن جبريل كان يعارضنى القرآن
الكريم في كل سنة مرة واحدة، وإنه عارضنى إياه مرتين هذا العام، وما أراه
إلا قد حضر أجلي". فبكيت، ثم أردف بقوله: "وإنك أول أهلى لحوقًا بي، نعم
السلف أنا لك" فتبسمت. [متفق عليه].
إنها السيدة فاطمة الزهراء بنت
النبي ( التي قالت فيها أم المؤمنين السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها-: "ما
رأيت أحدًا من خلق اللَّه أشبه حديثًا ومشيًا برسول اللَّه من فاطمة"
[الترمذي].
وأخبر النبي( أنها سيدة نساء أهل الجنة [الترمذى والحاكم].
وأخبر عنها النبي ( أنها واحدة من خير نساء العالمين. فقال: "خير نساء
العالمين أربع: مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد،
وفاطمة بنت محمد" [ابن حجر في الإصابة]. وكان يقول عنها: "فاطمة بضعة مني،
يؤذينى ما أذاها، ويريبنى ما رابها" [متفق عليه].
سُميت -رضى اللَّه
عنها- فاطمة؛ لأن اللَّه تعالى قد فطمها وحفظها من النار، ولقبها النبي (
الزهراء ؛ فكانت ريحانته وأحب بناته إليه؛ لأنها أصغرهن وحافظة نسله (.
وكان إذا دخل عليها النبي قامت له وقبلت يده وأجلسته مكانها، وإذا دخلت
عليه ( أخذ بيدها وأجلسها بجواره، ورحب بها أيما ترحيب. وكان إذا قدم من
غزو أو سفر يبدأ بالمسجد فيصلي، ثم يزور ابنته فاطمة الزهراء ثم يأتى
أزواجه -رضوان اللَّه عليهن-.
ولدت الزَّهراء قبل بعثة النبي ( وعمره
حينئذ خمس وثلاثون سنة، وذلك في يوم التحكيم عند إعادة بناء الكعبة، يوم
أخمد النبي ( بحكمته وفطنتة نار الحرب بين قبائل قريش المتنازعة حول من
يضع الحجر الأسود المقدس في مكانه ؛ فقد بسط رداءه، ووضع فيه ذلك الحجر
وطلب من زعماء القبائل أن يمسك كل منهم بطرف الرداء ثم وضعه بيده الشريفة
في مكانه.
وقد شهدت السيدة فاطمة منذ طفولتها أحداثًا جسامًا كثيرة، فقد
كان النبي ( يصلى يومًا بالكعبة وبعض سفهاء قريش جالسون، فانبعث شقى من
أشقياء القوم فأتى بأحشاء جزور فألقاها على رسول الله ( وهو ساجد، فلم
يزل ساجدًا حتى جاءت فاطمة فأزالت عنه الأذى. كما كانت أم جميل - امرأة أبى
لهب- تلقى الأقذار أمام بيته فيزيلها في هدوء ومعه فاطمة تحاول أن تعيد
إلى المكان نظافته وطهارته.
وقاست فاطمة -رضى الله عنها- عذاب الحصار
الشديد الذي فرضه الكفار على المسلمين وبنى هاشم في شِعْب أبى طالب، وعانت
من فراق أمها التي تركتها تعانى ألم الوحدة وحنين الذكريات بعد وفاتها.
وهاجرت
الزهراء إلى المدينة وهى في الثامنة عشرة من عمرها وكانت معها أم كلثوم،
وكان ذلك في السنة الأولى من الهجرة. وفى السنة الثانية تقدم كبار الصحابة
وعلى رأسهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب -رضى اللَّه عنهما- للنبى (
يطلبون الزواج من السيدة فاطمة، لكن الرسول ( اعتذر لهم في رفق، ثم طلبها
على بن أبى طالب -كرم اللَّه وجهه- فوافق النبي (.
وقد قَـدَّمَ عَلِـى
مَهْرًا للسيدة فاطمة قدره أربعمائة وسبعون درهمًا، وكانت ثمنًا لدرع
أهداها له الرسول ( يوم بدر، واشتراها منه "عثمان بن عفان" -رضى اللَّه
عنه- بهذا الثمن، وكان جهازها خميلة، ووسادة من أدم حشوها ليف، ورحاءين،
وسقاء، وجرتين.
وفى يوم زواجها قدم النبي ( طبقًا مليئًا بالتمر
لأصحابه وضيوفه الكرام، وفى ليلة البناء كان على قد وُفِّق إلى استئجار
منزل خاص يستقبل فيه عروسه الزهراء بعد تجهيزها، وما كان حشو فراشهما
ووسائدهما إلا الليف. وبعد صلاة العشاء توجه النبي ( إلى بيت الزوجية
الجديد ودعا بماء فتوضئوا منه ثم دعا النبي ( لهما بقوله: "اللهم بارك
فيهما وبارك عليهما، وبارك لهما في نسلهما، فتوضئوا" [ابن سعد].
وبعد
عام سعيد مليء بالإيمان رزق اللَّه فاطمة -رضى اللَّه عنها- ابنها الحسن،
فاستبشر النبي ( فيه خيرًا، ثم رُزقت من بعده ابنها الحسين، ثم ولد لهما
محسن الذي توفى وهو صغير، ثم منَّ اللَّه على بيت النبوة بمولودتين جميلتين
هما السيدة "زينب" والسيدة "أم كلثوم"، بنتا الإمام على والسيدة فاطمة
-رضى اللَّه عنهم جميعًا-.
وكانت السيدة فاطمة، وزوجها علي، وابناها
الحسن والحسين -رضى الله عنهم- أعز الناس وأقربهم إلى النبي ( فقد ورد أنه
لما نزل قول الله تعالي:(فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا
وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ
نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)[آل عمران:
61]. دعا رسول الله عليّا وفاطمة والحسن والحسين وقال: "اللهم هؤلاء أهلي"
[مسلم].
وقال: "اللهم هؤلاء أهل بيتى وخاصتي، أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا" [الترمذي].
وكانت
السيدة فاطمة -رضى الله عنها- تقوم على خدمة زوجها وأولادها، ورعاية
البيت، فكان يصيبها التعب والمشقة، وقال عنها زوجها على بن أبى طالب: لقد
تزوجتُ فاطمة وما لى ولها خادم غيرها، ولما زوجها رسول الله( أرسل معها
بخميلة ووسادة أدم حشوها ليف، ورحاءين وسقاء وجرتين، فكانت تجرُّ بالرحاء
حتى أثَّرت في يدها، واستقت بالقربة حتى أثَّرت القربة بنحرها، وكانت تنظف
بيتها حتى تغبر ثيابها، وتوقد تحت القدر حتى دنست ثيابها. وكانت السيدة
فاطمة -رضى اللَّه عنها- تشكو الضعف، وتشارك زوجها الفقر والتعب نتيجة
للعمل الشاق الذي أثَّر في جسديهما. وعندما جاءت أباها لتطلب منه خادمة
تساعدها في العمل لم تستطع أن تطلب ذلك استحياء منه، فتولى الإمام على عنها
السؤال وهى مطرقة في استحياء. لكن الرسول ( قال لهما في رفق وهو يقدر
حالهما: "ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟ إذا أوتيما إلى فراشكما،
أو أخذتما مضاجعكما، فكبِّرَا أربعًا وثلاثين، وسبِّحَا ثلاثًا وثلاثين،
واحمدا ثلاثًا وثلاثين، فهذا خير لكما من خادم" [البخاري].
وبعد ستة
أشهر من وفاة الرسول ( انتقلت السيدة فاطمة إلى جوار ربها، ودفنت بالبقيع
في ليلة الثلاثاء، الثالث من رمضان، سنة إحدى عشرة من الهجرة، وكان عمرها
ثمانية وعشرين عامًا.
(فاطمة الزهراء بنت النبي ()
كانت
حبيبة النبي ( وريحانته وحافظة أسراره ؛ فقد جلست بجواره ( يومًا فأسرَّ
إليها بنبأ جعلها تبكى وتبتسم، فسألتها السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها- عن
ذلك. فأجابتها: ما كان لى لأفشى سر رسول اللَّه (. فلما مات النبي (
سألتها فقالت: إن أبى قال لى في أول مرة: "إن جبريل كان يعارضنى القرآن
الكريم في كل سنة مرة واحدة، وإنه عارضنى إياه مرتين هذا العام، وما أراه
إلا قد حضر أجلي". فبكيت، ثم أردف بقوله: "وإنك أول أهلى لحوقًا بي، نعم
السلف أنا لك" فتبسمت. [متفق عليه].
إنها السيدة فاطمة الزهراء بنت
النبي ( التي قالت فيها أم المؤمنين السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها-: "ما
رأيت أحدًا من خلق اللَّه أشبه حديثًا ومشيًا برسول اللَّه من فاطمة"
[الترمذي].
وأخبر النبي( أنها سيدة نساء أهل الجنة [الترمذى والحاكم].
وأخبر عنها النبي ( أنها واحدة من خير نساء العالمين. فقال: "خير نساء
العالمين أربع: مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد،
وفاطمة بنت محمد" [ابن حجر في الإصابة]. وكان يقول عنها: "فاطمة بضعة مني،
يؤذينى ما أذاها، ويريبنى ما رابها" [متفق عليه].
سُميت -رضى اللَّه
عنها- فاطمة؛ لأن اللَّه تعالى قد فطمها وحفظها من النار، ولقبها النبي (
الزهراء ؛ فكانت ريحانته وأحب بناته إليه؛ لأنها أصغرهن وحافظة نسله (.
وكان إذا دخل عليها النبي قامت له وقبلت يده وأجلسته مكانها، وإذا دخلت
عليه ( أخذ بيدها وأجلسها بجواره، ورحب بها أيما ترحيب. وكان إذا قدم من
غزو أو سفر يبدأ بالمسجد فيصلي، ثم يزور ابنته فاطمة الزهراء ثم يأتى
أزواجه -رضوان اللَّه عليهن-.
ولدت الزَّهراء قبل بعثة النبي ( وعمره
حينئذ خمس وثلاثون سنة، وذلك في يوم التحكيم عند إعادة بناء الكعبة، يوم
أخمد النبي ( بحكمته وفطنتة نار الحرب بين قبائل قريش المتنازعة حول من
يضع الحجر الأسود المقدس في مكانه ؛ فقد بسط رداءه، ووضع فيه ذلك الحجر
وطلب من زعماء القبائل أن يمسك كل منهم بطرف الرداء ثم وضعه بيده الشريفة
في مكانه.
وقد شهدت السيدة فاطمة منذ طفولتها أحداثًا جسامًا كثيرة، فقد
كان النبي ( يصلى يومًا بالكعبة وبعض سفهاء قريش جالسون، فانبعث شقى من
أشقياء القوم فأتى بأحشاء جزور فألقاها على رسول الله ( وهو ساجد، فلم
يزل ساجدًا حتى جاءت فاطمة فأزالت عنه الأذى. كما كانت أم جميل - امرأة أبى
لهب- تلقى الأقذار أمام بيته فيزيلها في هدوء ومعه فاطمة تحاول أن تعيد
إلى المكان نظافته وطهارته.
وقاست فاطمة -رضى الله عنها- عذاب الحصار
الشديد الذي فرضه الكفار على المسلمين وبنى هاشم في شِعْب أبى طالب، وعانت
من فراق أمها التي تركتها تعانى ألم الوحدة وحنين الذكريات بعد وفاتها.
وهاجرت
الزهراء إلى المدينة وهى في الثامنة عشرة من عمرها وكانت معها أم كلثوم،
وكان ذلك في السنة الأولى من الهجرة. وفى السنة الثانية تقدم كبار الصحابة
وعلى رأسهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب -رضى اللَّه عنهما- للنبى (
يطلبون الزواج من السيدة فاطمة، لكن الرسول ( اعتذر لهم في رفق، ثم طلبها
على بن أبى طالب -كرم اللَّه وجهه- فوافق النبي (.
وقد قَـدَّمَ عَلِـى
مَهْرًا للسيدة فاطمة قدره أربعمائة وسبعون درهمًا، وكانت ثمنًا لدرع
أهداها له الرسول ( يوم بدر، واشتراها منه "عثمان بن عفان" -رضى اللَّه
عنه- بهذا الثمن، وكان جهازها خميلة، ووسادة من أدم حشوها ليف، ورحاءين،
وسقاء، وجرتين.
وفى يوم زواجها قدم النبي ( طبقًا مليئًا بالتمر
لأصحابه وضيوفه الكرام، وفى ليلة البناء كان على قد وُفِّق إلى استئجار
منزل خاص يستقبل فيه عروسه الزهراء بعد تجهيزها، وما كان حشو فراشهما
ووسائدهما إلا الليف. وبعد صلاة العشاء توجه النبي ( إلى بيت الزوجية
الجديد ودعا بماء فتوضئوا منه ثم دعا النبي ( لهما بقوله: "اللهم بارك
فيهما وبارك عليهما، وبارك لهما في نسلهما، فتوضئوا" [ابن سعد].
وبعد
عام سعيد مليء بالإيمان رزق اللَّه فاطمة -رضى اللَّه عنها- ابنها الحسن،
فاستبشر النبي ( فيه خيرًا، ثم رُزقت من بعده ابنها الحسين، ثم ولد لهما
محسن الذي توفى وهو صغير، ثم منَّ اللَّه على بيت النبوة بمولودتين جميلتين
هما السيدة "زينب" والسيدة "أم كلثوم"، بنتا الإمام على والسيدة فاطمة
-رضى اللَّه عنهم جميعًا-.
وكانت السيدة فاطمة، وزوجها علي، وابناها
الحسن والحسين -رضى الله عنهم- أعز الناس وأقربهم إلى النبي ( فقد ورد أنه
لما نزل قول الله تعالي:(فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا
وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ
نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)[آل عمران:
61]. دعا رسول الله عليّا وفاطمة والحسن والحسين وقال: "اللهم هؤلاء أهلي"
[مسلم].
وقال: "اللهم هؤلاء أهل بيتى وخاصتي، أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا" [الترمذي].
وكانت
السيدة فاطمة -رضى الله عنها- تقوم على خدمة زوجها وأولادها، ورعاية
البيت، فكان يصيبها التعب والمشقة، وقال عنها زوجها على بن أبى طالب: لقد
تزوجتُ فاطمة وما لى ولها خادم غيرها، ولما زوجها رسول الله( أرسل معها
بخميلة ووسادة أدم حشوها ليف، ورحاءين وسقاء وجرتين، فكانت تجرُّ بالرحاء
حتى أثَّرت في يدها، واستقت بالقربة حتى أثَّرت القربة بنحرها، وكانت تنظف
بيتها حتى تغبر ثيابها، وتوقد تحت القدر حتى دنست ثيابها. وكانت السيدة
فاطمة -رضى اللَّه عنها- تشكو الضعف، وتشارك زوجها الفقر والتعب نتيجة
للعمل الشاق الذي أثَّر في جسديهما. وعندما جاءت أباها لتطلب منه خادمة
تساعدها في العمل لم تستطع أن تطلب ذلك استحياء منه، فتولى الإمام على عنها
السؤال وهى مطرقة في استحياء. لكن الرسول ( قال لهما في رفق وهو يقدر
حالهما: "ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟ إذا أوتيما إلى فراشكما،
أو أخذتما مضاجعكما، فكبِّرَا أربعًا وثلاثين، وسبِّحَا ثلاثًا وثلاثين،
واحمدا ثلاثًا وثلاثين، فهذا خير لكما من خادم" [البخاري].
وبعد ستة
أشهر من وفاة الرسول ( انتقلت السيدة فاطمة إلى جوار ربها، ودفنت بالبقيع
في ليلة الثلاثاء، الثالث من رمضان، سنة إحدى عشرة من الهجرة، وكان عمرها
ثمانية وعشرين عامًا.