توجيهات لمن يريد حفظ كتاب
الله
الحمد لله الذي أنزل على عبده الفرقان ليكون للعالمين
نذيرا والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد
تمر الأيام تلو الأيام وتمضي الأعوام بعد
الأعوام والعبد في مكانه ومكانته لم يزدد علما ولا عملا
والعاقل اللبيب
الحصيف ينبغي عليه أن يستثمر أيامه فيما يرضي الله جل وعلى ويعتاد طاعة ربه
سبحانه,
وإن من أنفس ما تقضى به الأوقات وتفنى فيه الأعمار هو
مدارسة كتاب الله حفظا وتلاوة وتدبرا وعملا
وقد اشتكى نبينا
لربه بقول الله وإخباره في سورة الفرقان ( وقال الرسول يا رب إن قومي
اتخذوا هذا القرآن مهجورا )
وإنني هنا لألفت نظر المحبين والراغبين لحفظ
كتاب الله بعض التوجيهات حول حفظ كتاب الله استخلصتها من تجارب مرت بي من
خلال تحفيظ كتاب الله ,
ولعلي أن ألخصها على شكل نقاط :
1:-
استحضر النية الخالصة عند نية البدء بحفظ القرآن وليكن مقصدك وجه الله
تعالى وأنك مريد لثواب الله ورضوانه واستحضر حديث أبي هريرة في الصحيحين أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أول من تسعر بهم النار ثلاثة وذكر منهم
الرجل تعلم القرآن ليقال قارئ ) نسأل الله العافية والسلامة
2 :-
احرص على أن تلتحق بحلقة تحفيظ فيد الله مع الجماعة وإن الشيطان مع الواحد
وهو من الاثنين أبعد كما ذكر نبينا وإن الذئب ليأكل القاصية من الغنم ,فلا
تقل سأحفظ وحدي ولدي همة ونشاط فالهمة يعقبها الفتور والنشاط يعقبه الكسل
والمؤمن قوي بإخوانه ضعيف بنفسه ,
فإن لم تتيسر لك حلقة أو منعتك
ظروفك من الارتباط بحلقة فلا أقل من أن ترتبط بشخص ما يعينك ويسائلك عن
حفظك فإما يكون أخا لك في الله أو ثلاثة أو أربعة تتعاونون على حفظ كتاب
الله ومدارسته أو إمام مسجد حيكم بالنسبة للرجال بحيث تتفق معه على أن يسمع
لك بناءا على برنامج تضعه معه حسب فراغه ومشاغله
وبالنسبة للأخوات
فيمكنها أن تتفق مع معلمتها في المدرسة أو رائدة النشاط أو القائمة على
المصلى في وقت الفسحة أو زميلة من زميلاتها في المدرسة لتكون هي وإياها
متعاونات على الحفظ ,
لكن الخطير هو قول الإنسان سأحفظ لوحدي فهو أدعى
للإخلاص فهذه خطوة شيطانية ليستفرد به الشيطان ثم ما يلبث الإنسان أن ينقطع
,أقول ذلك عن تجربة وقليل جدًا جدًا من حفظ لوحده .
3:- اجعل حفظك
على مصحف واحد وحبذا أن يكون غير موجه كمصحف الحرمين لأن المصحف الموجه
أدعى للأخطاء وتداخل الصفحات ( المصحف الموجه هو الذي تنتهي كل صفحة منه
بآية ),
وإننا لنأمل من مجمع طباعة المصحف في المدينة إخراج طبعة
الحرمين التي كتبت ودققت وفرغ منها ولم يبق سوى إذن الوزارة بالبدء في
طباعتها وإخراجها فالمصحف الغير موجه ادعى وأقوى للضبط من الموجه.
4:-
لا تبدأ الحفظ بهمتك الأولى فتكثر الحفظ بسبب نشاطك وهمتك ولكن احفظ القدر
المعقول وبشرط الضبط ,
لكن بداية يكون المحفوظ قليلا ثم يزاد شيئا
فشيئا حتى تتمرن الذاكرة وتنشط,
والغالب أن يبدأ بحفظ نصف وجه لمدة
معينة كأسبوع ثم يزاد لوجه ثم يزاد لوجه ونصف ثم يزاد لوجهين ,
والذي
أراه أن يستمر بعد ذلك على حفظ ثمن جزء أي ربع حزب ويثبت عليه ولا يزاد
عليه كواجب يومي فيكون الحفظ مرتبط بالأرباع ( من العلامة للعلامة ) فيكون
الحفظ محدد والأرباع والأجزاء كذلك تعرف والوقت النهائي للهدف الأسمى (
مشروع الحفظ ) واضح وبيّن .
4:- اجعل لك واجب يومي لا تتركه أبدا من
حفظ ومراجعة وتلاوة ولا تتخلى عنه مهما كانت الظروف ولكن حسب استطاعتك
وقدرتك وتفرغك بحيث يكون لك ورد يومي من هذه الثلاث.
5:- ضع في
اعتبارك وفي جميع حواسك أنه سيمر بك وقت أو أوقات أثناء مسيرة حفظك تنغلق
فيه الذاكرة ويتكدر الخاطر على انغلاق الحفظ أو قلة المراجعة وضعفها أو قلة
التلاوة...
فضع ذلك في حسبانك أن هذا أمر طبيعي وأن نشاطك وهمتك وحماسك
لن يستمرا على وضع النشاط والحماس الذي كنت تعهد بل قد يكون ذا أثر عكسي
عليك وتبدأ تخشى من تفلت حفظك القديم وتبدأ تندب نفسك وتتحسر على وضعك
الحالي وتعيش بأزمة نفسية حتى أن نفسك قد تحدثك بأنك لا تصلح لحفظ ولست
أهلا لذلك فأقول وأكرر لك لا عليك فالأمر جد طبيعي فقد تجلس معك هذه الفترة
وهذا الانغلاق شهر أو شهرين وقد يصل لأربعة أشهر فهي فترة لابد أن تمر ولا
أظن أنها تتجاوز هذه الفترة بطولها والله أعلم فإن زاد عن ذلك فلا بد من
مراجعة النفس والحسابات فالذنوب لها أثر
وأما ما قصدت بالأول فهو عن
الفتور وانغلاق الذاكرة عن الحفظ وقلة المراجعة وعدم الضبط وقلة التلاوة أو
عدمها ,
وعند انغلاق الذهن إن تيسر لك أن تجمع بين الحفظ
والمراجعة والتلاوة بحيث لا تعدم من وردك اليومي من هذه وطبعا سيكون بشكل
أقل من السابق بسبب الفتور فالجمع بينها حسن فيكون لك منهج حفظ ومنهج آخر
مراجعة ومنهج ثالث تلاوة بنفس اليوم فهذا نور على نور وزادك الله حرصا
وإيمانا,
وإن لم تستطع الجمع بينها بسبب ما يمر بك من الفتور والضعف
أو أحيانا ظروف ومشاغل منعتك من الإتيان بواجبك اليومي كما أنت محدد فلا
أقل من أن تحفظ ولو شيئا قليلا وتراجع حسب استطاعتك
فإن فترت همتك
أو منعتك ظروفك ومشاغلك حتى عن الجمع بين الحفظ والمراجعة وهذا أمر طبيعي
كما ذكرت لك فحينها لا أقل من أن تحبس نفسك على المراجعة لوحدها قدر
استطاعتك ولا تظن أنك ستراجع كما كنت تراجع سابقا فقد ينقص منهج مراجعتك
إلى الربع فلا تتحطم ولا تيأس فهي أزمة ستمر فسدد وقارب ولكن لا تهجر كتاب
الله ,
وعلى العكس قد تمر بك أوقات تحلق فيه همتك بالثريا
فحينها استغل هذا الإقبال وهذا النشاط بالحفظ الثابت وإتقان وضبط محفوطك
الكلي السابق.
6:- ابدأ حفظك بمنهجية معينة جربتها على طلابي
فأثمرت ولله الحمد أن كانت ميسرة لهم لإتمام الحفظ بوقت جيد ومستوى الضبط
كذلك وتراعي كذلك تنشيط الحافظة, والمنهجية هي كالتالي:
البدء
بالحفظ يكون أولا
# من جزء عم فيبدأ بسورة النبأ نزولا إلى سورة الناس
ثم
# من سورة تبارك نزولا إلى سورة المرسلات ثم
# من سورة الحجرات
نزولا إلى سورة التحريم ثم
# من سورة فصلت نزولا إلى سورة الفتح ثم
#
من سورة لقمان نزولا إلى سورة غافر ثم
# من سورة الكهف نزولا إلى سورة
الروم ثم
# من سورة يوسف نزولا إلى سورة الإسراء ثم
# من سورة
الأنفال نزولا إلى سورة هود ثم أخيرا
من سورة البقرة إلى سورة الأعراف
وهنا تكون قد أكملت حفظ كتاب الله تعالى
7:- ( تنبيه خطير ومهم
)....
لا تبدأ بحفظ سورة جديدة لم تضبط حفظ السورة التي قبلها
إلبته فمثلا لا تبدأ بسورة عبس وأنت لم تضبط سورة النازعات
ولا تبدأ
كذلك بحفظ سورة جديدة وأنت تشعر أن مستوى حفظك الكلي السابق من كتاب الله
لا يصل لمستوى الجيد جدا,فمثلا أتممت حفظ جزء عم ( النبأ ) فقط فنوصيك
حينها بأن لا تبدأ بسورة الملك وأنت لم تضبط جزء عم كله بمستوى ضبط تكون
أنت وشيخك راضين عنه
8:- إذا أنهيت حفظ سورة من السور فراجعها كلها
بأكملها من أولها لآخرها عدة مرات فمثلا لو أتممت حفظ سورة مريم فلا تبدأ
بحفظ سورة طه حتى تراجع سورة مريم وترضى عن مستوى ضبطك لها,
ولو اضطررت
للبقاء أياما في ضبط سورة مريم.
9:- عندما تريد تسميع المحفوظ
الجديد فلا تبدأ من أول آية جديدة حفظتها بل ارجع آيتين أو ثلاث من محفوظ
الأمس وابدأ منها, فمثلا لو أنت وقفت بالأمس على آية 25من سورة البقرة فلا
تسمع من آية 26 بل ابدأ تسميعك من آية 23مثلا حتى نهاية الواجب لديك وهكذا.
10:-
عود نفسك على أن تقرأ في صلواتك خصوصا النوافل سواءا السنن الرواتب أو
صلاة الليل أو سنة الضحى أو تحية المسجد أن تقرأ من محفوظك الجديد أو منهج
المراجعة الذي تسير فيه .
11:- استثمر مواسم الطاعات والأزمان
الفاضلة كرمضان وعشر ذي الحجة ويوم الجمعة في الإكثار من المراجعة وتثبيت
الحفظ
12:- اجعل لك صاحب يحمل نفس الهم الذي تحمل من حب إتمام الحفظ
والضبط وحبذا أن يكون قريب من حفظك ويكون كذلك قريب من قدرتك الذهنية
وتجعلا لكما خلال كل يوم أو يوم بعد آخر تلتقون فيه أو يوم الجمعة قبل
الصلاة بحيث تبكران وتراجعان, وميزة القرين المشابه أن يحصل بينكما تنافس
في الحفظ وتسابق بشرط أن يكون هذا التنافس والتسابق مربوط بالضبط والإتقان .
13:-
احرص على أن لا تحفظ أي مقطع إلا بعد قراءة تفسيره من كتب التفسير
المعروفة كابن كثير أو ابن سعدي أو البغوي فتجمع بين معرفة أسباب النزول
ومعاني الكلمات التي لم تفهمها بالإضافة إلى انه ييسر لك الحفظ وفهم الآيات
.
14:- إحفظ واجبك اليومي في الوقت الذي يريحك فلو ناسبك العصر
فاحفظ فيه ولو ناسبك الظهر فاحفظ فيه
فمتى ما رأيت أن الذهن منفتح
ومستعد فاستغله ولا تسوف وتؤجل,
وأما قول البعض أن وقت الفجر أنسب فنقول
نعم وقت الفجر على الأعم أنسب لصفاء الذهن وهدوء الناس ونقاء الجو والأهم
في ذلك أنه وقت مبارك لحديث ( بورك لأمتي في بكورها ),
لكن قد
يكون وقت غير الفجر أنسب عند شريحة معينة من الناس فالضابط في ذلك حديث
النبي صلى الله عليه وسلم: ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ) فمتى ما
وجدت الوقت مناسب والذهن مستعد فبادر للحفظ والمراجعة.
15:- البعض
يسأل عن الطريقة المناسبة للحفظ فأقول كل إنسان له طريقته الخاصة فهناك من
يكرر المقطع كله تلاوة بعدد معين من التكرار للمقطع ثم يبدأ بتثبيته آية
آية
وهناك من يبدأ بالتثبيت مباشرة فيأخذ واجبه آية آية حفظا وتثبيتا
يكررها عدة مرات ثم ينتقل لما بعدها,
وهناك من يحفظ بعينيه فقط
ويجعل جل فكره في حفظ الآيات التي أمامه ولا يلتفت يمينا ولا يسارا ولا
يعلم عن من حوله وتجده صامت ولكن عينيه في المصحف أمامه,
وهناك من لا
يحفظ حتى يرفع صوته ويسمع نفسه فيجمع بين السمع والبصر,
وهناك من لا
يحفظ إلا إذا صار يمشي ,
وهناك من لا يحفظ إلا إذا انعزل لوحده ولا يريد
أي تأثيرات خارجية تشوش عليه , فكل يعمل على شاكلته
الله
الحمد لله الذي أنزل على عبده الفرقان ليكون للعالمين
نذيرا والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد
تمر الأيام تلو الأيام وتمضي الأعوام بعد
الأعوام والعبد في مكانه ومكانته لم يزدد علما ولا عملا
والعاقل اللبيب
الحصيف ينبغي عليه أن يستثمر أيامه فيما يرضي الله جل وعلى ويعتاد طاعة ربه
سبحانه,
وإن من أنفس ما تقضى به الأوقات وتفنى فيه الأعمار هو
مدارسة كتاب الله حفظا وتلاوة وتدبرا وعملا
وقد اشتكى نبينا
لربه بقول الله وإخباره في سورة الفرقان ( وقال الرسول يا رب إن قومي
اتخذوا هذا القرآن مهجورا )
وإنني هنا لألفت نظر المحبين والراغبين لحفظ
كتاب الله بعض التوجيهات حول حفظ كتاب الله استخلصتها من تجارب مرت بي من
خلال تحفيظ كتاب الله ,
ولعلي أن ألخصها على شكل نقاط :
1:-
استحضر النية الخالصة عند نية البدء بحفظ القرآن وليكن مقصدك وجه الله
تعالى وأنك مريد لثواب الله ورضوانه واستحضر حديث أبي هريرة في الصحيحين أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أول من تسعر بهم النار ثلاثة وذكر منهم
الرجل تعلم القرآن ليقال قارئ ) نسأل الله العافية والسلامة
2 :-
احرص على أن تلتحق بحلقة تحفيظ فيد الله مع الجماعة وإن الشيطان مع الواحد
وهو من الاثنين أبعد كما ذكر نبينا وإن الذئب ليأكل القاصية من الغنم ,فلا
تقل سأحفظ وحدي ولدي همة ونشاط فالهمة يعقبها الفتور والنشاط يعقبه الكسل
والمؤمن قوي بإخوانه ضعيف بنفسه ,
فإن لم تتيسر لك حلقة أو منعتك
ظروفك من الارتباط بحلقة فلا أقل من أن ترتبط بشخص ما يعينك ويسائلك عن
حفظك فإما يكون أخا لك في الله أو ثلاثة أو أربعة تتعاونون على حفظ كتاب
الله ومدارسته أو إمام مسجد حيكم بالنسبة للرجال بحيث تتفق معه على أن يسمع
لك بناءا على برنامج تضعه معه حسب فراغه ومشاغله
وبالنسبة للأخوات
فيمكنها أن تتفق مع معلمتها في المدرسة أو رائدة النشاط أو القائمة على
المصلى في وقت الفسحة أو زميلة من زميلاتها في المدرسة لتكون هي وإياها
متعاونات على الحفظ ,
لكن الخطير هو قول الإنسان سأحفظ لوحدي فهو أدعى
للإخلاص فهذه خطوة شيطانية ليستفرد به الشيطان ثم ما يلبث الإنسان أن ينقطع
,أقول ذلك عن تجربة وقليل جدًا جدًا من حفظ لوحده .
3:- اجعل حفظك
على مصحف واحد وحبذا أن يكون غير موجه كمصحف الحرمين لأن المصحف الموجه
أدعى للأخطاء وتداخل الصفحات ( المصحف الموجه هو الذي تنتهي كل صفحة منه
بآية ),
وإننا لنأمل من مجمع طباعة المصحف في المدينة إخراج طبعة
الحرمين التي كتبت ودققت وفرغ منها ولم يبق سوى إذن الوزارة بالبدء في
طباعتها وإخراجها فالمصحف الغير موجه ادعى وأقوى للضبط من الموجه.
4:-
لا تبدأ الحفظ بهمتك الأولى فتكثر الحفظ بسبب نشاطك وهمتك ولكن احفظ القدر
المعقول وبشرط الضبط ,
لكن بداية يكون المحفوظ قليلا ثم يزاد شيئا
فشيئا حتى تتمرن الذاكرة وتنشط,
والغالب أن يبدأ بحفظ نصف وجه لمدة
معينة كأسبوع ثم يزاد لوجه ثم يزاد لوجه ونصف ثم يزاد لوجهين ,
والذي
أراه أن يستمر بعد ذلك على حفظ ثمن جزء أي ربع حزب ويثبت عليه ولا يزاد
عليه كواجب يومي فيكون الحفظ مرتبط بالأرباع ( من العلامة للعلامة ) فيكون
الحفظ محدد والأرباع والأجزاء كذلك تعرف والوقت النهائي للهدف الأسمى (
مشروع الحفظ ) واضح وبيّن .
4:- اجعل لك واجب يومي لا تتركه أبدا من
حفظ ومراجعة وتلاوة ولا تتخلى عنه مهما كانت الظروف ولكن حسب استطاعتك
وقدرتك وتفرغك بحيث يكون لك ورد يومي من هذه الثلاث.
5:- ضع في
اعتبارك وفي جميع حواسك أنه سيمر بك وقت أو أوقات أثناء مسيرة حفظك تنغلق
فيه الذاكرة ويتكدر الخاطر على انغلاق الحفظ أو قلة المراجعة وضعفها أو قلة
التلاوة...
فضع ذلك في حسبانك أن هذا أمر طبيعي وأن نشاطك وهمتك وحماسك
لن يستمرا على وضع النشاط والحماس الذي كنت تعهد بل قد يكون ذا أثر عكسي
عليك وتبدأ تخشى من تفلت حفظك القديم وتبدأ تندب نفسك وتتحسر على وضعك
الحالي وتعيش بأزمة نفسية حتى أن نفسك قد تحدثك بأنك لا تصلح لحفظ ولست
أهلا لذلك فأقول وأكرر لك لا عليك فالأمر جد طبيعي فقد تجلس معك هذه الفترة
وهذا الانغلاق شهر أو شهرين وقد يصل لأربعة أشهر فهي فترة لابد أن تمر ولا
أظن أنها تتجاوز هذه الفترة بطولها والله أعلم فإن زاد عن ذلك فلا بد من
مراجعة النفس والحسابات فالذنوب لها أثر
وأما ما قصدت بالأول فهو عن
الفتور وانغلاق الذاكرة عن الحفظ وقلة المراجعة وعدم الضبط وقلة التلاوة أو
عدمها ,
وعند انغلاق الذهن إن تيسر لك أن تجمع بين الحفظ
والمراجعة والتلاوة بحيث لا تعدم من وردك اليومي من هذه وطبعا سيكون بشكل
أقل من السابق بسبب الفتور فالجمع بينها حسن فيكون لك منهج حفظ ومنهج آخر
مراجعة ومنهج ثالث تلاوة بنفس اليوم فهذا نور على نور وزادك الله حرصا
وإيمانا,
وإن لم تستطع الجمع بينها بسبب ما يمر بك من الفتور والضعف
أو أحيانا ظروف ومشاغل منعتك من الإتيان بواجبك اليومي كما أنت محدد فلا
أقل من أن تحفظ ولو شيئا قليلا وتراجع حسب استطاعتك
فإن فترت همتك
أو منعتك ظروفك ومشاغلك حتى عن الجمع بين الحفظ والمراجعة وهذا أمر طبيعي
كما ذكرت لك فحينها لا أقل من أن تحبس نفسك على المراجعة لوحدها قدر
استطاعتك ولا تظن أنك ستراجع كما كنت تراجع سابقا فقد ينقص منهج مراجعتك
إلى الربع فلا تتحطم ولا تيأس فهي أزمة ستمر فسدد وقارب ولكن لا تهجر كتاب
الله ,
وعلى العكس قد تمر بك أوقات تحلق فيه همتك بالثريا
فحينها استغل هذا الإقبال وهذا النشاط بالحفظ الثابت وإتقان وضبط محفوطك
الكلي السابق.
6:- ابدأ حفظك بمنهجية معينة جربتها على طلابي
فأثمرت ولله الحمد أن كانت ميسرة لهم لإتمام الحفظ بوقت جيد ومستوى الضبط
كذلك وتراعي كذلك تنشيط الحافظة, والمنهجية هي كالتالي:
البدء
بالحفظ يكون أولا
# من جزء عم فيبدأ بسورة النبأ نزولا إلى سورة الناس
ثم
# من سورة تبارك نزولا إلى سورة المرسلات ثم
# من سورة الحجرات
نزولا إلى سورة التحريم ثم
# من سورة فصلت نزولا إلى سورة الفتح ثم
#
من سورة لقمان نزولا إلى سورة غافر ثم
# من سورة الكهف نزولا إلى سورة
الروم ثم
# من سورة يوسف نزولا إلى سورة الإسراء ثم
# من سورة
الأنفال نزولا إلى سورة هود ثم أخيرا
من سورة البقرة إلى سورة الأعراف
وهنا تكون قد أكملت حفظ كتاب الله تعالى
7:- ( تنبيه خطير ومهم
)....
لا تبدأ بحفظ سورة جديدة لم تضبط حفظ السورة التي قبلها
إلبته فمثلا لا تبدأ بسورة عبس وأنت لم تضبط سورة النازعات
ولا تبدأ
كذلك بحفظ سورة جديدة وأنت تشعر أن مستوى حفظك الكلي السابق من كتاب الله
لا يصل لمستوى الجيد جدا,فمثلا أتممت حفظ جزء عم ( النبأ ) فقط فنوصيك
حينها بأن لا تبدأ بسورة الملك وأنت لم تضبط جزء عم كله بمستوى ضبط تكون
أنت وشيخك راضين عنه
8:- إذا أنهيت حفظ سورة من السور فراجعها كلها
بأكملها من أولها لآخرها عدة مرات فمثلا لو أتممت حفظ سورة مريم فلا تبدأ
بحفظ سورة طه حتى تراجع سورة مريم وترضى عن مستوى ضبطك لها,
ولو اضطررت
للبقاء أياما في ضبط سورة مريم.
9:- عندما تريد تسميع المحفوظ
الجديد فلا تبدأ من أول آية جديدة حفظتها بل ارجع آيتين أو ثلاث من محفوظ
الأمس وابدأ منها, فمثلا لو أنت وقفت بالأمس على آية 25من سورة البقرة فلا
تسمع من آية 26 بل ابدأ تسميعك من آية 23مثلا حتى نهاية الواجب لديك وهكذا.
10:-
عود نفسك على أن تقرأ في صلواتك خصوصا النوافل سواءا السنن الرواتب أو
صلاة الليل أو سنة الضحى أو تحية المسجد أن تقرأ من محفوظك الجديد أو منهج
المراجعة الذي تسير فيه .
11:- استثمر مواسم الطاعات والأزمان
الفاضلة كرمضان وعشر ذي الحجة ويوم الجمعة في الإكثار من المراجعة وتثبيت
الحفظ
12:- اجعل لك صاحب يحمل نفس الهم الذي تحمل من حب إتمام الحفظ
والضبط وحبذا أن يكون قريب من حفظك ويكون كذلك قريب من قدرتك الذهنية
وتجعلا لكما خلال كل يوم أو يوم بعد آخر تلتقون فيه أو يوم الجمعة قبل
الصلاة بحيث تبكران وتراجعان, وميزة القرين المشابه أن يحصل بينكما تنافس
في الحفظ وتسابق بشرط أن يكون هذا التنافس والتسابق مربوط بالضبط والإتقان .
13:-
احرص على أن لا تحفظ أي مقطع إلا بعد قراءة تفسيره من كتب التفسير
المعروفة كابن كثير أو ابن سعدي أو البغوي فتجمع بين معرفة أسباب النزول
ومعاني الكلمات التي لم تفهمها بالإضافة إلى انه ييسر لك الحفظ وفهم الآيات
.
14:- إحفظ واجبك اليومي في الوقت الذي يريحك فلو ناسبك العصر
فاحفظ فيه ولو ناسبك الظهر فاحفظ فيه
فمتى ما رأيت أن الذهن منفتح
ومستعد فاستغله ولا تسوف وتؤجل,
وأما قول البعض أن وقت الفجر أنسب فنقول
نعم وقت الفجر على الأعم أنسب لصفاء الذهن وهدوء الناس ونقاء الجو والأهم
في ذلك أنه وقت مبارك لحديث ( بورك لأمتي في بكورها ),
لكن قد
يكون وقت غير الفجر أنسب عند شريحة معينة من الناس فالضابط في ذلك حديث
النبي صلى الله عليه وسلم: ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ) فمتى ما
وجدت الوقت مناسب والذهن مستعد فبادر للحفظ والمراجعة.
15:- البعض
يسأل عن الطريقة المناسبة للحفظ فأقول كل إنسان له طريقته الخاصة فهناك من
يكرر المقطع كله تلاوة بعدد معين من التكرار للمقطع ثم يبدأ بتثبيته آية
آية
وهناك من يبدأ بالتثبيت مباشرة فيأخذ واجبه آية آية حفظا وتثبيتا
يكررها عدة مرات ثم ينتقل لما بعدها,
وهناك من يحفظ بعينيه فقط
ويجعل جل فكره في حفظ الآيات التي أمامه ولا يلتفت يمينا ولا يسارا ولا
يعلم عن من حوله وتجده صامت ولكن عينيه في المصحف أمامه,
وهناك من لا
يحفظ حتى يرفع صوته ويسمع نفسه فيجمع بين السمع والبصر,
وهناك من لا
يحفظ إلا إذا صار يمشي ,
وهناك من لا يحفظ إلا إذا انعزل لوحده ولا يريد
أي تأثيرات خارجية تشوش عليه , فكل يعمل على شاكلته