قصة الفلاح الفصيح Img_2479

"قصة الفلاح الفصيح"
................................
قصة الفلاح الفصيح ليست قصة حقيقية بل قطعة أدبية أبدع كاتبها في أختيار ألفاظه وقدرته في استخدام الجمل التي تحمل الطرافة أحياناً لصياغة هدفه في تصوير ما كان عليه الحال في هذه الفترة فجاءت القصة كالآتي.
تروي أن فلاحاً يدعي "خو أن أنوب" من إحدي قري وادي النطرون قرر أن يخرج بحميره محملة ببعض المحاصيل ليتاجر في إهناسيا ويعود بما يحتاجه أهله من بضائع من المدينة، وحمل زاده وترك أسرته وسار في طريقه إلى إهناسيا، وعندما اقترب منها رآه شخص يقوم بإدارة ضيعة صاحبها يدعي"رنسي" هذا المدير هو "تحوني نخت"قرر أن يستولى على قافلة الفلاح فأمر بوضع قطعة من قماش بعرض الطريق طرفها متدلي في ترعة على جانب الطريق والآخر متدلى في حقول شعير من الجانب الأخر للطريق وعندما اقترب القروي لم يستطيع المرور، وأمره تحوتي ألا يسير على القماش وانحاز إلى جانب الحقول ليمر بحميره فرفض "تحوني نخت" أن يجعل الفلاح حقول الشعير ممراً له، أثناء النقاش أكل أحد الحمير بعضاً من الشعير، وأرد تحوتي الاستيلاء عليه مقابل جريمته وهنا سار القروي ورفض لكن تحوتي فعل واستولى عليه ،وصرخ القروي وقرر أن يرفع شكواه لصاحب الضيعة قائلاً:"إنني أعرف أعرف صاحب هذه الضيعة،إنها ملك"رنسي"،هو الذي يحمي البلد من اللصوص فهل أسرق في ضيعته؟"فضربه تحوتي واستولى على القافلة.
 ومكث القروي عشرة أيام يتألم بكاءاً ويستجدي تحوتي أن يرد إليه بضاعته دون فائدة، فعزم أن يذهب إلى بيت "رنسي"وعندما رآه خارجاً طلب منه أن يرسل إليه أحد رجاله يبث له شكواه ليرفعها ل "رنسي"وفعل رنسي، وأرسل له أحد أتباعه الذي سمع للقروي وأبلغه فقرر رنسي رفع شكواه أمام القضاء ضد"تحوتي نخت" واستبطأ القروي الرد وظن أن حقه ضاع  وعاد محاولاً تحفيز لرد حقه مخاطبة قائلاً:"علك تكون حاكماً برئياً من الطمع، منزهاً عن الدنية، تلبي نداء الحق،أقم العدل،ازل كربي، وأحمني.." فنال هذا استحسان رنسي فقرر أن يطيل عليه ليرفع مزيداً من الشكاوي المنمقة، وأرسل رنسي لأسرته من يؤمن احتياجاتهم بأمر من الملك. إزداد تذمر القروي لطول انتظاره فهاجم رنسي في شكواه هجوماً شرساً،ورفع ثمان شكايات أخري بأسلوب بليغ صور فيها ما يجب أن تكون عليه العدالة الاجتماعية وما يجب أن يسعى إليه الراعي تجاه الرعية. ولما يأس القروي قرر الانتحار قائلاً:"انظر إني أشكو إليك ولكنك لم تسمع فهل تريد مني أن أذهب وأشكوك إلى أنوبيس (إله الموتى)؟"وخرج من مكان إقامته فأرسل "رنسي" من إعادة وظن القروي أنه سيعاقب فلما رأى رنسي سارع قائلاً له:"إني تواق إلى الموت كما يتوق الظمآن إلى الماء، كما يتوق الرضيع إلى لبن أمه"فطلب منه رنسي أن يصبر ويمكث عنده لكنه قال "لن آكل خبزك أو أشرب من جعتك ما حييت"وهنا رُدت مظلمته وجرد"تحوتي نخت"من كل أملاكه ووهبت للقروي مع حميرة بضاعته..