بعد أن هاجر رسول الله ، إلى المدينة آخی بین المسلمين، المسلمين جميعا ليكونوا كتلة واحدة، ولم يؤاخ بين المهاجرين والأنصار في سبيل المساعدة المادية كما يتصور بعضهم، وإنما كانت المساعدة المادية نتيجة المؤاخاة. لقد آخى رسول الله ﷺ، بينه وبين ابن عمه علي بن أبي طالب وكلاهما مهاجر، وآخى بين عمه الحمزة بن عبد المطلب وبین مولاه زید بن حارثة وكلاهما مهاجر، وآخي بين الزبير بن العوام وعبد الله بن مسعود الهذلي وكلاهما مهاجر، وآخى بين بلال بن رباح وعبد الله الخثعمي وكلاهما مهاجر، وآخى بين جعفر بن أبي طالب ومعاذ بن جبل، وجعفر غائب في الحبشة هذا إضافة إلى رواية المؤاخاة بين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وكلاهما مهاجر، وكذلك كانت مؤاخاة بين أنصاري وآخر، فلو كانت الغاية من المؤاخاة اقتصادية لكانت بين مهاجر وبين عدد من الأنصار كي يمكنهم مساعدة المهاجر بشكل أفضل، وخاصة أن الأنصار أكثر عددا، ويشكلون ثلاثة أمثال المهاجرين، أو لآخي بين أغنياء الأنصار وفقراء المهاجرين حيث يوجد بين الأنصار فقراء، كما يوجد بين المهاجرين أغنياء أمثال أبي بكر الصديق، وعثمان بن عفان و.... غير أن إيثار الأنصار، رضوان الله عليهم، وبعض المظاهر والحوادث هي التي جعلت المؤرخين ينظرون إلى اللجانب الاقتصادي فقط، ويركزون عليه، وهذا ما جعل المستشرقين يعتمدون على هذا، ويبحثون في الجانب الاقتصادي، ويستنتجون أن المادة هي رائد كل موقف من مواقف المسلمين، وقد تردد نحن هذا دون علم ومن غير دراسة .