حكم الاتحاديين

حكم الاتحاديين

بعد خلع السلطان عبد الحميد أصبح كل شيء في الخلافة بيد الاتحاد والترقي، أما الخليفة فكان صورة، غير أن الأمر لم يطل إذ لم يتعاقب على الخلافة سوى ثلاثة خلفاء، وكانت الدولة قد اشتركت في الحرب العالمية الأولى بجانب ألمانيا، فهزمت وتجزأت، وغادر البلاد رجال الاتحاد البارزين أو الذين كانت بيدهم الأوامر والنواهي، وجاء إلى الحكم من
جدید مصطفی کمال الذي كان منصرفا إلى شهواته وبناء مجده فألغي الخلافة حسب دور مخطط له، وزالت الخلافة العثمانية أو الإسلامية التي دامت أكثر من أربعة قرون، وبزوالها لم يعد للمسلمين خلافة فانقسمت بلادهم، وظهرت النعرات القومية، وتصارع بعضها مع بعض حتى وهن أمر المسلمين.

فكان الاتحاديون في أثناء حكمهم القصير والذي لا يتجاوز عدة سنوات قد أضاعوا كل أجزاء الدولة في أوربا، إذ استقلت بلغاريا، واحتلت النمسا البوسنة والهرسك، وأخذت اليونان کریت و... کما احتلت إيطاليا ليبيا، وبعض جزر البحر المتوسط... ومع هذا فقد سيطرت فكرة القومية التركية أو الأفكار الطورانية رغم الرغبة الملحة بالمحافظة على الرابطة العثمانية... وفي الوقت نفسه فقد أزال الاتحاديون بعض الزعماء الذين كان لهم نفوذ في الدولة من العرب خاصة إن لم نقل كلهم أمثال عزت باشا العابد، فنشأ عند العرب رد فعل لهذا إن لم نقل أنهم تأثروا أيضا بالفكر القومي الذي بدأ يظهر، وتذكية أوربا النصرانية لتفكيك أوصال الدولة العثمانية، حتى نستطيع أن نقول: إن الاتحاديين بتصرفاتهم، وهزائمهم، ودعوتهم القومية قد حملوا العرب على قبول الفكر القومي أو شجعوهم على ذلك، فأسسوا حزب اللامركزية في أثناء الحرب البلقانية، ويدعو إلى الإدارة اللامركزية بحيث تأخذ الولايات غير التركية استقلالا ذاتيا وتبقی مرتبطة بإستانبول خارجيا

ودخلت الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى بجانب الألمان على حين وقف الطليان بجانب الحلفاء الإنكليز، والفرنسيين، والروس، فعادت الدولة وإيطاليا وجها إلى وجه، وعادت الدولة رسل المؤن والمساعدات إلى المجاهدين حتى انتهت الحرب العالمية وخرجت الدولة مهزومة مفككة الأوصال مقسمة الأجزاء كل قسم يهتم بمصالحه الخاصة .

وقرر مصطفی کمال إعلان الجمهورية، واجتمعت الجمعية الوطنية وكان الجو مكفهرا والصخب هو المميز، وتفاديا للمشکلات دعي مصطفى كمال لتشكيل الوزارة فوافق على ألا يناقش في تصرفاته وشكل الوزارة ، وأعلن الجمهورية، وانتخب رئيسا لها، فعمت الفوضى، وغادر أنقرة عدد من الزعماء، واتجهوا إلى إستانبول حيث التفوا حول الخليفة عبد المجيد، وقامت الاحتجاجات،إلا أن الاغتيالات و... تعددت ودعا المجلس الوطني لعقد جلسة وقدم مرسوما بإلغاء الخلافة، وطرد الخليفة، وفصل الدين عن الدولة، وأمر عبد المجيد بالسفر إلى سويسرا، ثم أصدر مرسومة بإلغاء الوظائف الدينية، وامتلاك الدولة للأوقاف... وأرسل عصمت إينونو وزیر خارجيته إلى لوزان، وأعيد المؤتمر، واعترفت إنكلترا باستقلال تركيا، وانسحبت من المضائق وإستانبول...


وطويت صفحة الخلافة العثمانية عام ١٣٤٢هـ

ألف شكر لكم على المتابعة