الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة ورضي لنا الإسلام دينا، والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وقدوتنا وحبيبنا محمد وعلى آله الطاهرين وصحابته أجمعين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب"، من هذا الحديث الشريف نستنتج أن القلب هو سيد الأعضاء كلها، فالأعضاء تصلح بصلاحه وتفسد بفساده فهي تترجم حاله، والقلب لا يصلح إلا بالتخلص من الأمراض التي تصيبه.
ومن أمراض القلوب التي نهانا عنها الرسول عليه الصلاة والسلام التكبر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الكبر بطر الحق وغمط الناس" أي أن الكبر هو رد الحق واستحقار الناس. فالإنسان المتكبر يرد الحق ولا يقبله ويستحقر الناس ويرى نفسه فوقهم وهم دونه، وفي هذا يقول الله تعالى: (ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض لن تبلغ الجبال طولا) أي مهما دست على الأرض بشدة فإنك لن تخرقها، ومهما تطاولت واستقويت فإنك لن تبلغ طول الجبال ولا قوتها، ويقول الله تعالى في آية أخرى: (ولا تُصَعِّر خدّك للناس ولا تمش في الأرض مرحا، إن الله لا يحب كل مختال فخور) أي لا تعرض بوجهك عن الناس بل أقبل عليهم بوجهك، ولا تختال في مشيتك فخورا بها.
وما نراه حاصلا اليوم في مجتمعاتنا من مشاحنات ومنازعات فسببه الكبر والعزة بالإثم، فلو أن الناس تواضعوا لبعضهم البعض لذهبت الكثير من المنازعات والمشاحنات، ولاستراحوا من تعب المنافسة والتباهي والتفاخر فيما بينهم، ولرضوا بما قسم الله لهم.