ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻣﻴﺮﻏﻨﻲ
ﺣﻤﺪﻭﻙ .. ﺇﻟﻰ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ !
ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺣﻤﺪﻭﻙ ﺍﺳﺘﻨﻔﺪ ﻛﻞ ﻓﺮﺻﻪ ﻟﻠﺒﻘﺎﺀ ﻓﻲ ﻣﻨﺼﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﻗﺎﺋﺪﺍ ﻷﺧﻄﺮ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ .. ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﺭﻣﺰﺍ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮﻳﺎ، ﻭﺍﻷﻭﻓﻖ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻓﻴﺼﺒﺢ ﺭﺋﻴﺴﺎ ﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺩﻭﺭﺗﻪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪﺃ ﻣﺎﺭﺱ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ، ﻭﻳﺨﻠﻲ ﻣﻨﺼﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﻷﺣﺪ ﺭﻣﻮﺯ ﺛﻮﺭﺓ ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ﻟﻴﻘﻮﺩ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻧﺤﻮ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﺛﻮﺭﺓ ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ﺍﻟﻤﺠﻴﺪﺓ ..
ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻓﻲ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺰﻫﻮﺭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪﻣﻮﺍ ﺃﺭﻭﺍﺣﻬﻢ ﻧﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻠﻮﺍ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﻨﺼﺐ ﺃﻭ ﺷﺨﺺ ﺑﻌﻴﻨﻪ، ﺑﻞ ﻹﺭﺳﺎﺀ ﻗﻴﻢ ﻭﺑﻨﺎﺀ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺣﻜﻢ ﺭﺷﻴﺪ، ﻭﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺍﻵﻥ ﺑﻌﺪ ﻓﺸﻞ ﺩﻛﺘﻮﺭ ﺣﻤﺪﻭﻙ ﻓﻲ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻻﻳﻔﺎﺀ ﺑﻮﻋﺪ ﻧﺎﺟﺰ ﻗﺮﻳﺐ ﻗﻄﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﺬ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺤﺎﺳﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻈﺮﻫﺎ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺧﻼﻝ ﺃﺳﺒﻮﻋﻴﻦ، ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺪﻡ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﻣﻐﺎﺩﺭﺗﻪ ﻟﻠﻤﻨﺼﺐ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻔﻘﺪ ﺭﻣﺰﻳﺘﻪ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ، ﺑﻞ ﻣﻐﺎﺩﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻠﻰ، ﻟﻴﺼﺒﺢ ﺭﺋﻴﺴﺎ ﻟﻠﺴﻮﺩﺍﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻭﺷﻚ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﺍﻷﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﻬﻲ .. ﻓﻴﺼﺒﺢ ﺩﻛﺘﻮﺭ ﺣﻤﺪﻭﻙ ﺭﺋﻴﺴﺎ ﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ، ﺭﻣﺰﺍ ﻣﻌﺒﺮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ ﻭﺧﺎﺭﺟﻴﺎ، ﻭﻳﺘﻴﺢ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻤﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺤﻘﻖ ﺃﺣﻼﻡ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﻨﻌﻮﺍ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ .
ﺩ . ﺣﻤﺪﻭﻙ ﻛﺎﻥ ﺻﺮﻳﺤﺎ ﻭﺻﺎﺩﻗﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺯﺍﺭﺗﻪ ﻓﻲ ﺃﺩﻳﺲ ﺃﺑﺎﺑﺎ ﻹﻗﻨﺎﻋﻪ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺃﻭﻝ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ، ﺍﻋﺘﺮﺽ ﺣﻤﺪﻭﻙ ﺑﺸﺪﺓ ﻭﻟﻤﺪﺓ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﻛﺎﻣﻞ ﺭﻓﺾ ﻗﺒﻮﻝ ﺗﻮﻟﻲ ﺍﻟﻤﻨﺼﺐ ﺑﻞ ﺍﻗﺘﺮﺡ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺃﺣﺪ “ ﺍﻳﻘﻮﻧﺎﺕ ” ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻟﻴﺘﻮﻟﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺸﺎﺭﻙ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ ﺁﺧﺮ .. ﺭﺑﻤﺎ ﻣﺜﻼ ﻭﺯﻳﺮﺍ ﻟﻠﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ..
ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﺑﻌﺪ ﺍﻻﻃﺎﺣﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺜﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎ ﺣﺴﻮﻣﺎ، ﻛﺎﻥ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ “ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ” ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، ﻭﻋﻦ ﻗﺎﺋﺪ “ ﺛﻮﺭﻱ ” ﻳﺤﻘﻖ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻣﺴﻨﻮﺩﺍ ﺑﺄﻛﺒﺮ ﺗﻔﻮﻳﺾ ﻭﺩﻋﻢ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮﻱ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ ﺩ . ﺣﻤﺪﻭﻙ ﻃﻮﺍﻝ “ ﺳﻨﺔ ﺃﻭﻟﻰ ﺣُﻜﻢ ” ﺗﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﻭﺯﺍﺭﻱ، ﺫﻫﺐ “ ﺑﻜﺮﻱ ” ﺛﻢ “ ﻣﻌﺘﺰ ” ﺛﻢ “ ﺍﻳﻼ ” ﻭﺟﺎﺀ ﺣﻤﺪﻭﻙ، ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺴﺐ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ “ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ” ، ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ “ ﻗﺎﺋﺪﺍ ” ﻻ ﻣﻮﻇﻔﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ .. ﺭﻏﻢ ﻛﻞ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻜﺎﺳﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻓﺮ ﻷﻱ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﺳﻮﺩﺍﻧﻲ ﻣﻨﺬ ﺭﺣﻴﻞ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1885 ﻡ .
ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺑﻤﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ﻟﻠﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻧﺎ، ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻓﻲ ﺍﻻﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺮﻫﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺣﺰﺑﻴﺔ ﺃﻭ ﻋﻘﺎﺋﺪﻳﺔ ﺃﻭ ﻃﺎﺋﻔﻴﺔ ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﻋﺎﻃﻔﺔ ﺛﻮﺭﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻨﻮﺩﺓ ﺑﺎﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺮﻛﺐ ﺗﻮﺷﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺮﻕ، ﻓﺎﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺗﺪﻫﻮﺭﺍ ﻭﻓﺸﻠﺖ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻣﺠﺮﺩ ﺗﻌﻴﻴﻦ ﺍﻟﻮﻻﺓ ﺃﻭ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ .
ﺗﺮﻓﻴﻊ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺣﻤﺪﻭﻙ ﺭﺋﻴﺴﺎ ﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻳﺤﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ، ﻓﻬﻮ ﻳﻤﻨﺢ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻹﻋﺎﺩﺓ ﻫﻴﻜﻠﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﻓﻖ ﺃﺳﺲ ﺗﺮﺍﻋﻲ ﻣﺴﺘﺠﺪﺍﺕ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺗﻮﻗﻴﻊ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﺴﻼﻡ .
ﻟﻦ ﻳﺨﺴﺮ ﺣﻤﺪﻭﻙ ﺷﻴﺌﺎ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻱ، ﺑﻞ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺣﺐ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻟﻪ .. ﻭﻳﻔﺴﺢ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﻟﻠﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺴﺎﻛﻨﺔ ﻟﺘﺘﺤﺮﻙ
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻣﻴﺮﻏﻨﻲ
ﺣﻤﺪﻭﻙ .. ﺇﻟﻰ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ !
ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺣﻤﺪﻭﻙ ﺍﺳﺘﻨﻔﺪ ﻛﻞ ﻓﺮﺻﻪ ﻟﻠﺒﻘﺎﺀ ﻓﻲ ﻣﻨﺼﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﻗﺎﺋﺪﺍ ﻷﺧﻄﺮ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ .. ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﺭﻣﺰﺍ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮﻳﺎ، ﻭﺍﻷﻭﻓﻖ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻓﻴﺼﺒﺢ ﺭﺋﻴﺴﺎ ﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺩﻭﺭﺗﻪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪﺃ ﻣﺎﺭﺱ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ، ﻭﻳﺨﻠﻲ ﻣﻨﺼﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﻷﺣﺪ ﺭﻣﻮﺯ ﺛﻮﺭﺓ ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ﻟﻴﻘﻮﺩ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻧﺤﻮ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﺛﻮﺭﺓ ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ﺍﻟﻤﺠﻴﺪﺓ ..
ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻓﻲ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺰﻫﻮﺭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪﻣﻮﺍ ﺃﺭﻭﺍﺣﻬﻢ ﻧﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻠﻮﺍ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﻨﺼﺐ ﺃﻭ ﺷﺨﺺ ﺑﻌﻴﻨﻪ، ﺑﻞ ﻹﺭﺳﺎﺀ ﻗﻴﻢ ﻭﺑﻨﺎﺀ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺣﻜﻢ ﺭﺷﻴﺪ، ﻭﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺍﻵﻥ ﺑﻌﺪ ﻓﺸﻞ ﺩﻛﺘﻮﺭ ﺣﻤﺪﻭﻙ ﻓﻲ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻻﻳﻔﺎﺀ ﺑﻮﻋﺪ ﻧﺎﺟﺰ ﻗﺮﻳﺐ ﻗﻄﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﺬ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺤﺎﺳﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻈﺮﻫﺎ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺧﻼﻝ ﺃﺳﺒﻮﻋﻴﻦ، ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺪﻡ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﻣﻐﺎﺩﺭﺗﻪ ﻟﻠﻤﻨﺼﺐ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻔﻘﺪ ﺭﻣﺰﻳﺘﻪ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ، ﺑﻞ ﻣﻐﺎﺩﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻠﻰ، ﻟﻴﺼﺒﺢ ﺭﺋﻴﺴﺎ ﻟﻠﺴﻮﺩﺍﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻭﺷﻚ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﺍﻷﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﻬﻲ .. ﻓﻴﺼﺒﺢ ﺩﻛﺘﻮﺭ ﺣﻤﺪﻭﻙ ﺭﺋﻴﺴﺎ ﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ، ﺭﻣﺰﺍ ﻣﻌﺒﺮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎ ﻭﺧﺎﺭﺟﻴﺎ، ﻭﻳﺘﻴﺢ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻤﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺤﻘﻖ ﺃﺣﻼﻡ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﻨﻌﻮﺍ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ .
ﺩ . ﺣﻤﺪﻭﻙ ﻛﺎﻥ ﺻﺮﻳﺤﺎ ﻭﺻﺎﺩﻗﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﻓﻮﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺯﺍﺭﺗﻪ ﻓﻲ ﺃﺩﻳﺲ ﺃﺑﺎﺑﺎ ﻹﻗﻨﺎﻋﻪ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﺃﻭﻝ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ، ﺍﻋﺘﺮﺽ ﺣﻤﺪﻭﻙ ﺑﺸﺪﺓ ﻭﻟﻤﺪﺓ ﺃﺳﺒﻮﻉ ﻛﺎﻣﻞ ﺭﻓﺾ ﻗﺒﻮﻝ ﺗﻮﻟﻲ ﺍﻟﻤﻨﺼﺐ ﺑﻞ ﺍﻗﺘﺮﺡ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺃﺣﺪ “ ﺍﻳﻘﻮﻧﺎﺕ ” ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻟﻴﺘﻮﻟﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺸﺎﺭﻙ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ ﺁﺧﺮ .. ﺭﺑﻤﺎ ﻣﺜﻼ ﻭﺯﻳﺮﺍ ﻟﻠﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ..
ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﺑﻌﺪ ﺍﻻﻃﺎﺣﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺜﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎ ﺣﺴﻮﻣﺎ، ﻛﺎﻥ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ “ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ” ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، ﻭﻋﻦ ﻗﺎﺋﺪ “ ﺛﻮﺭﻱ ” ﻳﺤﻘﻖ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻣﺴﻨﻮﺩﺍ ﺑﺄﻛﺒﺮ ﺗﻔﻮﻳﺾ ﻭﺩﻋﻢ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮﻱ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ ﺩ . ﺣﻤﺪﻭﻙ ﻃﻮﺍﻝ “ ﺳﻨﺔ ﺃﻭﻟﻰ ﺣُﻜﻢ ” ﺗﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﻭﺯﺍﺭﻱ، ﺫﻫﺐ “ ﺑﻜﺮﻱ ” ﺛﻢ “ ﻣﻌﺘﺰ ” ﺛﻢ “ ﺍﻳﻼ ” ﻭﺟﺎﺀ ﺣﻤﺪﻭﻙ، ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺴﺐ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ “ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ” ، ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ “ ﻗﺎﺋﺪﺍ ” ﻻ ﻣﻮﻇﻔﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ .. ﺭﻏﻢ ﻛﻞ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻜﺎﺳﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻓﺮ ﻷﻱ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﺳﻮﺩﺍﻧﻲ ﻣﻨﺬ ﺭﺣﻴﻞ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1885 ﻡ .
ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺑﻤﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ﻟﻠﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻧﺎ، ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻓﻲ ﺍﻻﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺮﻫﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺣﺰﺑﻴﺔ ﺃﻭ ﻋﻘﺎﺋﺪﻳﺔ ﺃﻭ ﻃﺎﺋﻔﻴﺔ ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﻋﺎﻃﻔﺔ ﺛﻮﺭﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻨﻮﺩﺓ ﺑﺎﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺮﻛﺐ ﺗﻮﺷﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺮﻕ، ﻓﺎﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺗﺪﻫﻮﺭﺍ ﻭﻓﺸﻠﺖ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻣﺠﺮﺩ ﺗﻌﻴﻴﻦ ﺍﻟﻮﻻﺓ ﺃﻭ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ .
ﺗﺮﻓﻴﻊ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺣﻤﺪﻭﻙ ﺭﺋﻴﺴﺎ ﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻳﺤﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ، ﻓﻬﻮ ﻳﻤﻨﺢ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻹﻋﺎﺩﺓ ﻫﻴﻜﻠﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﻓﻖ ﺃﺳﺲ ﺗﺮﺍﻋﻲ ﻣﺴﺘﺠﺪﺍﺕ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺗﻮﻗﻴﻊ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﺴﻼﻡ .
ﻟﻦ ﻳﺨﺴﺮ ﺣﻤﺪﻭﻙ ﺷﻴﺌﺎ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻱ، ﺑﻞ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺣﺐ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻟﻪ .. ﻭﻳﻔﺴﺢ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﻟﻠﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺴﺎﻛﻨﺔ ﻟﺘﺘﺤﺮﻙ